الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني: التعريف بأشهر المؤلفات في مشكل الحديث
لما كانت الحاجة ماسة إلى بيان المشكل من الأحاديث وكشفه، وكون ذلك نوعًا من الدفاع عن سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، فقد اهتم العلماء به، وخصوه بمزيد من العناية والدراسة والبحث، ومنهم من أفرده بالتصنيف والتأليف، حيث جمع في كتابه ما يراه مشكلًا، ثم اجتهد في إزالة الإشكال عنه، وبيان المقصود منه، وقد يكون لاختلاف مشاربهم العقدية، أو غلبة فن من فنون العلم على أحدهم أثر في نوعية النصوص المستشكلة، وكيفية إزالة الإشكال عنها، ولهذا تنوعت أساليبهم، وتعددت طرقهم، وتباينت اهتماماتهم، فمنهم من خصَّ كتابه بأحاديث الأحكام، ومنهم من خصَّه بنصوص العقيدة، ومنهم من جمع بينهما وزاد عليهما ما يتعلق بالآداب وغيرها، وفيما يلي عرض موجز لأشهر المؤلفات في ذلك:
1 - كتاب (اختلاف الحديث) للإمام الشافعي رحمه الله تعالى:
يعتبر هذا الكتاب أول مؤلَّف في هذا الفن، حيث لم يتقدم الشافعي إلى التأليف فيه أحد من أهل العلم، ولذا قال الإمام السيوطي
(1)
في ألفيته:
(1)
هو العلامة عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد بن سابق الخضيري السيوطي الشافعي، إمام حافظ مسند، محقق مصنف له نحو (600) مصنف، لما بلغ أربعين سنة اعتزل الناس وخلا بنفسه فألف أكثر كتبه، توفي رحمه الله سنة (911 هـ) من مصنفاته: الإتقان في علوم القرآن، وتدريب الراوي في شرح تقريب النواوي، وحسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة. =
أول من صنف في المختلف
…
الشافعي فكن بذا النوع حفي
(1)
وقد جمع فيه الإمام الشافعي رحمه الله تعالى جملة من نصوص السنة المختلفة والمتعارضة في الظاهر، فأزال إشكالها ودفع التعارض عنها، وفق منهج علمي رصين، فيسلك سبيل الجمع إن أمكن، أو النسخ إن ثبت، أو الترجيح إن تعذر الجمع ولم يَثْبُتَ النسخ، وهذا المنهج هو ما التزمه الجمهور في دفع التعارض والتوفيق بين الأحاديث، وهو ما أشار إليه الشافعي في مقدمة كتابه هذا حيث قال: "وكلما احتمل حديثان أن يستعملا معًا، استعملا معًا، ولم يعطل واحد منهما الآخر
…
فإذا لم يحتمل الحديثان إلا الاختلاف -كما اختلفت القبلة نحو بيت المقدس والبيت الحرام- كان أحدهما ناسخًا والآخر منسوخًا
…
ومنها ما لا يخلو من أن يكون أحد الحديثين أشبه بمعنى كتاب الله، أو أشبه بمعنى سنن النبي صلى الله عليه وسلم، مما سوى الحديثين المختلفين، أو أشبه بالقياس، فأي الأحاديث المختلفة كان هذا فهو أولاهما عندنا أن يصار إليه"
(2)
.
ولكنه لم يقصد في هذا الكتاب استيعاب النصوص المتعارضة في السنة، وإنما قصد التمثيل وبيان كيفية إزالة التعارض بينها لتكون نموذجًا لمن بعده من العلماء.
قال النووي رحمه الله تعالى: "وصنف فيه الإمام الشافعي، ولم يقصد رحمه الله تعالى استيفاءه، بل ذكر جملة ينبه بها على طريقه"
(3)
.
وقال السخاوي
(4)
: "وأول من تكلم فيه إمامنا الشافعي، وله فيه مجلد
= [انظر: الضوء اللامع (4/ 65)، وشذرات الذهب (8/ 51)، والبدر الطالع (1/ 328)، والأعلام (3/ 301)].
(1)
ألفية السيوطي (178).
(2)
اختلاف الحديث (40).
(3)
التقريب مطبوع مع شرحه: تدريب الراوي (2/ 180).
(4)
هو العلامة محمد بن عبد الرحمن بن محمد شمس الدين السخاوي الشافعي، =