الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: (إلا صلاة العيد)، لأن صلاة العيد إذا فاتت لعدم رؤية الهلال مثلاً، ففواتها لعذر، فهذه لا تقضى متى تبين الهلال، بل تُقضى في اليوم التالي في نفس الوقت، لحديث ورد في ذلك سيأتي في موضعه إن شاء الله.
قال المصنف رحمه الله:
(بابُ صلاةِ الجمعةِ، تَجِبُ على كُلِّ مُكَلَّفٍ إلا المرأةَ والعبدَ والمسافرَ والمريضَ)
صلاة الجمعة، معروفة، وهي فريضة من فرائض الله تبارك وتعالى، قال عز وجل {يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع} .
وقال صلى الله عليه وسلم: «الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة، عبد مملوك أو امرأة أو صبي أو مريض» (1).
وهؤلاء الذين ذكر لا تجب عليهم الجمعة.
ولم يذكر المصنف الصبي، لأنه غير مكلف لا بجمعة ولا بغيرها، فإنه مرفوع عنه القلم حتى يحتلم.
أما المسافر، فالصواب أنه لا جمعة عليه كما قال المؤلف، ودليله أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر والعصر في حجة الوداع يوم عرفة وكان يوم جمعة (2). انظر «المغني» (2/ 193).
قال المؤلف رحمه الله: (وهي كسائرِ الصَّلواتِ لا تُخالِفُها إلا في مشروعيةِ الخطبتينِ قَبْلَها)
صلاة الجمعة ركعتان كركعتي الفجر، لا فرق سوى أنه يشرع قبلها خطبتان.
والخطبتان من صلاة الجمعة، وحكمهما أنهما واجبتان، لأن النبي صلى الله عليه وسلم حرم الكلام والإمام يخطب (3)، وهذا يدل على وجوب الاستماع إليهما، فيدل ذلك على وجوبهما.
(1) أخرجه أبو داود (1067)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (5679)، وفي «الكبير» (8206) وغيرهما عن طارق بن شهاب رضي الله عنه.
(2)
كونه صلى ظهراً يوم عرفه أخرجه مسلم عن جابر رضي الله عنه.
وأما كونه كان يوم جمعة، فأخرجه البخاري (45) ومسلم (3017) عن عمر رضي الله عنه.
وانظر «المغني» (2/ 193).
(3)
أخرجه البخاري (934)، ومسلم (851) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
ثم لو لم تجب لها الخطبتان لكانت كغيرها من الصلوات، ولا يستفيد الناس من التجمع لها، والمراد من التجمع لهذه الصلاة الموعظة وتذكير الناس.
ثم إنه عليه السلام واظب على الخطبتين في الجمعة، وهذا بيان لصفة صلاة الجمعة.
وقول المصنف: (وهي كسائر الصلوات) يدل على أنها لا يشترط لها الإمام الأعظم كما يقول البعض، ولا العدد المخصوص، ولا المِصْرُ الجامع، فكل هذا لا دليل عليه، ولكن يشترط لها الجماعة للحديث المتقدم.
قال المصنف: (ووقتُها وَقْتُ الظُّهْرِ)
لكونها بدلاً عن الظهر.
واختلف أهل العلم، هل يجوز أن تصلى قبل زوال الشمس؟
جمهور أهل العلم على أن وقتها وقت الظهر ولا تصحّ قبل الزوال.
وهو الصواب، فالأحاديث التي يستدل بها المخالفون محتملة وليست واضحة فيما ذهبوا إليه، فلا تفيد غلبة ظن، ومنها ما هو ضعيف.
وبوب البخاري في «صحيحه» : «باب وقت الجمعة إذا زالت الشمس»
قال: وكذا يُذكر عن عمر وعلي والنعمان بن بشير وعمرو بن حريث، وذكر أحاديث.
قال المؤلف رحمه الله: (وعلى من حَضَرَها ألا يَتَخَطَّى رِقابَ النَّاسِ)
لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، قال عبد الله بن بُسر: جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة، والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:«اجلس فقد آذيت» (1)
وأذيّة المؤمن محرمة.
ويستثنى من ذلك الإمام إذا لم يمكنه الوصول إلى مكانه إلا بذلك، ومكانه متقدم فلابد له منه.
(1) أخرجه أحمد في «المسند» (17697)، وأبو داود (1118)، والنسائي (1399) عن عبد الله بن بسر رضي الله عنه.
ويجوز كذلك التخطي لمن وجد فرجة ولم يجد مكاناً، لأن التقصير لا يكون منه، ولكنه ممن ترك الفرجة، فهو سبب التخطي وليس المتخطي.
قال المؤلف: (وأن يُنْصِتَ حال الخطبتين)
لحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة: انصت، والإمام يخطب، فقد لغوت» . متفق عليه (1)
وعن عبد الله بن عمرو قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«من اغتسل يوم الجمعة ومس من طيب امرأته إن كان لها، ولبس من صالح ثيابه، ثم لم يتخط رقاب الناس، ولم يلغ عند الموعظة كانت كفارة لما بينهما، ومن لغا وتخطى رقاب الناس، كانت له ظهراً» (2).
فالكلام أثناء الخطبة محرم ومبطل لأجر الجمعة، وتعدّ لصاحبها ظهراً.
والمقصود باللغو: الباطل المردود، فهو كل ما يشغل عن الإنصات إلى الخطيب، فقد قال صلى الله عليه وسلم:«من مس الحصا فقد لغا» (3).
وكما تقدم، إذا قال لصاحبه انصت فقد لغا، فدل ذلك على أن المراد باللغو هنا كل ما يشغل عن الإنصات إلى الخطيب، وأصله الباطل المردود.
قال المؤلف رحمه الله: (ونُدِبَ له التَّبْكِيرُ)
أي استحب له أن يأتي إلى الجمعة مبكراً لقوله صلى الله عليه وسلم: «من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح، فكأنما قرّب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرّب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرّب كبشاً، ومن راح في الساعة الرابعة، فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر» متفق عليه (4).
(1) تقدم تخريجه.
(2)
أخرجه أحمد (6954)، وأبو داود (347)، وابن خزيمة في «صحيحه» (1810).
(3)
أخرجه مسلم (807) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(4)
أخرجه البخاري (881)، ومسلم (850) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
والظاهر - والله أعلم - أن الساعة الأولى من بعد طلوع الشمس، لأن الوقت قبل ذلك وقت لصلاة الفجر.
قال: (والتطيّبُ والتجُّملُ والدُّنوّ من الإمامِ)
أي، ويستحب أيضاً لمن يأتي الجمعة أن يتطيّب، وهو الذي نسميه اليوم: العطر، فيستحب له أن يتعطّر، ويلبس جميل ثيابه، ويقترب من الإمام.
- أما الطيب، فقد تقدم في حديث عبد الله بن عمرو ما يدل على استحبابه. وجاء في «الصحيح» عن سلمان الفارسي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لا يغتسل رجل يوم الجمعة، ويتطهّر ما استطاع من طهر، ويدّهن من دهنه، أو يمسّ من طيب بيته، ثم يخرج فلا يفرّق بين اثنين، ثم يصلي ما كتب له، ثم ينصت إذا تكلم الإمام، إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى» (1).
والمراد بالدهن هنا: الطيب.
- وأما دليل التجمل، فحديث عبد الله بن عمرو المتقدّم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من اغتسل يوم الجمعة ومس من طيب امرأته إن كان لها، ولبس من صالح ثيابه» ،
…
إلى أن قال: «كانت كفارة لما بينهما
…
» إلخ
- وأما دليل استحباب الدنو من الإمام، فقوله صلى الله عليه وسلم:«من غسّل يوم الجمعة واغتسل، ثم بكّر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام فاستمع ولم يلغُ، كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها» (2).
وأما (غسل واغتسل)، فمعناهما واحد كقوله:(ومشى ولم يركب).
ومعنى (بكّر وابتكر) أي خرج إلى الجمعة باكراً.
قال المؤلف: (ومَنْ أدْرَكَ رَكْعَةً منها فَقَدْ أدْرَكَها)
(1) أخرجه البخاري (883) عن سلمان رضي الله عنه.
(2)
أخرجه أحمد في «المسند» (719)، وأبو داود (1051)، والبيهقي في «الكبرى» (5834) عن عطاء الخراساني أنه حدّثه عن مولى امرأته عن علي رضي الله عنه.