المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال - أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين جمعا ودراسة

[سليمان بن محمد الدبيخي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌خطة البحث:

- ‌منهج البحث:

- ‌التمهيد

- ‌المبحث الأول: تعريف المشكل وبيان الفرق بينه وبين المختلف

- ‌أولًا: تعريف المشكل في اللغة والاصطلاح:

- ‌أ -المشكل في اللغة:

- ‌ب - مشكل الحديث في اصطلاح المحدثين

- ‌ثانيًا: تعريف مختلف الحديث في اللغة والاصطلاح:

- ‌أ- فالمختلف في اللغة:

- ‌ب - مختلف الحديث اصطلاحًا:

- ‌ثالثًا: الفرق بين مشكل الحديث ومختلف الحديث:

- ‌المبحث الثاني: التعريف بأشهر المؤلفات في مشكل الحديث

- ‌1 - كتاب (اختلاف الحديث) للإمام الشافعي رحمه الله تعالى:

- ‌2 - كتاب (تأويل مختلف الحديث) لابن قتيبة رحمه الله تعالى:

- ‌3 - كتاب (مشكل الآثار)(5)للطحاوي رحمه الله تعالى:

- ‌4 - تأويل الأحاديث المشكلة(3)لأبي الحسن الطبري

- ‌5).5 -كتاب (مشكل الحديث وبيانه) لابن فورك(6)رحمه الله تعالى:

- ‌6 - كشف المشكل من حديث الصحيحين لابن الجوزي

- ‌المبحث الثالث: ظواهر الكتاب والسنة كلها حق

- ‌المبحث الرابع: العمل بالمحكم والإيمان بالمتشابه

- ‌فأولًا: معنى المحكم والمتشابه في اللغة وفي الاصطلاح:

- ‌المحكم في اللغة:

- ‌وأما المتشابه في اللغة:

- ‌ثانيًا: علاقة المشكل بالمتشابه:

- ‌ثالثًا: عمل السلف بهذه القاعدة:

- ‌رابعًا: الوضوح والإشكال في النصوص من الأمور النسبية:

- ‌خامسًا: هل صفات الله تعالى من قبيل المتشابه

- ‌سادسًا: أسباب استشكال النصوص، أو الاشتباه فيها:

- ‌المبحث الخامس: ترجمة موجزة للبخاري ومسلم عليهما رحمة الله

- ‌أولًا: الإمام البخاري رحمه الله تعالى:

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌مصنفاته:

- ‌وفاته:

- ‌ثانيًا: الإمام مسلم رحمه الله تعالى

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌مصنفاته:

- ‌وفاته:

- ‌المبحث السادس: مكانة الصحيحين عند الأمة

- ‌مآخذ بعض أهل العلم على هذين الكتابين:

- ‌الباب الأول: الأحاديث المتوهم إشكالها في باب الإيمان بالله تعالى

- ‌الفصل الأول: الأحاديث المتوهم إشكالها في الأسماء والصفات

- ‌التمهيدبيان عقيدة أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات

- ‌المبحث الأول: (خلق الله آدم على صورته)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌الخلاصة:

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌وبيان فساده من وجوه:

- ‌المطلب الرابع: في بيان معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (فيأتيهم الله في صورة غير صورته التي يعرفون)

- ‌المبحث الثاني: (وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الثالث: (إن لله تسعة وتسعين اسمًا)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المسألة الأولي: في معنى الإحصاء الوارد في الحديث:

- ‌المسألة الثانية: هل يمكن معرفة الأسماء الحسنى، التسعة والتسعين علي وجه التعيين

- ‌الخلاصة:

- ‌المبحث الرابع: (فإن الله لا يمل حتى تملوا)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الخامس: (مرضت فلم تعدني)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المبحث السادس: (ما أحد أصبر على أذى سمعه من الله)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌والفرق بين الصبر والحلم:

- ‌المبحث السابع: (ما ترددت عن شيء أنا فاعله

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم فى هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مسألة: في بيان معنى قوله في الحديث السابق: (فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها)

- ‌المبحث الثامن: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث التاسع: (يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث العاشر: (الرحم شجنة من الرحمن)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المبحث الحادي عشر: (فإذا مت فأحرقوني ثم اسحقوني)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌الفصل الثانى: الأحاديث المتوهم إشكالها في القدر

- ‌المبحث الأول: (حج آدم موسى)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث الثاني: (خلق الله التربة يوم السبت)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الخلاصة:

- ‌المبحث الثالث: (لا يُدخِل أحدًا الجنةَ عملُه)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الباب الثاني: الأحاديث المتوهم إشكالها في باب النبوة

- ‌المبحث الأول: (نحن أحق بالشك من إبراهيم)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم فى هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث الثاني: ما جاء في سحر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌ومن أدلة السنة على حقيقة السحر وأثره:

- ‌مناقشة أدلة النافين لحقيقة السحر، وتأثر النبي صلى الله عليه وسلم به:

- ‌المبحث الثالث: ما جاء في إرسال الشهب على الشياطين

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث الرابع: (إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل) مع قول أبي هريرة: (أوصاني خليلي بثلاث)

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الخامس: حديث شريك في الإسراء

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌الخلاصة:

- ‌المبحث السادس: لطم موسى عليه السلام لملك الموت

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث السابع: (اسمعوا وأطيعوا، وإن استُعمل عليكم عبد حبشي) مع قوله: (لا يزال هذا الأمر في قريش

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم فى هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الباب الثالث: الأحاديث المتوهم إشكالها في أشراط الساعة والمعاد

- ‌الفصل الأول: الأحاديث المتوهم إشكالها في أشراط الساعة

- ‌المبحث الأول: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين. . .)، مع قوله: (لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق)

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الثاني: (إن أول الآيات خروجًا طلوع الشمس

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الثالث: ما جاء في طواف الدجال بالبيت، مع ما ورد من أنه لا يدخل مكة ولا المدينة

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الرابع: (لا تقوم الساعة حتى. . . يتقارب الزمان)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المبحث الخامس: (إذا ولدت الأمة ربها)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الفصل الثاني: الأحايث المتوهم إشكالها في المعاد

- ‌المبحث الأول: أحاديث الميزان، في ما الذي يوزن

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها و‌‌بيان وجه الاشكال

- ‌بيان وجه الاشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌إشكال وجوابه:

- ‌المبحث الثاني: (إن أشد الناس عذابًا عند الله يوم القيامة المصوَّرون)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث الثالث: (طوبى له عصفور من عصافير الجنة)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌واستدل الجمهور على هذا القول بأدلة كثيرة، منها:

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الرابع: (وإن ناسًا من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: أصحابي أصحابي، فيقول: إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم)

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الخامس: شفاعته صلى الله عليه وسلم لعمه أبي طالب

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث السادس: ما جاء في سماع الأموات

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثانى: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس‌‌ المصادر والمراجع

- ‌ ا

- ‌ب

- ‌ت

- ‌ج

- ‌ث

- ‌ ح

- ‌ د

- ‌ر

- ‌ ذ

- ‌س

- ‌ز

- ‌ش

- ‌ ص

- ‌ ض

- ‌ع

- ‌ط

- ‌ظ

- ‌غ

- ‌ف

- ‌ق

- ‌ك

- ‌ل

- ‌م

- ‌ن

- ‌هـ

- ‌ؤ

الفصل: ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

اختلف أهل العلم في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:

القول الأول: أن الحديث جاء لرد ما كان عليه أهل الجاهلية من نسبة المصائب التي تصيبهم، والكوارث التي تحل بهم إلى الدهر، فيقولون مثلًا: أصابتنا قوارع الدهر، وأبادنا الدهر، وأتى علينا الدهر، وهكذا

فينسبون كل ما يجري عليهم بقضاء الله وقدره، من موت أو سقم أو هرم أو فقر إلى الدهر، ثم يذمونه ويسبونه لأجل ذلك، فيقولون مثلًا: قبح الله الدهر الذي شتت شملنا، ولعن الله الزمان الذي جرى فيه كذا وكذا، وقد كثر ذلك في أشعارهم، ومن أمثلته:

قول المساور بن هند

(1)

:

بليت وعلمي في البلاد مكانه

وأفنى شبابي الدهر وهو جديد

(2)

وقول أبي ذؤيب الهذلي

(3)

:

(1)

هو مساور بن هند بن قيس بن زهير العبسي، شاعر مُعَمَّر، قيل: إنه ولد في حرب داحس والغبراء قبل الإسلام بخمسين سنةً، وعاش إلى أيام الحجاج، وهو من المتقدمين في الإسلام، توفي نحو سنة (75). [انظر: الشعر والشعراء (216)، والإصابة لابن حجر (6/ 227)، والأعلام (7/ 214)].

(2)

انظر: الشعر والشعراء لابن قتيبة (216)، والتمهيد لابن عبد البر (18/ 156).

(3)

هو خويلد بن خالد بن محرِّث أبو ذؤيب الهذلي، شاعر فحل مخضرم، أدرك الجاهلية والإسلام، وعامة ما قاله من الشعر في الإسلام، عاش إلى زمن عثمان، وشارك في الغزو والفتوح، وتوفي بأفريقية سنة (27). [انظر: الشعر والشعراء (435)، والإصابة (2/ 358)، والأعلام (2/ 325)].

ص: 286

أمن المنون وريبها تتوجع

والدهر ليس بمعتب من يجزع

(1)

وقول الأعشى

(2)

:

فاستأثر الدهر الغداة بهم

والدهر يرميني ولا أرمي

يا دهر قد أكثرت فجعتنا

بسراتنا ووقرت في العظم

وسلبتنا ما ليس تُعقبنا

يا دهر ما أنصفت في الحكم

(3)

ومعنى الحديث على هذا: لا تسبوا الدهر إذا أصابتكم المصائب، ولا تنسبوها إليه، فإن الله عز وجل هو الذي أصابكم بذلك، لا الدهر فإذا سببتم الفاعل وقع السب على الله عز وجل، إذ هو الفاعل لها لا الدهر.

ويكون معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (وأنا الدهر): ما فسره بقوله: (بيدي الأمر أقلب الليل والنهار).

وهكذا قوله: (فإن الله هو الدهر) أي: مدبر الدهر ومصرفه.

وعلى هذا، لا يكون الدهر اسمًا من أسماء الله تعالى.

وإلى هذا القول ذهب جمهور أهل العلم، كالشافعي

(4)

وأبي عبيد،

(1)

انظر: شرح أشعار الهذليين للسكري (1/ 4)، وساقه ابن قتيبة بسنده إلى أبي ذؤيب، في تأويل مختلف الحديث (208).

(2)

هو ميمون بن قيس بن جندل من بني قيس بن ثعلبة الوائلي، من شعراء الطبقة الأولى في الجاهلية، وأحد أصحاب المعلقات، كان كثير الوفود إلى الملوك من العرب والفرس، وكان من المعمَّرين أدرك الإسلام ولم يسلم، قيل: إن مولده ووفاته في منفوحة قرب مدينة الرياض، وكانت وفاته سنة سبع من الهجرة (7). [انظر: الشعر والشعراء (154)، وشرح المعلقات العشر (373)، والأعلام (7/ 341)].

(3)

انظر: غريب الحديث لأبي عبيد (2/ 146)، ومعجم مقاييس اللغة (2/ 306)، وأحال محققه على ملحقات ديوان الأعشى (258)].

(4)

انظر: تهذيب اللغة للأزهري (6/ 109)، وإكمال المعلم للقاضي عياض (7/ 183)، وشرح النووي على مسلم (15/ 6)، وتفسير ابن كثير (4/ 231)، وتيسير العزيز الحميد (608).

ص: 287

وابن جرير الطبري

(1)

، وابن قتيبة

(2)

، وإبراهيم الحربي

(3)

، والخطابي، وأبي يعلى

(4)

، وابن عبد البر

(5)

، وقوام السنة الأصبهاني، والقرطبي

(6)

والنووي

(7)

، وابن تيمية

(8)

، وابن كثير

(9)

، وابن حجر

(10)

، وسليمان بن عبد الله

(11)

، وابن عثيمين

(12)

، عليهم رحمة الله.

(1)

انظر: جامع البيان (11/ 263)، والطبري هو: الإمام العلم الفرد الحافظ أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد بن خالد الطبري، كان إمامًا في فنون كثيرة منها التفسير والحديث والفقه والتاريخ، وكان من الأئمة المجتهدين لم يقلد أحدًا، وكان ثقة في نقله، ولذلك يُعدُّ كتابه التاريخ أصح التواريخ وأثبتها، توفي رحمه الله ببغداد سنة (310 هـ)، وله عدة مصنفات منها: تفسيره المشهور، وكذلك تاريخه المشهور، وتهذيب الآثار. [انظر: تاريخ بغداد (2/ 159)، ووفيات الأعيان (4/ 43)، وتذكرة الحفاظ (2/ 710)، وشذرات الذهب (2/ 260)].

(2)

انظر: تأويل مختلف الحديث (207 - 208).

(3)

انظر: إبطال التأويلات (2/ 375 - 376)، وبيان تلبيس الجهمية (1/ 126).

(4)

انظر: إبطال التأويلات (2/ 375).

(5)

انظر: التمهيد (18/ 155، 157).

(6)

انظر: المفهم (5/ 547 - 548).

(7)

انظر: شرح النووي على مسلم (15/ 5).

(8)

انظر: مجموع الفتاوى (2/ 491).

(9)

انظر: تفسير ابن كثير (4/ 231).

(10)

انظر: الفتح (10/ 565).

(11)

انظر: تيسير العزيز الحميد (608 - 611). وسليمان هو: سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب آل الشيخ، محدث فقيه، وشى به بعض المنافقين إلى إبراهيم باشا عند دخوله الدرعية واستيلائة عليها، فأحضره وأظهر بين يديه آلات اللهو والمنكر إغاظة له ثم قتله، وكان ذلك سنة ألف ومائتين وثلاث وعشرين (1223)، له مؤلفات من أهمها وأشهرها: تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد. [انظر: الأعلام للزركلي (3/ 129)، وعلماء نجد للبسام (2/ 341)].

(12)

انظر: القواعد المثلى (9 - 10)، والقول المفيد (2/ 357، 359).

ص: 288

قال أبو عبيد: "تأويله عندي -والله أعلم- أن العرب كان شأنها أن تذم الدهر وتسبه عند المصائب التي تنزل بهم، من موت أو هرم أو تلف مال، أو غير ذلك، فيقولون: أصابتهم قوارع الدهر، وأبادهم الدهر، وأتى عليهم الدهر، فيجعلونه الذي يفعل ذلك، فيذمونه

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تسبوا الدهر)، على تأويل: لا تسبوا الذي يفعل بكم هذه الأشياء، ويصيبكم بهذه المصائب، فإنكم إذا سببتم فاعلها فإنما يقع السب على الله تعالى، لأنه عز وجل هو الفاعل لها، لا الدهر، فهذا وجه الحديث إن شاء الله، لا أعرف له وجهًا غيره"

(1)

.

وقال الخطابي: "قوله: (أنا الدهر) معناه: أنا صاحب الدهر ومدبر الأمور التي تنسبونها إلى الدهر، فإذا سب ابن آدم الدهر من أجل أنه فاعل هذه الأمور، عاد سبُّه إليَّ، لأني فاعلها، وإنما الدهر زمان ووقت جعلته ظرفًا لمواقع الأمور، وكان من عادة أهل الجاهلية إذا أصابهم شدة من الزمان، أو مكروه من الأمر، أضافوه إلى الدهر، وسبوه، فقالوا: بؤسًا للدهر، وتبًا للدهر، ونحو ذلك من القول

فأعلم الله تبارك وتعالى أن الدهر محدث، يقلبه بين ليل ونهار، لا فعل له من خير أو شر، لكنه ظرف للحوادث ومحل لوقوعها، وأن الأمور كلها بيد الله تعالى، ومن قِبله يكون حدوثها، وهو محدثها ومنشئها سبحانه لا شريك له"

(2)

.

وقال قوام السنة الأصبهاني: "ومما جاء في الحديث مما لا يؤمن وقوع الغلط فيه قوله صلى الله عليه وسلم: (فإن الله هو الدهر)، لا يجوز أن يتوهم متوهم أن الدهر من أسماء الله تعالى، وإنما معنى هذا الكلام: أن أهل الجاهلية كان من عادتهم إذا أصاب الواحد منهم مكروه أن يضيفه إلى الدهر، فيسبون الدهر على أنه الفاعل لذلك، ولا يرونه صادرًا من فعل الله، وكائنًا بقضائه، فأعلمهم أن جميع ذلك من فعل الله تعالى، وأن مصدرها من قبله، وأنكم

(1)

غريب الحديث (2/ 146 - 147).

(2)

أعلام الحديث (3/ 1904).

ص: 289

متى سببتم فاعلها كان مرجع السب إلى الله سبحانه وتعالى"

(1)

.

القول الثاني: قول من يروي حديث: (وأنا الدهر) بنصب الدهر على الظرفية، فيكون المعنى: أنا الدهرَ كله بيدي الأمر أقلب الليل والنهار، وإلى هذا ذهب أبو بكر بن داود الظاهري

(2)

وغيره.

قال الخطابي: "كان أبو بكر يرويه (وأنا الدهرَ) مفتوحة الراء، منصوبًا على الظرف، أي: أنا طول الدهر بيدي الأمر، أقلب الليل والنهار، وكان يقول: لو كان مضمومًا لانقلب الدهر اسمًا من أسماء الله جلَّ وعز وعلا"

(3)

.

وقال ابن عبد البر: "فمن أهل العلم من يروي هذا الخبر بنصب الدهر على الظرف، يقول: أنا الدهر كله بيدي الأمر أقلب الليل والنهار"

(4)

.

القول الثالث: أن الدهر من أسماء الله تعالى، ومعناه: القديم الأزلي، وإلى هذا ذهب نعيم بن حماد، وطائفة من أهل الحديث والصوفية

(5)

، وهو قول ابن حزم رحمه الله تعالى

(6)

.

وعمدتهم هذا الحديث.

(1)

الحجه في بيان المحجة (178 - 179).

(2)

هو محمد بن داود بن علي أبو بكر الظاهري، أحد من يضرب به المثل بذكائه، وكان له بصر تام بالحديث، وبأقوال الصحابة، وكان يجتهد ولا يقلد أحدًا، وقد تصدر للفتيا بعد والده، له كتاب الزهرة، في الأدب والشعر، توفي سنة سبع وتسعين ومائتين (297). [انظر: وفيات الأعيان (4/ 90)، والسير (13/ 109)، وشذرات الذهب (2/ 226)].

(3)

شأن الدعاء (108)، وانظر: معالم السنن (4/ 147).

(4)

التمهيد (18/ 154)، وانظر: إكمال المعلم (7/ 183)، والمفهم (5/ 548)، وشرح النووي على مسلم (15/ 6)، وفتح الباري (8/ 575).

(5)

انظر: مجموع الفتاوى (2/ 494)، وبيان تلبيس الجهمية، القسم الخامس، تحقيق د/ سليمان الغفيص (1/ 285).

(6)

انظر: المحلى (6/ 282).

ص: 290