الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال
عن عائشة رضي الله عنها قالت: سَحَرَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم رجلٌ من بني زُرَيق، يقال له: لبيد بن الأعصم، حتى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخيل إليه أنه كان يفعل الشيء وما فعله
(1)
، حتى إذا كان ذات يوم أو ذات ليلة وهو عندي، لكنه دعا ودعا، ثم قال: (يا عائشة، أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه، أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي، فقال أحدهما لصاحبه: ما وجع الرجل؟ فقال: مطبوب
(2)
، قال: من طبه؟ قال لبيد بن الأعصم، قال: في أي شيء؟ قال في مُشْطٍ ومُشَاطةٍ
(3)
وجفِّ طَلعِ نخلةٍ ذكرٍ
(4)
، قال: وأين هو؟ قال: في بئر ذروان)، فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناس
(1)
جاء هذا مفسرًا في الرواية التي تلي هذه الرواية، حيث قالت عائشة رضي الله عنها:"حتى يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن".
(2)
أي: مسحور، كنوا بالطب عن السحر تفاؤلًا بالبُرء، كما كنوا بالسليم عن اللديغ، وبالمفازة عن الفلاة المهلكة، تفاؤلًا بالفوز والسلامة [انظر: تهذيب اللغة (13207) مادة (طب)، والنهاية في غريب الحديث (3/ 110)، وكشف المشكل (4/ 340)، وفتح الباري (10/ 228)].
(3)
المشط: هو الآلة المعروفة التي يسرح بها شعر الرأس واللحية، والمشاطة: هي الشعر الذي يسقط من الرأس واللحية عند التسريح بالمشط. [انظر: تهذيب اللغة (11/ 218 - 219) مادة (مشط)، والنهاية في غريب الحديث (4/ 333 - 334)، وكشف المشكل (4/ 340)، وشرح النووي على مسلم (14/ 427)، وفتح الباري (10/ 229)].
(4)
هو وعاء طلع النخل، وهو الغشاء الذي يكون عليه، ويطلق على الذكر والأنثى، فلهذا قيده في الحديث بقوله: طلعة ذكر، وهو بإضافة طلعة إلى ذكر. =
من أصحابه، فجاء فقال: (يا عائشة، كأن ماءها نُقَاعةُ الحِنَّاء
(1)
، أو كأن رؤوس نخلها رؤوس الشياطين) قلت: يا رسول الله أفلا استخرجته؟ قال: (قد عافاني الله، فكرهت أن أثوِّرَ على الناس فيه شرًا)، فأمر بها فدفنت.
وفي رواية: قالت عائشة: اسْتَخْرَجْتَهُ؟ فقال: (لا، أما أنا فقد شفاني الله، وخشيت أن يثير ذلك على الناس شرًا)، متفق عليه
(2)
.
وفي رواية للبخاري: عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم سُحر، حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن -قال سفيان: وهذا أشد ما يكون من السحر إذا كان كذا- فقال: (يا عائشة، أعلمت أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه، أتاني رجلان، فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي، فقال الذي عند رأسي للآخر: ما بال الرجل؟ قال مطبوب، قال: ومن طبه؟ قال: لبيد بن أعصم -رجل من بني زريق حليف ليهود كان منافقًا- قال: وفيم؟ قال: في مشط ومُشَاقَةٍ
(3)
، قال: وأين؟ قال في جفِّ طلعة ذكرٍ، تحت رَعُوفَةٍ
(4)
في بئر ذروان)، قالت: فأتى النبي صلى الله عليه وسلم البئر حتى
= [انظر: تهذيب اللغة (10/ 270) مادة (جف)، والنهاية في غريب الحديث (1/ 278) شرح النووي على مسلم (14/ 428)، وكشف المشكل (4/ 340)، وفتح الباري (10/ 229)].
(1)
أي أن لون ماء البئر لون الماء الذي ينقع فيه الحناء، يعني: أحمر. [انظر: شرح النووي على مسلم (14/ 428)، وفتح الباري (10/ 230)].
(2)
البخاري في مواضع: في كتاب الطب، باب: السحر (5/ 2174) ح (5430)، وفي كتاب بدء الخلق، باب: صفة إبليس وجنوده (3/ 1192) ح (3095)، وفي كتاب الدعوات، باب: تكرير الدعاء (5/ 2347) ح (6028)، ورواه مختصرًا في كتاب الجزية، باب: هل يُعفى عن الذمي إذا سحر (3/ 1159) ح (3004)، ومسلم في كتاب السلام، باب: السحر (14/ 424) ح (2189).
(3)
هي بمعنى: المشاطة، وقد تقدمت قريبًا. [نظر: تهذيب اللغة (8/ 265) مادة (مشق)، والنهاية في غريب الحديث (4/ 334)، وفتح الباري (10/ 232)].
(4)
هي صخرة تُترك في أسفل البئر إذا حُفرت، تكون ناتئة هناك، فإذا أرادوا تنقية البئر جلس المُنقِّي عليها، وقيل: هي حجر يكون على رأس البئر يقوم المُستَقي =