الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمساً شفعن له صلاته، وإن كان صلى إتماماً لأربع كانتا ترغيماً للشيطان» (1).
وهذا إذا لم يغلب على ظنه شيء بعد الشك، وأما إذا غلب على ظنه شيء فيعمل بغلبة الظن ثم يسجد بعد السلام وذلك لحديث ابن مسعود في «الصحيحين»: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وإذا شك أحدكم في صلاته فليتحرّ الصواب، فليتمّ عليه، ثم ليسلّم، ثم يسجد سجدتين» (2).
قال المؤلف رحمه الله: (وإذا سجدَ الإمامُ تابعهُ المؤتمُّ)
وذلك لما ورد بالأمر بمتابعة الإمام.
ولا يسجد المؤتم وحده إذا سها خلف الإمام، لقوله صلى الله عليه وسلم:«إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه» (3).
أما موضع السجود، فالصحيح أن المصلي مخيّر بين أن يسجد قبل السلام أو بعده فقد جاءت الأحاديث بهذا وهذا، واتفق العلماء على أن من سجد قبل السلام أو بعده، فصلاته صحيحة، وإنما اختلفوا في الأفضل (4).
قال المؤلف رحمه الله:
(بابُ القضاءِ للفوائتِ)
(القضاء) لغة: الحكم، ويأتي بمعنى الأداء.
واصطلاحا - أي عند الأصوليين -: «إيقاع العبادة خارج وقتها الذي عينه الشرع لمصلحة فيه» .
و(الأداء) عندهم: إيقاع العبادة في وقتها المعين لها شرعاً.
و(الإعادة): ما فعل في وقت الأداء لخلل في الفعل الأول.
و(الفائتة): هي التي خرج وقتها ولم تؤدَّ فيه.
(1) أخرجه مسلم (571) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
أخرجه البخاري (722)، ومسلم (414) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(4)
قاله النووي في «المجموع» (4/ 155).
ولكن، هل تقضى الصلاة الفائتة؟ !
قال المؤلف رحمه الله: (إن كان التركُ عَمْداً -لا لِعُذْرٍ - فَدَيْنُ اللهِ تعالى أحقُّ أن يُقْضى)
الفائتة إما أن تكون فاتت لعذر كما سيأتي، وإما أن تكون فاتت لغير عذر كتكاسل مثلاً، أو كما يقول بعض الناس كنت في السوق أو كنت في سهرة أو ماشابه، فهل تقضى الصلاة الفائتة لغير عذرٍ؟
هذه المسألة مبنية على مسألة أصولية وهي، هل القضاء يكفي فيه دليل وجوب العبادة، أم لا بد من دليل جديد يطلب القضاء؟ !
أي حين أمر الله بصلاة الظهر في وقت معين، ثم أخرجتها أنت عن وقتها، وفعلتها خارجه، فهل فعلها خارج وقتها مبني على أنه أمرك بفعلها في وقتها، أم لابد أن يكون عندك دليل جديد يطلب منك عملها خارج وقتها؟
الراجح: الثاني، أي أنه لا بد من دليل جديد يطلب منك عملها خارج وقتها - وهو قول الأكثر - وذلك لأن اقتران العبادة بوقت معين يدلُّ على أن مصلحة العبادة مختصة بذلك الوقت، إذ لو كانت المصلحة في غيره لما خصصت به، فيحتاج القضاء إلى أمر جديد كي يدل على بقاء المصلحة خارج الوقت.
واختلف القائلون بالأمر الجديد، هل الصلاة الفائتة لها أمر جديد أم لا؟
الذين قالوا: لها أمر جديد، استدلوا بحديث ابن عباس رضي الله عنه، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إن أمي ماتت وعليها صوم شهر أفأقضيه عنها؟ قال: «نعم، فدين الله أحق أن يُقضى» متفق عليه (1).
قالوا: الصلاة الفائتة من دَيْنِ الله.
وأجاب الآخرون: بأن هذا الحديث في حق المعذور، والنبي صلى الله عليه وسلم قال هذا في صيام النذر المطلق الذي ليس له وقت محدد الطرفين، كما في رواية في «الصحيحين» .
وقد أشبع ابن القيم المسألة بحثاً وتحقيقاً في «الصلاة وأحكام تاركها» .
(1) أخرجه البخاري (1953)، ومسلم (1148) عن ابن عباس رضي الله عنه.
والقول الصواب، هو أن غير المعذور إن أخرج الصلاة عن وقتها لغير عذر لا ينفعه قضاؤها.
قال المؤلف رحمه الله: (وإن كان لعُذْرٍ، فليسَ بقضاءٍ، بل أداءٌ في وقتِ زوالِ العُذْرِ، إلا صلاةَ العيدِ، ففي ثانيهِ)
يقول المؤلف: (إذا كان) ترك أداء الصلاة في وقتها المعين لها شرعاً (لعذر) من نوم مثلاً أو سهو أو نسيان (فليس بقضاء) بل يكون وقت الصلاة في حقه قد انتقل، فتكون صلاته أداءً، لقوله صلى الله عليه وسلم:«إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها، فليصلِّها إذا ذكرها، فإن الله يقول: {أقم الصلاة لذكري}» متفق عليه (1)
وفي رواية في الصحيحين: «لا كفارة لها إلا ذلك» (2).
وفي رواية يُستدل بها للمؤلف: «فوقتها حين يذكرها» .
وثبت عنه أنه قال: : «ليس في النوم تفريط» .
فالرواية الأولى تدل على وجود تقصير في ترك الصلاة بالنوم كفارته أن تصلى بعد الاستيقاظ، ولكن هذا إذا حملنا الكفارة على أن قضاء الصلاة كفارة، ولكن إذا قلنا إن معنى الحديث: لا يلزمه في تركها صدقة ولا غيرها كما يلزم في ترك الصوم مثلا، اجتمع مع قوله:«ليس في النوم تفريط» (3).
أما الرواية الثانية فتدل على أن وقت صلاة النائم حين يستيقظ.
والرواية الثالثة تدل على أن النوم ليس فيه تقصير.
وأما الرواية التي استدل بها المؤلف فرواها البيهقي في الخلافيات، قال ابن الملقن في البدر المنير (2/ 659): ورواه البيهقي في خلافياته باللفظ الذي ذكره المصنف من رواية حفص بن أبي العطاف عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة يرفعه: من نسي صلاة فوقتها إذا ذكرها. لكن إسنادها ضعيف، قال البيهقي: حفص لا يحتج به
…
إلخ
(1). أخرجه البخاري (597)، ومسلم (684) عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
(2)
في البخاري (597)، ومسلم (684).
(3)
البخاري (595)، ومسلم (681) عن أبي قتادة رضي الله عنه، وهو جزء من حديث طويل، واللفظ لمسلم.