الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أي: ويجب الغسل بدخول الكافر في الإسلام، ودليله حديث قيس بن عاصم:«أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أريد الإسلام، فأمرني بماء وسدر» (1)، وهو صحيح.
قال رحمه الله:
(فصلٌ: والغُسْل الواجب هو: أن يُفيضَ الماءَ على جميع بَدَنِهِ، أو يَنْغَمِس فيه مع المضمضةِ والاستنشاقِ)
بعدما انتهى المؤلف من موجبات الغسل، بدأ بذكر الواجب في الغسل، وهو إفاضة الماء على جميع البدن، أي صبّ الماء على جميع الجسم أو بالانغماس في الماء.
قال: (مع المضمضة والاستنشاق)، والصحيح أن المضمضة والاستنشاق ليستا واجبتين، لا في الوضوء ولا في الغسل.
أما في الوضوء فقد تقدم الكلام في ذلك، وأما في الغسل فقد ورد في حديث أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أم سلمة بإفاضة الماء على نفسها من غير أن يذكر لها المضمضة والاستنشاق، فيدلّ ذلك على عدم الوجوب.
وحديث أم سلمة في «صحيح مسلم» أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: «إنما يكفيك أن تَحْثي على رأسك ثلاث حثيات، ثم تفيضي عليك الماء، فإذا أنت قد طهُرْت» ، وذلك حين سألته عن نقض ضفر رأسها لغُسل الجنابة (2).
وحديث جابر في «الصحيح» كان النبي صلى الله عليه وسلم: «يأخذ ثلاثة أكُف ويفيضها على رأسه، ثم يفيض على سائر جسده» (3).
قال المؤلف: (والدَّلْكُ لما يُمْكِنُ دَلْكُهُ)
اختلف أهل العلم في دلك ما يمكن دلكه من الجسم، هل هو واجب أم تكفي الإفاضة؟
وحديث أم سلمة وجابر المتقدمان يدلان على أن مجرد الإفاضة كافٍ في الغسل، وأن الدلك ليس واجباً، وهو الصحيح، وهو قول أكثر العلماء، وكذلك حديث عائشة وميمونة في «الصحيحين» (4)، فإنه لم يرد فيهما ذكر الدلك، وورد فيهما الغسل الكامل المستحب.
(1) أخرجه أبو داود (355)، والترمذي (605)، والنسائي (188).
(2)
أخرجه مسلم (330).
(3)
أخرجه البخاري (256)، ومسلم (329).
(4)
أخرجه البخاري (272)، ومسلم (316) من حديث عائشة رضي الله عنها، وأخرجه البخاري (265)، ومسلم (317) من حديث ميمونة رضي الله عنها.
قال المؤلف رحمه الله: (ولا يكونُ شَرْعِيّاً إلا بالنية لِرَفْعِ مُوُجِبِهِ)
أي لا يكون الغسل غسلاً شرعياً إلا بعقد النية عليه، لقوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى
…
الحديث» (1).
والغسل عبادة من العبادات، والموجب، أي: الذي أوجب الغسل، وهو ما تقدم من نزول المني والتقاء الختانين
…
إلخ.
قال المؤلف رحمه الله: (ونُدِبَ تَقْدِيِمُ غَسْلِ أعضاءِ الوُضُوءِ إلا القَدَمَيْنِ)
لما تقدم من حديث عائشة وميمونة.
والدليل على أن الوضوء في الغسل ليس واجباً، حديث أم سلمة وجابر وغيرهما (2).
وقد نقل أهل العلم الاتفاق على أن الوضوء لا يجب في الغسل، فقد قال النووي في كتابه «المجموع»:«الوضوء سنة في الغسل وليس بشرط ولا واجب، هذا مذهبنا، وبه قال العلماء كافة إلا ما حكي عن أبي ثور وداود، أنهما شَرَطاهُ، كذا حكاه أصحابنا عنهما» .
ونقل ابن جرير الإجماع على أنه لا يجب (3)، ثم ذكر الأدلّة على عدم وجوبه.
وقال الإمام الشافعي رحمه الله: «فرض الله تعالى الغسل مطلقاً لم يذكر فيه شيئاً يبدأ به قبل شيء، فكيفما جاء به المغتسل أجزأه إذا أتى بغُسل جميع بدنه» انتهى (4).
(1) متفق عليه، تقدم تخريجه.
(2)
وقد تقدم تخريجهما.
(3)
«المجموع شرح المهذب» للنووي (2/ 186).
(4)
«الأم» (1/ 56).