الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وروى سلمة بن كهيل عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يتقاضاه فأغلظ له، فهمّ به أصحابه، فنهاهم، فقال:«ألا كنتم مع الطالب» ، ثم قال:«دعوه؛ فإن لصاحب الحق مقالا، اشتروا له بعيرا» فلم يجدوا إلا فوق سنه، فقال:«اشتروا له فوق سنه فأعطوه» فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:«أخذت حقك؟ » قال: نعم. قال: كذلك افعلوا، خيركم أحسنكم قضاء».
وهذا عند جماعة العلماء؛ إذا لم يكن عن شرط منهما في حين السلف، وقد أجمع المسلمون نقلا عن نبيهم صلى الله عليه وسلم؛ أن اشتراط الزيادة في السلف ربا، ولو كان قبضة من علف أو حبة، كما قال ابن مسعود: أو حبة واحدة. انتهى (1)
قال المؤلف رحمه الله: (ولا يجوزُ أن يجرَّ القرضُ نفعاً للمقرِض)
لا يجوز أن يجر القرض نفعاً للمقرِض؛ لأن كل قرضٍ جرّ منفعة فهو ربا، وردت هذه الجملة في أحاديث ضعيفة، ولكنها صحت عن جمع من الصحابة، ولكن تقيد بكون المنفعة مشروطة للأدلة المتقدمة.
ويجوز إقراض الثياب والحيوان والخبز على الصحيح. والله أعلم
باب الشُّفْعة
الشفعة في اللغة مأخوذة من الشَّفع الذي هو ضد الوِتر.
وسمِّي بذلك لما فيه من ضم عدد إلى عدد أو شيء إلى شيء، يقال: شفع الرجلُ الرجلَ شَفْعاً، إذا كان فرداً فصار له ثانياً، وشفع الشيء شفعاً؛ ضم مثله إليه وجعله زوجاً.
والاصطلاح: هي حقُّ تملُّكٍ قَهرِيّ يثبت للشريك القديم على الحادث بسببِ الشَرِكة؛ لدفع الضَّرر.
من الصورة يتبيَّن معنا التعريف، مثلاً: تكون لي دار أملكها ومعي فيها شريك، أريد أن أبيع حصتي منها، هنا يأتي حق الشُّفعة لشريكي الذي معي في الدار، له الحق في شراء
(1) التمهيد لابن عبد البر (4/ 68).
حصتي ويجب عليَّ تقديمه على غيره، فإن بعت حصتي لغيره؛ وجب فسخ البيع وبيعها لشريكي إذا أرادها؛ لأنه أحق بها لشراكته.
قالوا هنا: هي حق تملُّكٍ قهري أي فيه جبر، أُجبَر على البيع للشريك القديم وأقدمه على المشتري الجديد.
بسبب الشركة أي استحق التقديم لأنه شريك، وذلك لدفع الضرر عنه، حتى لا يتضرر بدخول شريك جديد معه.
قال المؤلف رحمه الله: (سببها الاشتراك في شيء ولو منقولاً)
أي ما الذي يُثبت الشُّفعة للآخر؟
قال المؤلف: سببها (الاشتراك)، فالشركة الحاصلة بين زيد وعمرو هي التي أثبتت لعمرو حق الشفعة.
المؤلف يقول: الاشتراك في شيء، فهذا يشمل الاشتراك في العقار والاشتراك في المنقول أيضاً كالسيارات والدواب وغيرها، هذا ما ذهب إليه المؤلف.
المراد بالعقار: البيوت والأراضي، أشياء ثابتة تنقل من مكانها.
والمنقول أشياء تنقل من مكان لآخر كالسيارة والدابة.
حجة المؤلف في أن الشفعة تثبت في العقار وتثبت في غيره أيضاً؛ حديث عند البيهقي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «الشُّفعة في كل شيء» (1) وهو ضعيف، فيشمل هذا: العقارات وكذلك المنقولات، فأي شيء مشترك بين اثنين ففيه الشُّفعة، هذا على قول المؤلف رحمه الله.
ويستدل أيضاً مَن يقول بهذا القول بالقياس.
القياس على العقار الذي ورد فيه النص؛ لاشتركهم في العلة.
والعلة هي دفع الضرر عن الشريك فربما لا يتفق مع الشريك الجديد، فلما كانت العلة هي دفع الضررعن الشريك وكانت موجودة في غير العقار؛ قال مَن قال مِن العلماء بأنها عامة، سواء كانت في عقار أو غيره، كالمؤلف.
(1) أخرجه الترمذي (1371) وغيره، والصواب فيه الإرسال كما قال الترمذي الدارقطني والبيهقي.
النص جاء في العقار؛ لذلك جمهور العلماء على أن الشفعة ثابتة في العقار لا غير؛ لحديث جابر: «أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالشفعة في كل ما لم يُقْسَم، فإذا وقعت الحدود، وصُرِّفت الطرق؛ فلا شفعة» (1).
هذا الحديث يثبت حق الشفعة، وهو وارد في العقار.
رَبعةٍ: الربعة الدار والمسكن ومطلق الأرض يطلق عليها ربعة.
أو حائط: البستان، يعني المزرعة.
لا يحل له أن يبيعه حتى يؤذن شريكه: لا يحل للشريك أن يبيع حتى يُعلِم شريكه بأنه يريد بيعه، فإن شاء الشريك أخذ، وإن شاء ترك.
فإن باع الشريك حصته ولم يُعلِم شريكه؛ فهو أحق به، فالشريك أحق بالحصة فيفسخ العقد وتباع للشريك.
ففي الحديث الشفعة في كل شركة لم تقسم ربعة أو حائط، فهي في العقار سواء كان مسكناً أو كان أرضاً، هذا ثبتت فيه الشفعة نصّا.
وردّ الشافعي في الأم على القياس المذكور، فالحق ما قاله الجمهور. والله أعلم
قال المؤلف رحمه الله (فإذا وقعت القسمة فلا شفعة)
في حديث جابر قال: «فإذا وقعت الحدود، وصُرِّفت الطرق؛ فلا شفعة» .
وقعت الحدود: قسم نصيب كل واحد عن الآخر.
وصُرِّفت الطرق: ميِّزت الشوارع بين العقارات والأراضي والدور.
فلا شفعة؛ لأنه لا ضرر على أحد بعد التقسيم والتفريق.
قال المؤلف (ولا يَحِلُّ للشريكِ أن يبيعَ حتى يُؤذنَ شريكَه)
(1) أخرجه البخاري (2257)، ومسلم (1608).