المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب صلاة الجماعة) - فضل رب البرية في شرح الدرر البهية

[علي الرملي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الشارح

- ‌تعريف الفقه

- ‌‌‌الفقه لغةً‌‌واصطلاحاً:

- ‌الفقه لغةً

- ‌واصطلاحاً:

- ‌فالفقه في الشرع:

- ‌وأما الفقه عند الأصوليين:

- ‌وأما الفقه عند الفقهاء

- ‌ترجمة الشوكاني

- ‌«الدُّرَرُ البَهيَّة» للشوكاني

- ‌كتاب الطهارة

- ‌ باب حكم المياه

- ‌(الماءُ طاهرٌ مُطَهِّرٌ)

- ‌(فصل باب النجاسات)

- ‌(بابُ قضاءِ الحاجةِ)

- ‌(بابُ الوضوءِ)

- ‌(فصل: ويستحبُّ التثليثُ)

- ‌(فصلٌ: وينتقضُ الوضوءُ بما خرجَ من الفَرْجَيْنِ من عَيْنٍ أو ريحٍ)

- ‌(بابُ الغُسْلِ)

- ‌(فصلٌ: والغُسْل الواجب هو: أن يُفيضَ الماءَ على جميع بَدَنِهِ، أو يَنْغَمِس فيه مع المضمضةِ والاستنشاقِ)

- ‌(فصلٌ: ويُشْرَعُ لصَلاةِ الجُمُعة)

- ‌(باب التَّيَمُّمِ)

- ‌(بابُ الحَيْضِ)

- ‌(فصل: والنِّفاسُ أكثرُهُ أربعونَ يوماً، ولا حدَّ لأقلّه وهو كالحيضِ)

- ‌كتابُ الصلاةِ

- ‌(باب الأذان)

- ‌(بابُ شروطِ الصلاةِ)

- ‌(بابُ كيفيةِ الصلاةِ، لا تكونُ شرعيةً إلا بالنيَّةِ)

- ‌(باب متى تبطل الصلاة؟ وعمّن تسقط

- ‌(فصل: وتبطل الصلاة بالكلام)

- ‌(فصل: ولا تجبُ على غَيْرِ مُكَلَّفٍ)

- ‌(بابُ صلاة التَّطَوُّعِ)

- ‌(باب صلاة الجماعة)

- ‌(باب سجودِ السهوِ، وهو سجدتانِ قبل التسليمِ أو بعدهُ، وبإحرامٍ، وتشهدٍ، وتحليلٍ)

- ‌(بابُ القضاءِ للفوائتِ)

- ‌(بابُ صلاةِ الجمعةِ، تَجِبُ على كُلِّ مُكَلَّفٍ إلا المرأةَ والعبدَ والمسافرَ والمريضَ)

- ‌(بابُ صلاةِ العيدينِ)

- ‌(بابُ صلاةِ الخوفِ)

- ‌(باب صلاةِ السَّفَرِ، يَجِبُ القَصْرُ)

- ‌(باب صلاة الكسوفين)

- ‌(باب صلاة الاستسقاء)

- ‌كتاب الجنائز

- ‌(فصلٌ: غسل الميت)

- ‌(فصلٌ: تكفينُ الميت)

- ‌ فصل صلاة الجنازة

- ‌(فصل: ويكون المشي بالجِنازةِ سريعاً)

- ‌(فصلٌ: دَفْنُ الميت، ويجبُ دفن الميتِ في حفرة تَمْنَعُهُ السِّباعَ)

- ‌كتاب الزكاة

- ‌(باب زكاةِ الحيوانِ)

- ‌(فصل: إذا بلغت الإبلُ خمساً، ففيها شاةٌ، ثم في كلِّ خمسٍ شاةٌ، فإذا بلغت خمساً وعشرين، ففيها ابنة مَخاضٍ، أو ابن لبونٍ، وفي ستٍّ وثلاثين ابنة لبون، وفي ستٍّ وأربعين حِقّة، وفي إحدى وستين جَذَعة، وفي ستٍّ وسبعين بنتا لبون، وفي إحدى وتسعين حِقّتان إلى

- ‌أولاً: الزكاة واجبة في هذه الحيوانات بثلاثة شروط

- ‌ثانياً: كم المقدار الذي يجب أن يخرج إذا بلغت الإبل النصاب

- ‌(فصلٌ: ولا شيء فيما دُونَ الفريضةِ، ولا في الأوْقاصِ)

- ‌(باب زكاة الذهب والفضة)

- ‌(باب زكاة النبات)

- ‌(باب مصارف الزكاة)

- ‌(باب صدقة الفطر)

- ‌كتاب الخُمُس

- ‌كتاب الصيام

- ‌(باب صوم التطوع)

- ‌(باب الاعتكاف)

- ‌كتاب الحج

- ‌شروط الحج:

- ‌(فصل: ولا يَلْبَسُ المُحْرِمُ القميصَ، ولا العمامة، ولا البُرْنُسَ، ولا السراويل، ولا ثوباً مَسّه وَرْس، ولا زعفران، ولا الخُفَّين إلا أنْ لا يجد نعلين، فليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين)

- ‌(فصلٌ: وعند قدوم الحاجّ مكة، يطوف للقدوم سبعة أشواط، يَرمُلُ في الثلاثة الأولى، ويمشي فيما بقي، ويُقَبِّل الحجر الأسود أو يستلمه بِمِحْجَنٍ ويُقَبِّل المحجن ونحوه، ويستلم الركن اليماني)

- ‌(فصل: ويسْعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط داعياً بالمأثور)

- ‌(فصل: ثم يأتي عرفة صُبح يوم عرفة مُلبياً مُكبراً ويَجمع العصرين فيها، ويخطُب، ثم يُفيض من عرفة بعد الغروب)

- ‌(باب العمرة المفردة)

- ‌كِتابُ النِّكاحِ

- ‌حكم النكاح:

- ‌مسألة:

- ‌بابُ المُحرَّماتِ في النِّكاحِ

- ‌(بابُ العُيُوبِ وَأَنْكِحَةِ الكُفَّارِ)

- ‌بابُ المَهرِ والعِشرَةِ

- ‌كتابُ الطَّلاقِ

- ‌باب الخلع

- ‌باب الإيلاء

- ‌باب الظهار

- ‌بابُ اللِّعَانِ

- ‌بابُ العِدَّةِ والإحدِادِ

- ‌باب استِبْرَاءِ الإِمَاءِ

- ‌بابُ النَّفقةِ

- ‌بابُ الرَّضَاعِ

- ‌بابُ الحَضَانَةِ

- ‌كتابُ البيوعِ

- ‌ باب الربا

- ‌(باب الخِيارَات)

- ‌باب السَّلَم

- ‌باب القَرْض

- ‌باب الشُّفْعة

- ‌باب الإِجارة

- ‌بابُ الإحيَاءِ والإِقْطَاعِ

- ‌بابُ الشَّرِكة

- ‌بابُ الرَّهْنِ

- ‌بابُ الوَدِيْعَةِ والعَارِيَّة

- ‌بابُ الغَصْبِ

- ‌بابُ العِتْقِ

- ‌بابُ الوقْفِ

- ‌بابُ الهَدَايا

- ‌بابُ الهِبات

- ‌كتاب الأَيمَان

- ‌كتابُ النَّذرِ

- ‌كتاب الأطعِمَة

- ‌بابُ الصَّيدِ

- ‌بابُ الذَّبحِ

- ‌بابُ الضِّيافَةِ

- ‌بابُ آدابِ الأكلِ

- ‌كتابُ الأشرِبةِ

- ‌كتابُ اللِّباسِ

- ‌كتابُ الأُضحِيةِ

- ‌بابُ الوَلِيمةِ

- ‌فصلٌ

- ‌كتابُ الطِّبِّ

- ‌كتابُ الوَكالةِ

- ‌كتابُ الضَّمَانَةِ

- ‌كِتابُ الصُّلحِ

- ‌كتابُ الحَوَالةِ

- ‌كتابُ المُفلسِ

- ‌كتابُ اللُّقطةِ

- ‌كتابُ القَضاءِ

- ‌كِتابُ الخُصُومُةِ

- ‌كِتابُ الحُدُودِ

- ‌بَابُ حَدِّ الزَّانِي

- ‌بابُ حَدِّ السَّرقةِ

- ‌بابُ حَدِّ القَذفِ

- ‌بَابُ حَدِّ الشُّرْبِ

- ‌فَصلٌ

- ‌بَابُ حَدِّ المُحَاربِ

- ‌بابُ مَنْ يَستحقُّ القَتلَ حَدّاً

- ‌كِتابُ القِصاصِ

- ‌كتابُ الدِّياتِ

- ‌بَابُ القَسَامَةِ

- ‌كتابُ الوَصِيَّةِ

- ‌كِتابُ المَوَاريثِ

- ‌كتابُ الجِهادِ والسِّيَرِ

- ‌فَصلٌ

- ‌فصلٌ

- ‌فَصلٌ

- ‌فَصلٌ

الفصل: ‌(باب صلاة الجماعة)

وأما صلاة الاستخارة، فدليل مشروعيتها ما أخرجه البخاري في «صحيحه» عن جابر بن عبد الله قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلّمنا الاستخارة في الأمور كلها، كما يعلّمنا السورة من القرآن

» فذكر الحديث (1).

والاستخارة، طلب خير الأمرين من الله تبارك وتعالى.

وأما دليل الركعتين بين كل أذان وإقامة، فقوله صلى الله عليه وسلم:«بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة» ، ثم قال:«لمن شاء» (2).

والمراد بالأذانين، الأذان والإقامة، وهذا تغليب معروف عند العرب، كقولهم القمران للشمس والقمر، والعمران لأبي بكر وعمر، والأسودان للتمر والماء، فيفعلون ذلك في الشيئين المجتمعين، ويغلّبون الاسم الأخف غالباً.

وأعظم فضيلة لكثرة التنفل ما ورد في قوله صلى الله عليه وسلم عن ربه تبارك وتعالى في الحديث القدسي: «وما يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنوافل حتى أحبه

» (3)، وقوله صلى الله عليه وسلم:«إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة، فإن أتمّها، وإلا قيل: انظروا هل له من تطوّع؟ فإن كان له تطوّع أكملت الفريضة من تطوّعه، ثم يُفعل بسائر الأعمال المفروضة مثل ذلك» (4).

وهذا يكفي المسلم الحريص على محبة الله والخلاص من عذاب الله يوم القيامة للحرص على كثرة التنفّل والجدّ في ذلك.

قال المؤلف رحمه الله: ‌

(باب صلاة الجماعة)

أي بيان حكم صلاة الجماعة وأحكامها.

قال: (هي آكدُ السُّنَنِ)

(1) أخرجه البخاري (6382) عن جابر رضي الله عنه.

(2)

أخرجه البخاري (624)، ومسلم (838) عن عبد الله بن مغفّل رضي الله عنه.

(3)

أخرجه البخاري (6502) عن أبي هريرة رضي الله عنه.

(4)

أخرجه أبو داود (864)، والترمذي (413)، والنسائي (465)، وابن ماجه (1425) عن أبي هريرة رضي الله عنه.

ص: 98

أي المستحبات، وكون صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد، فمما لا شك فيه، فقد قال صلى الله عليه وسلم:«صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذّ بسبع وعشرين درجة» (1).

وهذا يدل على أن صلاة المنفرد صحيحة ومقبولة.

ولكن! هل صلاة الجماعة في المسجد واجبة أم مستحبّة؟ اختلف أهل العلم في ذلك.

والصحيح أن صلاة الجماعة في المسجد واجبة على الرجال الذين لا عذر لهم، لحديث أبي هريرة قال: أتى رجل أعمى، فقال: يا رسول الله! إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخّص له فيصلي في بيته، فرخّص له، فلما ولى، دعاه، فقال:«هل تسمع النداء بالصلاة؟ » قال: نعم، قال:«فأجب» (2).

وكذا حديث أبي هريرة في «الصحيحين» أن النبي صلى الله عليه وسلم همّ أن يحرّق بيوت الذين لا يحضرون صلاة الجماعة، وجاء في رواية في «الصحيحين»:«صلاة العشاء» (3).

وقد أمر الله بالجماعة في حال الخوف، ففي حال الأمن من باب أولى.

وكذا أبو هريرة عندما رأى رجلاً خرج من المسجد بعد الأذان، قال: أما هذا فقد عصى أبا القاسم (4).

وساق ابن المنذر في «الأوسط» عن جمع من الصحابة قولهم بوجوب صلاة الجماعة، بل قال عبد الله بن مسعود كما في «صحيح مسلم»:«لقد رأيتنا وما يتخلّف عنها إلا منافق معلوم النفاق» (5).

وقد حقق القول في هذه المسألة ابن المنذر في كتابه «الأوسط» (4/ 146).

(1) أخرجه البخاري (645)، مسلم (650) من حديث ابن عمر رضي الله عنه.

وأخرجه البخاري (646) من حديث أبي سعيد الخدري، بلفظ «خمس وعشرين درجة» .

وعند مسلم (649) عن أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ «خمس وعشرين» .

وهناك ألفاظ أخرى لعدد الدرجات.

(2)

. أخرجه مسلم (653).

(3)

أخرجه البخاري (2644)، ومسلم (651) عن أبي هريرة رضي الله عنه.

ورواه مسلم (654) وغيره عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

(4)

أخرجه مسلم (655) عن أبي الشعثاء رضي الله عنه.

(5)

أخرجه مسلم (654) عن أبي الأحوص رضي الله عنه.

ص: 99

قال رحمه الله: (وتَنْعَقِدُ باثنينِ)

ودليل ذلك حديث ابن عباس المتفق عليه، قال:«بتّ عند خالتي فقام النبي صلى الله عليه وسلم يصلّي من الليل، فقمت أصلي معه، فقمت عن يساره، فأخذ برأسي فأقامني عن يمينه» (1).

وكذا رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يصلّي وحده، فقال:«ألا رجل يتصدّق على هذا فيصلّي معه» (2).

قال المؤلف رحمه الله: (وإذا كَثُرَ الجَمْعُ كانَ الثَّوابُ أكثر)

لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الرجل مع الرجل أذكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أذكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله» (3).

وقد صححه يحيى بن معين وعلي بن المديني والذهلي وغيرهم من أئمة الإسلام.

قال المؤلف: (ويَصِحُّ بَعْدَ المَفْضُولِ)

أي تصحّ صلاة الأفضل خلف الأقل منه فضلاً، فقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم خلف أبي بكر وغيره من الصحابة، كما جاء في «الصحيحين» (4).

قال: (والأولى أن يكونَ الإمامُ مِنْ الخِيارِ)

استدلّ المؤلف على ذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اجعلوا أئمتكم خياركم، فإنهم وفدكم فيما بينكم وبين ربكم» جاء من حديث ابن عمر عند الدارقطني، وبمعناه حديث مرثد عند الحاكم، وكلاهما ضعيف (5)، بيّن ضعفهما غير واحد من أهل العلم، ومنهم الإمام الألباني في " الضعيفة "(1823).

(1) أخرجه البخاري (138)، ومسلم (763) عن ابن عباس رضي الله عنه.

(2)

أخرجه أبو داود (574)، والترمذي (220) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

(3)

أخرجه أحمد في «مسنده» (21265)، وأبو داود (554)، عن أبي بن كعب رضي الله عنه.

(4)

أخرجه البخاري (684)، ومسلم (421) عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه.

(5)

أخرجه الدارقطني (1882)، وهو في «المعجم الكبير» للطبراني (777)، وفي «المستدرك» (4981) وغيرهم عن أبي مرثد الغنوي، بلفظ: «إن سرّكم أن تُقْبَل صلاتكم

».

قال الدارقطني: «إسناد غير ثابت، وعبد الله بن موسى ضعيف»

قلت: عبد الله بن موسى أحد رجال الإسناد.

وعند الدارقطني عن ابن عمر (1881) باللفظ المذكور، وكذلك رواه الدارقطني عن أبي هريرة رضي الله عنه (1312) وضعّفه لضعف أبي الوليد خالد بن إسماعيل.

ص: 100

وأما حكم المسألة، فالأولى أن يؤمّ الناس أقرؤهم لكتاب الله، وسيأتي الدليل على ذلك إن شاء الله.

قال: (ويؤمُّ الرجلُ بالنساءِ لا العكس)

أما إمامة الرجل للنساء فأدلتها كثيرة، منها ما في «الصحيحين» عن أنس قال: قمت خلف النبي صلى الله عليه وسلم أنا واليتيم، والعجوز من ورائنا (1).

وكانت النساء يصلين خلف الرجال في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في «الصحيحين» (2).

وأما إمامة النساء للرجال، فلا تجوز في الفرائض بالاتفاق (3).

وأما في النوافل، فالصحيح أنها لا تؤمّهم أيضاً، فلم يرد في السنة ما يدلّ على جواز إمامتها للرجال، وقد جاءت الشريعة بالتفريق بين الرجال والنساء في التقديم والتأخير في الصلاة، فجعلت النساء خلف الرجال، فلا يجوز تقديمهن إلا بدليل صحيح خاص بهنّ.

ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال: «لا يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة» (4)، والصلاة من أمرنا، ومن ائتم بالمرأة فقد ولّاها أمر صلاته.

وأما الذين قالوا بجواز إمامة النساء للرجال في النوافل، فقد استدلّوا بحديث أم ورقة:«أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تؤم أهل دارها، وفيهم رجال» (5).

وللمرأة أن تؤم النساء وتقف وسطهن كما فعلت عائشة رضي الله عنها (6).

(1) أخرجه البخاري (380)، ومسلم (658) عن أنس رضي الله عنه.

(2)

منها ما أخرجه البخاري (362)، ومسلم (441) عن سهل بن سعد رضي الله عنه.

(3)

قال ابن حزم: «واتفقوا أن المرأة لا تؤم الرجال وهم يعلمون أنها امرأة، فإن فعلوا فصلاتهم فاسدة بإجماع» . «مراتب الإجماع» (ص 27).

(4)

أخرجه البخاري (4425) عن أبي بكرة رضي الله عنه.

(5)

وهو حديث ضعيف أخرجه أحمد في «مسنده» (27283)، وأبو داود (592) عن أم ورقة بنت عبد الله بن نوفل الأنصارية.

وهو معلّ بالاضطراب والجهالة.

وقد حقق القول فيه ابن الملقّن في «البدر المنير» (4/ 389).

(6)

أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (1/ 202)، وعبد الرزاق في «مصنفه» (3/ 141) والحاكم في «المستدرك» (1/ 320) وغيرهم.

ص: 101

قال المؤلف: (والمُفْتَرِضُ بالمُتَنَفِّلِ والعَكْسُ)

فأما صلاة المفترض بالمتنفل، أي أن يصلي الإمام فريضة ويصلي المأموم نافلة، فدليله حديث الرجلين اللذين رآهما النبي صلى الله عليه وسلم جالسين في المسجد لم يصليا مع الجماعة، فقال لهما:«ما منعكما أن تصليا معنا» ، قالا: يا رسول الله إنا كنا صلينا في رحالنا، قال:«لا تفعلا، إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة، فصليا معهم، فإنها لكم نافلة» (1)

وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم عندما رأى رجلا يصلي وحده: «ألا رجل يتصدّق على هذا فيصلي معه» (2)

.

وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الصلاة خلف الأمراء الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها، قال: «إذا رأيتموهم قد فعلوا ذلك، فصلوا الصلاة لميقاتها، واجعلوا صلاتكم معهم سبحة

» الحديث (3).

وأما صلاة المفترض خلف المتنفل، فدليله حديث معاذ أنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة ثم يذهب إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة.

فكان متنفلاً وهم يصلون الفريضة، والحديث متفق عليه (4).

وقد صحّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تصلى صلاة في اليوم مرتين» (5)، مما يدلّ على أن معاذا كان متنفلاً.

وأما صلاة المتنفل خلف المتنفل، فدليلها صلاة ابن عباس خلف النبي صلى الله عليه وسلم (6)، وكذا صلاة الصحابة خلفه عليه السلام في رمضان (7).

(1) أخرجه أبو داود (614) والترمذي (219)، والنسائي (858) عن يزيد بن الأسود.

(2)

تقدم تخريجه.

(3)

أخرجه مسلم (534) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

(4)

أخرجه البخاري (700)، ومسلم (465) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه.

(5)

أخرجه أبو داود (579)، والنسائي (860) عن ابن عمر رضي الله عنه.

(6)

أخرجه البخاري (117)، ومسلم (763) عن ابن عباس رضي الله عنه.

(7)

أخرجه البخاري (924)، ومسلم (761) عن عائشة رضي الله عنها.

ص: 102

ولكن لاتكون صلاة الجماعة في النافلة بشكل دائم فلا يُحافَظُ عليها، فالمداومة عليها بدعة، بل تفعل أحياناً، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يداوم عليها، وكذا أصحابه من بعده، ما عدا قيام رمضان فقط.

قال المؤلف رحمه الله: (وتجبُ المُتابَعَةُ في غَيْرِ مُبْطِلٍ)

أي يجب على المأموم أن يتابع الإمام في صلاة الجماعة إلا إن فعل ما يبطل الصلاة فلا يتابعه.

ويجب على المأموم متابعة الإمام لقوله صلى الله عليه وسلم: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبّر فكبّروا، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا ربنا ولك الحمد - وفي رواية عند البخاري: ربنا لك الحمد -، وإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً أجمعون» . متفق عليه (1)

وفي حديث أبي هريرة في «الصحيحين» : «إنما جُعِلَ الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه» (2).

وفي «الصحيحين» أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يحوّل الله رأسه رأس حمار» وفي رواية: «يحوّل صورته صورة حمار» متفق عليه (3).

فهذه الأحاديث تدلّ على وجوب متابعة الإمام بالصورة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا ركع الإمام ركع المؤتمون، لا قبله ولا معه ولا بعده بكثير بل بعده مباشرة على ما تقتضيه «الفاء» التي في قوله صلى الله عليه وسلم:«إذا كبر فكبروا» .

ومن لم يتابع الإمام عامداً وسبقه، بطلت صلاته، لأنه أتى بمحظور من محظورات العبادات التي تختص بالعبادة.

وأما قوله (في غير مبطل) فلأن عمل المبطل يبطل الصلاة فلا يجوز لك متابعة الإمام، فإذا قام الإمام إلى الخامسة مثلاً وأنت تعلم أنها الخامسة - وزيادة ركعة في الصلاة ليست

(1) أخرجه البخاري (378)، ومسلم (411) عن أنس رضي الله عنه.

(2)

أخرجه البخاري (722)، ومسلم (414).

(3)

أخرجه البخاري (691)، ومسلم (427) عن أبي هريرة رضي الله عنه.

ص: 103

منها تبطل الصلاة - فإنك ها هنا تنبّه الإمام، فإن رجع، وإلا فلا تتابعه، فإما أن تكمل صلاتك وحدك، أو تنتظره إلى أن يسلّم وتسلّم معه.

قال المؤلف رحمه الله: (ولا يؤمُّ الرجلُ قوماً وهم له كارهون)

يستدل المؤلف ومن يقول بقوله بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا يقبل الله منهم صلاة، من تقدم قوماً هم له كارهون، ورجل أتى الصلاة دِباراً، ورجل اعتبد محرره» (1) وهو حديث ضعيف.

ومعنى «أتى الصلاة دباراً» أي أتى الصلاة بعدما انتهت.

ومعنى «اعتبد محرره» : أي اتخذ محرره عبداً، أي أن يكون له عبد ثم يحرره ويكتم ذلك، أو أن يتخذ حراً عبداً ويتملّكه.

وكذا حديث أبي أمامة الذي أخرجه الترمذي: «ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم، العبد الآبق حتى يرجع، وامرأة باتت وزوجها ساخط عليها، وإمام قوم وهم له كارهون» (2).

فعلى ذلك، فلا عبرة برضى الناس في الإمام، فالمعتبر أن يكون الإمام موافقاً للشرع.

قال المؤلف: (ويُصلّي بهم صَلاةَ أخَفِّهم)

لحديث معاذ الذي قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه لما أطال الصلاة بالناس: «أفتان أنت يا معاذ» (3).

قال: (ويُقَدَّمُ السلطانُ وربُّ المَنْزِلِ)

وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي مسعود البدري في «صحيح مسلم» : «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء، فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء،

(1) ضعيف. أخرجه أبو داود (593)، والترمذي (358)، وابن ماجه (970) عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه. في سنده عبد الرحمن الإفريقي وشيخه عمران بن عبد المعافري ضعيفان.

وأخرج ابن ماجه (971) شاهدا له عن ابن عباس رضي الله عنه. في سنده يحيى بن عبد الرحمن الأرحبي قال أبو حاتم الرازي: شيخ لا أرى في حديثه إنكارا، يحدث عن عبيدة بن الأسود أحاديث غرائب. قلت: هذا الحديث منها وشيخه مدلس وقد عنعنه.

(2)

ضعيف. أخرجه الترمذي (360) عن أبي أمامة رضي الله عنه، والبيهقي في «معرفة السنن والآثار» (5959) وضعفه وذكر علته. بعض أهل العلم قوى فقرة الإمام بمجموع الطرق، والأمر محتمل. والله أعلم

(3)

تقدم تخريجه.

ص: 104

فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء، فأقدمهم سلماً، ولا يؤمّن الرجلُ الرجلَ في سلطانه، ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه» (1).

وفي رواية عند مسلم بدل «سلماً» ، «سناً» ، ومعنى «سلماً» ، أي إسلاماً.

و«التكرمة» الفراش ونحوه مما يبسط لصاحب المنزل ويُخصّ به.

وفي رواية عنده أيضاً: «ولا تؤمّنَّ الرجل في أهله ولا في سلطانه ولا تجلس على تكرمته في بيته إلا أن يأذن لك، أو بإذنه» .

قال المؤلف رحمه الله: (والأقرأ ثم الأعلمُ ثم الأسَنُّ)

للحديث المتقدم، وهو الصحيح، فالأقرأ يقدم على الأعلم بشرط أن يكون الأقرأ على علم بأحكام الصلاة، والحديث المتقدّم يدل على أن العبرة بالأقرأ لا بالأعلم، لقوله «أقرؤهم لكتاب الله، ثم أعلمهم بالسنة» .

ثم الأقدم بالهجرة إن وجدت، وإلا فالأقدم إسلاما أو سناً.

قال المؤلف رحمه الله: (وإذا اختلّت صلاةُ الإمامِ كانَ ذلكَ عليهِ، لا على المؤتمّينَ بهِ).

لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الأمراء: «يصلّون لكم، فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطأوا فلكم وعليهم» (2).

قال: (وموقفُهم خَلْفَهُ، إلا الواحدَ فَعَنْ يَمينهِ)

ورد في ذلك حديث ابن عباس في «الصحيح» ، أنه وقف على يسار النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذه عليه السلام من أذنه حتى أقامه عن يمينه.

ولا يتقدم ولا يتأخر عن الإمام، فيكون هو والإمام صفاً واحداً (3).

وجاء في «الصحيح» أيضا عن جابر بن عبد الله، قال: «صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بي وبجبار بن صخر، فقمت على يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بيدي فأدارني حتى أقامني عن يمينه، ثم

(1) أخرجه مسلم (673).

(2)

أخرجه البخاري (694) عن أبي هريرة رضي الله عنه

(3)

تقدم تخريجه.

ص: 105

جاء جبار بن صخر فتوضأ ثم جاء فقام عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بأيدينا جميعاً فدفعنا حتى أقامنا خلفه» (1).

وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم نافلة فجعل أنساً عن يمينه وجعل أم أنس وأختها أم حرام خلفهم (2).

وفي حديث آخر لأنس أنه وقف هو واليتيم خلف النبي صلى الله عليه وسلم والعجوز من ورائهم، وهو في «الصحيح» أيضاً (3).

قال رحمه الله: (وإمامةُ النساءِ وسط الصفِّ)

ليس في هذا حديث صحيح، وإنما صحّ عن أم سلمة وعائشة أنهما فعلتا ذلك (4).

جاء عن عائشة من طرق يصح بمجموعها، وجاء عن أم سلمة من طريقين يصح بهما، ولا يوجد ما يخالف فعلهما.

قال: (وتُقَدَّمُ صُفوفُ الرِّجالِ، ثم الصبيانِ، ثم النساءِ)

اعتمد المؤلف في تفريقه صفوف الصبيان عن صفوف الرجال على حديث أبي مالك الأشعري، «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجعل الرجال قدّام الغلمان، والغلمان خلفهم، والنساء خلف الغلمان» (5).

ويخالفه حديث أنس المتقدم، أنه وقف خلف النبي صلى الله عليه وسلم هو واليتيم، وأم سليم من خلفهم وهو في «الصحيحين» .

فيدل ذلك على أن الصبيان يصفّون مع الرجال، والنساءُ من خلفهم.

قال رحمه الله: (والأحقُّ بالصفِّ الأوَّلِ أولو الأحلامِ والنُّهى)

(1) أخرجه مسلم (3010) عن جابر رضي الله عنه مطوّلاً، وأخرجه البخاري (361).

(2)

أخرجه مسلم (66) عن أنس رضي الله عنه.

(3)

تقدم تخريجه.

(4)

تقدم تخريج أثر عائشة، وأما أثر أم سلمة، فأخرجه الشافعي في «مسنده» (303 - ترتيب سنجر)، وابن أبي شيبة (1/ 430)، وعبد الرزاق (3/ 140)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (3/ 187) وغيرهم.

(5)

ضعيف. أخرجه أحمد في «المسند» (22896)، وأبو داود (677)، وابن ماجه (417) عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه. في سنده شهر بن حوشب.

ص: 106