المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌التمهيدبيان عقيدة أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات - أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين جمعا ودراسة

[سليمان بن محمد الدبيخي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌خطة البحث:

- ‌منهج البحث:

- ‌التمهيد

- ‌المبحث الأول: تعريف المشكل وبيان الفرق بينه وبين المختلف

- ‌أولًا: تعريف المشكل في اللغة والاصطلاح:

- ‌أ -المشكل في اللغة:

- ‌ب - مشكل الحديث في اصطلاح المحدثين

- ‌ثانيًا: تعريف مختلف الحديث في اللغة والاصطلاح:

- ‌أ- فالمختلف في اللغة:

- ‌ب - مختلف الحديث اصطلاحًا:

- ‌ثالثًا: الفرق بين مشكل الحديث ومختلف الحديث:

- ‌المبحث الثاني: التعريف بأشهر المؤلفات في مشكل الحديث

- ‌1 - كتاب (اختلاف الحديث) للإمام الشافعي رحمه الله تعالى:

- ‌2 - كتاب (تأويل مختلف الحديث) لابن قتيبة رحمه الله تعالى:

- ‌3 - كتاب (مشكل الآثار)(5)للطحاوي رحمه الله تعالى:

- ‌4 - تأويل الأحاديث المشكلة(3)لأبي الحسن الطبري

- ‌5).5 -كتاب (مشكل الحديث وبيانه) لابن فورك(6)رحمه الله تعالى:

- ‌6 - كشف المشكل من حديث الصحيحين لابن الجوزي

- ‌المبحث الثالث: ظواهر الكتاب والسنة كلها حق

- ‌المبحث الرابع: العمل بالمحكم والإيمان بالمتشابه

- ‌فأولًا: معنى المحكم والمتشابه في اللغة وفي الاصطلاح:

- ‌المحكم في اللغة:

- ‌وأما المتشابه في اللغة:

- ‌ثانيًا: علاقة المشكل بالمتشابه:

- ‌ثالثًا: عمل السلف بهذه القاعدة:

- ‌رابعًا: الوضوح والإشكال في النصوص من الأمور النسبية:

- ‌خامسًا: هل صفات الله تعالى من قبيل المتشابه

- ‌سادسًا: أسباب استشكال النصوص، أو الاشتباه فيها:

- ‌المبحث الخامس: ترجمة موجزة للبخاري ومسلم عليهما رحمة الله

- ‌أولًا: الإمام البخاري رحمه الله تعالى:

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌مصنفاته:

- ‌وفاته:

- ‌ثانيًا: الإمام مسلم رحمه الله تعالى

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌مصنفاته:

- ‌وفاته:

- ‌المبحث السادس: مكانة الصحيحين عند الأمة

- ‌مآخذ بعض أهل العلم على هذين الكتابين:

- ‌الباب الأول: الأحاديث المتوهم إشكالها في باب الإيمان بالله تعالى

- ‌الفصل الأول: الأحاديث المتوهم إشكالها في الأسماء والصفات

- ‌التمهيدبيان عقيدة أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات

- ‌المبحث الأول: (خلق الله آدم على صورته)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌الخلاصة:

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌وبيان فساده من وجوه:

- ‌المطلب الرابع: في بيان معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (فيأتيهم الله في صورة غير صورته التي يعرفون)

- ‌المبحث الثاني: (وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الثالث: (إن لله تسعة وتسعين اسمًا)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المسألة الأولي: في معنى الإحصاء الوارد في الحديث:

- ‌المسألة الثانية: هل يمكن معرفة الأسماء الحسنى، التسعة والتسعين علي وجه التعيين

- ‌الخلاصة:

- ‌المبحث الرابع: (فإن الله لا يمل حتى تملوا)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الخامس: (مرضت فلم تعدني)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المبحث السادس: (ما أحد أصبر على أذى سمعه من الله)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌والفرق بين الصبر والحلم:

- ‌المبحث السابع: (ما ترددت عن شيء أنا فاعله

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم فى هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مسألة: في بيان معنى قوله في الحديث السابق: (فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها)

- ‌المبحث الثامن: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث التاسع: (يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث العاشر: (الرحم شجنة من الرحمن)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المبحث الحادي عشر: (فإذا مت فأحرقوني ثم اسحقوني)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌الفصل الثانى: الأحاديث المتوهم إشكالها في القدر

- ‌المبحث الأول: (حج آدم موسى)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث الثاني: (خلق الله التربة يوم السبت)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الخلاصة:

- ‌المبحث الثالث: (لا يُدخِل أحدًا الجنةَ عملُه)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الباب الثاني: الأحاديث المتوهم إشكالها في باب النبوة

- ‌المبحث الأول: (نحن أحق بالشك من إبراهيم)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم فى هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث الثاني: ما جاء في سحر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌ومن أدلة السنة على حقيقة السحر وأثره:

- ‌مناقشة أدلة النافين لحقيقة السحر، وتأثر النبي صلى الله عليه وسلم به:

- ‌المبحث الثالث: ما جاء في إرسال الشهب على الشياطين

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث الرابع: (إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل) مع قول أبي هريرة: (أوصاني خليلي بثلاث)

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الخامس: حديث شريك في الإسراء

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌الخلاصة:

- ‌المبحث السادس: لطم موسى عليه السلام لملك الموت

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث السابع: (اسمعوا وأطيعوا، وإن استُعمل عليكم عبد حبشي) مع قوله: (لا يزال هذا الأمر في قريش

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم فى هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الباب الثالث: الأحاديث المتوهم إشكالها في أشراط الساعة والمعاد

- ‌الفصل الأول: الأحاديث المتوهم إشكالها في أشراط الساعة

- ‌المبحث الأول: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين. . .)، مع قوله: (لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق)

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الثاني: (إن أول الآيات خروجًا طلوع الشمس

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الثالث: ما جاء في طواف الدجال بالبيت، مع ما ورد من أنه لا يدخل مكة ولا المدينة

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الرابع: (لا تقوم الساعة حتى. . . يتقارب الزمان)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المبحث الخامس: (إذا ولدت الأمة ربها)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الفصل الثاني: الأحايث المتوهم إشكالها في المعاد

- ‌المبحث الأول: أحاديث الميزان، في ما الذي يوزن

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها و‌‌بيان وجه الاشكال

- ‌بيان وجه الاشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌إشكال وجوابه:

- ‌المبحث الثاني: (إن أشد الناس عذابًا عند الله يوم القيامة المصوَّرون)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث الثالث: (طوبى له عصفور من عصافير الجنة)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌واستدل الجمهور على هذا القول بأدلة كثيرة، منها:

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الرابع: (وإن ناسًا من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: أصحابي أصحابي، فيقول: إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم)

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الخامس: شفاعته صلى الله عليه وسلم لعمه أبي طالب

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث السادس: ما جاء في سماع الأموات

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثانى: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس‌‌ المصادر والمراجع

- ‌ ا

- ‌ب

- ‌ت

- ‌ج

- ‌ث

- ‌ ح

- ‌ د

- ‌ر

- ‌ ذ

- ‌س

- ‌ز

- ‌ش

- ‌ ص

- ‌ ض

- ‌ع

- ‌ط

- ‌ظ

- ‌غ

- ‌ف

- ‌ق

- ‌ك

- ‌ل

- ‌م

- ‌ن

- ‌هـ

- ‌ؤ

الفصل: ‌التمهيدبيان عقيدة أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات

‌التمهيد

بيان عقيدة أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات

سلك أهل السنة والجماعة في هذا الباب طريقًا واضحًا بيِّنًا لا عوج فيه ولا أمتًا، وذلك لأنهم عوَّلوا فيه -وكذا في بقية أبواب الاعتقاد- على النقل الثابت الصحيح، فسلموا من الانحراف الذي وقع فيه من اتخذ العقل أساسًا في هذا الباب وقدمه على النقل، كما هو حال أهل الكلام، علمًا أن أهل السنة يؤكدون على أن العقل الصريح لا يمكن بحال أن يخالف النقل الصحيح.

وأهل السنة وسط في هذا الباب بين الإفراط والتفريط، فلم يغلوا في الإثبات إلى درجة تصل بهم إلى التكييف أو التمثيل، كما لم يقعوا في التفريط الذي هو تعطيل الله سبحانه عن أسمائه وصفاته كلها، أو شيء منها، بل أثبتوا جميع ما صح به النقل من الأسماء والصفات على الوجه اللائق به سبحانه، كالعلو والاستواء والنزول والعلم والكلام والضحك والوجه واليدين وغيرها.

والكلام على معتقدهم في هذا الباب وذكر أدلته وتفاصيل مسائله يطول، ولربما أخرج عن المقصود، ولذا فسأقتصر على بيان أهم الأصول والأسس التي بنى عليها أهل السنة والجماعة عقيدتهم في الأسماء والصفات، وهي كما يلي:

أولًا: الاعتماد على الكتاب والسنة الصحيحة، فيثبتون ما أثبته الله لنفسه في كتابه، وما أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته، من غير تحريف ولا

ص: 101

تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، على حد قوله تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11].

وينفون ما نفاه الله عن نفسه في كتابه، أو نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته مع إثبات كمال ضده

(1)

.

قال الإمام أحمد: "لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يُتجاوز القرآن والحديث"

(2)

.

وقال ابن خزيمة: "نحن نثبت لخالقنا -جل وعلا- صفاته التي وصف الله عز وجل بها نفسه في محكم تنزيله، أو على لسان نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم، مما ثبت بنقل العدل عن العدل موصولًا إليه"

(3)

.

وقال الإسماعيلي

(4)

: "اعلموا رحمنا الله وإياكم أن مذهب أهل الحديث -أهل السنة والجماعة-: الإقرار بالله وملائكته وكتبه ورسله، وقبول ما نطق به كتاب الله تعالى، وما صحت به الرواية عن رسول الله

(1)

قال ابن تيمية: "ينبغي أن يعلم أن النفي ليس فيه مدح ولا كمال، إلا إذا تضمن إثباتًا، وإلا فمجرد النفي ليس فيه مدح ولا كمال، لأن النفي المحض عدم محض، والعدم المحض ليس بشيء، وما ليس بشيء هو كما قيل: ليس بشيء، فضلًا عن أن يكون مدحًا أو كمالًا، ولأن النفي المحض يوصف به المعدوم والممتنع، والمعدوم والممتنع لا يوصف بمدح ولا كمال، فلهذا كان عامة ما وصف الله به نفسه من النفي متضمنًا لإثبات مدح"[التدمرية (57 - 58)، وانظر: الصواعق المرسلة لابن القيم (4/ 1367)].

(2)

مجموع الفتاوى (5/ 26)، وانظر: إبطال التأويلات (1/ 45)، ولمعة الاعتقاد بشرح العثيمين (35)، واجتماع الجيوش الإسلامية (211 - 212).

(3)

التوحيد (1/ 57).

(4)

هو الإمام الحافظ الفقيه شيخ الإسلام أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن العباس الجرجاني الإسماعيلي الشافعي، كان شيخ المحدثين والفقهاء في عصره، وأجلهم في المروءة والسخاء، توفي رحمه الله سنة (371 هـ) له من المصنفات: مسند عمر رضي الله عنه، والمستخرج على الصحيح. [انظر: تذكرة الحفاظ (3/ 947)، والسير (16/ 292)، وشذرات الذهب (3/ 72)].

ص: 102

صلى الله عليه وآله وسلم، لا معدل عما وردا به، ولا سبيل إلى رده

ويعتقدون أن الله تعالى مَدْعُوٌّ بأسمائه الحسنى، موصوف بصفاته التي سمَّى ووصف بها نفسه، ووصفه بها نبيه صلى الله عليه وسلم"

(1)

.

وقال قِوَامُ السنة الأصبهاني: "قال علماء السلف: جاءت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم متواترة في صفات الله تعالى، موافقة لكتاب الله تعالى، نقلها السلف على سبيل الإثبات والمعرفة، والإيمان به والتسليم، وترك التمثيل والتكييف، وأنه عز وجل أزلي بصفاته وأسمائه، التي وصف بها نفسه، أو وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم بها، فمن جحد صفة من صفاته بعد الثبوت كان بذلك جاحدًا، ومن زعم أنها محدثة لم تكن ثم كانت، دخل في حكم التشبيه في الصفات التي هي محدثة في المخلوق، زائلة بفنائه غير باقية، وذلك أن الله تعالى امتدح نفسه بصفاته، ودعا عباده إلى مدحه بذلك، وصدَّق به المصطفى صلى الله عليه وسلم، وبين مراد الله فيما أظهر لعباده من ذكر نفسه وأسمائه وصفاته، وكان ذلك مفهومًا عند العرب، غير محتاج إلى تأويله"

(2)

.

وقال ابن تيمية: "طريقة سلف الأمة وأئمتها: أنهم يصفون الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تمثيل: إثبات بلا تمثيل، وتنزيه بلا تعطيل، إثبات الصفات ونفي مماثلة المخلوقات، قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}، فهذا رد علي الممثلة، {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} رد على المعطلة"

(3)

.

ثانيًا: إمرار نصوص الصفات كما جاءت وذلك بحملها على ظاهرها دون التعرض لتعطيل شيء منها أو تأويله بما لا يتفق مع مراد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

(1)

اعتقاد أهل السنة (31 - 32)، وأورده الذهبي بإسناده في العلو (229)، وفي السير (16/ 295)، وانظر: مختصر العلو للألباني (248).

(2)

الحجة في بيان المحجة (1/ 183)، وانظر:(2/ 549).

(3)

منهاج السنة (2/ 523)، وانظر: التدمرية (7)، ومجموع الفتاوى (5/ 26)، و (6/ 38).

ص: 103

قال الوليد بن مسلم

(1)

: "سألت الأوزاعي

(2)

، والثوري

(3)

، ومالك بن أنس، والليث بن سعد

(4)

، عن الأحاديث التي فيها الصفات، فكلهم قال: أمروها كما جاءت بلا تفسير

(5)

"

(6)

.

(1)

هو عالم أهل الشام أبو العباس الدمشقي، الحافظ الإمام، مولى بني أمية، حدث عن جمع من أهل العلم، وارتحل في هذا الشأن، وصنف التصانيف، وكان من أوعية العلم، ثقةً حافظًا، لكنه رديء في التدليس، وقد احتج به البخاري ومسلم، لكنهما ينتقيان من حديثه، ويتجنبان ما ينكر له، توفي بذي المروة راجعًا من الحج في المحرم، سنة خمس وتسعين ومائة (195 هـ). [انظر: السير (9/ 211)، وتذكرة الحفاظ (1/ 302)، والعبر (1/ 248)، وشذرات الذهب (1/ 344

(2)

هو أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو بن محمد الأوزاعي الدمشقي إمام أهل الشام، لم يكن بالشام أعلم منه، من كبار تابعي التابعين، روى عن خلق كثير من التابعين، كان أحد الأئمة المجتهدين، والعباد المعدودين، توفي رحمه الله سنة (157 هـ). [انظر: وفيات الأعيان (3/ 106)، وتذكرة الحفاظ (1/ 178)، والعبر (1/ 174)، وشذرات الذهب (1/ 241)].

(3)

هو سفيان بن سعيد بن مسروق أبو عبد الله الثوري الكوفي شيخ الإسلام وسيد الحفاظ وأمير المؤمنين في الحديث، أجمع الناس على دينه وورعه وزهده وثقته، وهو أحد الأئمة المجتهدين، له مذهب في الفقه لكنه اندثر، كان قوَّالًا بالحق شديد الإنكار، توفي رحمه الله بالبصرة -مختفيًا عن المهدي- سنة (161 هـ). [انظر: وفيات الأعيان (2/ 322)، وتذكرة الحفاظ (1/ 203)، والسير (7/ 229)، والعبر (1/ 181)، وتقريب التهذيب (1/ 371)، وشذرات الذهب (1/ 250)].

(4)

هو الليث بن سعد بن عبد الرحمن أبو الحارث الفهمي مولاهم، وأصله فارسي أصبهاني، شيخ الديار المصرية وعالمها، روى عن عطاء بن أبي رباح وابن أبي مليكة ونافع، وخلق كثير، وكان إمامًا ثقةً ثبتًا حجةً فقيهًا، واسع العلم، سخيًا جوادًا، توفي رحمه الله سنة خمس وسبعين ومائة (175 هـ). [انظر: تاريخ بغداد (13/ 4)، ووفيات الأعيان (3/ 545)، والسير (8/ 136)، وتذكرة الحفاظ (1/ 224)، والعبر (1/ 206)، وشذرات الذهب (1/ 285)].

(5)

أي: تفسير الكيفية، كما في الرواية الأخرى عن الوليد أنهم قالوا:"امضها بلا كيف".

(6)

أخرجه الآجري في الشريعة (3/ 1146)، والدارقطني في الصفات (75)، =

ص: 104

وسئل عبد الله بن المبارك

(1)

عن أحاديث الصفات فقال: "تمر كما جاءت بلا كيف"

(2)

.

وقال أبو زرعة

(3)

عن أحاديث الصفات: "هذه أحاديث متواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أَمِرُّوها كما جاءت بلا كيف"

(4)

.

وهذا القول متواتر عن السلف عليهم رحمة الله، قال أبو يعلى

(5)

: "روي عن شيخنا وإمامنا أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل وغيره من

= واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (3/ 558)، وأورده أبو يعلى في إبطال التأويلات (1/ 47)، وابن تيمية في مجموع الفتاوى (5/ 39)، وعزاه إلى الخلال في السنة، وأورده الذهبي في العلو (139 - 140).

(1)

هو الإمام العالم أمير المؤمنين في الحديث، أبو عبد الرحمن عبد الله بن المبارك المروزي مولى بني حنظلة، ثبت فقيه عالم جواد مجاهد، جُمعت فيه خصال الخير، أخذ عن بقايا التابعين، وأكثر من الترحال والتطواف إلى أن مات في طلب العلم رحمه الله سنة (181 هـ). [انظر: السير (8/ 378)، وتقريب التهذيب (1/ 527)، وشذرات الذهب (1/ 294)].

(2)

إبطال التأويلات (1/ 53).

(3)

هو الإمام الحافظ عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد بن فرُّوخ القرشي مولاهم الرازي، محدث الرَيِّ، سمع من أبي نعيم والقعنبي وأحمد بن حنبل وطبقتهم، وحدَّث عنه مسلم وأبو حاتم والترمذي والنسائي وابن ماجه وأبو داود وغيرهم، وكان من أفراد الدهر حفظًا وذكاءً ودينًا وعلمًا وعملا، توفي رحمه الله سنة أربع وستين ومائتين (264 هـ). [انظر: تاريخ بغداد (10/ 325)، والسير (13/ 65)، وتذكرة الحفاظ (2/ 557)، والعبر (1/ 379)، وشذرات الذهب (2/ 148)].

(4)

إبطال التأويلات (1/ 53).

(5)

هو محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن أحمد، المعروف بأبي يعلى الفراء البغدادي، شيخ الحنابلة وفقيههم، صاحب التصانيف الفريدة، كان إمامًا لا يدرك قراره، ولا يشق غباره، درَّس وأفتى وولي قضاء الحريم، توفي رحمه الله سنة (458 هـ)، ومن مصنفاته: إبطال التأويلات، وكتاب مسائل الإيمان. [انظر: تاريخ بغداد (2/ 252)، والعبر (2/ 309)، وشذرات الذهب (3/ 306)].

ص: 105

أئمة أصحاب الحديث أنهم قالوا: أَمِرُّوها كما جاءت، فحملوها على ظاهرها في أنها صفات لله تعالى لا تشبه سائر الموصوفين"

(1)

.

وقال قِوَامُ السنة الأصبهاني: "الكلام في صفات الله عز وجل، ما جاء منها في كتاب الله، أو روي بالأسانيد الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمذهب السلف رحمة الله عليهم أجمعين: إثباتها وإجراؤها على ظاهرها، ونفي الكيفية عنها"

(2)

.

وقال ابن قدامة: "وعلى هذا درج السلف وأئمة الخلف رضي الله عنهم، كلهم متفقون على الإقرار والإمرار والإثبات، لما ورد من الصفات في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم"

(3)

ومراد السلف بهذه العبارة (أمروها كما جاءت بلا كيف): إجراء نصوص الصفات على ظاهرها والأخذ بما دلت عليه من الصفات، وليس مرادهم: إمرار ألفاظها دون فهم معانيها.

قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: "قولهم رضي الله عنهم: (أمروها كما جاءت) رد على المعطلة، وقولهم:(بلا كيف) رد على الممثلة

"

(4)

.

ثم قال مبينًا مراد السلف بهذه العبارة: "إنما نفوا علم الكيفية ولم ينفوا حقيقة الصفة، ولو كان القوم قد آمنوا باللفظ المجرد من غير فهم لمعناه -على ما يليق بالله- لما قالوا: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، ولما قالوا: أمروها كما جاءت بلا كيف، فإن الاستواء حينئذ لا يكون معلومًا، بل مجهولًا بمنزلة حروف المعجم.

وأيضًا: فإنه لا يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا لم يفهم عن اللفظ

(1)

المرجع السابق (1/ 43 - 44).

(2)

الحجة في بيان المحجة (1/ 188)، وبنحوه قال الخطيب البغدادي، كما في السير للذهبي (18/ 284).

(3)

لمعة الاعتقاد مع شرحها للعثيمين (37).

(4)

مجموع الفتاوى (5/ 39).

ص: 106

معنى، وإنما يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا أثبتت الصفات.

وأيضًا: فإن من ينفي الصفات الخبرية -أو الصفات مطلقًا- لا يحتاج إلى أن يقول: بلا كيف، فمن قال: إن الله ليس على العرش، لا يحتاج أن يقول: بلا كيف، فلو كان مذهب السلف نفي الصفات في نفس الأمر لما قالوا: بلا كيف.

وأيضًا: فقولهم: أمروها كما جاءت، يقتضي إبقاء دلالتها على ما هي عليه، فإنها جاءت ألفاظًا دالة على معاني، فلو كانت دلالتها منتفية لكان الواجب أن يقال: أمروا لفظها مع اعتقاد أن المفهوم منها غير مراد، أو أمروا لفظها مع اعتقاد أن الله لا يوصف بما دلت عليه حقيقة، وحينئذ فلا تكون قد أُمِرَّتْ كما جاءت، ولا يقال حينئذٍ: بلا كيف، إذ نفي الكيف عما ليس بثابت لغو من القول"

(1)

.

ومما ينبغي التأكيد عليه هنا: أن عدم فهم معنى الصفة ليس مبررًا ولا مسوغًا لردها، أو تأويلها بما يخالف مراد المتكلم بها.

قال ابن تيمية: "ما أخبر به الرسول عن ربه عز وجل، فإنه يجب الإيمان به، سواء عرفنا معناه أو لم نعرف، لأنه الصادق المصدوق، فما جاء في الكتاب والسنة وجب على كل مؤمن الإيمان به وإن لم يفهم معناه"

(2)

.

ثالثًا: عدم تمثيل صفات الله تعالى بصفات خلقه -كما تقدم- فالله تعالى له صفات تليق به، والمخلوق له صفات تليق به، ولا يلزم من الاتفاق في الأسماء الاتفاق في المسميات

(3)

.

قال أبو يعلى عن أحاديث الصفات: "الواجب حملها على ظاهرها،

(1)

المرجع السابق (5/ 41 - 42)، وانظر: درء التعارض (7/ 108 - 109).

(2)

التدمرية (65).

(3)

انظر: التدمرية (20).

ص: 107

وأنها صفات لله تعالى، لا تشبه سائر الموصوفين بها من الخلق، ولا نعتقد التشبيه فيها"

(1)

.

وقال ابن تيمية: "أهل السنة والجماعة والحديث، من أصحاب مالك والشافعي وأبي حنيفة وأحمد وغيرهم، متفقون على تنزيه الله تعالى عن مماثلة الخلق، وعلى ذم المشبهة الذين يشبهون صفاته بصفات خلقه، ومتفقون على أن الله ليس كمثله شيء، لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله"

(2)

.

رابعًا: تفويض الكيفية، وقطع الطمع عن إدراكها، وذلك لوجوه ثلاثة:

أحدها: أن الله تعالى أخبرنا أنه متصف بالصفات، ولم يخبرنا كيف هي.

والثاني: أن العلم بكيفية الصفة فرع عن العلم بكيفية الموصوف، فإذا كنا لا نعلم كيفية ذات الله تعالى، فكذلك لا نعلم كيفية صفاته.

قال الخطيب البغدادي: "الكلام في الصفات فرع الكلام في الذات، ويحتذى في ذلك حذوه ومثاله، فإذا كان معلومًا أن إثبات رب العالمين عز وجل إنما هو إثبات وجود لا إثبات كيفية، فكذلك إثبات صفاته إنما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد وتكييف"

(3)

.

وقال ابن تيمية معللًا عدم العلم بكيفية الصفات: "إذ العلم بكيفية الصفة، يستلزم العلم بكيفية الموصوف، وهو فرع له وتابع له"

(4)

.

والثاك: أن الشيء لا تعلم كيفيته إلا بمشاهدته أو مشاهدة نظيره أو

(1)

إبطال التأويلات (1/ 43).

(2)

منهاج السنة (2/ 522)، وانظر: شرح العقيدة الطحاوية (57).

(3)

جواب أبي بكر الخطيب عن سؤال أهل دمشق في الصفات (64)، وانظر: السير (18/ 284).

(4)

التدمرية (44)، وانظر: مجموع الفتاوى (3/ 25).

ص: 108

الخبر الصادق عنه، وكل ذلك منتفٍ في صفات الله تعالى

(1)

.

فالكيفية ثابتة لله تعالى لكنها مجهولة لنا غير معقولة، ولهذا كان شعار أهل السنة والجماعة في هذا الباب، تلك الكلمة العظيمة للإمام مالك رحمه الله، حيث ثبت عنه أنه لما سُئل عن كيفية الاستواء، قال:"الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة"

(2)

.

(1)

انظر: تقريب التدمرية للعثيمين (40)، وبيان تلبيس الجهمية لابن تيمية (1/ 317).

(2)

أخرجه الدارمي في الرد على الجهمية (66)، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (3/ 441)، والصابوني -من ثلاثة طرق- في عقيدة السلف (180 - 185)، والبيهقي -واللفظ له- في الأسماء والصفات (2/ 305) ح (867)، وفي الاعتقاد (56).

وقال الذهبي في العلو (139): "هذا ثابت عن مالك".

- وهو ثابت أيضًا عن ربيعة الرأي، شيخ مالك [أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (3/ 442)، والبيهقي في الأسماء والصفات (2/ 306) ح (868)، وساقه الذهبي في العلو (129) بإسناده إلى ربيعة، وصححه الألباني في مختصر العلو (132)].

وقال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (5/ 40): "وروى الخلال بإسناد كلهم أئمة ثقات عن سفيان بن عيينة، قال: سئل ربيعة بن أبي عبد الرحمن

" فذكره.

وقال أيضًا في مجموع الفتاوى (5/ 365): "ومثل هذا الجواب ثابت عن ربيعة شيخ مالك".

- وروي نحوه عن أم سلمة رضي الله عنها، [أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (3/ 440)، والصابوني فى عقيدة السلف (178 - 179)] لكنه غير ثابت عنها من طريق صحيح.

قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (5/ 365): "وقد روي هذا الجواب عن أم سلمة رضي الله عنها، موقوفًا ومرفوعًا، ولكن ليس إسناده مما يعتمد عليه".

وقال الذهبي في العلو (81): "هذا القول محفوظ عن جماعة، كربيعة الرأي، ومالك الإمام، وأبي جعفر الترمذي، فأما عن أم سلمة فلا يصح". وللدكتور عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر كتاب بعنوان: الأثر المشهور عن الإمام مالك رحمه الله في صفة الاستواء، دراسة تحليلية.

ص: 109

وجاء عن وكيع بن الجراح

(1)

أنه قال عن أحاديث الصفات: "نسلم هذه الأحاديث كما جاءت، ولا نقول: كيف هذا، ولِمَ جاء هذا"

(2)

.

وقال أبو عبيد

(3)

-وقد ذكر بعض أحاديث الصفات-: "هذه الأحاديث صحاح، حملها أصحاب الحديث والفقهاء، بعضهم عن بعض، وهي عندنا حق لا نشك فيها، ولكن إذا قيل: كيف وضع قدمه؟ وكيف ضحك؟ قلنا: لا يفسر هذا، ولا سمعنا أحدًا يفسره"

(4)

.

والتأكيد على هذا المعنى -وهو نفي العلم بالكيفية- كثير في كلام السلف.

قال ابن تيمية: "ومثل هذا يوجد كثيرًا في كلام السلف والأئمة، ينفون علم العباد بكيفية صفات الله، وأنه لا يعلم كيف الله إلا الله، فلا يعلم ما هو إلا هو"

(5)

.

(1)

هو الإمام الحافظ محدث العراق، وكيع بن الجراح بن مليح بن عدي أبو سفيان الرواسي الكوفي، سمع من ابن جريج والأعمش والأوزاعي وغيرهم، وحدَّث عنه الثوري وابن المبارك وابن المديني وابن معين وغيرهم، وكان من بحور العلم وأئمة الحفظ، توفي رحمه الله سنة سبع وتسعين ومائة (197 هـ). [انظر: تاريخ بغداد (13/ 471)، والسير (9/ 140)، وتذكرة الحفاظ (1/ 306)، والعبر (1/ 253)، وشذرات الذهب (1/ 349)].

(2)

أخرجه الدارقطني في الصفات (71).

(3)

هو الإمام الحافظ المجتهد القاسم بن سلَّام بن عبد الله البغدادي اللغوي الفقيه، صاحب المصنفات، كان أبوه مملوكًا روميًا لرجل من أهل هَراة، وكان أبو عبيد فاضلًا في دينه وعلمه ولي قضاء الثغور مدة، قيل: إنه أول من صنف في غريب الحديث، توفي رحمه الله بمكة سنة (224 هـ)، وله مصنفات عديدة منها: كتاب الأموال، وغريب الحديث، والإيمان. [انظر: وفيات الأعيان (3/ 489)، وتذكرة الحفاظ (2/ 417)، والسير (10/ 490)، وشذرات الذهب (2/ 54)].

(4)

أخرجه الدارقطني في الصفات (68 - 69)، وانظر: إبطال التأويلات (1/ 48).

(5)

مجموع الفتاوى (3/ 58).

ص: 110

وقال ابن القيم: "العقل قد يئس من تعرُّف كنه الصفة وكيفيتها، فإنه لا يعلم كيف الله إلا الله، وهذا معنى قول السلف:(بلا كيف) أي: بلا كيف يعقله البشر، فإن من لا تعلم حقيقة ذاته وماهيته، كيف تعرف كيفية نعوته وصفاته؟ ولا يقدح ذلك في الإيمان بها، ومعرفة معانيها، فالكيفية وراء ذلك، كما أنا نعرف معاني ما أخبر الله به من حقائق ما في اليوم الآخر، ولا نعرف حقيقة كيفيته، مع قرب ما بين المخلوق والمخلوق، فعجزنا عن معرفة كيفية الخالق وصفاته أعظم وأعظم.

فكيف يطمع العقل المخلوق المحصور المحدود في معرفة كيفية من له الكمال كله، والجمال كله، والعلم كله، والقدرة كلها، والعظمة كلها، والكبرياء كلها؟

"

(1)

.

* * *

(1)

مدارج السالكين (3/ 376).

ص: 111