الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
استخرجه
(1)
، فقال:(هذه البئر التي أُرِيْتُهَا، وكأن ماءها نُقَاعَةُ الحِنَّاء، وكأن نخلها رؤوس الشياطين)، قال: فاستُخْرِجَ، قالت: فقلت: أفلا؟ -أي: تنشرت
(2)
- فقال: (أما الله فقد شفاني، وأكره أن أثير على أحد من الناس شرًا)
(3)
.
بيان وجه الإشكال
استُشكل هذا الحديث من عدة وجوه، منها:
- أن السحر من عمل الشياطين، فكيف يصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، مع حياطة الله تعالى له، وتسديده إياه.
= عليه. [انظر: تهذيب اللغة (2/ 210) مادة (رعف)، والنهاية في غريب الحديث (2/ 235)، وكشف المشكل (4/ 341)، وفتح الباري (10/ 234)].
(1)
هذه الرواية تفيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد استخرج السحر، وفي الرواية التي قبلها ما يفيد ضد ذلك، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستخرجه، قال ابن القيم في بدائع الفوائد (2/ 362):"ولا تنافي بينهما، فإنه استخرجه من البئر حتى رآه وعلمه، ثم دفنه بعد أن شفي، وقول عائشة رضي الله عنها: هلا استخرجته؟ أي: هلا أخرجته للناس، حتى يروه ويعاينوه، فأخبرها بالمانع له من ذلك، وهو أن المسلمين لم يكونوا ليسكتوا عن ذلك، فيقع الإنكار، ويغضب للساحر قومُه، فيحدث الشر، وقد حصل المقصود بالشفاء والمعافاة، فأمر بها فدفنت، ولم يستخرجها للناس، فالاستخراج الواقع غير الذي سألت عنه عائشة، والذي يدل عليه: أنه صلى الله عليه وسلم، إنما جاء إلى البئر ليستخرجها منه، ولم يجئ إليه لينظر إليها ثم ينصرف، إذ لا غرض له في ذلك، والله أعلم"، وانظر: فتح الباري (10/ 234).
(2)
قال ابن حجر في الفتح (10/ 235): "ظاهر هذه اللفظة: أنه من النشرة
…
، ويُحتمل أن يكون من: النشر، بمعنى: الإخراج، فيوافق رواية من رواه بلفظ:(فهلا أخرجته)، ويكون لفظ هذه الرواية:(هلا استخرجت)، وحذف المفعول للعلم به".
(3)
صحيح البخاري: كتاب الطب، باب: هل يُستخرج السحر (5/ 2175) ح (5432)، وأخرجه أيضًا في كتاب الأدب، باب: قول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ
…
} (5/ 2252) ح (5716).
- أن هذا يصدق قول المشركين في وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنه مسحور، كما حكى الله عنهم في قوله:{إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا} [الإسراء: 47].
- أن لحوق أثر السحر بالنبي صلى الله عليه وسلم، يُنافي عصمته، ويقدح في نبوته، ويزيل الثقة بما يبلغه عن الله.
فهذه الوجوه وغيرها -مما سيأتي ذكره- جعلت البعض يقدح في صحة الحديث، أو يصححه، ولكن ينفي تأثر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك السحر.
ولا ريب أن الحديث متفق على صحته، متلقى بالقبول عند أهل العلم، فلا سبيل إلى رده أو الطعن فيه، وأما ما أُثير حوله من إشكالات أو شبهات، فسيأتي الجواب عنها في المطالب التالية، إن شاء الله تعالى.
* * *