الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الليل لقوله صلى الله عليه وسلم: «إنكم تنتظرون صلاة ما ينتظرها أهل دين غيركم، ولولا أن يثقل على أمتي لصليت بهم هذه الساعة» ، و «وكان خرج عليهم حين ذهب ثلث الليل أو بعده» (1).
وفي حديث عائشة: «إنه لوقتها لولا أن أشق عليكم» (2).
وكان صلاها حين ذهب عامة الليل، وفسره النووي بذهاب الكثير منه لا أكثره.
ثم قال رحمه الله:
(باب الأذان)
الأذان في اللغة: الإعلام.
وفي الشرع: الإعلام بدخول وقت الصلاة بألفاظ مخصوصة.
قال المؤلف رحمه الله: (يُشْرَعُ لأهْلِ كُلِّ بَلَدٍ أن يَتَّخِذوا مؤذناً)
ويشرع أي يسنّ لهم ذلك، لقوله عليه السلام لعثمان بن أبي العاص:«واتخذ مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجراً» (3).
وهل الأذان واجب أم مستحب؟
في المسألة خلاف، والظاهر أنه واجب وجوبا كفائياً، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به في عدّة أحاديث، منها: حديث مالك بن الحويرث في «الصحيحين» أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له ولصاحبه عندما أرادا الرجوع إلى أهلهم: «ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلّموهم، ومروهم» - وذكر أشياء - ثم قال: «وصلّوا كما رأيتموني أصلي، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم» . وكانا على سفر (4).
وكان صلى الله عليه وسلم إذا غزا غزوة ومرّ بقوم ولم يعلم أهم مسلمون أم مشركون انتظر وقت الصلاة فإذا سمع النداء لم يغزهم، وإن لم يسمع غزاهم (5).
(1) أخرجه مسلم (639)، وأصله في البخاري.
(2)
أخرجه مسلم (638).
(3)
أخرجه أبو داود (531)، والترمذي (209)، والنسائي (672)، وابن ماجه (714)، وأصله عند مسلم (468).
(4)
أخرجه البخاري (6008)، ومسلم (674).
(5)
أخرجه البخاري (2943)، ومسلم (382) عن أنس رضي الله عنه.
فالأذان شعيرة من شعائر الإسلام واجبة في الحضر والسفر.
ولكن الصحيح أن هذا الوجوب وجوب كفائي إذا قام به البعض سقط عن الباقين، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر به النساء في البيوت ولا من لم يصل مع الجماعة في المسجد لعذر.
وقوله صلى الله عليه وسلم لمالك بن الحويرث: «وليؤذن لكم أحدكم» ، دليل على أنه ليس واجباً على كل أحد.
قال المؤلف: (يُنَادِي بألفاظ الأذان المشروعة عند دخولِ وقتِ الصلاةِ)
فهو إعلام بدخول وقت الصلاة المفروضة.
أجمع أهل العلم على أن الأذان والإقامة مشروعان للصلوات الخمس.
وقال الإمام الشافعي رحمه الله: «لا أذان ولا إقامة لغير المكتوبة» (1) انتهى، وهذا قول جمهور علماء الإسلام.
ويكون النداء بالألفاظ الواردة في الأحاديث الصحيحة، وإن اختلفت، فاختلافها اختلاف تنوّع، فيجوز هذا ويجوز هذا، وهي مذكورة في «الصحيحين» .
ففي بعض الروايات تثنية التكبير، وتربيع الشهادتين وباقيه مثنى مثنى.
وفي بعضها: تربيع التكبير الأول والشهادتين، وتثنية باقي الأذان.
قال المؤلف رحمه الله: (ويشرع للسامعِ أن يُتابِعَ المؤذنَ)
لحديث أبي سعيد الخدري في «الصحيحين» : «إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن» (2).
وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا عليّ، فإنه من صلّى عليّ صلاة صلى الله عليه بها عشراً، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلّت عليه الشفاعة» (3).
(1)«الأم» (1/ 283).
(2)
أخرجه البخاري (611)، ومسلم (383) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
(3)
أخرجه مسلم (384).
وعن عمر بن الخطاب قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إذا قال المؤذن: الله أكبر الله أكبر، فقال أحدكم: الله أكبر الله أكبر، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله، قال: أشهد أن لا إله إلا الله .... » إلى أن قال: ثم قال: «حي على الصلاة، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله» ، وكذلك في حي على الفلاح
…
إلخ، فقال في آخره «من قلبه دخل الجنة» (1).
وفي حديث سعد بن أبي وقاص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:«من قال حين يسمع المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله، رضيت بالله رباً وبمحمد رسولاً وبالإسلام ديناً؛ غفر له ذنبه» وهذا كله في الصحيح (2).
وفي «صحيح البخاري» عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، حلّت عليه شفاعتي يوم القيامة» (3).
قال المؤلف: (ثم تشرعُ الإقامةُ على الصفةِ الواردةِ)
أما حكمها فكالأذان، وأما صفتها فتصح بكل صفة وردت في السنة.
ففي «الصحيحين» : «أُمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة إلا الإقامة» أي إلا قوله: «قد قامت الصلاة» (4).
ولا يشترط الوضوء للأذان لعدم ورود دليل في ذلك، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله على كل أحيانه (5).
ويجوز أن يؤذن شخص ويقيم آخر، فالحديث الوارد في أن الذي يؤذن هو الذي يقيم، ضعيف (6).
والكلام في الأذان لا يفسده، لعدم الدليل.
(1) أخرجه مسلم (385).
(2)
أخرجه مسلم (386) عن سعد رضي الله عنه.
(3)
أخرجه البخاري (614) عن جابر رضي الله عنه.
(4)
أخرجه البخاري (605)، ومسلم (378) عن أنس رضي الله عنه.
(5)
أخرجه مسلم (373) عن عائشة، وهو عند البخاري معلقاً.
(6)
حديث زياد الصدائي في سنده عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي ضعيف، وحديث ابن عمر في سنده سعيد بن راشد متروك.