المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة الأولي: في معنى الإحصاء الوارد في الحديث: - أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين جمعا ودراسة

[سليمان بن محمد الدبيخي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌خطة البحث:

- ‌منهج البحث:

- ‌التمهيد

- ‌المبحث الأول: تعريف المشكل وبيان الفرق بينه وبين المختلف

- ‌أولًا: تعريف المشكل في اللغة والاصطلاح:

- ‌أ -المشكل في اللغة:

- ‌ب - مشكل الحديث في اصطلاح المحدثين

- ‌ثانيًا: تعريف مختلف الحديث في اللغة والاصطلاح:

- ‌أ- فالمختلف في اللغة:

- ‌ب - مختلف الحديث اصطلاحًا:

- ‌ثالثًا: الفرق بين مشكل الحديث ومختلف الحديث:

- ‌المبحث الثاني: التعريف بأشهر المؤلفات في مشكل الحديث

- ‌1 - كتاب (اختلاف الحديث) للإمام الشافعي رحمه الله تعالى:

- ‌2 - كتاب (تأويل مختلف الحديث) لابن قتيبة رحمه الله تعالى:

- ‌3 - كتاب (مشكل الآثار)(5)للطحاوي رحمه الله تعالى:

- ‌4 - تأويل الأحاديث المشكلة(3)لأبي الحسن الطبري

- ‌5).5 -كتاب (مشكل الحديث وبيانه) لابن فورك(6)رحمه الله تعالى:

- ‌6 - كشف المشكل من حديث الصحيحين لابن الجوزي

- ‌المبحث الثالث: ظواهر الكتاب والسنة كلها حق

- ‌المبحث الرابع: العمل بالمحكم والإيمان بالمتشابه

- ‌فأولًا: معنى المحكم والمتشابه في اللغة وفي الاصطلاح:

- ‌المحكم في اللغة:

- ‌وأما المتشابه في اللغة:

- ‌ثانيًا: علاقة المشكل بالمتشابه:

- ‌ثالثًا: عمل السلف بهذه القاعدة:

- ‌رابعًا: الوضوح والإشكال في النصوص من الأمور النسبية:

- ‌خامسًا: هل صفات الله تعالى من قبيل المتشابه

- ‌سادسًا: أسباب استشكال النصوص، أو الاشتباه فيها:

- ‌المبحث الخامس: ترجمة موجزة للبخاري ومسلم عليهما رحمة الله

- ‌أولًا: الإمام البخاري رحمه الله تعالى:

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌مصنفاته:

- ‌وفاته:

- ‌ثانيًا: الإمام مسلم رحمه الله تعالى

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌مصنفاته:

- ‌وفاته:

- ‌المبحث السادس: مكانة الصحيحين عند الأمة

- ‌مآخذ بعض أهل العلم على هذين الكتابين:

- ‌الباب الأول: الأحاديث المتوهم إشكالها في باب الإيمان بالله تعالى

- ‌الفصل الأول: الأحاديث المتوهم إشكالها في الأسماء والصفات

- ‌التمهيدبيان عقيدة أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات

- ‌المبحث الأول: (خلق الله آدم على صورته)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌الخلاصة:

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌وبيان فساده من وجوه:

- ‌المطلب الرابع: في بيان معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (فيأتيهم الله في صورة غير صورته التي يعرفون)

- ‌المبحث الثاني: (وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الثالث: (إن لله تسعة وتسعين اسمًا)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المسألة الأولي: في معنى الإحصاء الوارد في الحديث:

- ‌المسألة الثانية: هل يمكن معرفة الأسماء الحسنى، التسعة والتسعين علي وجه التعيين

- ‌الخلاصة:

- ‌المبحث الرابع: (فإن الله لا يمل حتى تملوا)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الخامس: (مرضت فلم تعدني)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المبحث السادس: (ما أحد أصبر على أذى سمعه من الله)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌والفرق بين الصبر والحلم:

- ‌المبحث السابع: (ما ترددت عن شيء أنا فاعله

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم فى هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مسألة: في بيان معنى قوله في الحديث السابق: (فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها)

- ‌المبحث الثامن: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث التاسع: (يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث العاشر: (الرحم شجنة من الرحمن)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المبحث الحادي عشر: (فإذا مت فأحرقوني ثم اسحقوني)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌الفصل الثانى: الأحاديث المتوهم إشكالها في القدر

- ‌المبحث الأول: (حج آدم موسى)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث الثاني: (خلق الله التربة يوم السبت)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الخلاصة:

- ‌المبحث الثالث: (لا يُدخِل أحدًا الجنةَ عملُه)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الباب الثاني: الأحاديث المتوهم إشكالها في باب النبوة

- ‌المبحث الأول: (نحن أحق بالشك من إبراهيم)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم فى هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث الثاني: ما جاء في سحر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌ومن أدلة السنة على حقيقة السحر وأثره:

- ‌مناقشة أدلة النافين لحقيقة السحر، وتأثر النبي صلى الله عليه وسلم به:

- ‌المبحث الثالث: ما جاء في إرسال الشهب على الشياطين

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث الرابع: (إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل) مع قول أبي هريرة: (أوصاني خليلي بثلاث)

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الخامس: حديث شريك في الإسراء

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌الخلاصة:

- ‌المبحث السادس: لطم موسى عليه السلام لملك الموت

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث السابع: (اسمعوا وأطيعوا، وإن استُعمل عليكم عبد حبشي) مع قوله: (لا يزال هذا الأمر في قريش

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم فى هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الباب الثالث: الأحاديث المتوهم إشكالها في أشراط الساعة والمعاد

- ‌الفصل الأول: الأحاديث المتوهم إشكالها في أشراط الساعة

- ‌المبحث الأول: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين. . .)، مع قوله: (لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق)

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الثاني: (إن أول الآيات خروجًا طلوع الشمس

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الثالث: ما جاء في طواف الدجال بالبيت، مع ما ورد من أنه لا يدخل مكة ولا المدينة

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الرابع: (لا تقوم الساعة حتى. . . يتقارب الزمان)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المبحث الخامس: (إذا ولدت الأمة ربها)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الفصل الثاني: الأحايث المتوهم إشكالها في المعاد

- ‌المبحث الأول: أحاديث الميزان، في ما الذي يوزن

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها و‌‌بيان وجه الاشكال

- ‌بيان وجه الاشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌إشكال وجوابه:

- ‌المبحث الثاني: (إن أشد الناس عذابًا عند الله يوم القيامة المصوَّرون)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث الثالث: (طوبى له عصفور من عصافير الجنة)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌واستدل الجمهور على هذا القول بأدلة كثيرة، منها:

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الرابع: (وإن ناسًا من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: أصحابي أصحابي، فيقول: إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم)

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الخامس: شفاعته صلى الله عليه وسلم لعمه أبي طالب

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث السادس: ما جاء في سماع الأموات

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثانى: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس‌‌ المصادر والمراجع

- ‌ ا

- ‌ب

- ‌ت

- ‌ج

- ‌ث

- ‌ ح

- ‌ د

- ‌ر

- ‌ ذ

- ‌س

- ‌ز

- ‌ش

- ‌ ص

- ‌ ض

- ‌ع

- ‌ط

- ‌ظ

- ‌غ

- ‌ف

- ‌ق

- ‌ك

- ‌ل

- ‌م

- ‌ن

- ‌هـ

- ‌ؤ

الفصل: ‌المسألة الأولي: في معنى الإحصاء الوارد في الحديث:

‌المسألة الأولي: في معنى الإحصاء الوارد في الحديث:

إحصاء أسماء الله تعالى الحسنى والعلم بها أصل للعلم بكل معلوم، فمن أحصى أسماءه كما ينبغي فقد أحصى جميع العلوم، لأن المعلومات هي من مقتضاها ومرتبطة بها

(1)

.

ولذلك فقد رتب الله تعالى على إحصائها أفضل الثواب وأعظم الجزاء، كما في قوله صلى الله عليه وسلم:(إن لله تسعة وتسعين اسمًا، من أحصاها دخل الجنة)، متفق عليه.

وقد قيل في معنى الإحصاء الوارد في الحديث عدة أقوال، أشهرها أربعة

(2)

؛ وهي كالتالي:

القول الأول: أن المراد به العد، أي: أن يعدها حتى يستوفيها حفظًا فيدعو ربه بها، ومنه قوله تعالى:{وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا} [الجن: 28].

وإلى هذا ذهب ابن الجوزي

(3)

، والشوكاني

(4)

، واستظهره الخطابي

(5)

، والنووي

(6)

، وذكر أنه قول الأكثرين

(7)

.

ونسبه بعضهم للبخاري، لأنه قال بعد روايته للحديث:"أحصيناه: حفظناه"

(8)

.

(1)

انظر: بدائع الفوائد (135).

(2)

انظر: تفسير أسماء الله الحسنى للزجاج (22 - 24)، وشأن الدعاء (26 - 29)، وغريب الحديث (1/ 730 - 731)، وأعلام الحديث (2/ 1342 - 1343) ثلاثتها للخطابي، وشرح السنة للبغوي (5/ 31)، وشرح صحيح مسلم للنووي (17/ 8)، وفتح الباري (11/ 252 - 226).

(3)

انظر: فتح الباري (11/ 26).

(4)

انظر: تحفة الذاكرين (53).

(5)

انظر: شأن الدعاء (26).

(6)

انظر: شرح صحيح مسلم (17/ 8).

(7)

انظر: الأذكار (151).

(8)

صحيح البخاري (6/ 2691)، وانظر: شرح صحيح مسلم للنووي (17/ 8)، وفتح =

ص: 201

ودليل هؤلاء أنه جاء في بعض طرق الحديث -كما عند مسلم-: (من حفظها) بدل (من أحصاها)، وعند البخاري:(لا يحفظها أحد إلا دخل الجنة).

قال ابن الجوزي: "لما ثبت في بعض طرق الحديث (من حفظها) بدل (أحصاها) اخترنا أن المراد العدُّ، أي: من عدها ليستوفيها حفظًا"

(1)

.

لكن هذا القول تعقبه بعض العلماء مبينين أن الإحصاء ليس مجرد العد فقط.

قال الأصيلي

(2)

: "ليس المراد بالإحصاء عدها فقط، لأنه قد يعدها الفاجر، وإنما المراد العمل بها"

(3)

.

وقال أبو نُعيم

(4)

: "الإحصاء المذكور في الحديث ليس هو التعداد،

= الباري (11/ 226) ففيهما نسبة هذا القول للبخاري رحمه الله، لكن تعقب هذه النسبة الشيخ عبد الله الغنيمان فقال:"ربما فهم من صنيع البخاري أنه يرى أن إحصاءها هو حفظ ألفاظها، كما فهم ذلك الحافظ ابن حجر، وعندي فيه نظر، وذلك أن عادة البخاري التي سار عليها في كتابه هذا، أنه إذا جاء لفظ في الحديث، وفي القرآن لفظ يوافقه في اللفظ والاشتقاق، أنه يذكره وإن كان لا يوافقه في المعنى، وأمثلة ذلك كثيرة، فهو في قوله: "أحصيناه: حفظناه" يشير إلى قوله تعالى: {وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} "[شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري (1/ 220 - 221)].

(1)

نقل ذلك عنه ابن حجر في الفتح (11/ 226).

(2)

هو أبو محمد عبد الله بن إبراهيم الأصيلي، نسبة إلى مدينة أصيلة في المغرب، من الأئمة الأعلام، وأحد شيوخ المالكية، له كتاب الدلائل على أمهات المسائل، في الفقه، توفي رحمه الله سنة (392). [انظر: ترتيب المدارك للقاضي عياض (7/ 135)، ومعجم البلدان (1/ 251)، والأعلام (4/ 63)].

(3)

نقل ذلك عنه ابن حجر في الفتح (11/ 226)، وانظر:(13/ 378).

(4)

هو أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق، الإمام الحافظ المشهور، صاحب كتاب حلية الأولياء، من الأعلام المحدثين، وأكابر الحفاظ، له مصنفات كبيرة مشهورة، كدلائل النبوة، وتاريخ أصبهان، وفضائل الصحابة وغيرها، توفى رحمه الله سنة ثلاثين وأربعمائة (430). =

ص: 202

وإنما هو العمل والتعقل بمعاني الأسماء والإيمان بها"

(1)

.

وقال الحافظ ابن حجر معقبًا على كلام ابن الجوزي: "فيه نظر، لأنه لا يلزم من مجيئه بلفظ: (حفظها) تعيُّن السرد عن ظهر قلب، بل يحتمل الحفظ المعنوي"

(2)

.

القول الثاني: أن المراد بالإحصاء: الإطاقة كقوله سبحانه: {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ} [المزمل: 20] أي: لن تطيقوه، ويكون معنى الحديث: من أطاقها وذلك بالمحافظة على حدودها، والقيام بحقها، والعمل بمقتضاها، فإذا قال: السميع البصير، علم أنه لا يخفى على الله خافية، وأنه بمرأى منه ومسمع، فيخافه في سره وعلنه، ويراقبه في كافة أحواله، وإذا قال: الرزاق، اعتقد أنه المتكفل برزقه يسوقه إليه في وقته، فيثق بوعده، ويعلم أنه لا رازق له غيره، وهكذا بقية الأسماء.

القول الثالث: أن المراد بالإحصاء: العقل والمعرفة، مأخوذ من الحصاة وهي العقل، قال طرفة

(3)

:

وإن لسان المرء ما لم تكن له

حصاة على عوراته لدليل

(4)

= [انظر: وفيات الأعيان (1/ 110)، والسير (17/ 453)، والعبر (2/ 262)، وشذرات الذهب (3/ 245)].

(1)

نقل ذلك عنه ابن حجر في الفتح (11/ 226).

(2)

الفتح (11/ 226).

(3)

هو أبو عمرو طرفة بن العبد بن سفيان البكري الوائلي، شاعر جاهلي، وأحد أصحاب المعلقات السبع المشهورة، كان أحدث الشعراء سنًا وأقلهم عمرًا، حيث قتل وهو ابن عشرين سنة، وقيل ست وعشرين، توفي في حدود سنة ستين قبل الهجرة. [انظر: الشعر والشعراء لابن قتيبة (103)، والأعلام (3/ 225)، وشرح المعلقات العشر (67)].

(4)

ديوان طرفة بن العبد (81) من قصيدة له مطلعها:

لِهندٍ بحزان الشريف طلول ..... تلوح وأدنى عهدهن محيل

ص: 203

والعرب تقول: فلان ذو حصاة، أي ذو عقل ومعرفة بالأمور.

ويكون معنى الحديث: من عرفها وعقل معانيها، مؤمنًا بها دخل الجنة.

قال الزجاج

(1)

: "ويجوز أن يكون معناه: من عقلها، وتدبر معانيها، من الحصاة التي هي العقل"

(2)

.

القول الرابع: أن المراد بالإحصاء: أن يقرأ القرآن كاملًا حتى يختمه، فيكون بذلك قد استوفى هذه الأسماء كلها في أضعاف التلاوة، فكأنه قال: من حفظ القرآن وقرأه فقد استحق دخول الجنة، وإلى نحو من هذا ذهب أبو عبد الله الزبيري

(3)

.

ويلاحظ على هذا القول أنه أغفل الأسماء الحسنى الواردة في الأحاديث النبوية، الزائدة على القرآن

(4)

.

هذه هي أشهر الأقوال في معنى الإحصاء الوارد في الحديث، وكل

(1)

هو الإمام النحوي أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن السَّري الزجاج البغدادي، لزم المبرد وتعلم على يديه، له مصنفات حسان في الأدب، وكان من ندماء المعتضد، توفي رحمه الله سنة (311 هـ)، وقيل سنة (316 هـ) ببغداد، وله مؤلفات عديدة منها: معاني القرآن، والنوادر، والعروض، وتفسير أسماء الله الحسنى. [انظر: تاريخ بغداد (6/ 87)، ووفيات الأعيان (1/ 74)، والسير (14/ 360)، والعبر (1/ 461)].

(2)

تفسير أسماء الله الحسنى (24).

(3)

هو مصعب بن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام رضي الله عنهما، علامة إمام صدوق، من نبلاء الرجال وأفرادهم، وكان نسَّابة أخباريًا فصيحًا، تكلم عليه بعضهم لأجل وقفه في مسألة القرآن، توفي رحمه الله سنة ست وثلاثين ومائتين (236). [انظر: تاريخ بغداد (13/ 113)، والسير (11/ 30)، والعبر (1/ 332)، وتقريب التهذيب (2/ 186)].

(4)

انظر: النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى لمحمد الحمود النجدي (1/ 55).

ص: 204

واحد منها له ما يؤيده، سوى القول الرابع، ولذلك ضعفه النووي

(1)

رحمه الله تعالى.

والذي يظهر-والله تعالى أعلم- أن الإحصاء يكون بمجموع الأقوال الثلاثة الأولى فيكون:

1 -

بالعدِّ والحفظ.

2 -

والعقل والمعرفة.

3 -

والإطاقة، بالتفسير المتقدم.

ولا تنافي بينها، بل كل واحد منها مكمل للاخر، فيكون المعنى: من عدها وأحاط بها لفظًا وفهم معانيها ودعا الله بها وتعبده بمقتضاها دخل الجنة.

قال السعدي

(2)

رحمه الله، في معنى (أحصاها):"أي: من حفظها وفهم معانيها، واعتقدها، وتعبد الله بها، دخل الجنة"

(3)

.

يؤيد ذلك أن هذه المعاني الثلاثة للإحصاء قد جاءت بها اللغة، كما تقدم

(4)

، فمن قال: بأحدها دون البقية فقد فسر الإحصاء ببعض معناه والله أعلم.

(1)

انظر: شرح صحيح مسلم (17/ 8).

(2)

هو العلامة الفقيه المفسر عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله بن ناصر آل سعدي ولد ونشأ في بلدة عنيزة من محافظات القصيم، واشتغل بالعلم حتى فاق الأقران، ولما تقدم به الطلب خرج عن مألوف بلده من الاهتمام بالفقه الحنبلي فقط إلى الاطلاع على كتب التفسير والحديث والتوحيد وكتب ابن تيمية وابن القيم وغيرهما، توفي رحمه الله سنة (1376 هـ) له مؤلفات عدة منها: تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن، والقواعد الحسان، والقول السديد في شرح كتاب التوحيد. [انظر: علماء نجد (3/ 218)، والأعلام (3/ 340)].

(3)

التوضيح والبيان لشجرة الإيمان، مطبوع ضمن المجموعة الكاملة لمؤلفات السعدي (3/ 108).

(4)

وانظر للاستزادة: تهذيب اللغة للأزهري (5/ 107) مادة: (حصا)، ومعجم مقاييس اللغة (2/ 69) مادة (حصوى)، ولسان العرب (14/ 183 - 184) مادة (حصي).

ص: 205

والقول: بهذا لا ينافي رواية: (من حفظها)؛ لأن الحفظ ليس مجرد عدها وسردها عن ظهر قلب، بل يتعدى ذلك ليشمل فهمها والعمل بمقتضاها، ومن ذلك قوله تعالى:{وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ} [التوبة: 112]، فإن معناه: المؤدُّون فرائض الله، والقائمون على طاعته

(1)

.

قال ابن بطال

(2)

رحمه الله تعالى: "الإحصاء يقع بالقول ويقع بالعمل:

فالذي بالعمل: أن لله أسماءً يختص بها كالأحد والمتعال والقدير ونحوها، فيجب الإقرار بها والخضوع عندها، وله أسماء يستحب الاقتداء بها في معانيها، كالرحيم والكريم والعفو ونحوها، فيستحب للعبد أن يتحلى بمعانيها ليؤدي حق العمل بها، فبهذا يحصل الإحصاء العملي.

وأما الإحصاء القولي: فيحصل بجمعها وحفظها والسؤال بها، ولو شارك المؤمنَ غيرُه في العد والحفظ، فإن المؤمن يمتاز عنه بالإيمان والعمل بها"

(3)

.

وقال ابن عطية

(4)

: "معنى أحصاها: عدها وحفظها، وتضمن ذلك

(1)

انظر: تفسير الطبري (جامع البيان)(6/ 486)، وتفسير ابن كثير (2/ 609).

(2)

هو العلامة أبو الحسن علي بن خلف بن بطال القرطبي ثم البَلَنْسي، كان من أهل العلم والمعرفة والعناية بالحديث، توفي رحمه الله سنة (449 هـ) له من المصنفات: شرح صحيح البخاري، ينقل منه ابن حجر في الفتح كثيرًا، وقد طبع مؤخرًا في عشر مجلدات. [انظر: السير (18/ 47)، والعبر (2/ 294)، وشذرات الذهب (3/ 283).

(3)

نقل ذلك عنه ابن حجر في الفتح (13/ 378).

(4)

هو الإمام العلامة شيخ المفسرين أبو محمد عبد الحق بن الحافظ أبي بكر غالب بن عطية المحاربي الغرناطي، كان إمامًا في الفقه والتفسير وفي العربية ذكيًا فطنًا مدركًا، ولي قضاء المرية وتوفي رحمه الله سنة (541 هـ)، وقيل سنة (542 هـ) له مؤلفات أشهرها: المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز. [انظر: السير (19/ 587)، ونفح الطيب للمقري التلمساني (1/ 679)، وطبقات المفسرين للسيوطي (50)، ومعجم المؤلفين (2/ 59)، والأعلام (3/ 282)].

ص: 206