الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال السعدي عن هذه السورة: "دلت على أن السحر له حقيقة، يُخشى من ضرره، ويُستعاذ بالله منه، ومن أهله"
(1)
.
ومن أدلة السنة على حقيقة السحر وأثره:
1 -
حديث عائشة رضي الله عنها -المتقدم- في سحر لبيد بن الأعصم للنبي صلى الله عليه وسلم، وسيأتي الكلام عليه قريبًا.
قال أبو عبد الله القرطبي: "وفيه -أي: الحديث- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمَّا حُلَّ السحر: (إن الله شفاني)، والشفاء إنما يكون برفع العلة وزوال المرض، فدلَّ على أن له حقًا وحقيقة، فهو مقطوع به بإخبار الله تعالى ورسوله على وجوده ووقوعه، وعلى هذا أهل الحل والعقد الذين ينعقد بهم الإجماع، ولا عبرة مع اتفاقهم بحثالة المعتزلة ومخالفتهم أهل الحق"
(2)
.
2 -
حديث عامر بن سعد عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من تصبح كل يوم سبع تمرات عجوةً، لم يضره ذلك اليوم سم ولا سِحر)، متفق عليه
(3)
. ففي هذا الحديث أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما فيه وقاية من ضرر السحر، مما يدل على أن له حقيقة وأثرًا، إذ لا يُتوقى إلا ما كان كذلك، كما أن في قرنه بالسم المتفق على حقيقته وأثره، دليلًا على أنه مثله في ذلك
(4)
.
وأما دلالة الواقع على حقيقة السحر وأثره فأشهر من أن تُذكر، حيث تواترت أخباره وآثاره عند الناس، فلا تكاد تجد أحدًا ينكر حقيقته أو ينفي أثره.
(1)
تيسير الكريم الرحمن (7/ 688)، وانظر: الحجة في بيان المحجة للأصبهاني (1/ 521)، والكافي لابن قدامة (5/ 331)، وأضواء البيان (4/ 474).
(2)
الجامع لأحكام القرآن (1/ 46).
(3)
البخاري: (5/ 2075) ح (5130)، ومسلم:(14/ 245) ح (2047).
(4)
انظر: السحر بين الحقيقة والخيال (78).
قال أبو عبد الله القرطبي: "لقد شاع السحر وذاع في سابق الزمان، وتكلم الناس فيه، ولم يَبدُ من الصحابة ولا من التابعين إنكار لأصله"
(1)
.
وقال ابن القيم: "والسحر الذي يؤثر مرضًا وثقلًا، وحلًا وعقدًا، وحبًا وبغضًا، ونزيفًا، وغير ذلك من الآثار: موجود تعرفه عامة الناس، وكثير منهم قد علمه ذوقًا بما أصيب به منه"
(2)
.
وأما ما وقع للنبي صلى الله عليه وسلم من السحر وتأثره به، فحق لا يمكن رده أو إنكاره، لدلالة حديث عائشة رضي الله عنها، المتفق على صحته على ذلك
(3)
.
قال ابن القيم -عن هذا الحديث-: "هذا الحديث ثابت عند أهل العلم بالحديث، متلقى بالقبول بينهم، لا يختلفون في صحته، وقد اعتاص على كثير من أهل الكلام وغيرهم، وأنكروه أشد الإنكار، وقابلوه بالتكذيب"
(4)
.
وقال أيضًا: "قد اتفق أصحاب الصحيحين على تصحيح هذا الحديث، ولم يتكلم فيه أحد من أهل الحديث بكلمة واحدة، والقصة مشهورة عند أهل التفسير والسنن والحديث والتاريخ والفقهاء، وهؤلاء أعلم بأحوال رسول الله وأيامه من المتكلمين"
(5)
.
وقال الشنقيطي: "اعلم أن ما وقع من تأثير السحر في رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يستلزم نقصًا ولا محالًا شرعيًا، حتى ترد بذلك الروايات الصحيحة، لأنه نوع من الأعراض البشرية، كالأمراض المؤثرة في الأجسام، ولم يؤثر البتة فيما يتعلق بالتبليغ"
(6)
.
(1)
الجامع لأحكام القرآن (2/ 46)، وانظر: الفروق للقرافي (4/ 150).
(2)
بدائع الفوائد (2/ 365).
(3)
تقدم تخريجه ص (426 - 427).
(4)
بدائع الفوائد (2/ 362).
(5)
المرجع السابق (2/ 363).
(6)
أضواء البيان (4/ 508).