الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و
بيان وجه الإشكال
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أحد أصبر على أذىً سمعه، من الله، يدعون له الولد ثم يعافيهم ويرزقهم)، متفق عليه
(1)
.
بيان وجه الإشكال
قال ابن القيم: "أشكل هذا الاسم -يعني: الصبور
(2)
- على كثير من
(1)
البخاري في موضعين: في كتاب التوحيد، باب:{إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58)} (6/ 2687) ح (6943)، وفي كتاب الأدب، باب: الصبر على الأذى (5/ 2262) ح (5748).
ومسلم: كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، باب: لا أحد أصبر على أذىً يسمعه من الله عز وجل (17/ 151) ح (2804).
(2)
ذهب بعض أهل العلم -كابن منده والبيهقي وقوام السنة أبي القاسم الأصبهاني وابن القيم وابن حجر والسعدي وغيرهم عليهم رحمة الله- إلى تسمية الله تعالى بالصبور، ومُعوَّل أكثرهم على حديث سرد الأسماء، وهو حديث لا يصح، وقد تقدم بيان حاله في المبحث الثالث، فراجعه إن شئت، وقد يكون مُعوَّل بعضهم على الاشتقاق من اللفظ الوارد في الحديث. [انظر: على الترتيب: التوحيد (2/ 142)، والأسماء والصفات (1/ 148)، والحجة في بيان المحجة (2/ 489)، وعدة الصابرين (420)، وفتح الباري (13/ 361)، والحق الواضح المبين، مطبوع ضمن المجموعة الكاملة لمؤلفات السعدي (3/ 241)].
وأما صفة الصبر فهي ثابتة لله تعالى على ما يليق بجلاله، كما هو مدلول هذا الحديث.
العلماء، وقالوا: لم يأتِ في القرآن، فأعرضوا عن الاشتغال به صفحًا، ثم اشتغلوا بالكلام في صبر العبد وأقسامه، ولو أنهم أعطوا هذا الاسم حقه لعلموا أن الرب أحق به من جميع الخلق، كما هو أحق باسم العليم والرحيم والقدير والسميع والبصير والحي وسائر أسمائه الحسنى، من المخلوقين، وأن التفاوت الذي بين صبره سبحانه وصبرهم كالتفاوت الذي بين حياته وحياتهم، وعلمه وعلمهم، وسمعه وأسماعهم، وكذا سائر صفاته"
(1)
.
ولعل سبب استشكال إضافة الصبر إلى الله تعالى ما يصاحب الصبر من الألم والحزن والمشقة، إضافةً إلى أنه قد يكون ناتجًا عن ضعف وعجز وعدم قدرة، ومعلوم أن الله تعالى منزه عن ذلك كله، فلا يلحقه نقص بوجه من الوجوه، وعلى هذا فما معنى هذه الصفة -الصبر- بالنسبة لله تعالى؟ هذا ما سوف يتضح في المطلب التالي، إن شاء الله تعالى.
* * *
(1)
عدة الصابرين (421) بتصرف يسير، وانظر: شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري للغنيمان (1/ 100)، والحجة في بيان المحجة (2/ 489).