الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد يثبت الصفة مع التفويض الكامل لها، كما فعل في اليدين
(1)
.
وفي بداية كتابه غمز أهل الحديث ونال منهم، حيث وصفهم بقلة "عنايتهم بمعرفة مصادر الكلام وموارده، وظاهره وباطنه، ومجازه وحقيقته واستعارته، وما يجوز إطلاقه في القديم وما لا يجوز إطلاقه"، ثم قال: "قد قنع الواحد منهم من العلم برسمه، ومن الحديث بجمعه واسمه
…
"
(2)
.
ويبين سبب تأليفه هذا الكتاب بقوله: "أما بعد فإنك كتبت إلي شكوى ما فشا بالناحية من معتقد الفرقة المنتسبة إلى الحديث المنتحلة للأثر، حتى مالوا إلى قوم من ضعفة المسلمين بمعاهدتهم بالتلبيس والتمويه
…
"
(3)
.
ومما تحسن الإشارة إليه أن الطبري قد أورد في كتابه هذا كثيرًا من الآيات الموهمة للتشبيه -على زعمه- ولم يقصره على الأحاديث، ولذلك نقل منه شيخ الإسلام ابن تيمية
(4)
رحمه الله وسماه: "مشكل الآيات" (
5).
5 -
كتاب (مشكل الحديث وبيانه) لابن فورك
(6)
رحمه الله تعالى:
هذا الكتاب لا يختلف كثيرًا عن سابقه (تأويل الأحاديث المشكلة
(1)
انظر: (لوحة 21/ ب).
(2)
تأويل الأحاديث المشكلة (لوحة 1/ ب).
(3)
نفس المصدر (لوحة 1/ أ).
(4)
هو شيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن تيمية الحراني، الفقيه المجتهد المفسر، كان يتوقد ذكاءً وكان رأسًا في الزهد والعلم والكرم والشجاعة، له تصانيف كثيرة سارت بها الركبان، وكان سيفًا على المبتدعة، عرف أقوال المتكلمين وبرع في ذلك ثم رد عليهم، وقد امتحن وأوذي مرات، توفي رحمه الله محبوسًا بقلعة دمشق سنة (728 هـ) له مؤلفات كثيرة منها: درء التعارض، ومنهاج السنة، واقتضاء الصراط المستقيم. [انظر: العقود الدرية من مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية لمحمد بن عبد الهادي، وتذكرة الحفاظ (4/ 1496)، والعبر (4/ 84)، وشذرات الذهب (6/ 83)].
(5)
انظر: بيان تلبيس الجهمية (2/ 335).
(6)
هو الأستاذ أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك المتكلم الأصولي الأديب النحوي =
لأبي الحسن الطبري)، حيث إنه خاص بأحاديث العقيدة المتعلقة بالأسماء والصفات، فأورد جملة منها، زاعمًا أن ظاهرها يوهم التشبيه والتجسيم، ثم ذهب يؤولها ويصرفها عن ظاهرها المراد منها، بما يتوافق مع مذهبه الأشعري، وكثيرًا ما يصدر الحديث الذي يريد تأويله بقوله:"ذكر خبر مما يقتضي التأويل ويوهم ظاهره التشبيه"
(1)
، ومن الصفات التي أوَّلها: اليد
(2)
، والأصابع
(3)
، والقدم
(4)
، والنزول
(5)
، والضحك
(6)
، والعجب
(7)
، والفرح
(8)
، والاستواء
(9)
، والعلو
(10)
.
فالكتاب إذًا خاص بالعقيدة على المذهب الأشعري، وهو عبارة عن ثلاثة أقسام مرتبط بعضها ببعض
(11)
.
فالقسم الأول أورد فيه أكثر من خمسة وسبعين حديثًا، مما يرى أن
= الواعظ الأصبهاني، صاحب التصانيف في الأصول والعلم، تصدَّر للإفادة بنيسابور، وكان أشعريًا رأسًا في فن الكلام، توفي رحمه الله سنة (406 هـ) من مؤلفاته: مشكل الحديث وبيانه. [انظر: وفيات الأعيان (4/ 100)، والسير (17/ 214)، والعبر (2/ 213)، وشذرات الذهب (3/ 181)].
(1)
انظر على سبيل المثال: (42، 128، 134، 142، 146، 152، 160).
(2)
انظر: (107 - 114، 457).
(3)
انظر: (254).
(4)
انظر: (134 - 140).
(5)
انظر: (215).
(6)
انظر: (148).
(7)
انظر: (207).
(8)
انظر: (202 - 203).
(9)
انظر: (477).
(10)
انظر: (167 - 168).
(11)
انظر: مختلف الحديث للدكتور نافذ حسين (72 - 74).
ظاهرها يوهم التشبيه، فأوَّلها وبين معناها من وجهة نظر أشعرية
(1)
.
وأما القسم الثاني فهو للرد على ابن خزيمة
(2)
في كتابه: (التوحيد) فأورد فيه عشرة أحاديث، يشترك بعضها مع القسم الأول، وأوَّلها كغيرها من أحاديث الصفات، وخطَّأَ ابنَ خزيمة في حملها على ظاهرها مع نفي المماثلة، وقد بدأه بقوله:"فصل فيما ذكره ابن خزيمة في كتاب التوحيد"
(3)
.
وأما القسم الثالث فقد خصَّه للردِّ على أبي بكر أحمد بن إسحاق الصبغي
(4)
صاحب ابن خزيمة، في كتابه:(الأسماء والصفات)، وقد عقد فيه أكثر من عشرين فصلًا في تأويل صفات الله تعالى، وابتدأه بقوله:"فصل آخر فيما ذكره الصبغي في كتاب الأسماء والصفات"
(5)
.
وختم هذا الكتاب بقوله: "كَمُلَ بيان ما أشكل ظاهره من صحيح الحديث مما أوهم التشبيه، ولبَّس بذلك المجسمون، وازداره الملحدون، وطعن في روايته الملحدون، وإيضاح ما خفي باطنه مما أغفله الجاهلون،
(1)
يبدأ هذا القسم من أول الكتاب حتى ص (391).
(2)
هو الحافظ الكبير إمام الأئمة شيخ الإسلام أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة بن المغيرة بن صالح بن بكر السلمي النيسابوري، كان إمامًا ثبتًا معدوم النظير، رحل إلى الشام والحجاز والعراق ومصر، وتفقه على المزني وغيره، توفي رحمه الله سنة (311 هـ)، وله مصنفات منها: كتاب التوحيد. [انظر: تذكرة الحفاظ (2/ 720)، والسير (14/ 365)، والعبر (1/ 462)، وشذرات الذهب (2/ 262)].
(3)
يبدأ هذا القسم من (392 - 444).
(4)
هو الإمام العلامة المحدث أبو بكر أحمد بن أيوب النيسابوري الشافعي، المعروف بالصبغي، جمع وصنف، وبرع في الفقه، وتميَّز في علم الحديث، وكان يخلف ابن خزيمة في الفتوى بضع عشرة سنة، له مصنفات منها: الأسماء والصفات، والإيمان، والقدر، توفي رحمه الله سنة اثنتين وأربعين وثلاثمئة (342 هـ). [انظر: السير (15/ 483)، والعبر (2/ 63)، وشذرات الذهب (2/ 361)].
(5)
بداية هذا القسم من ص (445).
وأنكره المعطلون
…
"
(1)
.
والمطلع على هذا الكتاب يلحظ أمرين عجيبين:
"أحدهما: البحث عن أوجه التأويل لكل حديث، والتكلف في ذلك، وهو يعتقد أن هذه مهمة طائفة من أهل الحديث، فقد قسمهم إلى فرقتين:
فرقة هم أهل النقل والرواية، وحصرِ أسانيدها وتمييز صحيحها من سقيمها.
وفرقة منهم يغلب عليهم تحقيق طرق النظر والمقاييس، والإبانة عن ترتيب الفروع على الأصول، ونفي شبه الملَبِّسين عنها.
فالفرقة الأولى للدين كالخزنة للملك، والفرقة الأخرى كالحرس الذين يَذُبُّوْنَ عن خزائن الملك
(2)
.
وواضح أن ابن فورك في كتابه جعل مهمته تحقيق هدف الفرقة الثانية، ولذلك ذكر فيه ما يراه من مشكل الحديث.
والأمر الآخر: خلْطُه فيما يورده -من الأحاديث- بين الأحاديث الصحيحة والضعيفة والموضوعة، حيث جعلها نسقًا واحدًا في الدلالة وضرورة التأويل، وإذا أشار إلى ضعف بعض الروايات لا يكتفي بذلك في ردها، وبيان عدم الحاجة إلى بحث ما دلت عليه من الصفة لله تعالى، وإنما يشير إلى ضعفها -إن أشار- بكلمات، ثم يجلب بخيله ورجله في تأويلها"
(3)
.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مَعْرِضِ حديثه عن تأويلات أهل الكلام: "هؤلاء يقرنون بالأحاديث الصحيحة أحاديث كثيرة موضوعة، ويقولون بتأويل الجميع، كما فعل
…
أبو بكر بن فورك في كتاب (مشكل الحديث) "
(4)
.
(1)
مشكل الحديث (525).
(2)
انظر: مشكل الحديث لابن فورك (32).
(3)
موقف ابن تيمية من الأشاعرة للدكتور عبد الرحمن المحمود (2/ 562/ 563).
(4)
درء التعارض (5/ 236).