الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال رحمه الله: (وبعد فراغه يُصلي ركعتين في مقام إبراهيم)
مقام إبراهيم: بناء صغير يوجد أمام الكعبة قريب من الباب إلّا أنه بعيد عن الكعبة قليلاً.
قال: وبعد فراغه يُصلي ركعتين في مقام إبراهيم، لما ورد في حديث عند مسلم من حديث جابر أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لما انتهى إلى مقام إبراهيم قرأ:{واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} ، فصلى ركعتين فقرأ فاتحة الكتاب وقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد - أي في الركعة الثانية -، ثم عاد إلى الركن فاستلمه» (1).
فهذه الصلاة سنة مستحبة بعد كل طواف خلف مقام إبراهيم، أو في أي مكان من المسجد، إن لم يتيسر لك أن تصلي خلف مقام إبراهيم.
ويستحب أن تقرأ فيها بما قرأ النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك يُستحب أن تقول وأنت متوجه إليه:«واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى» ، كل هذا ورد في حديث جابر في صحيح مسلم الذي ذكرناه، وكله مستحب لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعله.
قال المؤلف رحمه الله: (ثم يعود إلى الركن فيستلمه)
كما جاء في حديث جابر المتقدم قال في آخره: «ثم عاد إلى الركن فاستلمه» .
والمراد بالركن: الحجر الأسود.
والذي يُشرع هنا في هذا الموطن الاستلام فقط، فإن لم يتيسر الاستلام انصرف من غير أن يشير إليه، وليس الحال كما في الطواف، بل المشروع الاستلام فقط ولم يرد غيره.
قال:
(فصل: ويسْعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط داعياً بالمأثور)
الصفا والمروة، جبلان.
ويريد المؤلف أنك إذا انتهيت من الطواف وصلاة ركعتين خلف المقام واستلمت الحجر الأسود - إن تيسر لك -، فتنطلق بعد ذلك إلى جبل الصفا وتقول إذا دنوت منه:«{إن الصفا والمروة من شعائر الله} أبدأ بما بدأ الله به» (2).
(1) أخرجه مسلم (1218).
(2)
أخرجه مسلم (1218).
هذا ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم وليس فيما جاء عنه صلى الله عليه وسلم تتميم للآية، فالآية التي تُقرأ فقط ما ورد في الحديث، وهو شطرها الأول، {إن الصفا والمروة من شعائر الله} .
ثم تنطلق إلى باب الصفا وتَخرج منه، لأنه أقرب باب إلى الصفا فترقى على الجبل حتى ترى البيت فتستقبل الكعبة وتكبر ثلاثاً وتقول:«لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده» ، ثم تدعو بما فتح الله عليك، ثم تُعيد الذِّكر نفسه فتكبر وتقول: «لا إله إلا الله وحده
…
إلخ»، ثم تدعو، ثم تعيد مرة أخرى فتكبر وتقول: «لا إله إلا الله وحده
…
إلخ» ثم لا تدعو.
فيكون الذكر ثلاث مرات بينها دعاءان، أي ذكر ودعاء وذكر ودعاء وذكر، كما جاء في الحديث عن جابر عند مسلم (1).
ثم تنطلق إلى جبل المروة، فإذا وصلت بطن الوادي، أو تقريباً إذا قطعت ثلث الطريق، فسيكون هناك علامات خضراء - ضوء أخضر - في السقف يبين لك نقطة بداية ونهاية الميلين الأخضرين، فإذا وصلت إليها سعيت سعياً، وهذا السعي خاص بالرجال دون النساء.
فإذا انتهيت إلى الميل الثاني تمشي كما كنت تمشي قبل ذلك.
فإذا صعدت على المروة فعلت كما فعلت على الصفا تماماً، وتكون قد أتممت شوطاً كاملاً.
فالذهاب من الصفا إلى المروة شوط، ثم الرجوع من المروة إلى الصفا شوط ثانٍ، وهكذا في الذهاب تَعُدُّ شوطاً وفي الإياب تَعُد شوطاً إلى أن تكمل على هذه الحال سبعة أشواط، فإذا أكملت الشوط السابع عند رجوعك من الصفا إلى المروة، في هذا الشوط الأخير لا تقف على المروة، بل تخرج مباشرة.
قال المؤلف رحمه الله: (وإذا كان متمتعاً صار بعد السعي حلالاً، حتى إذا كان يوم التروية أهلَّ بالحجِّ)
تقدم معنا معنى التمتع، فالمتمتع فقط هو الذي له أن يتحلل بعد السعي، فيُقَصِّر.
(1) رقم (1218).
وأما القارنُ والمفرِدُ، فلا يتحللان.
حتى إذا كان يوم التروية الذي هو اليوم الثامن من ذي الحجة أَهَلَّ بالحج، فقال:«لبيك بحج» من مكة - من مكانه الذي هو فيه -.
ففي «الصحيحين» قال صلى الله عليه وسلم: «أَحِلُّوا من إحرامكم بطوافِ البيتِ وبين الصفا والمروة، وقصِّروا، ثم أقيموا حلالاً حتى إذا كان يومَ التروية، فأهِلُّوا بالحجّ» (1). إذن بعد السعي، يُقَصِّر المتمتع شعره، فيتحلل التحلل كلَّه إلى اليوم الثامن من ذي الحجة، وهو يوم التروية، فيُلبي ويقول:«لبيك بحجّ» ، ثم يبدأ بحجّه فينطلق إلى منى.
قال رحمه الله: (وتَوَجَّه إلى منى وصلِّ بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر)
لما جاء في حديث جابر في «صحيح مسلم» قال: «فلما كان يومُ التروية توجهوا إلى منى، فأهلّوا بالحجّ، وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ثم مكث قليلاً حتى طلعت الشمس
…
» (2) الحديث.
أي ينطلق يوم التروية إلى منى - وهو جبل - ويصلي فيه الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ويبقى إلى أن تطلع الشمس، ثم ينطلق إلى عرفة.
وهذا المبيت بمنى سنة وليس فرضاً، ولا نعني بأنه سنة أن يُهمَل ويُترك كما تفعل بعض بعثات الحج، فتترك هذا النُسك تماماً نظراً لأنه سنة، فإنهم ينطلقون إلى عرفة مباشرة.
فهذا الفعل خطأ مخالف لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، فإن النسك وإن كان سنة، لكن لا يجوز التفريط فيه بهذا الشكل، يحرمون الناس من العمل بهذه السنة.
يُصلي الحاج الصلوات المذكورة، وهي الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر في منى، فيَقْصُر الصلوات التي تُقصَر وهي الظهر والعصر والعشاء، قصراً بلا جمع.
هذا ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما جمع صلى الله عليه وسلم في عرفة وفي مزدلفة، أمّا في منى فلم يجمع صلى الله عليه وسلم، فلا جمع.
(1) أخرجه البخاري (1568)، ومسلم (1216).
(2)
تقدم تخريجه.