الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و
بيان وجه الإشكال
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله قال: من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مساءته)، رواه البخاري
(1)
.
بيان وجه الإشكال
أن الحديث قد تضمن إضافة التردد إلى الله تعالى، والتردد معناه: التوقف في الأمر وعدم العزم عليه
(2)
.
وغالبًا ما يكون ذلك بسبب عدم العلم بالعواقب المترتبة على فعل الأمر من عدمه.
وبناءً على هذا، فهل يجوز وصف الله تعالى بالتردد؟ وإذا جاز ذلك فما هو معناه في حقه تعالى، وقد علم يقينًا أنه يعلم عواقب الأمور كلها؟
قال ابن تيمية عن هذا الحديث: "هذا حديث شريف قد رواه البخاري
(1)
صحيح البخاري: كتاب الرقاق، باب: التواضع (5/ 2384) ح (6137).
(2)
انظر: تفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي (502)، وقطر الولي للشوكاني (488)، ولسان العرب (3/ 174) مادة (ردد)، والقاموس المحيط (1/ 407) مادة (رده).
من حديث أبي هريرة، وهو أشرف حديث روي في صفة الأولياء، وقد ردَّ هذا الكلام طائفة وقالوا: إن الله لا يوصف بالتردد، وإنما يتردد من لا يعلم عواقب الأمور، والله أعلم بالعواقب"
(1)
.
وقال المعلمي: "هو من جملة الأحاديث التي تحتاج -ككثير من آيات القرآن- إلى تفسير"
(2)
. وفي الحديث إشكال آخر وهو قوله: (فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به
…
).
قال ابن حجر: "وقد استشكل، كيف يكون الباري جل وعلا سمع العبد وبصره،
…
إلخ"
(3)
؟
وسيأتي بيان معناه في المطلب الثالث إن شاء الله تعالى.
* * *
(1)
مجموع الفتاوى (11/ 129).
(2)
الأنوار الكاشفة (194)، وانظر: كشف المشكل من حديث الصحيحين لابن الجوزي (3/ 525)، وقطر الولي على حديث الولي للشوكاني (494).
(3)
فتح الباري (11/ 344).