الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في آل فرعون: {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: 46] "
(1)
.
لكن مما لا شك فيه أن هذا الوعيد في حق المصور يدل على عظم هذه المعصية، وأنها من كبائر الذنوب، مما يوجب له تركها والبعد عنها، والحذر منها.
مناقشة الأقوال المرجوحة:
أما القول الأول، وهو حمل الحديث على من قصد المضاهاة، دون من صور ولم يقصدها، فيشكل عليه: أن المضاهاة حاصلة بمجرد التصوير، سواءً قصدها أم لم يقصدها.
قال الشيخ ابن عثيمين: "قوله: (يضاهئون) هل الفعل يشعر بالنية، أو نقول: المضاهاة حاصلة، سواء كانت بنية أو بغير نية؟ الجواب: الثاني، لأن المضاهاة حصلت سواء نوى أم لم ينوِ، لأن العلة هي المشابهة، وليست العلة قصد المشابهة"
(2)
.
وأما القول الثاني: وهو حمل الحديث على من صور الصورة لكي تعبد، فقد استبعده الشيخ ابن عثيمين، حيث قال:"وليست الحكمة كما يدعيه كثير من الناس أنهم يصنعونها لتعبد من دون الله، فذلك شيء آخر، فمن صنع شيئًا ليعبد من دون الله، فإنه حتى ولو لم يصور-كما لو أتى بخشبة وقال: اعبدوها- دخل في التحريم"
(3)
.
وأما القول الثالث: وهو قصر الناس في قوله: (إن أشد الناس عذابًا
…
) على المصورين فقط، فيرده عموم الحديث، لا سيما وأنه لا دليل على هذا التخصيص.
وأما القول الرابع: وهو حمل الحديث على رواية: (إن من أشد
…
)
(1)
الجامع لأحكام القرآن (5/ 425).
(2)
القول المفيد (3/ 208)، وانظر: عمدة القاري (22/ 70).
(3)
القول المفيد (3/ 208).
أي: بإثبات (من)، فإنه ليس فيه ما يرفع الإشكال، لأنه يقتضي مساواة المصور -الذي فعل كبيرة فقط- بالكافر المستكبر، الذي يقع عليه أشد العذاب
(1)
.
والحاصل: أن الوعيد بهذه الصيغة (أشد الناس عذابًا) إن ورد في حق كافر-كقوله: (إن أشد الناس عذابًا يوم القيامة: رجل قتل نبيًا أو قتله نبي) - فلا إشكال فيه، لأنه يكون مشتركًا في ذلك مع آل فرعون، ويكون فيه دلالة على عظم كفر المذكور، وإن ورد في حق عاصٍ -كقوله:(إن أشد الناس عذابًا عند الله يوم القيامة المصَّورون) -فيكون أشد عذابًا من غيره من العصاة، ويكون ذلك دالًا على عظم المعصية المذكورة
(2)
.
* * *
(1)
انظر: القول المفيد (3/ 209)، ومجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين (2/ 282).
(2)
انظر: المعتصر من المختصر من مشكل الآثار لأبي الوليد بن وشد (2/ 237)، والفتح (10/ 384)، وعمدة القاري (22/ 70).