المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سادسا: أسباب استشكال النصوص، أو الاشتباه فيها: - أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين جمعا ودراسة

[سليمان بن محمد الدبيخي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌خطة البحث:

- ‌منهج البحث:

- ‌التمهيد

- ‌المبحث الأول: تعريف المشكل وبيان الفرق بينه وبين المختلف

- ‌أولًا: تعريف المشكل في اللغة والاصطلاح:

- ‌أ -المشكل في اللغة:

- ‌ب - مشكل الحديث في اصطلاح المحدثين

- ‌ثانيًا: تعريف مختلف الحديث في اللغة والاصطلاح:

- ‌أ- فالمختلف في اللغة:

- ‌ب - مختلف الحديث اصطلاحًا:

- ‌ثالثًا: الفرق بين مشكل الحديث ومختلف الحديث:

- ‌المبحث الثاني: التعريف بأشهر المؤلفات في مشكل الحديث

- ‌1 - كتاب (اختلاف الحديث) للإمام الشافعي رحمه الله تعالى:

- ‌2 - كتاب (تأويل مختلف الحديث) لابن قتيبة رحمه الله تعالى:

- ‌3 - كتاب (مشكل الآثار)(5)للطحاوي رحمه الله تعالى:

- ‌4 - تأويل الأحاديث المشكلة(3)لأبي الحسن الطبري

- ‌5).5 -كتاب (مشكل الحديث وبيانه) لابن فورك(6)رحمه الله تعالى:

- ‌6 - كشف المشكل من حديث الصحيحين لابن الجوزي

- ‌المبحث الثالث: ظواهر الكتاب والسنة كلها حق

- ‌المبحث الرابع: العمل بالمحكم والإيمان بالمتشابه

- ‌فأولًا: معنى المحكم والمتشابه في اللغة وفي الاصطلاح:

- ‌المحكم في اللغة:

- ‌وأما المتشابه في اللغة:

- ‌ثانيًا: علاقة المشكل بالمتشابه:

- ‌ثالثًا: عمل السلف بهذه القاعدة:

- ‌رابعًا: الوضوح والإشكال في النصوص من الأمور النسبية:

- ‌خامسًا: هل صفات الله تعالى من قبيل المتشابه

- ‌سادسًا: أسباب استشكال النصوص، أو الاشتباه فيها:

- ‌المبحث الخامس: ترجمة موجزة للبخاري ومسلم عليهما رحمة الله

- ‌أولًا: الإمام البخاري رحمه الله تعالى:

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌مصنفاته:

- ‌وفاته:

- ‌ثانيًا: الإمام مسلم رحمه الله تعالى

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌مصنفاته:

- ‌وفاته:

- ‌المبحث السادس: مكانة الصحيحين عند الأمة

- ‌مآخذ بعض أهل العلم على هذين الكتابين:

- ‌الباب الأول: الأحاديث المتوهم إشكالها في باب الإيمان بالله تعالى

- ‌الفصل الأول: الأحاديث المتوهم إشكالها في الأسماء والصفات

- ‌التمهيدبيان عقيدة أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات

- ‌المبحث الأول: (خلق الله آدم على صورته)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌الخلاصة:

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌وبيان فساده من وجوه:

- ‌المطلب الرابع: في بيان معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (فيأتيهم الله في صورة غير صورته التي يعرفون)

- ‌المبحث الثاني: (وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الثالث: (إن لله تسعة وتسعين اسمًا)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المسألة الأولي: في معنى الإحصاء الوارد في الحديث:

- ‌المسألة الثانية: هل يمكن معرفة الأسماء الحسنى، التسعة والتسعين علي وجه التعيين

- ‌الخلاصة:

- ‌المبحث الرابع: (فإن الله لا يمل حتى تملوا)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الخامس: (مرضت فلم تعدني)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المبحث السادس: (ما أحد أصبر على أذى سمعه من الله)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌والفرق بين الصبر والحلم:

- ‌المبحث السابع: (ما ترددت عن شيء أنا فاعله

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم فى هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مسألة: في بيان معنى قوله في الحديث السابق: (فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها)

- ‌المبحث الثامن: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث التاسع: (يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث العاشر: (الرحم شجنة من الرحمن)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المبحث الحادي عشر: (فإذا مت فأحرقوني ثم اسحقوني)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌الفصل الثانى: الأحاديث المتوهم إشكالها في القدر

- ‌المبحث الأول: (حج آدم موسى)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث الثاني: (خلق الله التربة يوم السبت)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الخلاصة:

- ‌المبحث الثالث: (لا يُدخِل أحدًا الجنةَ عملُه)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الباب الثاني: الأحاديث المتوهم إشكالها في باب النبوة

- ‌المبحث الأول: (نحن أحق بالشك من إبراهيم)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم فى هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث الثاني: ما جاء في سحر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌ومن أدلة السنة على حقيقة السحر وأثره:

- ‌مناقشة أدلة النافين لحقيقة السحر، وتأثر النبي صلى الله عليه وسلم به:

- ‌المبحث الثالث: ما جاء في إرسال الشهب على الشياطين

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث الرابع: (إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل) مع قول أبي هريرة: (أوصاني خليلي بثلاث)

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الخامس: حديث شريك في الإسراء

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌الخلاصة:

- ‌المبحث السادس: لطم موسى عليه السلام لملك الموت

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث السابع: (اسمعوا وأطيعوا، وإن استُعمل عليكم عبد حبشي) مع قوله: (لا يزال هذا الأمر في قريش

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم فى هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الباب الثالث: الأحاديث المتوهم إشكالها في أشراط الساعة والمعاد

- ‌الفصل الأول: الأحاديث المتوهم إشكالها في أشراط الساعة

- ‌المبحث الأول: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين. . .)، مع قوله: (لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق)

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الثاني: (إن أول الآيات خروجًا طلوع الشمس

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الثالث: ما جاء في طواف الدجال بالبيت، مع ما ورد من أنه لا يدخل مكة ولا المدينة

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الرابع: (لا تقوم الساعة حتى. . . يتقارب الزمان)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المبحث الخامس: (إذا ولدت الأمة ربها)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الفصل الثاني: الأحايث المتوهم إشكالها في المعاد

- ‌المبحث الأول: أحاديث الميزان، في ما الذي يوزن

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها و‌‌بيان وجه الاشكال

- ‌بيان وجه الاشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌إشكال وجوابه:

- ‌المبحث الثاني: (إن أشد الناس عذابًا عند الله يوم القيامة المصوَّرون)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث الثالث: (طوبى له عصفور من عصافير الجنة)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌واستدل الجمهور على هذا القول بأدلة كثيرة، منها:

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الرابع: (وإن ناسًا من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: أصحابي أصحابي، فيقول: إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم)

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الخامس: شفاعته صلى الله عليه وسلم لعمه أبي طالب

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث السادس: ما جاء في سماع الأموات

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثانى: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس‌‌ المصادر والمراجع

- ‌ ا

- ‌ب

- ‌ت

- ‌ج

- ‌ث

- ‌ ح

- ‌ د

- ‌ر

- ‌ ذ

- ‌س

- ‌ز

- ‌ش

- ‌ ص

- ‌ ض

- ‌ع

- ‌ط

- ‌ظ

- ‌غ

- ‌ف

- ‌ق

- ‌ك

- ‌ل

- ‌م

- ‌ن

- ‌هـ

- ‌ؤ

الفصل: ‌سادسا: أسباب استشكال النصوص، أو الاشتباه فيها:

‌سادسًا: أسباب استشكال النصوص، أو الاشتباه فيها:

لا ريب أن استشكال النصوص له أسباب متعددة، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية جملة منها فقال:"قد يكون في القرآن آيات لا يعلم معناها كثير من العلماء، فضلًا عن غيرهم، وليس ذلك في آية معينة، بل قد يشكل على هذا ما يعرفه هذا، وذلك تارة يكون لغرابة اللفظ، وتارة لاشتباه المعنى بغيره، وتارة لشبهة في نفس الإنسان تمنعه من معرفة الحق، وتارة لعدم التدبر التام، وتارة لغير ذلك من الأسباب"

(1)

.

وهذا الذي ذكره شيخ الإسلام يمكن إرجاعه إلى سبب واحد، وهو: الغلط في الفهم، وثمة سبب آخر بالغ الأهمية، وهو: ضعف الرواية، وذلك عندما يكون النص حديثًا مرويًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولعل شيخ الإسلام لم يذكره لأنه في معرض الحديث عن القرآن، وهذا السبب غير وارد فيه، كما هو معلوم.

وعلى هذا، فاستشكال النصوص راجع إلى أمرين أساسيين:

أحدهما: الغلط في الفهم. والثاني: ضعف النص.

ولهذا قال ابن القيم في نونيته:

"فإذا تعارض نص لفظ وارد

والعقل حتى ليس يلتقيان

فالعقل إما فاسد ويظنه

الرائي صحيحًا وهو ذو بطلان

= الكتاب أو نظر فيه سيرجع إلى المقدمة، فقد يتوهم متوهم أن ما فيه هو معتقد السلف، فاقتضى الأمر -إن كان لا بد من تحقيق الكتاب وطبعه- أن يُعلق على كل خطأ أو تحريف في مكانه الذي ورد فيه. وعلى كل حال فالكتاب لا يحسن نشره لما فيه من التضليل والتجهيل، وتحقيقه بهذا الشكل غير كافٍ في رد ما فيه من الباطل، لا سيما وأن الكتاب -كما قال المحقق ص (78) -:"يكاد يكون الكتاب الأول في بيان منهج الصوفية وموقفهم من الأسماء والصفات"، وقال أيضًا ص (79): إنه "يحتاج إلى كتب في الردود على ما أثاره من قضايا".

(1)

مجموع الفتاوى (17/ 400).

ص: 72

أو أن ذاك النص ليس بثابت

ما قاله المعصوم بالبرهان"

(1)

وقال أيضًا: "وما يُؤتى أحد إلا من غلط الفهم أو غلط في الرواية، متى صحت الرواية وفهمت كما ينبغي تبيَّن أن الأمر كله من مشكاة واحدة صادقة متضمنة لنفس الحق، وبالله التوفيق"

(2)

.

فالسبب الأول: الغلط في الفهم: وهو سبب ظاهر في استشكال كثير من النصوص، والناس متفاوتون فيه تفاوتًا عظيمًا.

قال ابن تيمية: "قد يشكل على كثير من الناس نصوص لا يفهمونها، فتكون مشكلة بالنسبة إليهم، لعجز فهمهم عن معانيها"

(3)

.

وقال الشاطبي

(4)

: "لا تجد البتة دليلين أجمع المسلمون على تعارضهما، بحيث وجب عليهم الوقوف، لكن لما كان أفراد المجتهدين غير معصومين من الخطأ أمكن التعارض بين الأدلة عندهم"

(5)

.

وقال أيضًا: "لا تضاد بين آيات القرآن ولا بين الأخبار النبوية، ولا بين أحدهما مع الآخر، بل الجميع جارٍ على مهيع واحد، ومنتظم إلى معنى واحد، فإذا أدَّاه بادي الرأي إلى ظاهر اختلاف، فواجب عليه أن يعتقد انتفاء الاختلاف، لأن الله تعالى قد شهد له أن لا اختلاف فيه

"

(6)

.

(1)

الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية -المشهورة بنونية ابن القيم- شرح ابن عيسى (2/ 95).

(2)

شفاء العليل (1/ 67)، وانظر: زاد المعاد (4/ 149) وأعلام الموقعين (2/ 3)، ودرء التعارض لابن تيمية (1/ 147).

(3)

مجموع الفتاوى (17/ 307).

(4)

هو إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي الشهير بالشاطبي، أصولي حافظ من أهل غرناطة، كان من أئمة المالكية، توفي رحمه الله سنة (790 هـ) له مصنفات عديدة منها: الموافقات، وكتاب الاعتصام. [انظر: الأعلام (1/ 75)، ومعجم المؤلفين (1/ 77)].

(5)

الموافقات في أصول الشريعة (4/ 217)، وانظر:(4/ 93).

(6)

الاعتصام (3/ 382).

ص: 73

وقال المعلمي

(1)

: "اعلم أن الناس تختلف مداركهم وأفهامهم وآراؤهم، ولا سيما فيما يتعلق بالأمور الدينية والغيبية، لقصور علم الناس في جانب علم الله تعالى وحكمته، ولهذا كان في القرآن آيات كثيرة يستشكلها كثير من الناس، وقد أُلفت في ذلك كتب، وكذلك استشكل كثير من الناس كثيرًا من الأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، منها ما هو من رواية كبار الصحابة أو عدد منهم

وبهذا يتبين أن استشكال النص لا يعني بطلانه"

(2)

.

وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية -فيما تقدم

(3)

- بعض الأسباب المؤدية إلى الغلط في الفهم، ويمكن إجمالها بما يلي:

1 -

غرابة اللفظ.

2 -

اشتباه المعنى بغيره.

3 -

وجود شبهة في نفس الإنسان تمنعه من معرفة الحق ..

4 -

عدم التدبر التام.

وزوال الإشكال الناتج عن هذا السبب يكون بتدبر النصوص، وإدامة النظر والتأمل فيها، وهو ما أمر الله تعالى به حيث قال:{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82)} [النساء: 82]،

(1)

هو عبد الرحمن بن يحيى بن علي بن محمد المعلمي العتمي، علَّامة فقيه، نسبته إلى (بني المعلم) من بلاد عُتمة باليمن، ولد ونشأ في عتمة، وتردد إلى بلاد الحُجَرية (وراء تعز)، وتعلم بها، وسافر إلى جيزان وتولى رئاسة القضاء فيها، ثم سافر إلى الهند وعمل في دائرة المعارف العثمانية بحيدر أباد مصححًا كتب الحديث والتاريخ، ثم عاد إلى مكة فعُيِّن أمينًا لمكتبة الحرم المكي سنة (1372 هـ)، ولم يزل كذلك حتى توفي رحمه الله سنة (1386 هـ) له مؤلفات منها: التنكيل، والأنوار الكاشفة. [انظر: الأعلام (3/ 342)، ومعجم المؤلفين (2/ 126)].

(2)

الأنوار الكاشفة (223).

(3)

انظر: ص (72).

ص: 74

فإن ظهر له المعنى وزال عنه الإشكال، وإلا رجع إلى أهل الذكر الذين يعلمونه، كما قال تعالى:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43]، وقال:{وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: 83].

وأعظم معين على إزالة الإشكال ودفع الاشتباه: اللجوء إلى الله تعالى بدوام الاستغفار، وكثرة الابتهال، والإلحاح في الدعاء بأن يورثه علم ما أشكل عليه، فإن الله تعالى إذا علم من عبده صدق اللجوء، وحسن النية، وصواب الطريقة، أعانه ووفقه وسدده وهداه، ودفع عنه ما أشكل عليه.

قال ابن تيمية: "إنه ليقف خاطري في المسألة والشيء أو الحالة التي تشكل علي، فأستغفر الله تعالى ألف مرة أو أكثر أو أقل، حتى ينشرح الصدر، وينحل إشكال ما أشكل"

(1)

.

ومما يشار إليه هنا أن هذا السبب هو الذي أوقع كثيرًا من أهل البدع في استشكال كثير من النصوص، حيث ابتدعوا معتقدات باطلة، وجعلوها هي الأصل الذي يجب اعتقاده والبناء عليه، ثم نظروا في الكتاب والسنة، فما أمكنهم تأويله أوَّلوه، وإلا قالوا: هذا من الألفاظ المتشابهة المشكلة التي لا ندري ما أُريد بها، فجعلوا بدعهم أصلًا محكمًا، وما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فرعًا ومشكلًا إذا لم يوافقه.

والواجب أن يجعل ما أنزله الله من الكتاب والحكمة أصلًا في جميع الأمور، وإليه يرد ما استشكل من ذلك

(2)

.

قال ابن تيمية مبينًا تخبط أهل البدع وتناقضهم في استشكال النصوص: "ولهذا يجعل كل فريق المشكل من نصوصه غير ما يجعل الفريق الآخر مشكلًا:

(1)

العقود الدرية من مناقب شيخ الإسلام أحمد بن تيمية، لابن عبد الهادي (6).

(2)

انظر: مجموع الفتاوى (17/ 306).

ص: 75

فمنكر الصفات الخبرية

يقول: نصوصها مشكلة متشابهة

وكذلك يقول من ينكر العلو والرؤية: نصوص هذه مشكلة.

ومنكر الصفات مطلقًا يجعل ما يثبتها مشكلًا دون ما يثبت أسماءه الحسنى.

ومنكر معاني الأسماء يجعل نصوصها مشكلة.

ومنكر معاد الأبدان وما وُصفت به الجنة والنار يجعل ذلك مشكلًا أيضًا.

ومنكر القدر يجعل ما يثبت أن الله خالق كل شيء وما شاء كان، مشكلًا

"

(1)

.

وأما السبب الثاني فهو: ضعف النص، فكثيرًا ما يستشكل الناس حديثًا مرويًا عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لمخالفته لصحيح المنقول أو صريح المعقول مخالفة ظاهرة، لا يمكن القول معها بمفهومه ودلالته، وعند تأمل درجته والنظر في سنده نجد أنه لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وببيان ضعفه يزول إشكاله.

قال ابن تيمية: "لا يُعْلَمُ حديثٌ واحد يخالف العقل أو السمع الصحيح إلا وهو عند أهل العلم ضعيف، بل موضوع"

(2)

.

ومما يحسن التنبيه عليه أن اتهام الفهم عند استشكال النص يجب أن يكون مقدمًا على اتهام النص نفسه وتضعيفه -ما لم يكن ضعفه بَيِّنًا- فلا يسوغ الاستعجال في رد النصوص وتوهينها لمجرد استشكالها، فكثيرًا ما يؤتى المرء من قبل رأيه وفهمه واجتهاده.

قال المعلمي: "وبالجملة: لا نزاع أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يخبر عن ربه وغيبه بباطل، فإن رُوي عنه خبر تقوم الحجة على بطلانه فالخلل من الرواية، لكن

(1)

درء التعارض (1/ 16 - 17).

(2)

درء التعارض (1/ 150).

ص: 76

الشأن كل الشأن في الحكم بالبطلان، فقد كثر اختلاف الآراء والأهواء والنظريات، وكثر غلطها، ومن تدبرها وتدبر الرواية وأمعن فيها، وهو ممن رزقه الله تعالى الإخلاص للحق والتثبت، علم أن احتمال خطأ الرواية التي يثبتها المحققون من أئمة الحديث أقل جدًا من احتمال خطأ الرأي والنظر، فعلى المؤمن إذا أشكل عليه حديث قد صححه الأئمة، ولم تطاوعه نفسه على حمل الخطأ على رأيه ونظره أن يعلم إن لم يكن الخلل في رأيه ونظره وفهمه فهو في الرواية، وليفزع إلى من يثق بدينه وعلمه وتقواه، مع الابتهال إلى الله عز وجل فإنه ولي التوفيق"

(1)

.

وقال أيضًا: "الاستشكال لا يستلزم البطلان، بدليل استشكال كثير من الناس كثيرًا من آيات القرآن

والخلل في ظن البطلان أكثر جدًا من الخلل في الأحاديث التي يصححها الأئمة المثبتون"

(2)

.

* * *

(1)

الأنوار الكاشفة (236 - 237).

(2)

المرجع نفسه (293).

ص: 77