المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثالث: الترجيح - أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين جمعا ودراسة

[سليمان بن محمد الدبيخي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌خطة البحث:

- ‌منهج البحث:

- ‌التمهيد

- ‌المبحث الأول: تعريف المشكل وبيان الفرق بينه وبين المختلف

- ‌أولًا: تعريف المشكل في اللغة والاصطلاح:

- ‌أ -المشكل في اللغة:

- ‌ب - مشكل الحديث في اصطلاح المحدثين

- ‌ثانيًا: تعريف مختلف الحديث في اللغة والاصطلاح:

- ‌أ- فالمختلف في اللغة:

- ‌ب - مختلف الحديث اصطلاحًا:

- ‌ثالثًا: الفرق بين مشكل الحديث ومختلف الحديث:

- ‌المبحث الثاني: التعريف بأشهر المؤلفات في مشكل الحديث

- ‌1 - كتاب (اختلاف الحديث) للإمام الشافعي رحمه الله تعالى:

- ‌2 - كتاب (تأويل مختلف الحديث) لابن قتيبة رحمه الله تعالى:

- ‌3 - كتاب (مشكل الآثار)(5)للطحاوي رحمه الله تعالى:

- ‌4 - تأويل الأحاديث المشكلة(3)لأبي الحسن الطبري

- ‌5).5 -كتاب (مشكل الحديث وبيانه) لابن فورك(6)رحمه الله تعالى:

- ‌6 - كشف المشكل من حديث الصحيحين لابن الجوزي

- ‌المبحث الثالث: ظواهر الكتاب والسنة كلها حق

- ‌المبحث الرابع: العمل بالمحكم والإيمان بالمتشابه

- ‌فأولًا: معنى المحكم والمتشابه في اللغة وفي الاصطلاح:

- ‌المحكم في اللغة:

- ‌وأما المتشابه في اللغة:

- ‌ثانيًا: علاقة المشكل بالمتشابه:

- ‌ثالثًا: عمل السلف بهذه القاعدة:

- ‌رابعًا: الوضوح والإشكال في النصوص من الأمور النسبية:

- ‌خامسًا: هل صفات الله تعالى من قبيل المتشابه

- ‌سادسًا: أسباب استشكال النصوص، أو الاشتباه فيها:

- ‌المبحث الخامس: ترجمة موجزة للبخاري ومسلم عليهما رحمة الله

- ‌أولًا: الإمام البخاري رحمه الله تعالى:

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌مصنفاته:

- ‌وفاته:

- ‌ثانيًا: الإمام مسلم رحمه الله تعالى

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌مصنفاته:

- ‌وفاته:

- ‌المبحث السادس: مكانة الصحيحين عند الأمة

- ‌مآخذ بعض أهل العلم على هذين الكتابين:

- ‌الباب الأول: الأحاديث المتوهم إشكالها في باب الإيمان بالله تعالى

- ‌الفصل الأول: الأحاديث المتوهم إشكالها في الأسماء والصفات

- ‌التمهيدبيان عقيدة أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات

- ‌المبحث الأول: (خلق الله آدم على صورته)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌الخلاصة:

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌وبيان فساده من وجوه:

- ‌المطلب الرابع: في بيان معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (فيأتيهم الله في صورة غير صورته التي يعرفون)

- ‌المبحث الثاني: (وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الثالث: (إن لله تسعة وتسعين اسمًا)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المسألة الأولي: في معنى الإحصاء الوارد في الحديث:

- ‌المسألة الثانية: هل يمكن معرفة الأسماء الحسنى، التسعة والتسعين علي وجه التعيين

- ‌الخلاصة:

- ‌المبحث الرابع: (فإن الله لا يمل حتى تملوا)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الخامس: (مرضت فلم تعدني)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المبحث السادس: (ما أحد أصبر على أذى سمعه من الله)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌والفرق بين الصبر والحلم:

- ‌المبحث السابع: (ما ترددت عن شيء أنا فاعله

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم فى هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مسألة: في بيان معنى قوله في الحديث السابق: (فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها)

- ‌المبحث الثامن: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث التاسع: (يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث العاشر: (الرحم شجنة من الرحمن)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المبحث الحادي عشر: (فإذا مت فأحرقوني ثم اسحقوني)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌الفصل الثانى: الأحاديث المتوهم إشكالها في القدر

- ‌المبحث الأول: (حج آدم موسى)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث الثاني: (خلق الله التربة يوم السبت)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الخلاصة:

- ‌المبحث الثالث: (لا يُدخِل أحدًا الجنةَ عملُه)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الباب الثاني: الأحاديث المتوهم إشكالها في باب النبوة

- ‌المبحث الأول: (نحن أحق بالشك من إبراهيم)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم فى هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث الثاني: ما جاء في سحر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌ومن أدلة السنة على حقيقة السحر وأثره:

- ‌مناقشة أدلة النافين لحقيقة السحر، وتأثر النبي صلى الله عليه وسلم به:

- ‌المبحث الثالث: ما جاء في إرسال الشهب على الشياطين

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث الرابع: (إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل) مع قول أبي هريرة: (أوصاني خليلي بثلاث)

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الخامس: حديث شريك في الإسراء

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌الخلاصة:

- ‌المبحث السادس: لطم موسى عليه السلام لملك الموت

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث السابع: (اسمعوا وأطيعوا، وإن استُعمل عليكم عبد حبشي) مع قوله: (لا يزال هذا الأمر في قريش

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم فى هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الباب الثالث: الأحاديث المتوهم إشكالها في أشراط الساعة والمعاد

- ‌الفصل الأول: الأحاديث المتوهم إشكالها في أشراط الساعة

- ‌المبحث الأول: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين. . .)، مع قوله: (لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق)

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الثاني: (إن أول الآيات خروجًا طلوع الشمس

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الثالث: ما جاء في طواف الدجال بالبيت، مع ما ورد من أنه لا يدخل مكة ولا المدينة

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الرابع: (لا تقوم الساعة حتى. . . يتقارب الزمان)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المبحث الخامس: (إذا ولدت الأمة ربها)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الفصل الثاني: الأحايث المتوهم إشكالها في المعاد

- ‌المبحث الأول: أحاديث الميزان، في ما الذي يوزن

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها و‌‌بيان وجه الاشكال

- ‌بيان وجه الاشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌إشكال وجوابه:

- ‌المبحث الثاني: (إن أشد الناس عذابًا عند الله يوم القيامة المصوَّرون)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث الثالث: (طوبى له عصفور من عصافير الجنة)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌واستدل الجمهور على هذا القول بأدلة كثيرة، منها:

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الرابع: (وإن ناسًا من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: أصحابي أصحابي، فيقول: إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم)

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الخامس: شفاعته صلى الله عليه وسلم لعمه أبي طالب

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث السادس: ما جاء في سماع الأموات

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثانى: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس‌‌ المصادر والمراجع

- ‌ ا

- ‌ب

- ‌ت

- ‌ج

- ‌ث

- ‌ ح

- ‌ د

- ‌ر

- ‌ ذ

- ‌س

- ‌ز

- ‌ش

- ‌ ص

- ‌ ض

- ‌ع

- ‌ط

- ‌ظ

- ‌غ

- ‌ف

- ‌ق

- ‌ك

- ‌ل

- ‌م

- ‌ن

- ‌هـ

- ‌ؤ

الفصل: ‌المطلب الثالث: الترجيح

‌المطلب الثالث: الترجيح

الحق أن مثار الإشكال في هذا الحديث هو المتن، لمخالفة ظاهره صريح القرآن، وهو الذي دعا بعض أهل العلم إلى التفتيش في سنده لمعرفة مصدر الوهم فيه، فمنهم من جعل مصدره كون إسماعيل بن أمية رواه عن إبراهيم بن أبي يحيى، وهو ضعيف متهم بالكذب، ومنهم من جعل مصدره أيوب بن خالد، حيث إنه قد ضُعِّفَ من قبل بعض العلماء، ومنهم من جعل مصدره وَهْمُ بعض الرواة، حيث رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، بينما هو موقوف على كعب، من رواية أبي هريرة عنه.

ولذا قال المعلمي: "مدار الشك في هذا الحديث على الاستنكار"

(1)

أي: ما في متنه من نكارة، لمخالفته صريح القرآن.

وقد تقدم الكلام على سند هذا الحديث، وبيان الأقوال فيه، بما يغني عن إعادته، والأقوال فيه تكاد تكون متكافئة، إلا أن المضعفين له أكثر عددًا وأعلم بالعلل من المصححين له.

أما متنه فإن الذي يظهر -والله تعالى أعلم بالصواب- أنه مخالف لصريح القرآن، مخالفة واضحة، لا يمكن معها القول: بصحة الحديث، لأن القرآن متواتر مقطوع بصحته، بخلاف هذا الحديث، وهذا يرجح جانب المعلين لسنده.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "هذا الحديث رواه مسلم رحمه الله، وقد أنكره العلماء عليه، فهو حديث ليس بصحيح، ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم،

(1)

الأنوار الكاشفة (190).

ص: 371

لأنه يخالف القرآن الكريم، وكل ما خالف القرآن الكريم فهو باطل، لأن الذين رووا: نقلة بشر، يخطئون ويصيبون، والقرآن ليس فيه خطأ، كله صواب منقول بالتواتر، فما خالفه من أي حديث كان فإنه يحكم بأنه غير صحيح، وإن رواه من رواه"

(1)

.

وتحرير القول وبيانه، في مخالفة هذا الحديث لصريح القرآن كما يلي:

- أن هذا الحديث جعل ابتداء الخلق يوم السبت، وانتهاءه يوم الجمعة، فتكون مدة الخلق على هذا سبعة أيام، وهذا خلاف ما دل عليه القرآن، وانعقد عليه الإجماع من أن خلق السموات والأرض وما بينهما، كان في ستة أيام، قال تعالى:{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [السجدة: 4].

قال ابن تيمية: "النصوص والآثار المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه والتابعين متطابقة على ما دل عليه القرآن من أن خلق السموات والأرض في ستة أيام

وهذا أيضًا متفق عليه بين أهل الملل كاليهود والنصارى، وهو مذكور في التوراة وغيرها كما ذكر في القرآن"

(2)

.

- وفي هذا الحديث أيضًا أن ابتداء الخلق كان يوم السبت، والذي تدل عليه الأدلة من كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، أن ابتداء الخلق يوم الأحد، وبيان ذلك: أنه لا نزاع في كون آدم عليه السلام خلق يوم الجمعة

(3)

، وأنه آخر المخلوقات

(4)

، وهو صريح هذا الحديث، ففيه: (وخلق آدم عليه السلام بعد

(1)

شرح رياض الصالحين (4/ 522).

(2)

بغية المرتاد (303)، وانظر:(307)، ومجموع الفتاوى (18/ 18).

(3)

أخرج مسلم في صحيحه (6/ 390) ح (854) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها).

(4)

انظر: بغية المرتاد (306)، وتاريخ الأمم والملوك للطبري (1/ 46).

ص: 372

العصر من يوم الجمعة، في آخر الخلق، في آخر ساعة من ساعات الجمعة، فيما بين العصر إلى الليل).

فإذا كان آدم آخر الخلق، وكان خلقه يوم الجمعة، وكان خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام، وكان خلق آدم عليه السلام داخلًا في هذه الأيام الستة، علم يقينًا أن ابتداء الخلق يوم الأحد لا السبت، وهذا ظاهر.

قال ابن جرير الطبري: "لا خلاف بين جميع أهل العلم أن اليومين اللذين ذكرهما الله تبارك وتعالى في قوله: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ} [فصلت: 12] داخلان في الأيام الستة التي ذكرهن قبل ذلك، فمعلوم إذا كان الله عز وجل إنما خلق السموات والأرضين وما فيهن في ستة أيام، وكانت الأخبار مع ذلك متظاهرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن آخر ما خلق الله من خلقه آدم، وأن خلقه إياه كان في يوم الجمعة: أن يوم الجمعة الذي فرغ فيه من خلق خلقه، داخل في الأيام الستة التي أخبر الله تعالى ذكره أنه خلق خلقه فيهن، لأن ذلك لو لم يكن داخلًا في الأيام الستة، كان إنما خلق خلقه في سبعة أيام لا في ستة، وذلك خلاف ما جاء به التنزيل، فتبين إذًا إذ كان الأمر كالذي وصفنا في ذلك: أن أول الأيام التي ابتدأ الله فيها خلق السموات والأرض وما فيهن من خلقه، يوم الأحد، إذ كان الآخر يوم الجمعة، وذلك ستة أيام كما قال ربنا جل جلاله"

(1)

.

وقال ابن تيمية: "ثبت بالتواتر أن خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام، وثبت أن آخر الخلق كان يوم الجمعة، فيلزم أن يكون أول الخلق يوم الأحد، وهكذا هو عند أهل الكتاب، وعلى ذلك تدل أسماء الأيام، وهذا هو المنقول الثابت في أحاديثَ وآثار أخر، ولو كان أول الخلق يوم السبت وآخره يوم الجمعة، لكان قد خلق في الأيام السبعة، وهو

(1)

تاريخ الأمم والملوك (1/ 46).

ص: 373

خلاف ما أخبر به القرآن"

(1)

.

وعلى هذا القول، وهو أن ابتداء الخلق كان يوم الأحد: جمهور العلماء من الصحابة والتابعين

(2)

وغالب أهل التفسير، كالطبري والسمعاني

(3)

، والبغوي، والقرطبي، وابن كثير، والشوكاني، وصديق بن حسن القنوجي، والسعدي

(4)

.

بل نقل الطبري والقرشي

(5)

الإجماع على ذلك:

قال الطبري: "وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب، قول من قال: اليوم الذي ابتدأ الله -تعالى ذكره- فيه خلق السموات والأرض: يوم

(1)

مجموع الفتاوى (18/ 18 - 19)، وانظر:(17/ 235)، وبغية المرتاد (306).

(2)

انظر: بغية المرتاد (299)، والبداية والنهاية (1/ 13)، وص (361) من هذا البحث.

(3)

هو الإمام العلامة أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار بن أحمد التميمي السمعاني المروزي، مفتي خراسان وشيخ الشافعية، كان حنفيًا ثم انتقل إلى مذهب الشافعي، وكان فقيهًا زاهدًا ورعًا، وكان شوكًا في أعين المخالفين، وحجة لأهل السنة، له مؤلفات منها: تفسيره المشهور، والانتصار، والقواطع في أصول الفقه، توفي رحمه الله سنة تسع وثمانين وأربعمائة (489). [انظر: وفيات الأعيان (3/ 182)، والسير (19/ 114)، والعبر (2/ 361)، وشذرات الذهب (3/ 393)].

(4)

انظر على الترتيب: جامع البيان للطبري (5/ 513)، وتفسير القرآن العظيم لأبي المظفر السمعاني (5/ 38)، ومعالم التنزيل للبغوي (4/ 108)، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي (15/ 345، 342)، وتفسير ابن كثير (2/ 352)، وفتح القدير للشوكاني (2/ 211)، وفتح البيان في مقاصد القرآن لصديق بن حسن القنوجي (6/ 150 - 151)، وتيسير الكريم الرحمن للسعدي (6/ 562).

(5)

هو محيي الدين عبد القادر بن محمد بن محمد بن نصر الله بن سالم بن أبي الوفاء الحنفي القرشي، برع في الفقه، ودرَّس وأفاد وصنَّف، وشرح معاني الآثار للطحاوي، وله أيضًا: الجواهر المضيَّة في طبقات الحنفية، توفي رحمه الله سنة خمس وسبعين وسبعمائة (775). [انظر: الدرر الكامنة (2/ 392)، وشذرات الذهب (6/ 238)، والأعلام (4/ 42)].

ص: 374

الأحد، لإجماع السلف من أهل العلم على ذلك"

(1)

.

وقال القرشي: "اتفقت الناس على أن يوم السبت لم يقع فيه خلق، وأن ابتداء الخلق يوم الأحد"

(2)

.

- وأيضًا فهذا الحديث مخالف للقرآن في جعله مدة خلق الأرض وما فيها ستة أيام، ولم يذكر فيها خلق السموات، والقرآن صريح في أن مدة خلق الأرض وما فيها أربعة أيام، وتمام الستة كان فيها خلق السموات، أي: في اليوم الخامس والسادس، قال تعالى:{قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (10) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا} [فصلت: 9 - 12].

قوله: {فِي يَوْمَيْنِ} ، قال الطبري:"وذلك يوم الأحد ويوم الإثنين، وبذلك جاءت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالته العلماء"

(3)

.

وقوله: {فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ} أي: في تتمة أربعة أيام، قال البغوي:"يريد: خلقَ ما في الأرض، وقدر الأقوات في يومين: يوم الثلاثاء والأربعاء، فهما مع الأحد والإثنين أربعة أيام، رد الآخر على الأول في الذكر، كما تقول: تزوجت أمس امرأة، واليوم ثنتين، وإحداهما هي التي تزوجتها بالأمس"

(4)

.

وقوله: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ} ، قال الطبري:"ففرغ من خلقهن سبع سموات في يومين، وذلك يوم الخميس والجمعة"

(5)

.

قال القرطبي بعدما فسر هذه الآيات بما تقدم: "على هذا أهل

(1)

تاريخ الأمم والملوك (1/ 45).

(2)

الجواهر المضيَّة في طبقات الحنفيه (4/ 568).

(3)

جامع البيان (11/ 87).

(4)

معالم التنزيل (4/ 108).

(5)

جامع البيان (11/ 92).

ص: 375