الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا، بل نكاح رغبة، يكون راغباً بها ويريدها ويقع بينهما جماع وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم حتى يذوق عسيلتك وتذوقي عسيلته، يعني يقع بينهما جماع، ثم بعد ذلك إن طلقها فللأول أن يردها.
باب الخلع
قال المؤلف رحمه الله: (باب الخلع)
الخلع لغة: النزع، يقال: خلع الرجل ثوبه؛ أي نزعه؛ ومنه أخذ المعنى الشرعي؛ لأن كل واحد من الزوجين لباس للآخر {هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ} [البقرة /187].
وأما في الشرع: فهو فراق الرجل امرأته بعوض يأخذه منها.
أي تدفع المرأة للزوج بدلاً للفراق كالمهر الذي أخذته منه عند الزواج مثلا؛ فيفارقها.
قال المؤلف رحمه الله: (وإذا خَالَعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ كان أَمْرُهَا إليها، لا تَرْجِعُ إليهِ بِمُجَرَّدِ الرَّجْعَةِ)
إذا كرهت المرأةُ الرجل إما لخَلْقه أو لخُلُقه أو لدينه أو لكبر سنه أو لأي سبب من الأسباب وخشيت أن لا تؤدي حق الله في زوجها والإحسان إليه؛ جاز لها أن تطالبه بالفراق، مقابل أن تدفع له شيئاً، إما المهر الذي قدمه لها أو غيره، على حسب ما يتفقان عليه، ويسمى هذا خُلْعاً.
أما الرجل فإنه إذا كره المرأة؛ فالطلاق بيده يطلقها إذا شاء.
فجُعل الخُلْعُ للمرأة كي تتمكن من الانفصال عن زوجها من غير أن تقع فيما حرَّم الله تبارك وتعالى، فإن الحياة الزوجية لا تقوم إلا على المحبة والرحمة وحسن العشرة بين الزوجين.
ودليل مشروعية الخلع قول الله تبارك وتعالى {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَاّ يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة / 229]، وعن ابن عباس قال:«إن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، ثابت بن قيس ما أَعِيبُ عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتردِّين عليه حديقته؟ » قالت: نعم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«اقبل الحديقة وطلقها تطليقة» (1).
وفي رواية عند البخاري في «صحيحه» : «فأمره ففارقها» (2).
فهذا يدل على مشروعية الخلع، فإذا خالع الرجل المرأة تنفصل عنه، وليس له أن يراجعها؛ فالخلع فسخ وليس طلاقاً كما سيأتي إن شاء الله.
قال المؤلف رحمه الله (وَيَجُوزُ بالقَليلِ والكَثيرِ ما لَمْ يُجاوِزْ ما صارَ إليها مِنْهُ)
أي يجوز للرجل أن يأخذ عوضاً عن فراقها القليل والكثيرمن المال للخلع، المهم أن تدفع له شيئاً من أجل أن يفارقها؛ لقوله تعالى {فلا جناح عليهما فيما افتدت به} ؛ لأن (ما) اسم موصول يفيد العموم فيشمل القليل والكثير.
وأما قوله (ما لم يجاوز ما صار إليها منه) فمعناه مالم يجاوز المهر الذي دفعه إليها، فلو أن الزوج أعطاها مهرا للزواج بها ألف دينار، فما يأخذه منها للخلع لا يتجاوز ألف دينار، على قول المؤلف.
فالمؤلف رحمه الله يشترط في الخلع أن لا يزيد عما دفع الرجل للمرأة من مهر.
والمسألة محل خلاف بين العلماء؛ فاستدل المؤلف بزيادة في حديث امرأة ثابت بن قيس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: «أما الزيادة فلا ولكن حديقته» قالت: نعم» (3)، أي قال لها النبي صلى الله عليه وسلم أما الزيادة على الحديقة فلا، ولكن رُدي عليه الحديقة فقط.
(1) أخرجه البخاري (5273).
(2)
أخرجه البخاري (5276).
(3)
أخرجه أبو داود في «المراسيل» (235)، والدارقطني (3871)، والبيهقي (7/ 514)، والمقدسي في «المختارة» (214) وغيرهم، مرسلا ومتصلا، وقال الدارقطني بعدما رواه مرسلا عن عطاء: خالفه الوليد ، عن ابن جريج ، أسنده عن عطاء ، عن ابن عباس. والمرسل أصح. وكذا رجح المرسل البيهقي رحمه الله.
ولو صح هذا الحديث لكان ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله قوياً، لكن هذه الرواية ضعيفة فلا تصلح حجة في هذا الباب.
يبقى معنا عموم قول الله تبارك وتعالى {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة / 229]؛ لما تقدم من أن (ما) اسم موصول يفيد العموم فيشمل القليل والكثير مما افتدت به.
فالصواب أن الآية تبقى على عمومها فيجوز بالقليل والكثير.
قال المؤلف رحمه الله: (وَلا بُدَّ مِنَ التَّراضي بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ على الخُلْعِ، أو إِلْزامِ الحاكِمِ مع الشِّقاقِ بينهما)
يجب أن يتم الخلع بالتراضي بين الزوجين؛ لقول الله تبارك وتعالى {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء 128 /].
فإن لم يحصل التراضي بينهما؛ فيُرفع الأمر إلى الحاكم؛ وهو الذي يقضي به إن رأى ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاءته امرأة ثابت بن قيس هو الذي حكم بالخلع وألزم ثابتاً به.
قال المؤلف رحمه الله: (وهو فسخٌ وعِدَّته حيضة)
الخلع فسخ للنكاح وليس طلاقاً، وبين الفسخ والطلاق فرق.
فالفسخ؛ رفع عقد النكاح ونقضه؛ ولا يأخذ حكم الطلاق، فلا يُحسب من الطلقات الثلاث.
إذا طلق مرتين وفسخ وأراد ردها، إذا قلنا هو طلاق؛ فلا يجوز له ردّها، أما إذا قلنا ليس طلاقاً فيجوز، وعلى قولنا إن الفسخ ليس بطلاق؛ إذا حصل فسخٌ مع طلقتين فيجوز له ردها
هذا الفرق الأول بين الفسخ والطلاق وهو أن الفسخ لا يحسب من الطلقات الثلاث.
الفرق الثاني: لا تعتد المرأة بثلاث حيضات في الفسخ، بل تعتد بحيضة واحدة لتستبرئ الرحم فقط.
الفرق الثالث: ليس للزوج حق الرجعة فيه، بينما في الطلاق له في أثناء العدة الحق أن يرجعها.