الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والصحيح أن هذه الأحاديث لا يثبت منها شيء، ولا تثبت الأحكام الشرعية بمثلها، فيبقى الأمر على أصله، وهو أن مس الذكر ليس ناقضاً للوضوء. والله أعلم.
وكذلك مس المرأة ليس ناقضاً للوضوء، لأن قول الله تبارك وتعالى:{أو لامستم النساء} يراد به الجماع على الصحيح، فإن الله تبارك وتعالى يكني عن الجماع بما شاء، وقد كنّى عن الجماع بالمس في مواضع أخرى، فنقول بما قاله ابن عباس رضي الله عنه في هذا: أن الملامسة هنا بمعنى الجماع، وبناءً على ذلك فمس المرأة لا يكون ناقضاً للوضوء، ويبنى على ذلك أن المرأة إذا غيَّرت لابنها ومست ذكره أو مست دبره لا يعتبر هذا ناقضاً لوضوئها، ويجوز لها أن تصلي بعد أن تغسل يديها من النجاسات.
قال المؤلف رحمه الله:
(بابُ الغُسْلِ)
(الغَسْل): بفتح الغين، جريان الماء على الأعضاء.
و(الغُسْل): بضم الغين، اسم للاغتسال.
وهو اصطلاحاً: إفاضة الماء على جميع البدن مع النية.
قال المؤلف رحمه الله: (يَجِبُ بخُروجِ الَمنِيِّ بشَهْوَةٍ - ولو بِتِفَكُّرٍ -)
المني: ماء غليظ دافق يخرج عند اشتداد الشهوة وتمامها، ويكون منه الولد، ومني المرأة رقيق أصفر.
وخروج المني الدافق بشهوة يوجب الغسل من الرجل والمرأة في يقظة أو نوم.
قال الترمذي: وهو قول عامة أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين، وبه يقول سفيان، والشافعي، وأحمد، وإسحاق.
وقال صلى الله عليه وسلم: «الماء من الماء» أخرجه مسلم (1).
(1) أخرجه مسلم (343) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
والمقصود به أن الاغتسال يكون من الإنزال.
وعن أم سلمة رضي الله عنها، أن أم سليم قالت: يا رسول الله إن الله لا يستحيي من الحق، فهل على المرأة غسل إذا احتلمت؟ قال «نعم، إذا رأت الماء» متفق عليه (1).
قال رحمه الله: (وبالتقاءِ الخِتانَيْنِ)
أي ويجب الغسل بالتقاء الختانين.
و(الختان): موضع القطع من فرج الذكر والأنثى.
والمراد بقوله (بالتقاء الختانين) تغييب رأس الذكر في فرج المرأة.
وذلك يوجب الغسل لقوله تعالى {وإن كنتم جنباً فاطّهروا} ، والجنابة هي الجماع في كلام العرب.
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا جلس الرجل بين شُعَبها الأربع، ومسّ الختان الختان فقد وجب الغسل» أخرجه مسلم.
وفي «الصحيحين» : «إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهِدَها فقد وجب الغسل» (2).
وليس المراد من المسّ حقيقته، بل تغييب الذكر في الفرج، لأن ختان المرأة في أعلى الفرج ولا يمسه الذكر في الجماع، قال النووي: وقد أجمع العلماء على أنه لو وضع ذكره على ختانها ولم يولجه، لم يجب الغسل لا عليه ولا عليها (3).
والمراد بالمماسة: المحاذاة.
وقال ابن قدامة في «المغني» : «ولو مسّ الختان الختان من غير إيلاج، فلا غسل بالاتفاق» (4).
قال رحمه الله: (وبانقطاعِ الحيْضِ والِّنفاسِ)
(1) البخاري (130)، ومسلم (313).
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
«شرح صحيح مسلم» (4/ 42).
(4)
«المغني» له (1/ 149) مكتبة القاهرة.
ويجب الغسل بانتهاء الحيض من المرأة الحائض، والنفاس من المرأة النفساء.
والحيض لغة: السيلان.
وشرعاً: دم جِبِلَّةٍ يخرُجُ من أقصى رحم المرأة بعد بلوغها، على سبيل الصحّة، من غير سبب، في أوقات معلومة.
والنفاس: دم يخرج من المرأة عند الولادة.
ودليل وجوب الغسل بانقطاعهما، قوله تعالى:{ولا تقربوهُنّ حتى يطهُرن فإذا تطهّرن فأتوهن من حيث أمركم الله} ، ولقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش وهي مستحاضة:«دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها ثم اغتسلي وصلّي» متفق عليه (1).
والنفاس كالحيض بإجماع الصحابة.
قال ابن المنذر: «وأجمعوا على أن على النفساء الاغتسال إذا طهُرت» (2).
قال المؤلف رحمه الله: (وبالاحتِلامِ - مع وجود بللٍ -)
من معاني الاحتلام في اللغة: رؤية المباشرة في المنام.
ويطلق أيضاً على الإدراك والبلوغ.
وفي الاصطلاح: اسم لما يراه النائم من المباشرة، فيحدث معه إنزال المني غالباً.
والاحتلام يوجب الغسل إذا حصل إنزال، ورأى الماء، وأما بغير إنزال فلا يوجب الغسل، ودليله حديث أم سلمة المتقدم.
قال المؤلف رحمه الله: (وبالموتِ)
يجب تغسيل الميت المسلم إجماعاً (3)، وسيأتي التفصيل في هذا الموضوع في موضعه إن شاء الله.
قال المؤلف رحمه الله: (وبالإسلامِ)
(1) أخرجه البخاري (228)، ومسلم (333).
(2)
«الإجماع» (ص 37).
(3)
«المجموع» (5/ 128) للنووي.