الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: اطَّلع النبي صلى الله عليه وسلم على أهل القَلِيب فقال: (وجدتم ما وعد ربكم حقًا)، فقيل له: تدعوا أمواتًا؟ فقال: (ما أنتم بأسمع منهم، ولكن لا يجيبون)، رواه البخاري
(1)
.
وفي رواية: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنهم الآن يسمعون ما أقول) فذكر لعائشة، فقالت: إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنهم الآن ليعلمون أن الذي كنت أقول لهم هو الحق)، ثم قرأَتْ:{إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل: 80] حتى قرأَتْ الآية
(2)
.
وأخرج البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها، أنه ذُكر عندها: أن ابن عمر رفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الميت ليعذب في قبره ببكاء أهله عليه)، فقالت: وَهَلَ ابن عمر رحمه الله، إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إنه ليعذب بخطيئته وذنبه، وإن أهله ليبكون عليه الآن)، قالت: وذاك مثل قوله: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على القليب، وفيه قتلى بدر من المشركين، فقال لهم مثل ما قال:(إنهم ليسمعون ما أقول)، إنما قال:(إنهم الآن ليعلمون أن ما كنت أقول لهم حق)، ثم قرأت:{إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} ، {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي
(1)
صحيح البخاري: كتاب الجنائز، باب: ما جاء في عذاب القبر (1/ 462) ح (1304)، وكتاب المغازي، باب: شهود الملائكة بدرًا (4/ 1476) ح (3802)، وانظر: تخريج الرواية الثانية.
(2)
البخاري: كتاب المغازي، باب: قتل أبي جهل (4/ 162) ح (3760)، وأخرج ما ورد عن عائشة رضي الله عنها في كتاب الجنائز، باب: ما جاء في عذاب القبر (1/ 462) ح (1305).
الْقُبُورِ} [فاطر: 22]
(1)
.
وعن قتادة قال: ذكر لنا أنس بن مالك، عن أبي طلحة: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلًا من صناديد قريش، فقُذفوا في طَويٍّ
(2)
من أطواء بدر، خبيث مخبث، وكان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة
(3)
ثلاث ليال، فلما كان ببدر اليوم الثالث أمر براحلته فَشُدَّ عليها رحلها، ثم مشى واتَّبعه أصحابه، وقالوا: ما نُرَى ينطلق إلا لبعض حاجته، حتى قام على شَفَةِ الرَّكِيِّ
(4)
، فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم:(يا فلان بن فلان، ويا فلان بن فلان، أيسركم أنكم أطعتم الله ورسوله، فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقًا، فهل وجدتم ما وعد ربكم حقًا؟ ) قال: فقال عمر: يا رسول الله ما تكلم من أجساد لا أرواح لها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والذي نفس محمد بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم)، قال قتادة: أحياهم الله حتى أسمعهم قوله، توبيخًا وتصغيرًا ونقمةً وحسرةً وندمًا. متفق عليه
(5)
.
وثبت هذا الحديث -أعني: حديث القليب- عند مسلم من طريق
(1)
متفق عليه: البخاري: كتاب المغازي، باب: قتل أبي جهل (4/ 1462) ح (3759)، ومسلم: كتاب الجنائز، باب: الميت يعذب ببكاء أهله عليه (6/ 488) ح (932).
(2)
الطوي: هي البئر التي طويت وبنيت بالحجارة، لئلا تنهار. [انظر: تفسير غريب ما في الصحيحين (267)، والمجموع المغيث (2/ 375)، والفتح (7/ 302)].
(3)
العرصة: كل موضع واسع لا بناء فيه. [انظر: المجموع المغيث (2/ 422)، والنهاية (3/ 208)].
(4)
أي: طرف البئر. [انظر: تفسير غريب ما في الصحيحين (267)، والمجموع المغيث (1/ 798)، والنهاية (2/ 261)، والفتح (7/ 302)].
(5)
البخاري: كتاب المغازي، باب: قتل أبي جهل (4/ 1461) ح (3757)، ومسلم -بدون قول قتادة-: كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب: عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه، وإثبات عذاب القبر، والتعوذ منه (17/ 212) ح (2875)، وأخرجه أيضا عن أنس رضي الله عنه، ولم يذكر فيه أبا طلحة: ح (2847).