الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث: الترجيح
الذي يظهر رجحانه -والله تعالى أعلم بالصواب- القول الأول، لأن فيه جمعًا بين النصوص، ومتى أمكن الجمع -بشرط احتمال النصوص له- وجب المصير إليه، لأن فيه إعمالًا لكلا الدليلين، وإعمال الدليلين أولى من إهمال أحدهما، ولذا قال ابن كثير:
"لعل مراد من نفى ذلك: أنها لم تكن تحرس حراسة شديدة، ويجب حمل ذلك على هذا، لما ثبت في الحديث
…
"
(1)
، ثم ذكر حديث ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(ماذا كنتم تقولون في الجاهلية إذا رمي بمثل هذا؟ ).
وعلى هذا يكون الرمي بالشهب موجودًا في الجاهلية، كما يدل عليه حديث ابن عباس:(ماذا كنتم تقولون في الجاهلية إذا رمي بمثل هذا؟ ) لكنه لم يكن متواصلًا ومستمرًا في كل وقت، وفي كل حال، ومن كل جانب، فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم شُدد في حراسة السماء، وكثُر الرمي بالشهب، كما قال تعالى:{وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا (8) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا (9)} [الجن: 8، 9]، وعلى هذا يُحمل حديث ابن عباس رضي الله عنهما الآخر:(فرجعت الشياطين إلى قومهم فقالوا: ما لكم؟ فقالوا: حيل بيننا وبين خبر السماء، وأرسلت علينا الشهب) أي: أن الرمي بالشهب -لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم- زاد وكثر، على خلاف المعتاد والمعهود، مما جعل الناس تستغرب ذلك، والشياطينَ تنكره
(1)
البداية والنهاية (3/ 19).