الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني: أقوال أهل العلم فى هذا الإشكال
قبل الدخول في أقوال أهل العلم، لا بد من بيان حال هذا الحديث من حيث الصحة والضعف، لأنه مما انتقد على البخاري رحمه الله.
فالحديث صححه -بالإضافة إلى البخاري- ابن حبان
(1)
والبغوي
(2)
وابن تيمية، والسيوطي والشوكاني.
قال ابن تيمية: "هذا أصح حديث يُروى في الأولياء"
(3)
.
وألف الشوكاني كتابًا بعنوان: "قطر الولي في حديث الولي"، قال فيه عن هذا الحديث:"رواته قد جاوزوا القنطرة، وارتفع عنهم القيل والقال، وصاروا أكبر من أن يتكلم فيهم بكلام، أو يتناولهم طعن طاعن، أو توهين موهن"
(4)
.
وألف السيوطي رحمه الله رسالةً بعنوان: "القول الجلي في حديث الولي"
(5)
، ذكر فيها بعض طرق هذا الحديث، وحكم عليه بالصحه.
لكن هذا الحديث لم يُروَ عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد: محمد بن عثمان بن كرامة، حدثنا خالد بن مخلد، حدثنا سليمان بن بلال، حدثني
(1)
انظر: صحيح ابن حبان (2/ 58 - 60).
(2)
انظر: شرح السنة (5/ 20).
(3)
الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان (7)، وانظر: مجموع الفتاوى (2/ 371)، و (18/ 129).
(4)
قطر الولي (230).
(5)
وهي مطبوعة ضمن كتاب: الحاوي للفتاوى للسيوطي (1/ 560 - 564).
شريك بن أبي عبد الله بن أبي نمر، عن عطاء، عن أبي هريرة
(1)
.
ورواه عن محمد بن كرامة جماعة، منهم البخاري رحمه الله.
ولهذا انتقده بعض العلماء، وعدوه من غرائب الصحيح.
قال المزِّي
(2)
: "رواه البخاري عن ابن كرامة
…
وليس له عنه في الصحيح غيره، وهو من غرائب الصحيح، مما تفرد به شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة، وتفرد به خالد بن مخلد، عن سليمان بن بلال، عن شريك، والله أعلم"
(3)
.
وقال الذهبي: "هذا حديث غريب جدًا، لولا هيبة الجامع الصحيح لعدوه في منكرات خالد بن مخلد، وذلك لغرابة لفظه، ولأنه مما ينفرد به شريك وليس بالحافظ، ولم يُروَ هذا المتن إلا بهذا الإسناد، ولا خَرَّجَه من عدا البخاري"
(4)
.
لكن تعقبه ابن حجر فقال: "إطلاق أنه لم يُروَ إلا بهذا الإسناد مردود"
(5)
.
(1)
وأخرجه بهذا الإسناد -غير البخاري- ابن حبان في صحيحه (2/ 58) ح (67490)، والبيهقي في الأسماء والصفات (2/ 447) ح (1029)، وفي الزهد (269) ح (696)، وفي السنن (3/ 346) ح (6188)، وأبو نعيم في الحلية (1/ 4)، والبغوي في شرح السنة (5/ 20)، وقال: هذا حديث صحيح.
(2)
هو الإمام جمال الدين أبو الحجاج يوسف بن عبد الرحمن بن يوسف بن عبد الملك المزي الشافعي، طلب الحديث وبرع فيه وفي علومه حتى أقرَّ له الحفاظ من مشايخه وغيرهم بالتقدم والرياسة، وكان مع تبحره في علم الحديث ورجاله رأسًا في اللغة والتصريف، له مؤلفات منها: تهذيب الكمال، والأطراف، توفي رحمه الله سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة (742). [انظر: تذكرة الحفاظ (4/ 1498)، والعبر (4/ 127)، والشذرات (6/ 136)، والبدر الطالع (2/ 353)].
(3)
تهذيب الكمال (26/ 91).
(4)
ميزان الاعتدال (427).
(5)
فتح الباري (11/ 341).
وقال ابن رجب عن هذا الحديث: "هو من غرائب الصحيح، تفرد به ابن كرامة، عن خالد
…
وقد روي هذا الحديث من وجوه أُخر، لا تخلو كلها من مقال"
(1)
.
وقال المعلمي: "هذا الخبر
…
لم يُروَ عن أبي هريرة إلا بهذا السند الواحد
…
ومثل هذا التفرد يريب في صحة الحديث، مع أن خالدًا له مناكير، وشريكًا فيه مقال، وقد جاء الحديث بأسانيد فيها ضعف"
(2)
.
وقال الألباني: "هذا إسناد ضعيف، وهو من الأسانيد القليلة التي انتقدها العلماء على البخاري رحمه الله تعالى"
(3)
.
والحاصل أن هذا الحديث قد وجهت له علتان:
العلة الأولى: أن في سنده خالد بن مخلد، وهو متكلم فيه. قال فيه الإمام أحمد: له مناكير.
وقال أبو داود: صدوق لكنه يتشيع.
وقال يحيى بن معين: لا بأس به.
وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به.
وقال ابن سعد: منكر الحديث، مُفْرِط في التشيع.
وقال صالح جزره: ثقة إلا أنه كان متهمًا بالغلو في التشيع
(4)
.
وقال الحافظ ابن حجر: "صدوق يتشيع"
(5)
.
العلة الثانية: أن في إسناده شريك بن عبد الله، وهو أيضًا متكلم فيه.
قال ابن معين: لا بأس به.
(1)
جامع العلوم والحكم (2/ 330 - 331).
(2)
الأنوار الكاشفة (193 - 194).
(3)
سلسلة الأحاديث الصحيحة (4/ 184).
(4)
انظر: الكامل لابن عدي (3/ 904)، وميزان الاعتدال (2/ 425)، وتهذيب التهذيب (3/ 106).
(5)
تقريب التهذيب (1/ 263).
وقال النسائي: ليس بالقوي.
وقال أبو داود: ثقة.
وقال يحيى بن سعيد: لو كان قدامي شريك لم أكتب عنه، وكان رحمه الله لا يحدث عنه
(1)
.
وقال ابن حجر: "صدوق يخطيء"
(2)
.
فهاتان العلتان جعلت النقاد يعدون هذا الحديث من غرائب الصحيح، ويرتابون في صحته، بل صرح بعضهم بضعف إسناده.
والجواب عما انتُقد به هذا الحديث يمكن تقسيمه إلى قسمين: مجمل ومفصل:
أما المجمل فيقال فيه: إن انتقاد هؤلاء الحفاظ، مقابل بتصحيح غيرهم، وقد تقدم أن الحديث صححه البخاري وابن حبان والبغوي وابن تيمية والسيوطي والشوكاني، عليهم رحمة الله.
وأما الجواب المفصل، فيكون بالإجابة عما قيل في خالد وشريك، وقد أجاب عما قيل فيهما الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:
فقال -معلقًا على ما قيل في خالد-: "أما التشيع فقد قدمنا أنه إذا كان ثبت الأخذ والأداء لا يضره، لا سيما ولم يكن داعيةً إلى رأيه، وأما المناكير فقد تتبعها أبو أحمد بن عدي من حديثه وأوردها في كامله، وليس فيها شيء مما أخرجه له البخاري، بل لم أرَ له عنده من أفراده سوى حديث واحد، وهو حديث أبي هريرة:(من عادى لي وليًا) الحديث
…
وروى له الباقون سوى أبي داود"
(3)
.
(1)
انظر: الكامل لابن عدي (4/ 1321)، وميزان الاعتدال (3/ 372)، وتهذيب التهذيب (4/ 307).
(2)
تقريب التهذيب (1/ 418)، وانظر: فتح الباري (11/ 341).
(3)
هدي الساري (400).
وقال -معلقًا على ما قيل في شريك-: "قلت: احتج به الجماعة، إلا أن في روايته عن أنس لحديث الإسراء مواضع شاذة"
(1)
.
ومع هذا فإن الحديث قد جاء من عدة طرق تعضده وتقويه وتشهد له -وإن كانت لا تخلو كلها من مقال- ولذا قال الحافظ ابن حجر: "لكن للحديث طرق أخرى يدل مجموعها على أن له أصلًا"
(2)
.
وسوف أشير فيما يلي إلى الطرق التي ذكرت الحديث كاملًا، مع تخريجها، والحكم عليها، دون ذكر متونها، لأنها كلها جاءت بألفاظ مقاربة لحديث أبي هريرة رضي الله عنه، وفي بعضها زيادة:
1 -
حديث عائشة رضي الله عنها، وقد جاء من طريقين:
أ- من طريق عبد الواحد بن ميمون، عن عروة، عنها
(3)
.
ب- ومن طريق يعقوب بن مجاهد -أبي حزرة- عن عروة، عنها
(4)
.
(1)
هدي الساري (410).
(2)
فتح الباري (11/ 341).
(3)
أخرجه الإمام أحمد في مسنده (43/ 261) ح (26193)، والبزار في مسنده (كشف 4/ 248) ح (3647)، والبيهقي في الزهد (270) ح (698، 699)، وأبو نعيم في الحلية (1/ 5)، وسنده ضعيف، لأن فيه عبد الواحد بن ميمون، قال عنه البخاري في التاريخ الكبير (6/ 58):"منكر الحديث"، وقال النسائي في الضعفاء والمتروكون (151):"ليس بثقة"، وذكره الدارقطني في الضعفاء والمتروكون (339).
(4)
أخرجه الطبراني في الأوسط (9/ 139) ح (9352)، وقال: "لم يرو هذا الحديث
…
عن عروة إلا أبو حزرة وعبد الواحد بن ميمون"، وأورده الهيثمي في المجمع (10/ 269)، وقال: "رجال الطبراني في الأوسط رجال الصحيح، غير شيخه هارون بن كامل"، وقال ابن رجب في جامع العلوم والحكم (2/ 331): "هذا إسناد جيد، ورجاله كلهم ثقات، مخرج لهم في الصحيح، سوى شيخ الطبراني، فإنه لا يحضرني الآن معرفة حاله"، وبنحوه قال الألباني في السلسلة الصحيحة (4/ 186)، وقال أيضًا (4/ 187): "وجملة القول في حديث عائشة هذا، أنه لا بأس به في الشواهد من الطريق الأخرى -يقصد طريق الطبراني- إن لم يكن لذاته حسنًا".
2 -
حديث أبي أمامة رضي الله عنه
(1)
.
3 -
حديث أنس بن مالك رضي الله عنه
(2)
4 -
حديث ميمونة رضي الله عنها
(3)
.
5 -
حديث ابن عباس رضي الله عنه
(4)
.
(1)
أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (8/ 221) ح (7880)، والبيهقي في الزهد (273) ح (702) كلاهما بدون قوله: (وما ترددت
…
)، وسنده ضعيف جدًا، لأن فيه عثمان بن أبي العاتكه وعلي بن يزيد، وهما ضعيفان.
قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم (2/ 332): "عثمان وعلي بن يزيد ضعيفان، قال أبو حاتم الرازي في هذا الحديث: هو منكر جدًا"، وقال الهيثمي في المجمع (2/ 248): فيه علي بن يزيد، وهو ضعيف.
وحكم الحافظ ابن حجر في الفتح (11/ 342) على سنده بالضعف.
(2)
أخرجه البغوي في شرح السنة (5/ 21 - 23) من طريقين عن صدقة بن عبد الله، عن هشام الكتاني، عن أنس، وعزاه ابن حجر في الفتح (11/ 342) لأبي يعلى والبزار والطبراني، وسنده ضعيف، لضعف صدقة بن عبد الله، وكذا الراوي عن صدقة في كلا الطريقين ضعيف، وهما: عمر بن سعيد الدمشقي، وفي الطريق الآخر: الحسن بن يحيى الخشني، وهشام الكتاني الراوي عن أنس لا يعرف.
قال الهيثمي في المجمع (10/ 270): "رواه الطبراني في الأوسط، وفيه عمر بن سعيد أبو حفص الدمشقي وهو ضعيف"، وحكم ابن حجر في الفتح (11/ 342) على سنده بالضعف، وقال الألباني في السلسلة الصحيحة (4/ 189):"إسناده ضعيف، مسلسل بالعلل"، وانظر: جامع العلوم والحكم (2/ 333).
(3)
أخرجه أبو يعلى في مسنده (12520) ح (7087)، وسنده ضعيف جدًا، لأن فيه يوسف بن خالد السمتي، قال فيه ابن معين: ضعيف، وقال أيضًا: كذاب خبيث، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال أبو حاتم: ذاهب الحديث، وقال ابن عدي: أجمع على كذبه أهل بلده. [انظر: الكامل لابن عدي (7/ 2616)، وتهذيب التهذيب (11/ 359)].
قال الهيثمي في المجمع (10/ 270): "رواه أبو يعلى، وفيه يوسف بن خالد السمتي، وهو كذاب".
وقال الألباني في السلسلة الصحيحة (4/ 190): "هذا إسناد ضعيف جدًا".
(4)
أخرجه الطبراني في الكبير (12/ 113) ح (12719)، وضعفه ابن رجب في جامع =
والخلاصة أن الحديث صحيح بشواهده إن شاء الله تعالى.
قال الألباني رحمه الله: "حديث عائشة وحديث أنس بطريقيه
…
إذا ضُمَّا إلى إسناد حديث أبي هريرة، اعتضد الحديث بمجموعها، وارتقى إلى درجة الصحيح إن شاء الله تعالى"
(1)
.
إذا تبين هذا وأن الحديث بمجموع طرقه صالح للاحتجاج به، فهل التردد المضاف إلى الله تعالى فيه يكون صفة من صفاته أم ماذا؟
سلك أهل العلم في هذا مسلكين:
المسلك الأول: إجراء الحديث على ظاهره، والأخذ بمدلوله في إثبات التردد صفة لله تعالى، على ما يليق بجلاله وعظمته، مع القطع بكون تردده سبحانه ليس كتردد المخلوق، لأنه جلَّ وعلا {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]، فليس مثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله.
وقد نص على هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية
(2)
والشيخ عبد العزيز بن باز، عليهما رحمة الله.
قال الشيخ ابن باز: "التردد وصف يليق بالله تعالى لا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه، وليس كترددنا، والتردد المنسوب لله لا يشابه تردد المخلوقين، بل هو تردد يليق به سبحانه، كسائر صفاته جل وعلا"
(3)
.
المسلك الثاني: تأويل الحديث وصرفه عن ظاهره، وذلك بنفي صفة التردد عن الله تعالى، وإلى هذا ذهب الشوكاني رحمه الله، وهو مسلك عامة
= العلوم والحكم (2/ 332)، وابن حجر في الفتح (11/ 342)، وقال الهيثمي في المجمع (10/ 270):"رواه الطبراني، وفيه جماعة لم أعرفهم"، وانظر: السلسلة الصحيحة (4/ 188).
(1)
السلسلة الصحيحة (4/ 190).
(2)
انظر: مجموع الفتاوى (18/ 129 - 131)، و (10/ 58).
(3)
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (9/ 417).
أهل التأويل من شراح الحديث وغيرهم
(1)
.
قالوا: لأن التردد يكون ممن لا يعلم عواقب الأمور، وهذا محال على الله تعالى
(2)
.
وقد ذكروا عدة تأويلات حملوا الحديث عليها، منها:
1، 2 - ما ذهب إليه الخطابي وغيره حيث قال: "التردد في صفة الله عز وجل غير جائز، والبداء عليه في الأمور غير سائغ، وتأويله على وجهين:
أحدهما: أن العبد قد يشرف في أيام عمره على المهالك مرات ذوات عدد من داء يصيبه وآفة تنزل به، فيدعو الله فيشفيه منها، ويدفع مكروهها عنه، فيكون ذلك من فعله كتردد من يريد أمرًا ثم يبدو له في ذلك وبتركه ويعرض عنه، ولا بد له من لقائه إذا بلغ الكتاب أجله، فإنه قد كتب الفناء على خلقه، واستأثر بالبقاء لنفسه
…
والثاني: أن يكون معناه: ما ردَّدت رسلي في شيء أنا فاعله، ترديدي إياهم في نفس المؤمن، كما روي من قصة موسى وملك الموت صلوات الله عليهما، وما كان من لطمه عينه، وتردده إليه مرة بعد أُخرى
(3)
، وحقيقة المعنى في الوجهين معًا: عطف الله على العبد، ولطفه به، وشفقته عليه"
(4)
.
3 -
وذهب بعضهم كابن الجوزي إلى احتمال أن يكون المعنى: أن
(1)
انظر: كشف المشكل من حديث الصحيحين لابن الجوزي (3/ 527)، وفتح الباري (11/ 345 - 346).
(2)
انظر: كشف المشكل لابن الجوزي (3/ 525)، ومجموع الفتاوى (18/ 129).
(3)
الحديث متفق عليه: البخاري (1/ 449) ح (1274)، ومسلم (15/ 136) ح (2372)، وسيأتي الكلام عليه في الباب الثاني، إن شاء الله تعالى.
(4)
أعلام الحديث (3/ 2259 - 2260) بتصرف يسير، وانظر: الأسماء والصفات للبيهقي (2/ 448)، وشرح السنة للبغوي (5/ 20).
تركيب الولي يحتمل أن يعيش خمسين سنةً، وعمره الذي كتب له سبعون، فإذا بلغ الخمسين فمرض، دعا الله بالعافية، فيحييه عشرين أخرى، فعبر عن قدر التركيب، وعما انتهى إليه بحسب الأجل المكتوب، بالتردد
(1)
.
4 -
ما ذهب إليه الشوكاني وهو: أن "التردد كناية عن محبة الله لعبده المؤمن أن يأتي بسبب من الأسباب الموجبة لخلوصه من المرض الذي وقع فيه، حتى يطول به عمره، من دعاء أو صلة رحم أو صدقة، فإن فعل مد الله له في عمره بما يشاء، وتقتضيه حكمته، وإن لم يفعل حتى جاء أجله، وحضره الموت، مات بأجله الذي قد قضي عليه إذا لم يتسبب بسبب يترتب عليه الفسحة له في عمره، مع أنه وإن فعل ما يوجب التأخير، والخلوص من الأجل الأول، فهو لا بد له من الموت بعد انقضاء تلك المدة التي وهبها الله سبحانه له.
فكان هذا التردد معناه: انتظار ما يأتي به العبد مما يقتضي تأخير الأجل، أو لا يأتي فيموت بالأجل الأول"، قال: "وهذا معنى صحيح لا يرد عليه إشكال، ولا يمتنع في حقه سبحانه بحال، مع أنه سبحانه يعلم أن العبد سيفعل ذلك السبب، أو لا يفعله، لكنه لا يقع التنجيز لذلك المسبب إلا بحصول السبب الذي ربطه عز وجل به"
(2)
.
* * *
(1)
انظر: فتح الباري (11/ 346).
(2)
قطر الولي على حديث الولي (515).