الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها و
بيان وجه الإشكال
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم، وذُكِر عنده عمُّه، فقال: (لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة، فيُجعل في ضَحْضَاحٍ
(1)
من النار يبلغ كعبيه يغلي منه دماغه)، متفق عليه
(2)
.
وعن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال: يا رسول الله، هل نفعت أبا طالب بشيء، فإنه كان يحوطك ويغضب لك؟ قال:(نعم، هو في ضَحْضَاحٍ من نار، لولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار)، متفق عليه
(3)
.
بيان وجه الإشكال
قال الحافظ ابن حجر: "استُشكل قوله صلى الله عليه وسلم: (تنفعه شفاعتي) بقوله
(1)
هو في الأصل: الماء القليل يكون على وجه الأرض، يبلغ الكعبين، واستعير في النار. [انظر: تهذيب اللغة (3/ 257) مادة (ضح)، وتفسير غريب ما في الصحيحين (234)، والنهاية (3/ 75)، وشرح النووي على مسلم (3/ 84)].
(2)
البخاري في موضعين: في كتاب: فضائل الصحابة، باب: قصة أبي طالب (3/ 1409) ح (3672)، وفي كتاب: الرقاق، باب: صفة الجنة والنار (5/ 2400) ح (6196)، ومسلم: كتاب: الإيمان، باب: شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأبي طالب (3/ 85) ح (210).
(3)
البخاري في مواضع: في كتاب: الأدب، باب: كنية المشرك (5/ 2293) ح (5855)، وفي كتاب: فضائل الصحابة، باب: قصة أبي طالب (3/ 1408) ح (3670)، وفي كتاب: الرقاق، باب: صفة الجنة والنار (5/ 2402) ح (6203) مختصرًا، ومسلم: كتاب: الإيمان، باب: شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأبي طالب (3/ 84) ح (209).
تعالى: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (48)} [المدثر: 48] "
(1)
أي: كيف نفعت شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم أبا طالب -حيث سُئل: هل نفعت أبا طالب بشيء؟ فقال: (نعم) - وقد أخبر الله تعالى أن الكافرين لا تنفعهم شفاعة الشافعين، ومعلوم أن أبا طالب قد مات على الكفر، كما ثبت ذلك في الصحيحين من حديث سعيد بن المسيب عن أبيه قال: لما حضرَتْ أبا طالب الوفاةُ، جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجد عنده أبا جهل وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة، فقال:(أي عمِّ، قل: لا إله إلا الله، كلمة أُحاجُّ لك بها عند الله)، فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: أترغب عن ملة عبد المطلب، فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضها عليه، ويُعيدانه بتلك المقالة، حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم: على ملة عبد المطلب، وأبى أن يقول: لا إله إلا الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والله لأستغفرن لك ما لم أُنهَ عنك)، فأنزل الله:{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 113]، وأنزل الله في أبي طالب، فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم:{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [القصص: 56]
(2)
.
قال ابن حجر عن آية القصص: "لم تختلف النقلة في أنها نزلت في أبي طالب"
(3)
.
* * *
(1)
الفتح (11/ 431)، وانظر: إكمال المعلم (1/ 596)، والمفهم (1/ 457).
(2)
البخاري (4/ 1788) ح (4494)، ومسلم (1/ 327) ح (24).
(3)
الفتح (8/ 506).