المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثالث: الترجيح - أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين جمعا ودراسة

[سليمان بن محمد الدبيخي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌خطة البحث:

- ‌منهج البحث:

- ‌التمهيد

- ‌المبحث الأول: تعريف المشكل وبيان الفرق بينه وبين المختلف

- ‌أولًا: تعريف المشكل في اللغة والاصطلاح:

- ‌أ -المشكل في اللغة:

- ‌ب - مشكل الحديث في اصطلاح المحدثين

- ‌ثانيًا: تعريف مختلف الحديث في اللغة والاصطلاح:

- ‌أ- فالمختلف في اللغة:

- ‌ب - مختلف الحديث اصطلاحًا:

- ‌ثالثًا: الفرق بين مشكل الحديث ومختلف الحديث:

- ‌المبحث الثاني: التعريف بأشهر المؤلفات في مشكل الحديث

- ‌1 - كتاب (اختلاف الحديث) للإمام الشافعي رحمه الله تعالى:

- ‌2 - كتاب (تأويل مختلف الحديث) لابن قتيبة رحمه الله تعالى:

- ‌3 - كتاب (مشكل الآثار)(5)للطحاوي رحمه الله تعالى:

- ‌4 - تأويل الأحاديث المشكلة(3)لأبي الحسن الطبري

- ‌5).5 -كتاب (مشكل الحديث وبيانه) لابن فورك(6)رحمه الله تعالى:

- ‌6 - كشف المشكل من حديث الصحيحين لابن الجوزي

- ‌المبحث الثالث: ظواهر الكتاب والسنة كلها حق

- ‌المبحث الرابع: العمل بالمحكم والإيمان بالمتشابه

- ‌فأولًا: معنى المحكم والمتشابه في اللغة وفي الاصطلاح:

- ‌المحكم في اللغة:

- ‌وأما المتشابه في اللغة:

- ‌ثانيًا: علاقة المشكل بالمتشابه:

- ‌ثالثًا: عمل السلف بهذه القاعدة:

- ‌رابعًا: الوضوح والإشكال في النصوص من الأمور النسبية:

- ‌خامسًا: هل صفات الله تعالى من قبيل المتشابه

- ‌سادسًا: أسباب استشكال النصوص، أو الاشتباه فيها:

- ‌المبحث الخامس: ترجمة موجزة للبخاري ومسلم عليهما رحمة الله

- ‌أولًا: الإمام البخاري رحمه الله تعالى:

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌مصنفاته:

- ‌وفاته:

- ‌ثانيًا: الإمام مسلم رحمه الله تعالى

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌مصنفاته:

- ‌وفاته:

- ‌المبحث السادس: مكانة الصحيحين عند الأمة

- ‌مآخذ بعض أهل العلم على هذين الكتابين:

- ‌الباب الأول: الأحاديث المتوهم إشكالها في باب الإيمان بالله تعالى

- ‌الفصل الأول: الأحاديث المتوهم إشكالها في الأسماء والصفات

- ‌التمهيدبيان عقيدة أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات

- ‌المبحث الأول: (خلق الله آدم على صورته)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌الخلاصة:

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌وبيان فساده من وجوه:

- ‌المطلب الرابع: في بيان معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (فيأتيهم الله في صورة غير صورته التي يعرفون)

- ‌المبحث الثاني: (وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الثالث: (إن لله تسعة وتسعين اسمًا)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المسألة الأولي: في معنى الإحصاء الوارد في الحديث:

- ‌المسألة الثانية: هل يمكن معرفة الأسماء الحسنى، التسعة والتسعين علي وجه التعيين

- ‌الخلاصة:

- ‌المبحث الرابع: (فإن الله لا يمل حتى تملوا)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الخامس: (مرضت فلم تعدني)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المبحث السادس: (ما أحد أصبر على أذى سمعه من الله)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌والفرق بين الصبر والحلم:

- ‌المبحث السابع: (ما ترددت عن شيء أنا فاعله

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم فى هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مسألة: في بيان معنى قوله في الحديث السابق: (فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها)

- ‌المبحث الثامن: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث التاسع: (يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث العاشر: (الرحم شجنة من الرحمن)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المبحث الحادي عشر: (فإذا مت فأحرقوني ثم اسحقوني)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌الفصل الثانى: الأحاديث المتوهم إشكالها في القدر

- ‌المبحث الأول: (حج آدم موسى)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث الثاني: (خلق الله التربة يوم السبت)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الخلاصة:

- ‌المبحث الثالث: (لا يُدخِل أحدًا الجنةَ عملُه)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الباب الثاني: الأحاديث المتوهم إشكالها في باب النبوة

- ‌المبحث الأول: (نحن أحق بالشك من إبراهيم)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم فى هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث الثاني: ما جاء في سحر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌ومن أدلة السنة على حقيقة السحر وأثره:

- ‌مناقشة أدلة النافين لحقيقة السحر، وتأثر النبي صلى الله عليه وسلم به:

- ‌المبحث الثالث: ما جاء في إرسال الشهب على الشياطين

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث الرابع: (إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل) مع قول أبي هريرة: (أوصاني خليلي بثلاث)

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الخامس: حديث شريك في الإسراء

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌الخلاصة:

- ‌المبحث السادس: لطم موسى عليه السلام لملك الموت

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث السابع: (اسمعوا وأطيعوا، وإن استُعمل عليكم عبد حبشي) مع قوله: (لا يزال هذا الأمر في قريش

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم فى هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الباب الثالث: الأحاديث المتوهم إشكالها في أشراط الساعة والمعاد

- ‌الفصل الأول: الأحاديث المتوهم إشكالها في أشراط الساعة

- ‌المبحث الأول: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين. . .)، مع قوله: (لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق)

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الثاني: (إن أول الآيات خروجًا طلوع الشمس

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الثالث: ما جاء في طواف الدجال بالبيت، مع ما ورد من أنه لا يدخل مكة ولا المدينة

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الرابع: (لا تقوم الساعة حتى. . . يتقارب الزمان)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المبحث الخامس: (إذا ولدت الأمة ربها)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الفصل الثاني: الأحايث المتوهم إشكالها في المعاد

- ‌المبحث الأول: أحاديث الميزان، في ما الذي يوزن

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها و‌‌بيان وجه الاشكال

- ‌بيان وجه الاشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌إشكال وجوابه:

- ‌المبحث الثاني: (إن أشد الناس عذابًا عند الله يوم القيامة المصوَّرون)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث الثالث: (طوبى له عصفور من عصافير الجنة)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌واستدل الجمهور على هذا القول بأدلة كثيرة، منها:

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الرابع: (وإن ناسًا من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: أصحابي أصحابي، فيقول: إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم)

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الخامس: شفاعته صلى الله عليه وسلم لعمه أبي طالب

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث السادس: ما جاء في سماع الأموات

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثانى: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس‌‌ المصادر والمراجع

- ‌ ا

- ‌ب

- ‌ت

- ‌ج

- ‌ث

- ‌ ح

- ‌ د

- ‌ر

- ‌ ذ

- ‌س

- ‌ز

- ‌ش

- ‌ ص

- ‌ ض

- ‌ع

- ‌ط

- ‌ظ

- ‌غ

- ‌ف

- ‌ق

- ‌ك

- ‌ل

- ‌م

- ‌ن

- ‌هـ

- ‌ؤ

الفصل: ‌المطلب الثالث: الترجيح

‌المطلب الثالث: الترجيح

تقدم بيان أن الخلاف منحصر في الأحاديث المتعلقة بإمامة العبد، لأن فيها إشكالًا من وجهين:

أحدهما: أن الإجماع منعقد على ما دلت عليه الأحاديث الصحيحة من وجوب تقديم القرشي في الإمامة العظمى، بشرط إقامة الدين.

والثاني: أن الإجماع منعقد على عدم جواز تولية العبد الإمامة العظمى، لأن من شرطها: الحرية.

وقبل ذكر الراجح من الأقوال لا بُدَّ من بيان أن الخلاف في توجيه هذه الأحاديث المتعلقة بإمامة العبد إنما هو باعتبار حال الاختيار، أما إذا تغلَّب العبد وكان ذا شوكة وقوة فإنه تجب طاعته إخمادًا للفتنة، ما لم يأمر بمعصية.

قال النووي: "وتُتَصوَّر إمارة العبد إذا ولَّاه بعض الأئمة، أو إذا تغلب على البلاد بشوكته وأتباعه، ولا يجوز ابتداءً عقد الولاية له مع الاختيار، بل شرطها الحرية"

(1)

.

وقال ابن حجر عند ذكر الأقوال في هذه المسألة: "هذا كله إنما هو فيما يكون بطريق الاختيار، وأما لو تغلب عبد حقيقة بطريق الشوكة، فإن طاعته تجب، إخمادًا للفتنة، ما لم يأمر بمعصية"

(2)

.

(1)

شرح النووي على مسلم (12/ 467).

(2)

الفتح (13/ 122)، وانظر: تفسير القرآن العظيم (1/ 110)، وإرشاد الساري (15/ 92)، وأضواء البيان (1/ 56)، وشرح رياض الصالحين للعثيمين (2/ 492).

ص: 550

وأما هذه الأحاديث التي قد يفهم منها جواز إمامة العبد، كقوله صلى الله عليه وسلم:(اسمعوا وأطيعوا، وإن استُعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة)، فأحسن ما قيل في الجواب عنها: القول الأول، وهو أن المرد: وجوب طاعته لكونه مستعملًا من قبل الإمام الأعظم، لا أنه هو الإمام الأعظم، وقد قال القرطبي:"أجمعت الأمة على أن جميع الولايات تصح لغير قريش ما خلا الإمامة الكبرى"

(1)

.

وعقد البيهقي في سننه بابًا بعنوان: "باب: جواز تولية الإمام من ينوب عنه وإن لم يكن قرشيًا"

(2)

، وذكر تحته عدة أحاديث، منها: حديث أم الحصين رضي الله عنها أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ولو استعمل عليكم عبد يقودكم بكتاب الله فاسمعوا له وأطيعوا)

(3)

.

ومما يؤيد هذا القول: ما أخرجه الحاكم من حديث علي رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الأئمة من قريش

وإن أمَّرَتْ عليكم عبدًا حبشيًا مجدَّعًا فاسمعوا له وأطيعوا)

(4)

.

ويعضده أيضًا: بعض ألفاظ الحديث، ففي رواية يقول:(وإن استعمل عليكم)، وفي رواية أخرى:(إن أُمِّر عليكم عبد)، فظاهر هذه الألفاظ أن العبد مستعمل ومؤمَّر من قبل الإمام الأعظم، وليس هو الإمام الأعظم

(5)

.

وأما بقية الأقوال فمحتمَلة ما عدا الرابع منها وهو: أن إطلاق لفظ

(1)

المفهم (4/ 7).

(2)

السنن الكبرى (8/ 154).

(3)

أخرجه مسلم، وقد تقدم تخريجه ص (542).

(4)

المستدرك (4/ 85 - 86) ح (6962)، وقال ابن رجب في جامع العلوم والحكم:"إسناده جيد، ولكنه رُوي عن علي موقوفًا، وقال الدارقطني: هو أشبه"، وصححه الألباني كما في صحيح الجامع (1/ 534) ح (2757)، وانظر: إرواء الغليل (2/ 299 - 300) كما أخرجه الطبراني في الأوسط (4/ 26) ح (3521) لكنه بلفظ: (أُمر) بدل: (أمرت).

(5)

انظر: الإمامة العظمى للدميجي (243).

ص: 551

العبد في الأحاديث السابقة إنما هو باعتبار اتصافه بذلك سابقًا، فإن هذا القول بعيد عن ظاهر الحديث، وليس عليه دليل يعضده، ثم إنه جواب عن شرط الحرية فقط، وأما شرط القرشية فيبقى دون جواب.

وأما حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما -المتقدم- في أنه سيكون ملك من قحطان، وكذا حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه)، متفق عليه

(1)

. فإنهما لا يعارضان كون الإمامة في قريش، لأنهما إخبار عن حال سيقع، وهذا لا يعني عدم استحقاق قريش لها، وقد يكون ذلك عند ضعف قريش عن إقامة الدين، لأن استحقاقهم للإمامة مقيد بذلك -كما تقدم- كما في حديث معاوية رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن هذا الأمر في قريش، لا يعاديهم أحد إلا كبَّه الله على وجهه، ما أقاموا الدين).

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أما بعد، يا معشر قريش، فإنكم أهل هذا الأمر ما لم تعصوا الله، فإذا عصيتموه بعث إليكم من يَلْحَاكم

(2)

كما يُلحى القضيب، لقضيب في يده، ثم لحا قضيبه فإذا هو أبيض يَصْلِد

(3)

)

(4)

.

وعن أنس رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الأئمة من قريش، ولهم

(1)

تقدم تخريجه ص (544) هامش (1).

(2)

قال في النهاية (4/ 235): "اللحت: القشر، ولحت العصا، إذا قشرها، ولحته: إذا أخذ ما عنده، ولم يدع له شيئًا".

(3)

أي: يبرُق ويَبِصُّ. [النهاية (3/ 46)].

(4)

أخرجه الإمام أحمد (6/ 176) ح (4380)، وابن أبي عاصم في السنة (2/ 516) ح (1119)، وأبو يعلى في مسنده (8/ 483) ح (5024)، وقال الهيثمي في المجمع:"رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني في الأوسط، ورجال أحمد رجال الصحيح، ورجال أبي يعلى ثقات"، وقال أحمد شاكر:"إسناده صحيح"، وقال الألباني في السلسلة الصحيحة (4/ 69) ح (1552) عن إسناد أحمد:"هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين".

ص: 552

عليكم حق، ولكم مثل ذلك، ما إذا استُرْحِموا رحموا، وإذا حكموا عدلوا، وإذا عاهدوا وفوا، فمن لم يفعل ذلك منهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين)

(1)

.

قال القسطلاني معلقًا على حديث عبد الله بن عمرو في خروج القحطاني وإنكار معاوية عليه بكون الخلافة في قريش: "ولا تناقض بين الحديثين، لأن خروج هذا القحطاني إنما يكون إذا لم تُقِم قريش الدين، فيُدال عليهم في آخر الزمان، واستحقاق قريش الخلافة لا يمنع وجودها في غيرهم، فحديث عبد الله في خروج القحطاني حكاية عن الواقع، وحديث معاوية في الاستحقاق، وهو مقيد بإقامة الدين"

(2)

.

وقد يقال: إن خروج هذا القحطاني وملكه إنما يكون بطريق التغلب والقوة، لا بطريق الاختيار، وربما دلَّ على هذا قوله في الحديث:(يسوق الناس بعصاه).

قال ابن العربي عن حديث أبي هريرة في خروج القحطاني: هذا إنذار من النبي صلى الله عليه وسلم بما يكون من الشر في آخر الزمان، من تسوّر العامة على منازل أهل الاستقامة، ولا يعارض هذا ما ثبت من أن الأئمة من قريش، لأنه ليس خبرًا عمَّا ينبغي

(3)

.

وقد ذكر البخاري حديث أبي هريرة -المتقدم- في خروج القحطاني تحت باب: "تغير الزمان حتى تعبد الأوثان".

(1)

أخرجه الإمام أحمد (20/ 249) خ (12900)، و (19/ 318) ح (12307)، والطبراني في الأوسط (6/ 357) ح (6610)، والبزار (كشف 2/ 228) ح (1579) إلا أنه قال:"الملك في قريش"، والبيهقي في سننه (8/ 144)، وقال الهيثمي في المجمع (5/ 192): رجال أحمد رجال ثقات. وصححه الألباني كما في الإرواء (2/ 298) ح (520)، وتخريج السنة لابن أبي عاصم (2/ 517) ح (1120).

(2)

إرشاد الساري (8/ 11)، وانظر: تعليق الألباني على حديث ابن مسعود المتقدم، في السلسلة الصحيحة (4/ 70).

(3)

انظر: عارضة الأحوذي (9/ 53)، والفتح (13/ 78).

ص: 553

قال المهلب في بيان وجه ذكر الحديث تحت هذا الباب: "وجه ذلك أنه إذا قام رجل من قحطان ليس من فخذ النبوة، ولا من رهط الشرف الذين جعل الله فيهم الخلافة، فذلك من أكبر تغير الزمان، وتبديل أحكام الإسلام، أن يَدَّعي الخلافة، وأن يُطاع في الدين من ليس أهلًا لذلك"

(1)

.

وقال ابن حجر معقبًا على كلام المهلب: "وحاصله أنه مطابق لصدر الترجمة وهو تغير الزمان"

(2)

.

وقال القسطلاني: "ومطابقة الحديث للترجمة: من حيث إن سوق القحطاني الناس إنما هو في تغير الزمان، وتبدل أحوال الإسلام، لأن هذا الرجل ليس من قريش الذين فيهم الخلافة، فهو من فتن الزمان وتبدل الأحكام"

(3)

.

* * *

(1)

نقل ذلك عنه ابن بطال في شرح صحيح البخاري (10/ 60)، وانظر: الفتح (13/ 78).

(2)

الفتح (13/ 78).

(3)

إرشاد الساري (15/ 64).

ص: 554