الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والصغير؛ لأن مثله لا يجامع؛ ومن لا يجامع مثله لا يلحقه العار أبداً، ولا يتصور الناس منه غالباً الزنا، ولأن من كان بهذه السن فإنه لا يدنسه القذف، حتى لو ثبت أنه زنا، والإجماع حاصل فيه.
والعبد؛ للإجماع على ذلك، وقال البعض: لا يقال له محصن في الشرع فلا يدخل في الآية.
قال ابن رشد في بداية المجتهد: «وأما المقذوف؛ فاتفقوا على أن من شرطه أن يجتمع فيه خمسة أوصاف، وهي: البلوغ، والحرية، والعفاف، والإسلام، وأن يكون معه آلة الزنا. فإن انخرم من هذه الأوصاف وصف لم يجب الحد» .
والقذف يكون بلفظ يدل لغة أو عرفاً على الرمي بالزنا.
القذف الذي يوجب الحد يكون بلفظٍ صريح يدل لغة أو عرفاً على الرمي بالزنى، ويظهر من قرائن الأحوال أن المتكلم لم يُرد إلا ذلك -يعني لم يرد إلا قذف الآخر ورميه بالزنا- ولم يأتِ بتأويلٍ مقبولٍ يصح حمل الكلام عليه.
فلم يأتِ بتأويل وتفسير صحيح لكلامه حتى يُحمل الكلام عليه، ولكن لا يُفهم من كلامه إلا أنه رمى أخاه بالزنا.
وكذلك إذا أتى بلفظٍ يحتمل الرمي بالزنا ليس لفظاً صريحاً، ولكنه اعترف بأنه قصد الرمي بالزنا؛ فيجب عليه الحد في هذه الحالة.
بَابُ حَدِّ الشُّرْبِ
أي شرب الخمر.
وشرب الخمر محرم بالاتفاق، تقدم حكمه.
قال رحمه الله: (مَن شَرِبَ مُسكِراً- مُكلَّفاً مُختاراً- جُلِد على ما يَراهُ الإمامُ، إمَّا أَربَعينَ جَلدةً
أو أَقلَّ أو أَكثرَ، ولو بِالنِّعالِ)
من شرب مسكراً: أي من شرب شراباً يُسكر، والشراب المسكر تقدم: ما أذهب العقل.
وكان الشارب مكلَّفاً: فغير المكلف مرفوعٌ عنه القلم.
وكان مختاراً: فالمكره معذورٌ في الشرع.
جُلد الحد، دليله: جاء في الصحيحين من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم جلد في الخمر بالجريد والنعال، وجلد أبو بكرٍ أربعين (1).
وفي رواية مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أُتي برجلٍ شرب الخمر، فجلده بجريدتين نحو أربعين، قال: وفعله أبو بكر، فلما كان عمر استشار الناس، فقال عبد الرحمن: أخف الحدود ثمانون. فأمر به عمر (2).
وفي رواية في صحيح البخاري: أن عمر جلد أربعين، حتى إذا عتوا وفسقوا جلد ثمانين (3).
يعني تجاوزوا الحد وصاروا يشربونه بكثرة؛ صار يضرب ثمانين.
قال الشافعي: أصل حد الخمر أربعون، وما زاده عمر على الأربعين كان تعزيراً. انتهى
وأما الجريد فهي: أغصان النخل.
فحد شارب الخمر أربعين، فإذا رأى الإمام أن يزيد تعزيراً تأسياً بعمر رضي الله عنه فله ذلك. والنعال معروفة هي التي نسميها اليوم بالشباشب والسبابيط. .
قال المؤلف رحمه الله: (ويَكفِي إِقرارُهُ مَرَّةً، أو شَهادةُ عَدلَينِ، ولو عَلى القَيء)
يكفي إقرار الشارب على نفسه مرة أو شهادة عدلين كي يقام عليه الحد، تقدمت أدلة ذلك.
وقوله: ولو على القيء أي تقبل شهادة الشهود على أنهم رأوه يشرب الخمر، أو يتقيأ منها، تقيأ: أخرج ما في بطنه من خمر، إذا شهدوا على هذا أو على هذا؛ تعتبر شهادتهم ويقام عليه الحد بذلك.
(1) أخرجه البخاري (6773)، ومسلم (1706).
(2)
مسلم (1706).
(3)
أخرجه البخاري (6779).