الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال
اختلف أهل العلم في معنى هذا الحديث على عدة أقوال، أهمها:
القول الأول: أن تلد الأمة لسيدها، فيكون الولد لها بمنزلة ربها وسيدها، لأنه ولد سيدها، وهو كأبيه في الحسب.
وعلى هذا، يكون الذي من أشراط الساعة: كثرة السراري وأولادهن، وذلك لاتساع رقعة الإسلام واستيلاء أهله على بلاد الكفر.
وإلى هذا ذهب أبو عبيد
(1)
، والخطابي، وابن الجوزي
(2)
، وابن الصلاح
(3)
، وابن الأثير
(4)
، والنووي
(5)
، وابن رجب، وابن باز
(6)
، وغيرهم
(7)
، وقال النووي وغيره: إنه قول الأكثرين
(8)
.
قال الخطابي: "قوله: (إذا ولدت الأمة ربتها) معناه: اتساع الإسلام واستيلاء أهله على بلاد الكفر، وسبي ذراريهم، فإذا ملك الرجل الجارية منهم فاستولدها كان الولد منها بمنزلة ربها، لأنه ولد سيدها"
(9)
.
(1)
انظر: غريب الحديث (2/ 224).
(2)
انظر: كشف المشكل (1/ 131).
(3)
انظر: صيانة صحيح مسلم (135 - 136).
(4)
انظر: النهاية (2/ 179).
(5)
انظر: رياض الصالحين (69).
(6)
انظر: مجموع الفتاوى (6/ 496).
(7)
انظر: المعلم (1/ 187)، وإكمال المعلم (1/ 205)، والمفهم (1/ 148).
(8)
انظر: شرح النووي على مسلم (1/ 273)، والتذكرة (2/ 498)، والفتح (1/ 122).
(9)
أعلام الحديث (1/ 182).
وقال النووي: "قال الأكثرون من العلماء: هو إخبار عن كثرة السراري وأولادهن، فإن ولدها من سيدها بمنزلة سيدها، لأن مال الإنسان صائر إلى ولده"
(1)
.
وقال ابن رجب: "المراد بربتها: سيدتها ومالكتها، وفي حديث أبي هريرة: (ربها)، وهذا إشارة إلى فتح البلاد، وكثرة جلب الرقيق حتى تكثر السراري، ويكثر أولادهن، فتكون الأم رقيقةً لسيدها، وأولاده منها بمنزلته، فإن ولد السيد بمنزلة السيد، فيصير ولد الأَمَة بمنزلة ربها وسيدها"
(2)
.
وهناك أقوال تؤول في النهاية إلى هذا القول وتندرج تحته، كما أشار إلى ذلك الحافظ ابن حجر
(3)
ومنها:
- ما ذهب إليه إبراهيم الحربي من أن المعنى: أن تلد الإماء الملوك، فتكون أُمُّه من جملة رعيته، وهو سيدها وسيد غيرها من رعيته
(4)
.
- وذهب وكيع بن الجراح إلى أن المراد: أن تلد العجمُ العربَ
(5)
.
قال ابن حجر: "وقد فسره وكيع في رواية ابن ماجه بأخص من الأول، قال: أن تلد العجم العرب"
(6)
.
القول الثاني: أن المراد: الإخبار عن كثرة بيع أمهات الأولاد في آخر الزمان، فربما اشترى الولد أُمَّهُ وهو لا يعلم، لكثرة تداول المُلَّاك لها،
(1)
شرح النووي على مسلم (1/ 273).
(2)
جامع العلوم والحكم (1/ 136).
(3)
انظر: الفتح (1/ 122)، والفتح لابن رجب (1/ 217).
(4)
انظر: إكمال المعلم (1/ 206)، وصيانة صحيح مسلم (136)، وشرح النووي على مسلم (1/ 273)، وفتح الباري لابن رجب (1/ 217)، وجامع العلوم والحكم (1/ 137)، والفتح (1/ 122).
(5)
انظر: سنن ابن ماجه (1/ 24 - 25)، والتذكرة (2/ 498)، والفتح لابن رجب (1/ 217)، وجامع العلوم والحكم (1/ 137).
(6)
الفتح (1/ 122).
فيكون حينئذٍ ربها وسيدها
(1)
.
قال القرطبي: "وهذا على قول من يرى تحريم بيع أمهات الأولاد، وهم الجمهور، ويصح أن يُحمل ذلك على بيعهن في حال حملهن، وهو محرَّم بالإجماع"
(2)
.
القول الثالث: أن المراد: كثرة العقوق في الأولاد، فيعامل الولد أُمَّه معاملة السيد أَمَتَهُ من الاستخدام، والإهانة بالسب والضرب وغيرهما
(3)
.
وقد رجح هذا القول الحافظ ابن حجر فقال: "هذا أوجه الأجوبة عندي لعمومه، ولأن المقام يدل على أن المراد: حالة تكون مع كونها تدل على فساد الأحوال مستغربة، ومحصله: الإشارة إلى أن الساعة يقرب قيامها عند انعكاس الأمور بحيث يصير المُربَّى مربِّيًا، والسافل عاليًا، وهو مناسب لقوله في العلامة الأخرى: أن تصير الحفاة ملوك الأرض"
(4)
.
وعلى هذا القول والذي قبله: الذي يكون من أشراط الساعة: غلبة الجهل وقلة العلم وفساد الأعمال، والاستهانة بالأحكام الشرعية
(5)
.
* * *
(1)
انظر: المعلم (1/ 187)، وإكمال المعلم (1/ 205)، والمفهم (1/ 148)، والتذكرة (2/ 498)، وشرح النووي على مسلم (1/ 273)، والفتح لابن رجب (1/ 219)، والفتح لابن حجر (1/ 122)، وبهجة الناظرين (391).
(2)
المفهم (1/ 148)، وانظر: الفتح (1/ 122).
(3)
انظر: إكمال المعلم (1/ 205)، والمفهم (1/ 248)، والتذكرة (2/ 499)، والفتح لابن رجب (1/ 218)، والفتح لابن حجر (1/ 122)، وبهجة الناظرين (391).
(4)
الفتح (1/ 122).
(5)
انظر: المفهم (1/ 148)، والتذكرة (2/ 498)، والفتح لابن رجب (1/ 219)، والفتح (1/ 122).