المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثالث: الترجيح - أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين جمعا ودراسة

[سليمان بن محمد الدبيخي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌خطة البحث:

- ‌منهج البحث:

- ‌التمهيد

- ‌المبحث الأول: تعريف المشكل وبيان الفرق بينه وبين المختلف

- ‌أولًا: تعريف المشكل في اللغة والاصطلاح:

- ‌أ -المشكل في اللغة:

- ‌ب - مشكل الحديث في اصطلاح المحدثين

- ‌ثانيًا: تعريف مختلف الحديث في اللغة والاصطلاح:

- ‌أ- فالمختلف في اللغة:

- ‌ب - مختلف الحديث اصطلاحًا:

- ‌ثالثًا: الفرق بين مشكل الحديث ومختلف الحديث:

- ‌المبحث الثاني: التعريف بأشهر المؤلفات في مشكل الحديث

- ‌1 - كتاب (اختلاف الحديث) للإمام الشافعي رحمه الله تعالى:

- ‌2 - كتاب (تأويل مختلف الحديث) لابن قتيبة رحمه الله تعالى:

- ‌3 - كتاب (مشكل الآثار)(5)للطحاوي رحمه الله تعالى:

- ‌4 - تأويل الأحاديث المشكلة(3)لأبي الحسن الطبري

- ‌5).5 -كتاب (مشكل الحديث وبيانه) لابن فورك(6)رحمه الله تعالى:

- ‌6 - كشف المشكل من حديث الصحيحين لابن الجوزي

- ‌المبحث الثالث: ظواهر الكتاب والسنة كلها حق

- ‌المبحث الرابع: العمل بالمحكم والإيمان بالمتشابه

- ‌فأولًا: معنى المحكم والمتشابه في اللغة وفي الاصطلاح:

- ‌المحكم في اللغة:

- ‌وأما المتشابه في اللغة:

- ‌ثانيًا: علاقة المشكل بالمتشابه:

- ‌ثالثًا: عمل السلف بهذه القاعدة:

- ‌رابعًا: الوضوح والإشكال في النصوص من الأمور النسبية:

- ‌خامسًا: هل صفات الله تعالى من قبيل المتشابه

- ‌سادسًا: أسباب استشكال النصوص، أو الاشتباه فيها:

- ‌المبحث الخامس: ترجمة موجزة للبخاري ومسلم عليهما رحمة الله

- ‌أولًا: الإمام البخاري رحمه الله تعالى:

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌مصنفاته:

- ‌وفاته:

- ‌ثانيًا: الإمام مسلم رحمه الله تعالى

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌مصنفاته:

- ‌وفاته:

- ‌المبحث السادس: مكانة الصحيحين عند الأمة

- ‌مآخذ بعض أهل العلم على هذين الكتابين:

- ‌الباب الأول: الأحاديث المتوهم إشكالها في باب الإيمان بالله تعالى

- ‌الفصل الأول: الأحاديث المتوهم إشكالها في الأسماء والصفات

- ‌التمهيدبيان عقيدة أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات

- ‌المبحث الأول: (خلق الله آدم على صورته)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌الخلاصة:

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌وبيان فساده من وجوه:

- ‌المطلب الرابع: في بيان معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (فيأتيهم الله في صورة غير صورته التي يعرفون)

- ‌المبحث الثاني: (وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الثالث: (إن لله تسعة وتسعين اسمًا)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المسألة الأولي: في معنى الإحصاء الوارد في الحديث:

- ‌المسألة الثانية: هل يمكن معرفة الأسماء الحسنى، التسعة والتسعين علي وجه التعيين

- ‌الخلاصة:

- ‌المبحث الرابع: (فإن الله لا يمل حتى تملوا)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الخامس: (مرضت فلم تعدني)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المبحث السادس: (ما أحد أصبر على أذى سمعه من الله)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌والفرق بين الصبر والحلم:

- ‌المبحث السابع: (ما ترددت عن شيء أنا فاعله

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم فى هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مسألة: في بيان معنى قوله في الحديث السابق: (فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها)

- ‌المبحث الثامن: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث التاسع: (يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث العاشر: (الرحم شجنة من الرحمن)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المبحث الحادي عشر: (فإذا مت فأحرقوني ثم اسحقوني)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌الفصل الثانى: الأحاديث المتوهم إشكالها في القدر

- ‌المبحث الأول: (حج آدم موسى)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث الثاني: (خلق الله التربة يوم السبت)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الخلاصة:

- ‌المبحث الثالث: (لا يُدخِل أحدًا الجنةَ عملُه)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الباب الثاني: الأحاديث المتوهم إشكالها في باب النبوة

- ‌المبحث الأول: (نحن أحق بالشك من إبراهيم)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم فى هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث الثاني: ما جاء في سحر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌ومن أدلة السنة على حقيقة السحر وأثره:

- ‌مناقشة أدلة النافين لحقيقة السحر، وتأثر النبي صلى الله عليه وسلم به:

- ‌المبحث الثالث: ما جاء في إرسال الشهب على الشياطين

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث الرابع: (إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل) مع قول أبي هريرة: (أوصاني خليلي بثلاث)

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الخامس: حديث شريك في الإسراء

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌الخلاصة:

- ‌المبحث السادس: لطم موسى عليه السلام لملك الموت

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث السابع: (اسمعوا وأطيعوا، وإن استُعمل عليكم عبد حبشي) مع قوله: (لا يزال هذا الأمر في قريش

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم فى هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الباب الثالث: الأحاديث المتوهم إشكالها في أشراط الساعة والمعاد

- ‌الفصل الأول: الأحاديث المتوهم إشكالها في أشراط الساعة

- ‌المبحث الأول: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين. . .)، مع قوله: (لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق)

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الثاني: (إن أول الآيات خروجًا طلوع الشمس

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الثالث: ما جاء في طواف الدجال بالبيت، مع ما ورد من أنه لا يدخل مكة ولا المدينة

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الرابع: (لا تقوم الساعة حتى. . . يتقارب الزمان)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المبحث الخامس: (إذا ولدت الأمة ربها)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الفصل الثاني: الأحايث المتوهم إشكالها في المعاد

- ‌المبحث الأول: أحاديث الميزان، في ما الذي يوزن

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها و‌‌بيان وجه الاشكال

- ‌بيان وجه الاشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌إشكال وجوابه:

- ‌المبحث الثاني: (إن أشد الناس عذابًا عند الله يوم القيامة المصوَّرون)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث الثالث: (طوبى له عصفور من عصافير الجنة)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌واستدل الجمهور على هذا القول بأدلة كثيرة، منها:

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الرابع: (وإن ناسًا من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: أصحابي أصحابي، فيقول: إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم)

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الخامس: شفاعته صلى الله عليه وسلم لعمه أبي طالب

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث السادس: ما جاء في سماع الأموات

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثانى: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس‌‌ المصادر والمراجع

- ‌ ا

- ‌ب

- ‌ت

- ‌ج

- ‌ث

- ‌ ح

- ‌ د

- ‌ر

- ‌ ذ

- ‌س

- ‌ز

- ‌ش

- ‌ ص

- ‌ ض

- ‌ع

- ‌ط

- ‌ظ

- ‌غ

- ‌ف

- ‌ق

- ‌ك

- ‌ل

- ‌م

- ‌ن

- ‌هـ

- ‌ؤ

الفصل: ‌المطلب الثالث: الترجيح

‌المطلب الثالث: الترجيح

الذي يترجح -والله تعالى أعلم- بناءً على القول بصحة الحديث: القول الثالث، وهو أن الحديث إنما يدل على أنه لا يُشهد ولا يقطع لأحد من أطفال المؤمنين بعينه في الجنة، لأنه من علم الغيب، كما أن الطفل المسلم تابع لأبويه، والقطع له بذلك، قطع لأبويه بالإيمان، مع أنهما قد يكونان ممن يظهر الإسلام وهما على خلافه

(1)

.

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص، حينما قال له: أعط فلانًا فإنه مؤمن، قال:(أوْ مسلم)، متفق عليه

(2)

. فأنكر عليه الشهادة له بالإيمان، لأنه غيب، دون الإسلام لأنه ظاهر.

وهذا لا يخالف إطلاق القول: بأن أطفال المؤمنين في الجنة، لأن هناك فرقًا بين الإطلاق والتعيين، فكما أنه لا يلزم من الشهادة لعموم المؤمنين في الجنة الشهادة لمعين منهم بذلك، فكذلك أطفال المؤمنين.

وقد جاء عند البخاري من حديث أم العلاء رضي الله عنها: أنها شهدت لعثمان بن مظعون رضي الله عنه لما مات، فقالت: شهادتي عليك لقد أكرمك الله، فأنكر عليها النبي صلى الله عليه وسلم وقال:(وما يدريك أن الله أكرمه؟ ) فقلت: بأبي أنت يا رسول الله،

(1)

ولعل هذا مستند -ما تقدم من حكاية- الإجماع على أن أطفال الأنبياء في الجنة، لأن الأنبياء عليهم السلام معصومون من الوقوع في الكفر أو الشرك، فاحتمال موتهم عليه ممتنع، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لما توفي ابنه إبراهيم:(إن له مرضعًا في الجنة)، وإن كانت هذه شهادة من الرسول صلى الله عليه وسلم، فلا يقاس غيره عليه، لكنها تؤيد حكاية الإجماع، والله أعلم. [الحديث: أخرجه البخاري (1/ 465) ح (1315)].

(2)

صحيح البخاري (1/ 18) ح (27)، ومسلم واللفظ له (2/ 539) ح (150).

ص: 654

فمن يكرمه الله؟ فقال: (أما هو فقد جاءه اليقين، والله إني لأرجو له الخير، والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي)، قالت: فوالله لا أزكي أحدًا بعده أبدًا

(1)

.

قال ابن القيم: "وسر المسألة: الفرق بين المعين والمطلق في الأطفال والبالغين، والله أعلم"

(2)

.

وأما المسلك الأول: وهو تضعيف الحديث، لأنه مما انفرد به طلحة بن يحيى، وهو ضعيف، فالجواب عنه: أن طلحة لم ينفرد به، بل تابعه عليه فضيل بن عمرو -وهو ثقة

(3)

- كما عند مسلم

(4)

، وهو ما أشار إليه ابن عبد البر نفسه حيث قال:"ورواه عن طلحة بن يحيى جماعة بإسناده ومعناه، وزعم قوم أن طلحة بن يحيى انفرد بهذا الحديث، وليس كما زعموا، وقد رواه فضيل بن عمرو عن عائشة بنت طلحة، كما رواه طلحة بن يحيى سواء"

(5)

.

ولكن جاء عن الإمام أحمد أنه قال عن هذا الطريق: "ما أراه إلا سمعه من طلحة"

(6)

، فرد الحديث إلى طلحة بن يحيى، فإن ثبت هذا صحَّ القول: بالتفرد.

وجاء للحديث متابعة ثالثة عند أبي داود الطيالسي، من طريق قيس بن الربيع عن يحيى بن إسحاق، عن عائشة بنت طلحة عن عائشة رضي الله عنها

(7)

، لكنها لا تصح

(8)

.

(1)

صحيح البخاري (1/ 419) ح (1186).

(2)

بدائع الفوائد (3/ 123).

(3)

انظر: التقريب (2/ 15).

(4)

وهي الرواية الثانية التي تقدم ذكرها في المطلب الأول.

(5)

التمهيد (18/ 105)، وانظر: الاستذكار (8/ 393)، وقوله هذا يخالف ما قاله أولًا من أن طلحة تفرد به.

(6)

العلل للإمام أحمد، رواية ابنه عبد الله (2/ 12)، وانظر: الضعفاء للعقيلي (2/ 226).

(7)

المسند (3/ 152) ح (1679).

(8)

ففي سندها قيس بن الربيع الأسدي، وهو ضعيف، قال فيه ابن حجر في التقريب (2/ 33):"صدوق تغيَّر لما كبر، أدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به"، =

ص: 655

والمتأمل لكلام الإمام أحمد وغيره يجد أنه يضعف الحديث من وجهين:

الأول: نكارة أوله، وهو التصريح بإنكار النبي صلى الله عليه وسلم واستدراكه على عائشة، حيث قال:(أو غير ذلك يا عائشة؟ ) بعد قولها: طوبى له عصفور من عصافير الجنة.

ولهذا قال الإمام أحمد: "هو يرجى لأبويه كيف يشك فيه؟ إنما اختلفوا في أولاد المشركين"

(1)

، فيرى الإمام أحمد أن هذا الحديث يعارض ما حكي الإجماع عليه، واقتضته الأدلة الكثيرة من كون أطفال المؤمنين في الجنة.

ويلاحظ أن موضع النكارة هذه ليس موجودًا في رواية فضيل بن عمرو

(2)

، حيث رواه بلفظ: قالت عائشة رضي الله عنها: توفي صبي، فقلت: طوبى له عصفور من عصافير الجنة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(أولا تدرين أن الله خلق الجنة وخلق النار، فخلق لهذه أهلًا ولهذه أهلًا).

ولعل هذا هو ما أشار إليه العقيلي

(3)

حين قال تعليقًا على رواية طلحة: "آخر الحديث فيه رواية من حديث الناس، وأوله لا يحفظ إلا من هذا الوجه"

(4)

.

= وفي السند أيضًا: يحيى بن إسحاق، لم أجد له -بعد البحث- ترجمة، وقد قال محقق مسند أبي داود الطيالسي الدكتور محمد التركي في تعليقه على هذا الحديث:"ويحيى بن إسحاق لم أعرفه، وقد يكون مقلوبًا من إسحاق بن يحيى بن طلحة، وقد روى عن عمته عائشة بنت طلحة، وهو متكلم فيه".

(1)

أهل الملل (1/ 68)، وقد تقدم ص (646).

(2)

قال محقق كتاب المنتخب من العلل: طارق بن عوض الله: "الفقيمي ثقة -يعني: فضيل بن عمرو- وليس في روايته ما يُستنكر، بل فيه ما يفيد إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة على قولها، ولعله لذلك قدم مسلم روايته على رواية طلحة في الباب، وجعل رواية طلحة في آخر الباب" المنتخب (55).

(3)

هو الحافظ الناقد أبو جعفر محمد بن عمرو بن موسى بن حماد العقيلي الحجازي، مصنف كتاب الضعفاء، ثقة جليل القدر، عالم بالحديث، مقدم في الحفظ، توفي سنة ثنتين وعشرين وثلاثمائة (322). [نظر: السير (15/ 236)، وتذكرة الحفاظ (3/ 833)، وشذرات الذهب (2/ 295)].

(4)

الضعفاء الكبير (2/ 227).

ص: 656

وصرح به الذهبي حيث قال: "انفرد طلحة بأوله، وأما آخره فجاء من غير وجه"

(1)

.

الوجه الثاني: تضعيفه من جهة سنده، حيث قالوا: تفرد به طلحة بن يحيى، وهو متكلم فيه، فمثله لا يحتمل منه التفرد.

والحاصل: أن الحديث إن ثبت ضعفه فلا إشكال، وإن قيل بصحته فتوجيهه ما تقدم، والله تعالى أعلم.

وأما القول الأول: وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك قبل أن يعلم أن أطفال المؤمنين في الجنة، فالجواب عنه: أن هذا يحتاج إلى دليل يدل عليه، ولا سبيل إليه. والله أعلم.

وأما القول الثاني: وهو القول بوجوب التوقف فيهم، فهو معارض بما تقدم ذكره من الأدلة الكثيرة على أن أطفال المؤمنين في الجنة، ولهذا قال ابن كثير عن هذا القول: إنه غريب جدًا

(2)

.

وأما أدلتهم فالجواب عنها كما يلي:

أما حديث عائشة رضي الله عنها في وفاة صبي من الأنصار، فقد تقدم الجواب عنه.

وأما استدلالهم بحديث ابن مسعود -وما في معناه- على أن السعادة والشقاوة أمران مقدران على العباد وهم في بطون أمهاتهم، ولا سبيل إلى العلم بذلك، فوجب التوقف، فالجواب عنه: أن هذا حق لا شك فيه، لكن موتهم في حال الصغر يدل على أنهم لم يكتبوا في بطون أمهاتهم أشقياء، وإنما هم ممن جرى القلم بسعادتهم

(3)

.

قال ابن عبد البر بعد أن ساق الأدلة على أن أطفال المؤمنين في

(1)

ميزان الاعتدال (3/ 470).

(2)

انظر: تفسير القرآن العظيم (3/ 54).

(3)

انظر: الاعتقاد للبيهقي (90، 91)، والتذكرة (2/ 329)، وأحكام أهل الذمة (2/ 1072 - 1073).

ص: 657

الجنة: "وفي هذه الآثار مع إجماع الجمهور دليل على أن قوله صلى الله عليه وسلم: (الشقي من شقي في بطن أمه)

(1)

، وأن الملك ينزل فيكتب أجله، ورزقه، ويكتب شقيًا أو سعيدًا في بطن أمه: مخصوص مجمل، وأن من مات من أطفال المسلمين قبل الاكتساب، فهو ممن سعد في بطن أمه، ولم يشقَ، بدليل ما ذكرنا من الأحاديث والإجماع"

(2)

.

وأما استدلالهم بحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل فقيل له: يا رسول الله أفرأيت من يموت وهو صغير؟ قال: (الله أعلم بما كانوا عاملين). فقالوا: إن هذا الجواب يعم جميع الصغار: أولاد المسلمين وأولاد الكافرين، فالجواب عنه: ما ذكره القرطبي وابن القيم:

قال القرطبي: "هذا السؤال إنما كان عن أولاد المشركين، كما جاء مُفَسَّرًا من حديث ابن عباس

(3)

"

(4)

.

وقال ابن القيم بعد ذكر استدلالهم بهذا الحديث: "هؤلاء لو تأملوا ألفاظه وطرقه لأمسكوا عن هذا الاحتجاج، فإن هذا الحديث رُوي من طرق متعددة

كلها صحاح تبين أن السؤال إنما وقع عن أولاد المشركين"

(5)

.

* * *

(1)

أخرجه مسلم من حديث ابن مسعود (16/ 431) ح (2645).

(2)

التمهيد (6/ 349 - 350).

(3)

ولفظه: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أولاد المشركين، فقال:(الله إذ خلقهم أعلم بما كانوا عاملين) متفق عليه: البخاري (1/ 465) ح (1317)، ومسلم (16/ 450) ح (2660).

(4)

المفهم (6/ 677).

(5)

أحكام أهل الذمة (2/ 1078 - 1081).

ص: 658