الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصلٌ
قال المؤلف رحمه الله: (والعقيقةُ مُستحبةٌ)
العقيقة لغة: مشتقة من العَقّ وهو القَطْع.
وشرعاً: ما يُذبح عن المولود شكراً لله تعالى.
وحكمها: مستحبة كما قال المؤلف؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مع الغلام عقيقته، فأهريقوا عنه دماً وأميطوا عنه الأذى» (1) أخرجه البخاري.
وأخرج أحمد وأبو داود عن الحسن عن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل غلام رهينة بعقيقته، تذبح عنه يوم سابعه ويسمى فيه ويُحلق رأسه» (2).
وأخرج أحمد وأبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العقيقة فقال: «لا أحب العقوق» - كأنه كره الاسم- «من وُلد له ولد فأحب أن ينسك عنه فلينسك عن الغلام شاتان مكافِئتان-يعني متساويتان- وعن الجارية شاة» (3).
هذا الحديث الأخير هو دليلٌ صارفٌ للأمر المتقدم في قوله صلى الله عليه وسلم: «فأهريقوا عنه دماً» هذا أمر والأمر يقتضي الوجوب، وفي قوله:«كل غلام رهينة بعقيقته» أيضاً دليل على وجوب العقيقة، ففك الرهن عن الغلام واجب.
ولكن حديث عمرو بن شعيب صارفٌ لهذين الحديثين عن الوجوب إلى الاستحباب.
فالشاهد منه: قوله صلى الله عليه وسلم: «فأَحَبَّ أن ينسك عنه» فجعل الأمر معلقاً بمحبته وإرادته، ولو كان واجباً لما علقه بإرادته. والله أعلم
قال المؤلف رحمه الله: (وهي شَاتَانِ عن الذَّكرِ وشاةٌ عن الأُنثَى)
(1) أخرجه البخاري (5471).
(2)
أخرجه أحمد (20083)، وأبو داود (2838)، والترمذي (1522)، والنسائي (4220)، وابن ماجه (3165)، وذكر البخاري في صحيحه إسناده دون المتن انظر الحديث رقم (5471).
(3)
أخرجه أحمد (6713)، وأبو داود (2842)، والنسائي (4212).
لحديث عمرو بن شعيب المتقدم، قال فيه:«عن الغلام شاتان مكافئتان، وعن الجارية شاة» ، وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه عق عن الحسن والحسين كبشين كبشين. أخرجه النسائي.
وأخرجه أبو داود بلفظ: عق عن الحسن والحسين كبشاً كبشاً (1) وهو خطأ، هذا اللفظ خطأ، الصواب أنه عق عن الحسن بكبشين وعن الحسين بكبشين، هذا هو الصواب، ولا يوجد ما يدل على صحة العقيقة بكبش واحد عن الذكر. والله أعلم
ثم قال المؤلف رحمه الله: (يومَ سَابعِ المولُودِ)
لحديث سمرة المتقدم: «كل غلام مرتهن بعقيقته، يذبح عنه يوم سابعه» .
قال الإمام مالك: ولا يُعَدُّ اليوم الذي وُلد فيه إلا أن يولد قبل الفجر من ليلة ذلك اليوم.
إذا وُلد في النهار فلا يعد ذلك اليوم من الأيام السبعة، وإذا ولد قبل الفجر أي في الليل يعد ذلك اليوم.
قال ابن القيم رحمه الله: والظاهر أن التقييد بذلك استحبابٌ، وإلا فلو ذبح عنه في السابع أو الثامن أو العاشر أو ما بعده أجزأته.
في نسخة من كتاب ابن القيم: وإلا فلو ذبح عنه في الثالث أو الثامن أو العاشر أو ما بعده أجزأته، والاعتبار بالذبح لا بيوم الطبخ والأكل.
يعني أن الذبح في اليوم السابع مستحب ومفضَّل، ولكن لا يعني ذلك أنه لا يجوز في غيره، يجوز في غير اليوم السابع، ولكن اليوم السابع أفضل.
قال: والاعتبار بالذبح لا بيوم الطبخ والأكل-هذا كلام ابن القيم رحمه الله، يعني المقصود هو أن تذبح في اليوم السابع أما إذا طبخت وأكلت في اليوم العاشر أو الحادي عشر فلا بأس، المهم في الأمر هو أن يحصل الذبح في اليوم السابع، أما الأكل والطبخ ليس مهماً.
قال المؤلف رحمه الله: (وفيهِ يُسمَّى)
أي في اليوم السابع يسمى الغلام -أو الجارية-، لحديث سمرة المتقدم:«كل غلام مرتهن بعقيقته، يذبح عنه يوم سابعه ويسمى فيه ويحلق رأسه» هذا أيضاً مستحب ومن السنة.
(1) أخرجه أبو داود (2841)، والنسائي (4219) أعله أبو حاتم الرازي بالإرسال، وصححه البعض برواية الكبشين. والله أعلم
ومن السنة أيضاً تسميته في اليوم الذي يولد فيه؛ لحديث أنس في الصحيحين قال: ذهبت بعبد الله بن أبي طلحة إلى رسول الله حين وُلد قال: وسمّاه عبد الله (1).
وعن أبي موسى قال: ولد لي غلام فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فسماه إبراهيم وحنَّكه بتمرة (2) متفق عليه.
وقال سهل بن سعد: أتي بالمنذر بن أبي أسيد إلى رسول الله حين ولد فوضعه النبي صلى الله عليه وسلم على فخذه .. إلى أن قال قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما اسمه؟ » قال: فلان. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا، ولكن اسمه المنذر» (3) متفق عليه. وفي صحيح مسلم من حديث أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي، إبراهيم» (4) هذه كلها فيها دليل على استحباب التسمية أيضاً في اليوم الأول، فتستحب التسمية في اليوم الأول وفي اليوم السابع أيضاً.
قال المؤلف: (ويُحلَقُ رأسُهُ)
لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم في صحيح البخاري: «وأميطوا عنه الأذى» .
وفي حديث سمرة «ويحلق رأسه» ، وهذا يكون للذكر والأنثى.
أما الذكر فبالنص، قال:«وأميطوا عنه الأذى» ، وأما الأنثى فبجامع العلة، فبما أن النبي صلى الله عليه وسلم سمى ما على رأس الغلام عند ولادته أذىً، فتُلحق الأنثى بالذكر؛ لأن على رأسها ما على رأس الذكر، فنُلحق الأنثى بالذكر فنقول: يماط الأذى عن رأسها كما يماط عن رأس الغلام.
قال المؤلف: (ويُتصدَّقُ بِوَزنِهِ ذَهبَاً أو فِضةً)
أي وزن الشعر الذي يُحلق عن رأس المولود يوزن وبالقدر الذي يخرج وزنه يُتصدق به ذهباً أو فضة، فلنقل: خرج غراماً أو غرامين تتصدق بغرام أو بغرامين من الذهب أو الفضة.
(1) أخرجه البخاري (5470)، ومسلم (2144).
(2)
أخرجه البخاري (5467)، ومسلم (2145).
(3)
أخرجه البخاري (6191)، ومسلم (2149).
(4)
أخرجه مسلم (2315)، وأصله عند البخاري (1303).
جاء ذلك في حديث أخرجه أحمد وغيره عن أبي رافع أن الحسن بن علي لما وُلد أرادت أمه فاطمة أن تعق عنه بكبشين، فقال:«لا تعقي عنه، ولكن احلقي شعر رأسه، ثم تصدقي بوزنه من الورِق -أي من الفضة- في سبيل الله» ثم وُلد حسين بعد ذلك فصنعت مثل ذلك (1) ولكن هذا الحديث ضعيف، في سنده عبد الله بن محمد بن عقيل لا يحتج به، ولا يصح في هذا حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فهذه ليست سنة.
(1) أخرجه أحمد (27196).