المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثالث: الترجيح - أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين جمعا ودراسة

[سليمان بن محمد الدبيخي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌خطة البحث:

- ‌منهج البحث:

- ‌التمهيد

- ‌المبحث الأول: تعريف المشكل وبيان الفرق بينه وبين المختلف

- ‌أولًا: تعريف المشكل في اللغة والاصطلاح:

- ‌أ -المشكل في اللغة:

- ‌ب - مشكل الحديث في اصطلاح المحدثين

- ‌ثانيًا: تعريف مختلف الحديث في اللغة والاصطلاح:

- ‌أ- فالمختلف في اللغة:

- ‌ب - مختلف الحديث اصطلاحًا:

- ‌ثالثًا: الفرق بين مشكل الحديث ومختلف الحديث:

- ‌المبحث الثاني: التعريف بأشهر المؤلفات في مشكل الحديث

- ‌1 - كتاب (اختلاف الحديث) للإمام الشافعي رحمه الله تعالى:

- ‌2 - كتاب (تأويل مختلف الحديث) لابن قتيبة رحمه الله تعالى:

- ‌3 - كتاب (مشكل الآثار)(5)للطحاوي رحمه الله تعالى:

- ‌4 - تأويل الأحاديث المشكلة(3)لأبي الحسن الطبري

- ‌5).5 -كتاب (مشكل الحديث وبيانه) لابن فورك(6)رحمه الله تعالى:

- ‌6 - كشف المشكل من حديث الصحيحين لابن الجوزي

- ‌المبحث الثالث: ظواهر الكتاب والسنة كلها حق

- ‌المبحث الرابع: العمل بالمحكم والإيمان بالمتشابه

- ‌فأولًا: معنى المحكم والمتشابه في اللغة وفي الاصطلاح:

- ‌المحكم في اللغة:

- ‌وأما المتشابه في اللغة:

- ‌ثانيًا: علاقة المشكل بالمتشابه:

- ‌ثالثًا: عمل السلف بهذه القاعدة:

- ‌رابعًا: الوضوح والإشكال في النصوص من الأمور النسبية:

- ‌خامسًا: هل صفات الله تعالى من قبيل المتشابه

- ‌سادسًا: أسباب استشكال النصوص، أو الاشتباه فيها:

- ‌المبحث الخامس: ترجمة موجزة للبخاري ومسلم عليهما رحمة الله

- ‌أولًا: الإمام البخاري رحمه الله تعالى:

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌مصنفاته:

- ‌وفاته:

- ‌ثانيًا: الإمام مسلم رحمه الله تعالى

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌مصنفاته:

- ‌وفاته:

- ‌المبحث السادس: مكانة الصحيحين عند الأمة

- ‌مآخذ بعض أهل العلم على هذين الكتابين:

- ‌الباب الأول: الأحاديث المتوهم إشكالها في باب الإيمان بالله تعالى

- ‌الفصل الأول: الأحاديث المتوهم إشكالها في الأسماء والصفات

- ‌التمهيدبيان عقيدة أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات

- ‌المبحث الأول: (خلق الله آدم على صورته)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌الخلاصة:

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌وبيان فساده من وجوه:

- ‌المطلب الرابع: في بيان معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (فيأتيهم الله في صورة غير صورته التي يعرفون)

- ‌المبحث الثاني: (وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الثالث: (إن لله تسعة وتسعين اسمًا)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المسألة الأولي: في معنى الإحصاء الوارد في الحديث:

- ‌المسألة الثانية: هل يمكن معرفة الأسماء الحسنى، التسعة والتسعين علي وجه التعيين

- ‌الخلاصة:

- ‌المبحث الرابع: (فإن الله لا يمل حتى تملوا)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الخامس: (مرضت فلم تعدني)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المبحث السادس: (ما أحد أصبر على أذى سمعه من الله)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌والفرق بين الصبر والحلم:

- ‌المبحث السابع: (ما ترددت عن شيء أنا فاعله

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم فى هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مسألة: في بيان معنى قوله في الحديث السابق: (فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها)

- ‌المبحث الثامن: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث التاسع: (يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث العاشر: (الرحم شجنة من الرحمن)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المبحث الحادي عشر: (فإذا مت فأحرقوني ثم اسحقوني)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌الفصل الثانى: الأحاديث المتوهم إشكالها في القدر

- ‌المبحث الأول: (حج آدم موسى)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث الثاني: (خلق الله التربة يوم السبت)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الخلاصة:

- ‌المبحث الثالث: (لا يُدخِل أحدًا الجنةَ عملُه)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الباب الثاني: الأحاديث المتوهم إشكالها في باب النبوة

- ‌المبحث الأول: (نحن أحق بالشك من إبراهيم)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم فى هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث الثاني: ما جاء في سحر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌ومن أدلة السنة على حقيقة السحر وأثره:

- ‌مناقشة أدلة النافين لحقيقة السحر، وتأثر النبي صلى الله عليه وسلم به:

- ‌المبحث الثالث: ما جاء في إرسال الشهب على الشياطين

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث الرابع: (إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل) مع قول أبي هريرة: (أوصاني خليلي بثلاث)

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الخامس: حديث شريك في الإسراء

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌الخلاصة:

- ‌المبحث السادس: لطم موسى عليه السلام لملك الموت

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث السابع: (اسمعوا وأطيعوا، وإن استُعمل عليكم عبد حبشي) مع قوله: (لا يزال هذا الأمر في قريش

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم فى هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الباب الثالث: الأحاديث المتوهم إشكالها في أشراط الساعة والمعاد

- ‌الفصل الأول: الأحاديث المتوهم إشكالها في أشراط الساعة

- ‌المبحث الأول: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين. . .)، مع قوله: (لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق)

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الثاني: (إن أول الآيات خروجًا طلوع الشمس

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الثالث: ما جاء في طواف الدجال بالبيت، مع ما ورد من أنه لا يدخل مكة ولا المدينة

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الرابع: (لا تقوم الساعة حتى. . . يتقارب الزمان)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المبحث الخامس: (إذا ولدت الأمة ربها)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الفصل الثاني: الأحايث المتوهم إشكالها في المعاد

- ‌المبحث الأول: أحاديث الميزان، في ما الذي يوزن

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها و‌‌بيان وجه الاشكال

- ‌بيان وجه الاشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌إشكال وجوابه:

- ‌المبحث الثاني: (إن أشد الناس عذابًا عند الله يوم القيامة المصوَّرون)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث الثالث: (طوبى له عصفور من عصافير الجنة)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌واستدل الجمهور على هذا القول بأدلة كثيرة، منها:

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الرابع: (وإن ناسًا من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: أصحابي أصحابي، فيقول: إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم)

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الخامس: شفاعته صلى الله عليه وسلم لعمه أبي طالب

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث السادس: ما جاء في سماع الأموات

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثانى: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس‌‌ المصادر والمراجع

- ‌ ا

- ‌ب

- ‌ت

- ‌ج

- ‌ث

- ‌ ح

- ‌ د

- ‌ر

- ‌ ذ

- ‌س

- ‌ز

- ‌ش

- ‌ ص

- ‌ ض

- ‌ع

- ‌ط

- ‌ظ

- ‌غ

- ‌ف

- ‌ق

- ‌ك

- ‌ل

- ‌م

- ‌ن

- ‌هـ

- ‌ؤ

الفصل: ‌المطلب الثالث: الترجيح

‌المطلب الثالث: الترجيح

الذي يمكن الجزم به هنا أن الشك في قدرة الله تعالى على إحياء الموتى منفي عن آحاد الأنبياء عليهم السلام، فضلًا عمن بلغ مرتبة الخلة وعظيم المنزلة عند الله تعالى، كإبراهيم عليه السلام، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم، بل ذلك مستحيل في حقهم -باعتبار حالهم لا باعتبار بشريتهم- لأنهم أنبياء، والأنبياء أعلم الناس بربهم وما يتصف به من صفات الحسن والكمال، والتي منها صفة القدرة، فهم يعلمون أن الله تعالى متصف بكمال القدرة والإرادة فلا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، فتصور وقوع الشك منهم باطل، لأنه كفر والكفر لا يجوز في حق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، كيف وهم الذين اختارهم الله تعالى واصطفاهم لتبليغ رسالاته وتحكيم شرعه؟ ! .

قال القاضي عياض عن عصمة النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الأنبياء فيما يتعلق بأمور الدين: "اعلم -منحنا الله وإياك توفيقه- أن ما تعلق منه بطريق التوحيد، والعلم بالله وصفاته، والإيمان به وبما أوحي إليه، فعلى غاية المعرفة، ووضوح العلم واليقين، والانتفاء من الجهل بشيء من ذلك، أو الشك أو الريب فيه، والعصمة من كل ما يضاد ذلك واليقين، هذا ما وقع إجماع المسلمين عليه، ولا يصح بالبراهين الواضحة أن يكون في عقود الأنبياء سواه"

(1)

.

وقال ابن الوزير: "أجمعت الأمة على عصمة الأنبياء عليهم السلام عن الجهل بالله تعالى وصفاته وقواعد شرائعه، وعلى صحة عقائدهم فيما يتعلق

(1)

الشفاء (309).

ص: 407

بأفعال الله وحكمته وجلالته"

(1)

.

وأما قوله صلى الله عليه وسلم: (نحن أحق بالشك من إبراهيم) فليس فيه إثبات للشك، كما قد يُتوهم، ولذا قال ابن كثير رحمه الله تعالى، عند هذا الحديث:"ليس المراد ههنا بالشك: ما قد يفهمه من لا علم عنده، بلا خلاف"

(2)

.

ومعنى الحديث الذي لا يحتمل غيره

(3)

: -ما جاء في القول الأول من- أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد نفي الشك عن إبراهيم عليه السلام، فقوله:(نحن أحق بالشك من إبراهيم) أي: إن إبراهيم عليه السلام لم يطلب رؤية إحياء الموتى لأجل الشك، لأنه لو كان شاكًا لكنا نحن أحق بالشك منه، وحيث إنا لا نشك فإن إبراهيم عليه السلام لم يكن شاكًا من باب أولى

(4)

، ولا يلزم من هذا أن يكون إبراهيم عليه السلام أفضل من نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، لأنه قال ذلك تواضعًا وأدبًا

(5)

.

وسبب تخصيص إبراهيم عليه السلام بالذكر، لكون آية البقرة قد يسبق منها إلى بعض الأذهان وقوع الشك منه

(6)

.

قال ابن عطية عن هذا الحديث: "معناه: أنه لو كان شك لكنا نحن أحق به، ونحن لا نشك، فإبراهيم عليه السلام أحرى ألا يشك، فالحديث مبني على نفي الشك عن إبراهيم"

(7)

.

وقال ابن حزم: "أما ما رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم، من قوله:(نحن أحق بالشك من إبراهيم)، فمن ظن أن النبي صلى الله عليه وسلم شك قط في قدرة ربه عز وجل على

(1)

الروض الباسم (2/ 465).

(2)

تفسير القرآن العظيم (1/ 471).

(3)

انظر: تفسير القرآن الكريم للعثيمين (3/ 305).

(4)

انظر: منة المنعم في شرح صحيح مسلم (1/ 133).

(5)

وقيل إنه قال ذلك قبل أن يعلم أنه خير ولد آدم. [نظر: شرح النووي على مسلم (2/ 542)].

(6)

انظر: شرح النووي على مسلم (2/ 542).

(7)

المحرر الوجيز (2/ 303).

ص: 408

إحياء الموتى فقد كفر، وهذا الحديث حجة لنا، ونفي للشك عن إبراهيم، أي: لو كان هذا الكلام من إبراهيم عليه السلام شكًا، لكان من لم يشاهد القدرة ما شاهد إبراهيم عليه السلام أحق بالشك، فإذا كان من لم يشاهد من القدرة ما شاهد إبراهيم غير شاك، فإبراهيم عليه السلام أبعد من الشك.

قال أبو محمد

(1)

: ومن نسب ها هنا إلى الخليل عليه السلام الشك، فقد نسب إليه الكفر، ومن كفَّر نبيًا فقد كفر، وأيضًا فإن كان ذلك شكًا من إبراهيم عليه السلام، وكنا نحن أحق بالشك منه، فنحن إذًا شكاك جاحدون كفار، وهذا كلام نعلم والحمد لله بطلانه من أنفسنا، بل نحن ولله الحمد مؤمنون مصدقون بالله تعالى، وقدرته على كل شيء يَسأل عنه السائل"

(2)

.

وأما الآية وهي قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: 260]، فليس فيها ما يدل على شك إبراهيم عليه السلام في قدرة الله تعالى على إحياء الموتى، ويظهر هذا من وجهين:

الأول: أن إبراهيم عليه السلام مؤمن مصدق بقدرة الله تعالى على إحياء الموتى، يدل على ذلك أنه قال في محاجته للنمرود:{رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ} [البقرة: 258]، وعندما سأل ربه أن يريه كيف يحيى الموتى، قال الله له:{أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى} فقوله: {بَلَى} يزيل كل لَبْس، وينفي كل توهم في نسبة الشك إلى إبراهيم عليه السلام.

و"الاستفهام هنا: {أَوَلَمْ تُؤْمِنْ} للتقرير، وليس للإنكار ولا للنفي، فهو كقوله تعالى: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1)} [الشرح: 1]، يعني: قد شرحنا لك، فمعنى {أَوَلَمْ تُؤْمِنْ}: ألست قد آمنت، لتقرير إيمان إبراهيم عليه السلام"

(3)

.

(1)

يعني نفسه رحمه الله.

(2)

الفصل (2/ 292 - 293).

(3)

تفسير القرآن الكريم للعثيمين (3/ 299 - 300)، وانظر: شرح النووي على مسلم (2/ 543).

ص: 409

قال ابن حزم: "فلم يقرره ربنا عز وجل وهو يشك في إيمان إبراهيم عبده وخليله ورسوله عليه السلام، تعالى الله عن ذلك، ولكن تقريرًا للإيمان في قلبه، وإن لم يرَ كيفية إحياء الموتى، فأخبر عليه السلام عن نفسه أنه مؤمن مصدق"

(1)

.

وقال ابن عطية: "إحياء الموتى إنما يثبت بالسمع، وقد كان إبراهيم أُعلم به، يدلك على ذلك قوله: {رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ}، فالشك يبعد على من ثبتت قدمه في الإيمان فقط، فكيف بمرتبة النبوة والخلة، والأنبياء معصومون من الكبائر ومن الصغائر التي فيها رذيلة إجماعًا"

(2)

.

الثاني: أن سؤال إبراهيم عليه السلام إنما هو عن الكيفية، لا عن الإمكان، كما هو صريح قوله:{كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى} .

قال ابن عطية: "وإذا تأملت سؤاله عليه السلام، وسائر ألفاظ الآية لم تعطِ شكًا، وذلك أن الاستفهام بكيف، إنما هو عن حال شيء موجود، متقرر الوجود عند السائل والمسؤول، نحو قولك: كيف علم زيد؟ وكيف نسج الثوب؟ ونحو هذا، ومتى قلت: كيف ثوبك وكيف زيد، فإنما السؤال عن حال من أحواله

و(كيف) في هذه الآية إنما هي استفهام عن هيئة الإحياء، والإحياء متقرر"

(3)

.

وقال ابن حزم: "إنما أراد أن يرى الكيفية فقط، ويعتبر بذلك، وما شك إبراهيم عليه السلام في أن الله تعالى يحيي الموتى، وإنما أراد أن يرى الهيئة،

(1)

الفصل (2/ 292).

(2)

المحرر الوجيز (2/ 303).

(3)

المحرر الوجيز (2/ 303). وانظر: جامع البيان (3/ 52)، والإبانة لابن بطة (2/ 833 - 834)، وفتح الباري (1/ 47)، ومنة المنعم (1/ 133)، وتفسير القرآن الكريم (3/ 305)، وزيادة الإيمان ونقصانه للدكتور عبد الرزاق البدر (56 - 58).

ص: 410

كما أننا لا نشك في صحة وجود الفيل، والتمساح، والكسوف، وزيادة النهر، والخليفة، ثم يرغب من لم يرَ ذلك منا في أن يرى كل ذلك، ولا يشك في أنه حق، لكن ليرى العجب الذي يتمثله في نفسه ولم تقع عليه حاسة بصره قط"

(1)

.

وأما قوله: {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} فمعناه: ليزداد طمأنينة وإيمانًا، وإلا فقد كان مؤمنًا مطمئنًا، وفي هذا دليل على أن إيمان القلب يزيد وينقص، وأنه درجات بعضها فوق بعض، فإبراهيم عليه السلام كان يؤمن بإحياء الموتى، ولكن طلب رؤية ذلك ليطمئن قلبه، فالاطمئنان الحاصل للقلب بالرؤية، درجة زائدة على أصل الإيمان والتصديق

(2)

.

قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب

(3)

رحمه الله: "وأما قوله: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى} فمن أعظم الأدلة على تفاوت الإيمان ومراتبه، حتى الأنبياء، فهذا طلب الطمأنينة مع كونه مؤمنًا، فإذا كان محتاجًا إلى الأدلة التي توجب له الطمأنينة فكيف بغيره"

(4)

.

(1)

الفصل (2/ 292)، وانظر: أعلام الحديث (3/ 1546)، وإكمال المعلم (1/ 464)، وشرح النووي على مسلم (2/ 543).

(2)

انظر: جامع البيان (3/ 52)، والإبانة لابن بطة (2/ 833 - 834)، وفتح الباري (1/ 47)، ومنة المنعم (1/ 133)، وتفسير القرآن الكريم (3/ 305)، وزيادة الإيمان ونقصانه للدكتور عبد الرزاق البدر (56 - 58).

(3)

هو محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي النجدي شيخ الإسلام ومصباح الظلام مجدد ما اندرس من العقيدة في الجزيرة العربية، ولد في العيينة ورحل إلى حريملاء ودعا إلى مذهب السلف فخذله ابن معمر فرحل إلى الدرعية حيث ساعده وآزره أميرها محمد بن سعود فتعاضدا جميعًا على نشر الدعوة السلفية، وقمع البدعة والخرافة، توفي رحمه الله في الدرعية سنة (1206 هـ)، وله مؤلفات ورسائل عديدة أهمها وأشهرها كتاب التوحيد. [انظر: الأعلام (6/ 257)، وعلماء نجد (1/ 125)].

(4)

مجموع مؤلفات الشيخ، المجلد الثاني، قسم الفتاوى (73).

ص: 411