الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ وَالْعُقُوبَةُ، وَمَنْ سَرَقَ مِنْهُ شَيْئًا بَعْدَ أَنْ يُؤْوِيَهُ الْجَرِينُ، فَبَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ، فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ، وَمَنْ سَرَقَ دُونَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ، وَالْعُقُوبَةُ» (1)
وأما المناداة التي ذكرها المؤلف فورد فيها حديث ضعيف من حديث الحسن عن سمرة فيه: «إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ عَلَى مَاشِيَةٍ فَإِنْ كَانَ فِيهَا صَاحِبُهَا فَلْيَسْتَأْذِنْهُ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فَلْيَحْتَلِبْ وَلْيَشْرَبْ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا فَلْيُصَوِّتْ ثَلَاثًا، فَإِنْ أَجَابَهُ فَلْيَسْتَأْذِنْهُ وَإِلَّا فَلْيَحْتَلِبْ وَلْيَشْرَبْ وَلَا يَحْمِلْ» (2)
ولكنه حديث ضعيف لعدم سماع الحسن من سمرة غير حديث العقيقة. والله أعلم
بابُ آدابِ الأكلِ
الآداب: جمع أدب، وهو في اللغة: الخصلة الحميدة.
والمراد به هنا: المطلوب شرعاً فيما يتعلق بالأكل، فيشمل الواجب والمستحب، فليس من شرط الأداب أن تكون في الأمور المستحبة فقط كما يتوهم البعض، بل يُدخل العلماء أيضاً في الآداب المسائل الواجبة.
أحياناً بعضهم يطلق الآداب ويريد بذلك فقط المستحبات، فيكون عنده معنى الآداب: ما رُغِّب به شرعاً على وجه الاستحباب فقط في بابه الذي يذكره.
قال المؤلف رحمه الله: (يُشرعُ للآكِلِ: التَّسمِيةُ)
يُشرع للآكِلِ التسمية أي أنها عبادة مشروعة يجوز له أن يتعبد بها، فتُشرع التسمية على الأكل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر بن أبي سلمة:«يا غلام: سَمِّ الله وكل بيمينك، وكل مما يليك» (3) متفق عليه.
اختلف أهل العلم في التسمية على الطعام هل هي واجبة أم مستحبة؟
(1) أخرجه أحمد (6683)، وأبو داود (1710)، والترمذي (1289)، والنسائي (4959)، وابن ماجه (2596) مختصراً ومطولاً.
(2)
أخرجه أبو داود (2619)، والترمذي (1296).
(3)
أخرجه البخاري (5376)، ومسلم (2022).
والصحيح الوجوب لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أكل أحدكم طعاماً فليقل: بسم الله، فإن نسي في أوله فليقل: بسم الله على أوله وآخره» (1) وهو صحيح.
هذا الحديث فيه أمر، والأمر يقتضي الوجوب، هذا هو الأصل ولا صارف له صحيح يُعلَم. وأما لفظ التسمية فيقول: بسم الله، على ظاهر الأحاديث التي وردت، ولا يزيد على ذلك لأن هذه هي السنة. والله أعلم
قال المؤلف رحمه الله: (والأكلُ باليمينِ ومن حافتَي الطعامِ لا مِن وسَطِهِ، ومما يلِيهِ)
هذه آداب أخرى تُشرع للآكل، الأكل باليمين؛ لحديث عمر بن أبي سلمة المتقدم قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم:«يا غلام: سم الله وكل بيمينك» .
وفي صحيح مسلم عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أن رجلاً أكل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشماله فقال له: «كل بيمينك» ، هذا أمر يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالأكل بيمينه، قال: لا أستطيع، قال النبي صلى الله عليه وسلم:«لا استطعت» ، قال الراوي: فما ردها إلى فيه.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث أيضاً: «ما منعه إلا الكبر» (2).
وجاء في حديث ابن عمررضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يأكل أحدكم بشماله ولا يشرب بشماله فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله» (3) أخرجه مسلم في صحيحه.
عندنا أمرٌ وعندنا نهي، عندنا أمر بالأكل باليمين وعندنا نهي عن الأكل بالشمال.
وقول المؤلف: ويأكل من حافتي الطعام لا من وسطه أي من طرف الإناء لا من وسطه لما أخرجه أبو داود في سننه عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أكل أحدكم طعاماً فلا يأكل من أعلى الصحفة، ولكن ليأكل من أسفلها؛ فإن البركة تنزل من أعلاها» (4).
هذا على الاستحباب فالتعليم يبين أن المراد الإرشاد للخير والمنفعة.
وقول المؤلف: ويأكل مما يليه؛ لحديث عمربن أبي سلمة المتقدم قال له النبي صلى الله عليه وسلم: «وكل مما يليك» ، لكن ثبت أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه تتبَّع الدُّباء من حوالَيْ القصعة (5).
تتبَّع الدباء -الدباء هو القرع- كان يحبه النبي صلى الله عليه وسلم.
فقال أهل العلم: إذا علم الشخص من جلسائه الذين يجالسونه ويشاركونه الطعام، إذا علم منهم أنهم لا يمانعون من ذلك ولا يتقذرون منه فيجوز له أن يفعل ذلك وإلا فلا.
قال المؤلف رحمه الله: (ويَلعَقُ أَصابِعَهُ والصَّحفةَ)
(1) أخرجه أحمد (25106)، وأبو داود (3767)، والترمذي (1858)، وابن ماجه (3264) من حديث عائشة رضي الله عنها.
(2)
أخرجه مسلم (2021).
(3)
أخرجه مسلم (2020).
(4)
أخرجه أحمد (2439)، وأبو داود (3772)، والترمذي (1805)، وابن ماجه (3277) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(5)
أخرجه البخاري (5379)، ومسلم (2041).
لحديث أنس عند مسلم وغيره: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أكل طعاماً لعق أصابعه الثلاث، قال: وقال: «إِذَا سَقَطَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيُمِطْ عَنْهَا الْأَذَى وَلْيَأْكُلْهَا، وَلَا يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ» ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَسْلُتَ الْقَصْعَةَ، قَالَ:«فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ فِي أَيِّ طَعَامِكُمُ الْبَرَكَةُ» (1)، يعني إذا وقعت اللقمة من أحدكم فليزل عنها ما علق بها من أذى وليأكلها، ولا يدَعْها للشيطان، وأمرنا أن نسلت القصعة، السَّلت: المسح والتتبُّع، تتبُّع ما بقي من الطعام في القصعة.
وفي حديث ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وسلم «إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَامًا، فَلَا يَمْسَحْ يَدَهُ حَتَّى يَلْعَقَهَا أَوْ يُلْعِقَهَا» (2) متفق عليه.
يلعقها يعني يمسح القصعة بأصابعه ويمتص الطعام الذي علق عليها أو أن يُلعقها لزوجةٍ مثلاً أو خادمة -أَمة- أو غير ذلك.
وفي حديث جابر رضي الله عنه عند مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بلعق الأصابع والصحفة، وقال:«إنكم لا تدرون في أي طعامكم البركة» (3).
الصحفة أو القصعة أو الجَفنة هذه كلها أوانٍ تُتخذ توضع فيها الأطعمة إلا أن بعضها أكبر من بعض، فالقصعة أصغر من الصحفة، الصحفة تكفي خمسة والقصعة تطعم عشرة، الصحفة تكون أصغر من القصعة، المهم هي كلها أوانٍ لوضع الطعام فيها.
والمراد بلعق الصحفة: أخذ ما بقي بالأصابع وأكله عن الأصابع، مسح ما بقي فيها بالأصابع لا باللسان كما يفعل البعض، رأينا البعض يفعل ذلك ظانّاً أن هذا معنى اللعق فما فهم من اللعق إلا اللعق الذي تفعله الكلاب! هذا خطأ في الفهم، اللعق فيما يذكر أهل اللغة هو ما قاله ابن فارس في معجم مقاييس اللغة في مادة لعَقَ قال: اللام والعين والقاف أصلٌ يدل على لَسْبِ -أي قطْع- شيء بإصبعٍ أو غيره. انتهى
فإزالة الطعام من الصحفة أو من القصعة بالإصبع يسمى لعقاً، فاللعق يكون بهذه الطريقة لا باللحس باللسان فذاك من عمل الكلاب وقد نهينا عن التشبه بالحيوانات.
قال المؤلف: (والحمدُ للهِ عندَ الفراغِ، والدُّعاءُ)
الحمد عند الفراغ وكذلك الدعاء من آداب الأكل وردت به السنة في الصحيح، وأصح لفظ ورد في ذلك ما أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع مائدته قال:«الحمدُ للهِ كثيرًا طَيّبًا مُبَاركًا فيه، غَيرَ مَكفِيٍّ ولا مُوَدَّعٍ ولا مُستَغنًى عنه، ربَّنا» (4) يقال: ربُّنا، على خلافٍ في ضبط هذه الكلمة بضم الباء أم بفتحها.
وفي رواية له: «الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَفَانَا وَأَرْوَانَا، غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلَا مَكْفُورٍ» وَقَالَ مَرَّةً: «الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّنَا، غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلَا مُوَدَّعٍ وَلَا مُسْتَغْنًى، رَبَّنَا» (5).
(1) أخرجه مسلم (2034).
(2)
أخرجه البخاري (5456)، ومسلم (2031).
(3)
أخرجه مسلم (2033).
(4)
أخرجه البخاري (5458).
(5)
أخرجه البخاري (5459).