الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال المؤلف رحمه الله: (وعليه استقبالُ عينِ الكعبةِ - إن كانَ مُشاهِداً لها أو في حُكْمِ المشاهدِ - وغيرُ المشاهدِ يستقبلُ الجهةَ بعدَ التحرّي)
اتفق العلماء على أن التوجه نحو البيت شرط من شروط صحّة الصلاة.
فإذا كان المصلي يرى البيت فالفرض عليه التوجه إلى عين البيت لا خلاف بينهم في ذلك، وأما إذا كان لا يرى الكعبة، فالواجب عليه أن يتحرّى جهتها ويتوجّه إليها فقط.
والدليل على أن الواجب التوجه إلى الجهة عند عدم رؤية الكعبة قول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما بين المغرب والمشرق قبلة» (1).
وفي إلزام الناس التوجه إلى عين الكعبة حرج لا يخفى، والله يقول:{وما جعل عليكم في الدين من حرج} .
فحقيقة شروط الصلاة:
1.
الإسلام.
2.
العقل.
3.
التمييز.
4.
دخول الوقت.
5.
استقبال القبلة.
6.
الطهارة من الحدثين الأكبر والأصغر.
7.
النية.
قال رحمه الله:
(بابُ كيفيةِ الصلاةِ، لا تكونُ شرعيةً إلا بالنيَّةِ)
.
لقوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى» (2) وقد تقدم أن النية شرط من شروط صحة الصلاة.
(1) أخرجه الترمذي (342) وابن ماجه (1011) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(2)
أخرجه البخاري (1)، ومسلم (1907) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
قال رحمه الله: (وأركانها كلها مُفْتَرَضَةٌ، إلا قُعُودَ التَّشَهُّدِ الأوسطِ والاستِراحَةِ)
أركان الصلاة:
1.
القيام في الفريضة للقادر، وأما في النافلة، فسنة وليست بركن لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم» (1)، وسيأتي الدليل على ركنية القيام.
2.
تكبيرة الإحرام وهي التكبيرة التي تدخل الصلاة بها.
3.
قراءة الفاتحة في كل ركعة.
4.
الركوع في كل ركعة.
5.
الرفع من الركوع والاعتدال قائماً منه.
6.
السجود الأول والثاني.
7.
الجلوس بين السجدتين.
8.
الطمأنينة في جميع الأركان.
9.
ترتيب هذه الأركان على ما بيناه.
هذا ما ثبت عندي في الأركان، والخلاف قوي في التشهد الأخير والجلوس والتسليم.
ودليل هذه الأركان حديث المسيء صلاته الذي أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد فدخل رجل فصلى، ثم جاء فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم السلام، قال:«ارجع فصل فإنك لم تصل» فرجع الرجل فصلى كما كان صلى، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسلم عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«وعليك السلام» ثم قال: «ارجع فصل فإنك لم تصل» ، حتى فعل ذلك ثلاث مرات، فقال الرجل: والذي بعثك بالحق ما أحسن غير هذا، علمني، قال: «إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً -
(1) أخرجه البخاري (1111) عن عمران بن حصين رضي الله عنه، ومسلم (735) عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه.
وفي رواية عند البخاري: حتى تستوي قائماً - ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تطمئن جالساً، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها» (1).
وفي رواية في «الصحيحين» : «إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبر» (2).
وفي رواية عند البخاري: «ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا» مرة ثانية (3).
وحديث المسيء صلاته يدل على وجوب ما ذكر فيه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يفعل في صلاته ما ذكره له فيه.
ويدل أيضاً على أن ما لم يذكر فيه ليس بواجب في الصلاة، لأن الموضع موضع تعليم وبيان للجاهل وتعريف لواجبات الصلاة والنبي صلى الله عليه وسلم عندما علّمه ذكر له ما أساء فيه وما لم يسئ فيه.
وأما التشهد الأوسط وجلوس الاستراحة فمن سنن الصلاة لا من أركانها، ولا فرق عندي بين أركان الصلاة وواجباتها، وهو مذهب الشافعية.
وأما الحنابلة فيفرقون بين الأركان والواجبات، فيجعلون الواجبات تجبر بسجود السهو في حال النسيان، وأما الأركان فيجب أن يأتي بها، وتبطل الصلاة بعدم الإتيان بها، وإن كان تركها سهواً.
قال رحمه الله: (ولا يَجِبُ مِن أذكارِها إلا التكبيرُ والفاتحةُ في كل ركعةٍ - ولو كان مؤتماً - والتشهد الأخير والتسليم)
تكبيرة الإحرام ركن من أركان الصلاة كما تقدم، لذكرها في حديث المسيء صلاته، وكذلك الفاتحة، لقوله صلى الله عليه وسلم:«لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» (4).
وتجب في كل ركعة، لقوله في حديث المسيء صلاته:«افعل ذلك في صلاتك كلها» .
(1) أخرجه البخاري (757)، ومسلم (397) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(2)
أخرجه البخاري (6251)، ومسلم (397) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(3)
أخرجها البخاري (793).
(4)
أخرجه البخاري (756)، ومسلم (394) عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه.
وأما في حال كونه مأموماً في صلاة جهرية فلا يقرأ بها، وتكون قراءة الإمام له قراءة، لقول الله تبارك وتعالى:{فإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} ، وهذه الآية في الصلاة كما قال غير واحد من السلف.
والأحاديث التي يستدل بها المخالفون ضعيفة غالباً أو مؤولة.
وأما التشهد الأخير فليس بواجب، لأنه لم يذكر في حديث المسيء صلاته، ولو كان واجباً لذكره له، فلا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، والنبي صلى الله عليه وسلم علّم المسيء صلاته ما أساء فيه وما لم يسئ فيه كما ذكرنا.
وأما التسليم فلم يذكر في حديث المسيء صلاته.
وحديث علي «مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم» ، ضعيف (1).
قال المؤلف: (وما عدا ذلك فسُنَنٌ)
أي من الأقوال والأفعال، لأنه لم يرد ما يدل على وجوبها، ولم تذكر في حديث المسيء صلاته.
قال: (وهي الرفعُ في المواضعِ الأربعةِ، والضمُّ، والتَّوَجُّهُ بعد التكبيرةِ، والتَّعَوُّذُ والتأمينُ وقراءةُ غيرِ الفاتحةِ معها، والتَّشَهُّدُ الأوسطُ والأذكارُ الواردةُ في كل ركنٍ، والاستكثارُ من الدعاءِ بخيري الدنيا والآخرة، بما ورد وبما لم يرد)
(الرفع في المواضع الأربعة): أي رفع اليدين.
والمواضع هي، تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الاعتدال من الركوع، والموضع الرابع عند القيام إلى الركعة الثالثة.
أما المواضع الثلاثة الأوَل، فقد وردت في حديث ابن عمر في «الصحيحين» ، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام في الصلاة رفع يديه حتى يكونا حذو منكبيه وكان يفعل ذلك حين يكبر
(1) أخرجه أبو داود وغيره من رواية ابن عقيل، وهو ضعيف.
ورواياته الأخرى واهية، وحديث علي أحسنها، وروي مرسلاً أيضاً.
للركوع، ويفعل ذلك إذا رفع رأسه من الركوع، ويقول: سمع الله لمن حمده، ولا يفعل ذلك في السجود (1).
وأما الرفع في الموضع الرابع، ففي رواية لحديث ابن عمر المتقدم عند البخاري، قال: وإذا قام من الركعتين رفع يديه (2).
هذه هي المواضع التي صحّ الرفع فيها، ولم يصحّ في غيرها.
(والضم) أي وضع اليد اليمنى على اليسرى حال القيام.
قال سهل بن سعد رضي الله عنه: «كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة» رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو في «الصحيح» (3).
وفي «الصحيحين» أن النبي صلى الله عليه وسلم وضع يده اليمنى على اليسرى في الصلاة (4)، ولم يصح حديث في تحديد موضع الوضع، على الصدر أو على غيره.
(التوجّه) المراد بالتوجّه دعاء الاستفتاح الذي يكون بعد تكبيرة الإحرام، يقال له التوجّه، لأن من الأدعية المذكورة فيه:«وجّهت وجهي للذي فطر السموات والأرض .. » (5).
ووردت فيه أذكار مختلفة، إذا صحّ عندك واحد منها فلك أن تستفتح به.
أصحّها ما في «الصحيحين» من حديث أبي هريرة: «اللهم باعد بيني وبين خطاياي .. » (6) الحديث.
وأما إذا أردت دعاءً قصيراً، فقل:«الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً» (7).
(1) أخرجه البخاري (736)، ومسلم (390) عن ابن عمر رضي الله عنه.
(2)
أخرجه البخاري (739).
(3)
أخرجه البخاري (740) عن سهل بن سعد رضي الله عنه.
(4)
أخرجه البخاري (740) عن سهل بن سعد بلفظ: «اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة، ومسلم (401) عن وائل بن حجر رضي الله عنه.
(5)
أخرجه مسلم (771) عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
(6)
أخرجه البخاري (744)، ومسلم (598) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(7)
أخرجه مسلم (601) عن ابن عمر رضي الله عنه، والحديث له قصة.
(8)
أخرجه مسلم (600) عن أنس رضي الله عنه.
وأما أنا فأنصح بالتركيز على أحاديث الصحيحين.
(والتعوّذ) أن يقول: «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» قبل البسملة وقراءة الفاتحة، ولم يصحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم لفظ خاص بالصلاة في مسألة التعوذ، وأما اللفظ الذي ذكرناه فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في غير الصلاة.
وهذه الصيغة هي الواردة عن جمع من السلف كما في مصنفي عبد الرزاق وابن أبي شيبة.
والاستعاذة مستحبة عند القراءة، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ سورة الكوثر ولم يستعذ (1).
وتكون الاستعاذة سرًّا لا جهرًا، قال ابن قدامة:«بلا خلاف» .
(والتأمين) قول آمين آخر الفاتحة، قال صلى الله عليه وسلم:«إذا أمّن الإمام فأمّنوا» (2).
(وقراءة غير الفاتحة معها) فقد ثبت في «الصحيحين» وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعتين الأوليين بأم الكتاب وسورتين، وفي الركعتين الأخيرتين بفاتحة الكتاب (3).
(والتشهد الأوسط) ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه تركه سهوًا، ولم يذكر في حديث المسيء صلاته، فيدلّ على السنيّة (4).
وأصحّ ألفاظه حديث ابن مسعود، متفق عليه.
قال النووي: هو أصح تشهد بالإجماع (5).
(1) أخرجه مسلم (400) عن أنس رضي الله عنه.
(2)
أخرجه البخاري (780)، ومسلم (410) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(3)
أخرجه البخاري (759)، ومسلم (451) عن أبي قتادة رضي الله عنه.
(4)
تقدم تخريجه.
(5)
«المنهاج شرح صحيح مسلم» للنووي (4/ 115 - 116).
(6)
أخرجه البخاري (831)، ومسلم (402) عن ابن مسعود رضي الله عنه.
وتكتفي بهذا في الثلاثية والرباعية من غير ذكر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لما أخرجه البخاري، أن النبي صلى الله عليه وسلم علّمهم التشهد ثم قال لهم:«وليتخيّر أحدكم من الدعاء أعجبه إليه فيدعو» (1).
والحديث الذي فيه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المَوْضِعِ فلا يصح.
(والأذكار الواردة في كل ركن) منها تكبير الركوع والسجود والرفع والخفض وقول «سمع الله لمن حمده» ، وفي الركوع «سبحان ربي العظيم» وفي السجود «سبحان ربي الأعلى» ، وبين السجدتين «رب اغفر لي رب اغفر لي» فهذه كلها سنن.
(والاستكثار من الدعاء بخيري الدنيا والآخرة بما ورد وبما لم يرد) لقوله صلى الله عليه وسلم: «أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء» (2)، وقوله:«ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه» وهذا بعد التشهد.
فخيره بما شاء من الدعاء ولم يقيّده بشيء.
ومن الدعاء المستحب بعد التشهد وقبل السلام قول: «اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات ومن شر فتنة المسيح الدجال» (3).
ويستحب بعد التشهد ذكر الصلاة الإبراهيمية في التشهد الأخير.
صح في صيغها أكثر من حديث بألفاظ مختلفة منها ما أخرجه الشيخان عن كعب بن عجرة رضي الله عنه: «اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد» (4).
وتستحب الإشارة بالأصبع في التشهد دون تحريكها؛ فحديث تحريك الأصبح في التشهد ضعيف (5).
(1) أخرجه البخاري (835) عن ابن مسعود رضي الله عنه.
(2)
أخرجه مسلم (479) عن ابن عباس رضي الله عنه.
(3)
أخرجه البخاري (1377) ومسلم (588) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(4)
أخرجه البخاري (3370) ومسلم (406).
(5)
انظر «البشارة في شذوذ تحريك الأصبع في التشهد وثبوت الإشارة» لأحمد بن سعيد اليمني بتقديم شيخنا الوادعي رحمه الله.