الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمراد من هذه الأحاديث إزالة كل ما يلهي عن الصلاة، ويشغل عن الخشوع فيها.
قال المؤلف رحمه الله:
(بابُ صلاة التَّطَوُّعِ)
.
التطوّع هو القيام بالعبادة طواعية بالاختيار من غير أن تكون فرضاً لله لازماً.
وسميّت صلاة التطوّع تطوّعاً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم للأعرابي الذي سأله عن الصلاة:«خمس صلوات في اليوم والليلة» قال الأعرابي: هل عليّ غيرها؟ قال صلى الله عليه وسلم: «لا إلا أن تطّوّع» (1).
ويقال لها نافلة، لأنها زيادة عن الواجب.
قال المؤلف رحمه الله: (هي أربعٌ قَبْلَ الظُّهْرِ، وأَرْبَعٌ بَعْدَهُ، وأَرْبَعٌ قَبْلَ العَصْرِ، ورَكْعَتانِ بَعْدَ المَغْرِبِ، ورَكْعَتانِ بَعْدَ العِشاءِ، ورَكْعتانِ قَبْلَ صَلاةِ الفَجْرِ)
النوافل الرواتب، أو السنة الراتبة هي التابعة للفريضة، والراتب هو الثابت والدائم.
والرواتب هي الواردة في حديث ابن عمر، قال:«حفظت من النبي صلى الله عليه وسلم عشر ركعات، ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل الفجر» . متفق عليه (2).
وفي رواية في «الصحيحين» : «وركعتين بعد الجمعة» (3).
وأخرج البخاري من حديث عائشة قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يدع أربعاً قبل الظهر» (4).
بقي مما ذكره المؤلف: «أربع بعد الظهر» و «أربع قبل العصر» .
ودليل الأربع بعد الظهر حديث أم حبيبة، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من صلى أربع ركعات قبل الظهر وأربعا بعدها، حرّمه الله على النار» (5).
(1) أخرجه البخاري (46)، ومسلم (11) عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه.
(2)
أخرجه البخاري (1172، 1180)، ومسلم (729، 882) عن ابن عمر رضي الله عنه واللفظ للبخاري.
(3)
تقدم تخريجه.
(4)
أخرجه البخاري (1182) عن عائشة رضي الله عنها.
(5)
أخرجه أبو داود (1269)، والترمذي (427)، والنسائي (1812)، وابن ماجه (1160)، وأحمد في «مسنده» (26764).
وهو معلّ، وله طرق، طريق حكم عليها النسائي بالخطأ، وكذا فعل المزي بطريق أخرى، والثالثة منقطعة، والرابعة ضعيفة.
والأربع قبل العصر، ورد فيها حديث ضعيف (1).
وأما حديث: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعاً» (2)، فمعلّ أيضاً، أعلّه أبو حاتم الرازي وغيره، وكان شيخ الإسلام يضعّفه بشدة (3).
قال المؤلف رحمه الله: (وصلاةُ الضُّحى، وصَلاةُ الليلِ - وأكثَرُها ثَلاثَ عَشْرةَ ركعة، يُوْتِرُ في آخِرِها بِرَكْعَةٍ - وتَحيَّةُ المَسْجِدِ، والاسْتِخارةُ، وركعتانِ بينَ كُلِّ أذانٍ وإقامةٍ)
أما (صلاة الضحى) فهي من صلاة التطوّع المشروعة، ودليلها:
قال ابن أبي ليلى: «ما أخبرنا أحد أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم صلى الضحى غير أم هانئ ذكرت أن النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة اغتسل في بيتها، فصلى ثماني ركعات، فما رأيته صلى صلاة أخف منها غير أنه يُتم الركوع والسجود» متفق عليه (4).
وفي رواية عند مسلم: «سبحة الضحى» أي: نافلة الضحى.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «أوصاني خليلي بثلاث لا أدعهن حتى أموت، صوم ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، ونوم على وتر» متفق عليه (5).
وفي رواية مسلم: «وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أرقد» .
وأقل صلاة الضحى ركعتان كما تقدم في رواية مسلم لحديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(1) أخرجه أحمد (10/ 188)، وأبو داود (1271)، والترمذي (430)، عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«رحم الله امرأً صلى قبل العصر أربعاً» .
قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: سألت أبا الوليد الطيالسي عن محمد بن مسلم بن المثنى
…
فذكره، فقال: دع ذي، فقلت: إن أبا داود قد رواه. فقال: كان ابن عمر يقول: حفظت عن النبي صلى الله عليه وسلم عشر ركعات في اليوم والليلة .. » فلو كان هذا لعدّه، قال أبي: يعني كان يقول حفظت اثنتي عشرة ركعة» «العلل» (322).
(2)
أخرجه أبو داود (1271)، والترمذي (430) عن ابن عمر رضي الله عنه.
(3)
«مجموع الفتاوى» (23/ 124)، (24/ 201).
(4)
أخرجه البخاري (1103)، ومسلم (336).
(5)
أخرجه البخاري (1178)، مسلم (721).
ولا حدّ لأكثرها؛ لقول عائشة رضي الله عنها: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعاً ويزيد ما شاء الله» (1).
وأما وقتها فمن طلوع الشمس وارتفاعها مقدار رمح إلى استواء الشمس في كبد السماء؛ لأنه صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس وترتفع قدر رمح، ونهى عن الصلاة بعد استواء الشمس في كبد السماء إلى دخول وقت الظهر (2).
والوقت الأول يقدّر بربع ساعة أو عشر دقائق تقريبا بعد طلوع الشمس، والثاني عشر دقائق قبل دخول وقت الظهر.
والأفضل صلاتها بعد اشتداد الحر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الأوابين حين ترمض الفصال» (3).
أي صلاة الطائعين وقتها حين تحترق أخفاف الفصال الصغار من شدة حر الرمل، والفصال: الصغار من أولاد الإبل.
وأما صلاة الليل، فيعني بها قيام الليل، وهي من صلاة التطوّع، وليست فرضاً، فإن الأعرابي لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام، قال له:«خمس صلوات في اليوم والليلة» فقال الأعرابي: هل عليّ غيرهن؟ قال: «لا، إلا أن تطّوّع» (4)، فدلّ ذلك على أنه لا يجب على المسلم من الصلوات إلا الخمس المذكورة.
وأما كونها مشروعة فأدلة ذلك كثيرةٌ جداً من الكتاب والسنة، منها أن عائشة سئلت عن قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت للسائل: ألست تقرأ {يا أيها المزّمل} ؟ قال: قلت: بلى، قالت: فإن الله افترض قيام الليل في أول هذه السورة، فقام نبي الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حولاً، وأمسك الله خاتمتها اثني عشر شهراً في السماء، حتى أنزل الله في آخر السورة التخفيف، فصار قيام الليل تطوّعاً بعد فريضة (5).
(1) أخرجه مسلم (719) عن عائشة رضي الله عنها. ولكنه حديث منتقد: قال ابن رجب الحنبلي في شرح العلل: أنكره أحمد، والأثرم، وابن عبد البر وغيرهم، وردوه بأن الصحيح عن عائشة قالت: ما سبح رسول الله صلى الله عليه وسلم سبحه الضحى قط.
(2)
أخرجه مسلم (831) عن عامر بن عقبة رضي الله عنه.
(3)
أخرجه مسلم (748) عن زيد بن أرقم رضي الله عنه.
(4)
تقدم تخريجه.
(5)
أخرجه مسلم (746).
وفي «الصحيحين» أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يا عبد الله، لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل» (1).
وأما وقتها، فمن بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر الصادق.
وأما أكثرها، فصحّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه ما زاد في رمضان ولا غيره على أحد عشر ركعة، فذهب البعض إلى عدم جواز الزيادة على ذلك.
ولكنه مجرّد فعل منه صلى الله عليه وسلم لا يدلّ على أن أكثر من ذلك لا يجوز، فقد صحّ عن جمع من السلف أنهم كانوا يزيدون على ذلك، ولكن الأفضل الوقوف عند السنة.
ويوتر آخرها بركعة، لقوله صلى الله عليه وسلم:«اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً» (2)
وقال صلى الله عليه وسلم لمن سأله عن صلاة الليل: «مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح فصل ركعةً، واجعل آخر صلاتك وتراً» (3).
وتحية المسجد، لقوله صلى الله عليه وسلم:«إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين» (4).
وتسميتها تحية المسجد تسمية فقهية، أي أن الفقهاء هم من سمّاها بذلك.
وحكمها، أنها سنة بالاتفاق، لم يخالف في ذلك إلا بعض أهل الظاهر، وهم مسبوقون بالإجماع، والإجماع صارف للأمر عن الوجوب إلى الاستحباب.
وكذلك حديث الأعرابي، هل عليّ غيرها؟ قال:«إلا أن تطّوّع» .
وقال ابن حزم: «واتفقوا أن كل صلاة ما عدا الصلوات الخمس وعدا الجنائز والوتر وما نذره المرء ليست فرضاً» (5).
(1) أخرجه البخاري (1152)، ومسلم (1159) عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه.
(2)
أخرجه البخاري (472، 998)، ومسلم (751) عن ابن عمر رضي الله عنه.
(3)
أخرجه البخاري (472، 990)، ومسلم (749) عن ابن عمر رضي الله عنه.
(4)
أخرجه البخاري (444)، ومسلم (714) عن أبي قتادة رضي الله عنه.
(5)
«مراتب الإجماع» (ص 32).
وقال شيخ الإسلام في «نقد مراتب الإجماع» (291): «في وجوب ركعتي الطواف نزاع معروف، وقد ذُكِرَ في وُجُوبِ المعادة مع إمام الحيّ وركعتي الفجر والكسوف» .