الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الساق، ثم غسل رجله اليسرى حتى أشرع في الساق، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ (1).
قال رحمه الله: (وله المسحُ على الخُفَّيْنِ)
أي يجوز له المسح على الخفين، والخفّ هو ما يلبس في الرجل من جلد رقيق.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح على خفّيه. والثابت عنه أنه مسح أعلى الخف.
جاء عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، ولكنني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمسح على ظهر الخف (2).
وشرط المسح على الخفين أن تلبسهما على طهارة، أي وأنت متوضئ، ودليل ذلك حديث المغيرة، فإنه أراد أن يصب الماء على قدمي النبي صلى الله عليه وسلم ليغسلهما، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «
…
دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين فمسح عليهما» متفق عليه (3).
وإذا كنت مقيماً فلك أن تمسح عليهما يوماً وليلة، وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهنّ.
قال شريح بن هانئ: «سألت عائشة عن المسح على الخفين، فقالت: سل علياً فهو أعلم مني، هو كان يسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألت علياً، فقال: للمقيم يوم وليلة ، وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن» (4).
قال رحمه الله: (ولا يكونُ وضوء شرعياً إلا بالنِّيَّة لاستباحةِ الصلاةِ)
أي لا بد من النية كي يكون الوضوء صحيحاً، فالنية شرط في صحة الوضوء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى
…
» الحديث.
والوضوء عبادة يُقصد بها القربة إلى الله، وليست هي فقط وسيلة بل يُقصد بها أيضاً التقرب إلى الله سبحانه وتعالى فتُشتَرط لها النية.
قال رحمه الله:
(فصل: ويستحبُّ التثليثُ)
(1) أخرجه مسلم (246) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(2)
أخرجه أحمد (737)، وأبو داود (162)(164) عن علي رضي الله عنه.
(3)
البخاري (206)، مسلم (274) عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه.
(4)
أخرجه مسلم (276).
أي: يستحب للمتوضئ أن يغسل أعضاء الوضوء ثلاث مرات.
وقد صحّ هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عثمان الذي في «الصحيحين» (1).
وصحّ عنه الوضوء مرتين مرتين (2)، والواجب مرة واحدة (3)، والمستحب والأكمل ثلاث غسلات.
قال رحمه الله: (في غير الرأس)
أي ويستحب التثليث في كل الأعضاء غير الرأس، فلا يستحب، لأن الأحاديث كلها جاءت بمسح الرأس مرة واحدة، ووردت بعض الأحاديث بمسح الرأس ثلاثاً وكلها ضعيفة، لا يصحّ منها شيء، والصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمسح مرة واحدة (4).
قال رحمه الله: (وإطالةُ الغُرَّةِ والتَّحْجِيْلِ)
(الغرّة): بياض الوجه، وأصلها بياض غرة الفرس.
و(التحجيل): بياض في اليدين والرجلين، وأصلها بياض قوائم الفرس.
قال المؤلف هنا باستحباب الزيادة في غسل الذراعين والرجلين، فَتَشْرَعُ في العضد وتغسله، وتشرع في الساق وتغسلها، وقد قال بهذا تبعا لأبي هريرة رضي الله عنه، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«إن أمتي يأتون يوم القيامة غرّاً محجلين من آثار الوضوء» . قال أبو هريرة: «فمن استطاع أن يطيل غرّته فليفعل» (5).
وقد جاءت هذه اللفظة مرفوعة، وهي قول أبي هريرة:«فمن استطاع أن يطيل غرّته فليفعل» ولا تصح، فإنها اجتهاد من أبي هريرة رضي الله عنه، من كلامه.
(1) أخرجه البخاري (109)، ومسلم (226) عن عثمان رضي الله عنه.
(2)
أخرجه البخاري (158)، ومسلم (235) عن عبد الله بن زيد رضي الله عنه.
(3)
فهو الذي تقتضيه آية الوضوء، وأخرج البخاري (157) عن ابن عباس رضي الله عنه، قال: توضأ النبي صلى الله عليه وسلم مرة مرة.
(4)
كما في حديث عثمان رضي الله عنه المتقدم.
(5)
البخاري (136)، ومسلم (246) عن أبي هريرة رضي الله عنه.