الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما تأخير غسل القدمين، فجاء في حديث ميمونة، وعائشة لم تذكر ذلك، فالظاهر أن التقديم والتأخير كلاهما سنة، فروت كل واحدة منهما ما رأت.
قال المؤلف رحمه الله: (ثم التَّيامُنُ)
أي أن البَدء بالميامن مستحب، وذلك لما صحّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يبدأ بشقِّ رأسه الأيمن، وهو في «الصحيح» (1).
وجاء في «الصحيح» عن عائشة، قالت:«كنا إذا أصابت إحدانا جنابة أخذت بيديها ثلاثاً فوق رأسها، ثم تأخذ بيدها على شقها الأيمن، وبيدها على شقها الأيسر» (2).
وهذه تدل على استحباب البدء باليمين من الرأس والجسم.
قال:
(فصلٌ: ويُشْرَعُ لصَلاةِ الجُمُعة)
غسل الجمعة مستحب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلمٍ» متفق عليه (3)، وقوله:«إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل» متفق عليه (4).
قال الإمام الشافعي رحمه الله: «احتمل الوجوب هنا معنيين، الظاهر منهما أنه واجب، فلا تجزئ الطهارة لصلاة الجمعة إلا بالغسل، واحتمل أنه واجب في الاختيار وكرم الأخلاق والنظافة ونفي تغير الريح عند اجتماع الناس، كما يقول الرجل للرجل: وجب حقك عليّ إذا رأيتني موضعاً لحاجتك» (5).
ثم رجّح المعنى الثاني مع أن الأول هو الظاهر، ولكنه أتى بدليل يدلّ على أن المعنى الثاني هو الظاهر بالدليل، وهو المؤول.
والدليل الذي استدلّ به، حديث عمر: عندما دخل عثمان يوم الجمعة وعمر على المنبر يخطب، أنكر عمر على عثمان تأخّره، فاعتذر عثمان بأنه انشغل في السوق ثم جاء لما
(1) أخرجه البخاري (258)، ومسلم (318).
(2)
أخرجه البخاري (277).
(3)
أخرجه البخاري (858)، ومسلم (5) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
(4)
أخرجه البخاري (879)، ومسلم (846).
(5)
«الرسالة» (ص 303)، وانظر «فتح الباري» (2/ 316).
سمع النداء، فقال له عمر: والوضوء أيضاً ، وقد علمت أن رسول الله كان يأمر بالغسل (1).
قال الشافعي: «لم يترك عثمان الصلاة للغسل، ولم يأمره عمر بالخروج للغسل، دلّ ذلك على أنهما قد علما أن الأمر بالغسل للاختيار» .
قال: وروت عائشة الأمر بالغسل يوم الجمعة، قالت:«كان الناس عمّال أنفسهم، فكانوا يروحون بهيئاتهم، فقيل لهم: لو اغتسلتم» (2) انتهى.
ووجه الدلالة من الحديث الأخير أن تقدير الكلام: لو اغتسلتم لكان أفضل وأكمل، وهذا يدل على الاستحباب.
وجاء في حديث آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت، غُفر له ما بين الجمعة إلى الجمعة وزيادة ثلاثة أيام» (3).
قال الحافظ ابن حجر: «إنه من أقوى ما استدل به على عدم فرضية الغسل للجمعة» . انتهى (4).
ووجه الدلالة من الحديث: ذكر الوضوء وما معه مرتِّباً عليه الثواب المقتضي للصحة، يدلُّ على أن الوضوء كاف.
ووقت غسل الجمعة من طلوع الفجر إلى صلاة الجمعة، والأفضل أن يتصل الغسل بالذهاب إلى المسجد.
وإذا أحدث بعد الغسل كفاه الوضوء.
ويخرج وقت الغسل بالفراغ من صلاة الجمعة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«إذا جاء أحدكم إلى الجمعة فليغتسل» (5).
قال المؤلف: (والعِيدَيْنِ)
(1) أخرجه البخاري (878)، ومسلم (845).
(2)
أخرجه البخاري (2071).
(3)
أخرجه مسلم (857) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(4)
«تلخيص الحبير» (2/ 135).
(5)
أخرجه البخاري (882)، ومسلم (845).
أي ويشرع الغسل للعيدين.
لم يصح شيء في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ضعف ابن الملقّن:«أحاديث غسل العيدين، وذكر فيها آثار عن الصحابة جيدة» (1).
وقال النووي في «المجموع» (2): «ومن الغُسل المسنون غُسل العيدين وهو سنة لكل أحد بالاتفاق سواء الرجال والنساء والصبيان لأنه يراد للزينة وكلهم من أهلها» .
قال المؤلف: (ولمن غسّل ميّتاً)
وقد ورد فيه حديث ضعيف، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم:«من غسّل ميتاً فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ» (3).
قال أبو حاتم الرازي: «هذا خطأ إنما هو موقوف على أبي هريرة لا يرفعه الثقات» (4). وقال الإمام أحمد وعلي بن المديني - حيّة الوادي - وكلاهما إمام في العلل، قالا:«لا يصحّ في هذا الباب شيء» ، نقله عنهما الإمام البخاري (5). والظاهر أنه يُقِرُّهُما.
قال المؤلف رحمه الله: (وللإحْرامِ)
أخرج البزار والحاكم والبيهقي وغيرهم عن ابن عمر، قال:«من السنة أن يغتسل الرجل إذا أراد الإحرام» .
صححه الشيخ الألباني في «الإرواء» (1/ 179)، وشيخنا الوادعي في «الجامع الصحيح» (1/ 545) ورواه ابن أبي شيبة.
قال المؤلف رحمه الله: (ولدخولِ مكة)
يستحبّ لمن أراد دخول مكة أن يغتسل، لما في «الصحيحين» عن ابن عمر كان لا يقدم مكة إلا بات بذي طوى، حتى يصبح ويغتسل، ثم يدخل مكة نهاراً، ويذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعله (6)
(1)«البدر المنير» (5/ 43 - 44).
(2)
(2/ 202).
(3)
أخرجه أبو داود (3161)، والترمذي (993)، وابن ماجه (1463) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(4)
«علل الحديث» لابن أبي حاتم الرازي (3/ 503).
(5)
«العلل الكبير» للترمذي (1/ 142) حديث (245).
(6)
أخرجه البخاري (1573)، ومسلم (1259).