المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال - أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين جمعا ودراسة

[سليمان بن محمد الدبيخي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌خطة البحث:

- ‌منهج البحث:

- ‌التمهيد

- ‌المبحث الأول: تعريف المشكل وبيان الفرق بينه وبين المختلف

- ‌أولًا: تعريف المشكل في اللغة والاصطلاح:

- ‌أ -المشكل في اللغة:

- ‌ب - مشكل الحديث في اصطلاح المحدثين

- ‌ثانيًا: تعريف مختلف الحديث في اللغة والاصطلاح:

- ‌أ- فالمختلف في اللغة:

- ‌ب - مختلف الحديث اصطلاحًا:

- ‌ثالثًا: الفرق بين مشكل الحديث ومختلف الحديث:

- ‌المبحث الثاني: التعريف بأشهر المؤلفات في مشكل الحديث

- ‌1 - كتاب (اختلاف الحديث) للإمام الشافعي رحمه الله تعالى:

- ‌2 - كتاب (تأويل مختلف الحديث) لابن قتيبة رحمه الله تعالى:

- ‌3 - كتاب (مشكل الآثار)(5)للطحاوي رحمه الله تعالى:

- ‌4 - تأويل الأحاديث المشكلة(3)لأبي الحسن الطبري

- ‌5).5 -كتاب (مشكل الحديث وبيانه) لابن فورك(6)رحمه الله تعالى:

- ‌6 - كشف المشكل من حديث الصحيحين لابن الجوزي

- ‌المبحث الثالث: ظواهر الكتاب والسنة كلها حق

- ‌المبحث الرابع: العمل بالمحكم والإيمان بالمتشابه

- ‌فأولًا: معنى المحكم والمتشابه في اللغة وفي الاصطلاح:

- ‌المحكم في اللغة:

- ‌وأما المتشابه في اللغة:

- ‌ثانيًا: علاقة المشكل بالمتشابه:

- ‌ثالثًا: عمل السلف بهذه القاعدة:

- ‌رابعًا: الوضوح والإشكال في النصوص من الأمور النسبية:

- ‌خامسًا: هل صفات الله تعالى من قبيل المتشابه

- ‌سادسًا: أسباب استشكال النصوص، أو الاشتباه فيها:

- ‌المبحث الخامس: ترجمة موجزة للبخاري ومسلم عليهما رحمة الله

- ‌أولًا: الإمام البخاري رحمه الله تعالى:

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌مصنفاته:

- ‌وفاته:

- ‌ثانيًا: الإمام مسلم رحمه الله تعالى

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌مصنفاته:

- ‌وفاته:

- ‌المبحث السادس: مكانة الصحيحين عند الأمة

- ‌مآخذ بعض أهل العلم على هذين الكتابين:

- ‌الباب الأول: الأحاديث المتوهم إشكالها في باب الإيمان بالله تعالى

- ‌الفصل الأول: الأحاديث المتوهم إشكالها في الأسماء والصفات

- ‌التمهيدبيان عقيدة أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات

- ‌المبحث الأول: (خلق الله آدم على صورته)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌الخلاصة:

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌وبيان فساده من وجوه:

- ‌المطلب الرابع: في بيان معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (فيأتيهم الله في صورة غير صورته التي يعرفون)

- ‌المبحث الثاني: (وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الثالث: (إن لله تسعة وتسعين اسمًا)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المسألة الأولي: في معنى الإحصاء الوارد في الحديث:

- ‌المسألة الثانية: هل يمكن معرفة الأسماء الحسنى، التسعة والتسعين علي وجه التعيين

- ‌الخلاصة:

- ‌المبحث الرابع: (فإن الله لا يمل حتى تملوا)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الخامس: (مرضت فلم تعدني)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المبحث السادس: (ما أحد أصبر على أذى سمعه من الله)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌والفرق بين الصبر والحلم:

- ‌المبحث السابع: (ما ترددت عن شيء أنا فاعله

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم فى هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مسألة: في بيان معنى قوله في الحديث السابق: (فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها)

- ‌المبحث الثامن: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث التاسع: (يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث العاشر: (الرحم شجنة من الرحمن)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المبحث الحادي عشر: (فإذا مت فأحرقوني ثم اسحقوني)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌الفصل الثانى: الأحاديث المتوهم إشكالها في القدر

- ‌المبحث الأول: (حج آدم موسى)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث الثاني: (خلق الله التربة يوم السبت)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الخلاصة:

- ‌المبحث الثالث: (لا يُدخِل أحدًا الجنةَ عملُه)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الباب الثاني: الأحاديث المتوهم إشكالها في باب النبوة

- ‌المبحث الأول: (نحن أحق بالشك من إبراهيم)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم فى هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث الثاني: ما جاء في سحر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌ومن أدلة السنة على حقيقة السحر وأثره:

- ‌مناقشة أدلة النافين لحقيقة السحر، وتأثر النبي صلى الله عليه وسلم به:

- ‌المبحث الثالث: ما جاء في إرسال الشهب على الشياطين

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث الرابع: (إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل) مع قول أبي هريرة: (أوصاني خليلي بثلاث)

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الخامس: حديث شريك في الإسراء

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌الخلاصة:

- ‌المبحث السادس: لطم موسى عليه السلام لملك الموت

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث السابع: (اسمعوا وأطيعوا، وإن استُعمل عليكم عبد حبشي) مع قوله: (لا يزال هذا الأمر في قريش

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم فى هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الباب الثالث: الأحاديث المتوهم إشكالها في أشراط الساعة والمعاد

- ‌الفصل الأول: الأحاديث المتوهم إشكالها في أشراط الساعة

- ‌المبحث الأول: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين. . .)، مع قوله: (لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق)

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الثاني: (إن أول الآيات خروجًا طلوع الشمس

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الثالث: ما جاء في طواف الدجال بالبيت، مع ما ورد من أنه لا يدخل مكة ولا المدينة

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الرابع: (لا تقوم الساعة حتى. . . يتقارب الزمان)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المبحث الخامس: (إذا ولدت الأمة ربها)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الفصل الثاني: الأحايث المتوهم إشكالها في المعاد

- ‌المبحث الأول: أحاديث الميزان، في ما الذي يوزن

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها و‌‌بيان وجه الاشكال

- ‌بيان وجه الاشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌إشكال وجوابه:

- ‌المبحث الثاني: (إن أشد الناس عذابًا عند الله يوم القيامة المصوَّرون)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث الثالث: (طوبى له عصفور من عصافير الجنة)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌واستدل الجمهور على هذا القول بأدلة كثيرة، منها:

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الرابع: (وإن ناسًا من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: أصحابي أصحابي، فيقول: إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم)

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الخامس: شفاعته صلى الله عليه وسلم لعمه أبي طالب

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث السادس: ما جاء في سماع الأموات

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثانى: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس‌‌ المصادر والمراجع

- ‌ ا

- ‌ب

- ‌ت

- ‌ج

- ‌ث

- ‌ ح

- ‌ د

- ‌ر

- ‌ ذ

- ‌س

- ‌ز

- ‌ش

- ‌ ص

- ‌ ض

- ‌ع

- ‌ط

- ‌ظ

- ‌غ

- ‌ف

- ‌ق

- ‌ك

- ‌ل

- ‌م

- ‌ن

- ‌هـ

- ‌ؤ

الفصل: ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

حاصل أقوال أهل العلم في هذه المسألة تؤول إلى مسلكين:

المسلك الأول: أن الملل صفة ثابتة لله تعالى بهذا الحديث: (لا يمل الله حتى تملوا)، وعلى هذا فهي بالنسبة لله تعالى صفة كمال، لا نقص فيه بوجه من الوجوه، وهذا بخلاف ملل المخلوق، فإنه نقص ظاهر لأنه يدل على السآمة والضجر.

فشأن هذه الصفة، شأن سائر الصفات التي تثبت لله تعالى على وجه الكمال، وإن كانت في حق المخلوقين ليست كمالًا

(1)

، كصفة الاستهزاء من المستهزئين، وخداع المخادعين، والمكر بالماكرين.

وقد نص على هذا القول: القاضي أبو يعلى والشيخ محمد بن إبراهيم

(2)

، عليهما رحمة الله، وهو ظاهر كلام إبراهيم الحربي

(3)

رحمه الله حيث

(1)

انظر: مجموع فتاوى ابن عثيمين (1/ 174).

(2)

هو العلامة الفقيه محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب، مفتي الديار السعودية ورئيس قضاتها، ومرجع أمورها الدينية والإسلامية، وكان إلى جانب علمه وإمامته ذا ورع وزهد، ورجاحة عقل وحسن تصرف، له عدة رسائل وفتاوى جمعت في عدة مجلدات، توفي رحمه الله سنة (1386). [انظر: علماء نجد (1/ 242)، ومعجم المؤلفين (3/ 32)].

(3)

هو الإمام الحافظ العلامة أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم بن بشير البغدادي الحربي، صاحب التصانيف، طلب العلم وهو حدث وتفقه على الإمام أحمد بن حنبل، وبرع في العلم والعمل، وكان إمامًا في جميع الفنون متقنًا محتسبًا عابدًا زاهدًا، نقل عن الإمام أحمد مسائل كثيرة جدًا حسانًا جيادًا، توفي رحمه الله ببغداد سنة (285 هـ)، وله تصانيف منها: غريب الحديث. =

ص: 224

قال: "قال أبو زيد: ملَّ يَمَلُّ ملالة، وأمللته إملالًا، فكأن المعنى لا يمل من ثواب أعمالكم حتى تملوا من العمل"

(1)

.

وقال أبو يعلى: "اعلم أنه غير ممتنع إطلاق وصفه تعالى بالملل، لا على معنى السآمة والاستثقال ونفور النفس عنه"

(2)

.

وقال الشيخ محمد بن إبراهيم: " (إن الله لا يمل حتى تملوا) من نصوص الصفات، وهذا على وجه يليق بالباري، لا نقص فيه، كنصوص الاستهزاء والخداع فيما يتبادر"

(3)

.

المسلك الثاني: أن الحديث لا يدل على صفة الملل لله تعالى، لأن الملل معناه: استثقال الشيء وإعراض النفس عنه وضجرها منه.

قالوا: وهذا لا يجوز على الله بحال، ولا يدخل في صفاته بوجه، فهو سبحانه منزه عن النقائص والعيوب، والتي من جملتها السآمة والملل

(4)

.

وإلى هذا ذهب ابن قتيبة والطحاوي وابن عبد البر وابن رجب

(5)

، عليهم رحمة الله.

= [انظر: تاريخ بغداد (6/ 27)، وتذكرة الحفاظ (2/ 584)، والسير (13/ 356)، والعبر (1/ 410)، وشذرات الذهب (2/ 190)].

(1)

غريب الحديث (1/ 338).

(2)

إبطال التأويلات (2/ 370)، وانظر: دفع شبه التشبيه لابن الجوزي (220).

(3)

الفتاوى والرسائل (1/ 209).

(4)

انظر: تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة (324)، ومشكل الآثار للطحاوي (تحفة 1/ 216)، وأعلام الحديث للخطابي (1/ 173)، وفتح الباري لابن رجب (1/ 167).

(5)

هو عبد الرحمن بن أحمد بن رجب البغدادي ثم الدمشقي الحنبلي الشهير بابن رجب، قدم من بغداد مع والده إلى دمشق وهو صغير سنة أربع وأربعين وسبعمائة وأجازه ابن النقيب والنووي، أتقن فن الحديث وصار أعرف أهل عصره بالعلل، توفي رحمه الله سنة (795 هـ) له مؤلفات عدة منها: جامع العلوم والحكم، وفتح الباري في شرح صحيح البخاري، وصل فيه إلى الجنائز. =

ص: 225

ولكنهم اختلفوا في الملل الوارد في الحديث على قولين، وذلك بعد اتفاقهم على نفي صفة الملل عن الله تعالى:

القول الأول: أن المعنى: لا يمل إذا مللتم، وإلى هذا ذهب ابن قتيبة والطحاوي

(1)

.

قال ابن قتيبة: "أراد: فإن الله لا يمل إذا مللتم، ومثال هذا، قولك في الكلام: هذا الفرس لا يفتر حتى تفتر الخيل.

لا تريد بذلك أنه يفتر إذا فترت، ولو كان هذا هو المراد، ما كان له فضل عليها، لأنه يفتر معها، فأية فضيلة له؟ وإنما تريد: أنه لا يفتر إذا فترت.

وكذلك تقول في الرجل البليغ في كلامه، والمِكْثَار الغزير: فلان لا ينقطع حتى تنقطع خصومه.

تريد أنه لا ينقطع إذا انقطعوا، ولو أردت أنه ينقطع إذا انقطعوا لم يكن له في هذا القول فضل على غيره، ولا وجبت له به مدحة، وجاء مثل هذا بعينه في الشعر المنسوب إلى ابن أخت تَأَبَّطَ شرًا، وقيل: إنه لخلف الأحمر:

صَلِيَت منِّي هذيل بِخِرْقٍ .... لا يَمل الشرَّ حتى يَملُّوا

لم يرد أنه يمل الشر إذا ملوه، ولو أراد ذلك ما كان فيه مدح له، لأنه بمنزلتهم، وإنما أراد: أنهم يملون الشر وهو لا يمله"

(2)

.

القول الثاني: أن معنى الحديث: لا يترك الله الثواب والجزاء على العمل ما لم تملوه وتتركوه، فيكون المراد بالملل لازم الملل، لأن من ملَّ شيئًا تركه، فكنى عن الترك بالملل الذي هو سبب الترك.

= [انظر: الدرر الكامنة (2/ 132)، وشذرات الذهب (6/ 339)، ومعجم المؤلفين (2/ 74)، والأعلام (3/ 295)].

(1)

انظر: شرح مشكل الآثار (تحفة 1/ 216).

(2)

تأويل مختلف الحديث (324) بتصرف يسير.

ص: 226

وإلى هذا ذهب ابن عبد البر وابن رجب، عليهما رحمة الله، وهو قول أغلب أهل التأويل

(1)

.

قال ابن عبد البر: "معلوم أن الله عز وجل لا يمل، سواء ملَّ الناس أو لم يملوا، ولا يدخله ملال في شيء من الأشياء، جل وتعالى علوًا كبيرًا، وإنما جاء لفظ هذا الحديث على المعروف من لغة العرب، بأنهم كانوا إذا وضعوا لفظًا بإزاء لفظ وقبالته، جوابًا له وجزاءً، ذكروه بمثل لفظه، وإن كان مخالفًا له في معناه، ألا ترى إلى قوله عز وجل:{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: 40]، وقوله:{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194].

والجزاء لا يكون سيئة، والقصاص لا يكون اعتداءً، لأنه حق واجب

وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا يمل حتى تملوا) أي: إن من مل من عمل يعمله، قطع عنه جزاؤه، فأخرج لفظ قطع الجزاء بلفظ الملال، إذ كان بحذائه وجوابًا له"

(2)

.

وقال ابن رجب تعليقًا على هذا الحديث: "الملل والسآمة للعمل يوجب قطعه وتركه، فإذا سئم العبد من العمل ومله، قطعه وتركه، فقطع الله عنه ثواب ذلك العمل، فإن العبد إنما يجازى بعمله، فمن ترك عمله انقطع عنه ثوابه وأجره إذا كان قطعه لغير عذر من مرض أو سفر أو هرم

وسُمِّي هذا المنع من الله مللًا وسآمة، مقابلة للعبد على ملله وسآمته،

(1)

انظر: أعلام الحديث للخطابي (1/ 173)، ومشكل الحديث لابن فورك (290)، والأسماء والصفات للبيهقي (2/ 431)، والمفهم للقرطبي (2/ 413 - 414)، وشرح النووي على مسلم (6/ 317 - 318)، وإيضاح الدليل لابن جماعة (183)، ومنة المنعم لصفي الرحمن المباركفوري (1/ 493).

(2)

التمهيد (1/ 195 - 196).

ص: 227

كما قال تعالى: {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} [التوبة: 67] فسمى إهمالهم وتركهم نسيانًا، مقابلة لنسيانهم له، هذا أظهر ما قيل في هذا"

(1)

.

واستشهد هؤلاء بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (اكْلُفوا من الأعمال ما تطيقون، فإن الله لا يمل من الثواب حتى تملوا من العمل)

(2)

.

* * *

(1)

فتح الباري (1/ 165 - 166).

(2)

أخرجه الطبري في تفسير سورة المزمل (12/ 279) من طريقين عن عائشة رضي الله عنها، وفي إسنادهما موسى بن عبيدة، وهو ضعيف، قال فيه الإمام أحمد: لا تحل الرواية عنه، وقال ابن معين: لا يحتج بحديثه، وقال علي بن المديني: ضعيف الحديث، حدث بأحاديث مناكير، وقال أبو حاتم: منكر الحديث، وقال النسائي: ضعيف، وقال مرةً: ليس بثقة. [انظر: تهذيب التهذيب (10/ 318 - 320)].

ولذا قال الحافظ ابن حجر في الفتح (1/ 102) بعد استشهاده به: "لكن في سنده موسى بن عبيدة، وهو ضعيف"، وانظر: تقريب التهذيب (2/ 226)، وأشار أيضًا إلى أن لفظة:(من الثواب) مدرجة من بعض الرواة، فقال في الفتح (3/ 37):"وفي بعض طرقه ما يدل على أن ذلك مدرج من قول بعض الرواة، والله أعلم"، ولعله يشير إلى الطريق الآخر فإنه جاء بلفظ:(يا أيها الناس إن الله لا يمل حتى تملوا -يعني: من الثواب- فاكلفوا من العمل ما تطيقون).

وقد ذكر هذا الحديث أبو يعلى في إبطال التأويلات (2/ 369) عن أبي هريرة رضي الله عنه، لكنه بدون إسناد.

ص: 228