المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتابُ الدِّياتِ الديات جمع دية، وهي: المال الواجب بجنايةٍ في نفسٍ - فضل رب البرية في شرح الدرر البهية

[علي الرملي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الشارح

- ‌تعريف الفقه

- ‌‌‌الفقه لغةً‌‌واصطلاحاً:

- ‌الفقه لغةً

- ‌واصطلاحاً:

- ‌فالفقه في الشرع:

- ‌وأما الفقه عند الأصوليين:

- ‌وأما الفقه عند الفقهاء

- ‌ترجمة الشوكاني

- ‌«الدُّرَرُ البَهيَّة» للشوكاني

- ‌كتاب الطهارة

- ‌ باب حكم المياه

- ‌(الماءُ طاهرٌ مُطَهِّرٌ)

- ‌(فصل باب النجاسات)

- ‌(بابُ قضاءِ الحاجةِ)

- ‌(بابُ الوضوءِ)

- ‌(فصل: ويستحبُّ التثليثُ)

- ‌(فصلٌ: وينتقضُ الوضوءُ بما خرجَ من الفَرْجَيْنِ من عَيْنٍ أو ريحٍ)

- ‌(بابُ الغُسْلِ)

- ‌(فصلٌ: والغُسْل الواجب هو: أن يُفيضَ الماءَ على جميع بَدَنِهِ، أو يَنْغَمِس فيه مع المضمضةِ والاستنشاقِ)

- ‌(فصلٌ: ويُشْرَعُ لصَلاةِ الجُمُعة)

- ‌(باب التَّيَمُّمِ)

- ‌(بابُ الحَيْضِ)

- ‌(فصل: والنِّفاسُ أكثرُهُ أربعونَ يوماً، ولا حدَّ لأقلّه وهو كالحيضِ)

- ‌كتابُ الصلاةِ

- ‌(باب الأذان)

- ‌(بابُ شروطِ الصلاةِ)

- ‌(بابُ كيفيةِ الصلاةِ، لا تكونُ شرعيةً إلا بالنيَّةِ)

- ‌(باب متى تبطل الصلاة؟ وعمّن تسقط

- ‌(فصل: وتبطل الصلاة بالكلام)

- ‌(فصل: ولا تجبُ على غَيْرِ مُكَلَّفٍ)

- ‌(بابُ صلاة التَّطَوُّعِ)

- ‌(باب صلاة الجماعة)

- ‌(باب سجودِ السهوِ، وهو سجدتانِ قبل التسليمِ أو بعدهُ، وبإحرامٍ، وتشهدٍ، وتحليلٍ)

- ‌(بابُ القضاءِ للفوائتِ)

- ‌(بابُ صلاةِ الجمعةِ، تَجِبُ على كُلِّ مُكَلَّفٍ إلا المرأةَ والعبدَ والمسافرَ والمريضَ)

- ‌(بابُ صلاةِ العيدينِ)

- ‌(بابُ صلاةِ الخوفِ)

- ‌(باب صلاةِ السَّفَرِ، يَجِبُ القَصْرُ)

- ‌(باب صلاة الكسوفين)

- ‌(باب صلاة الاستسقاء)

- ‌كتاب الجنائز

- ‌(فصلٌ: غسل الميت)

- ‌(فصلٌ: تكفينُ الميت)

- ‌ فصل صلاة الجنازة

- ‌(فصل: ويكون المشي بالجِنازةِ سريعاً)

- ‌(فصلٌ: دَفْنُ الميت، ويجبُ دفن الميتِ في حفرة تَمْنَعُهُ السِّباعَ)

- ‌كتاب الزكاة

- ‌(باب زكاةِ الحيوانِ)

- ‌(فصل: إذا بلغت الإبلُ خمساً، ففيها شاةٌ، ثم في كلِّ خمسٍ شاةٌ، فإذا بلغت خمساً وعشرين، ففيها ابنة مَخاضٍ، أو ابن لبونٍ، وفي ستٍّ وثلاثين ابنة لبون، وفي ستٍّ وأربعين حِقّة، وفي إحدى وستين جَذَعة، وفي ستٍّ وسبعين بنتا لبون، وفي إحدى وتسعين حِقّتان إلى

- ‌أولاً: الزكاة واجبة في هذه الحيوانات بثلاثة شروط

- ‌ثانياً: كم المقدار الذي يجب أن يخرج إذا بلغت الإبل النصاب

- ‌(فصلٌ: ولا شيء فيما دُونَ الفريضةِ، ولا في الأوْقاصِ)

- ‌(باب زكاة الذهب والفضة)

- ‌(باب زكاة النبات)

- ‌(باب مصارف الزكاة)

- ‌(باب صدقة الفطر)

- ‌كتاب الخُمُس

- ‌كتاب الصيام

- ‌(باب صوم التطوع)

- ‌(باب الاعتكاف)

- ‌كتاب الحج

- ‌شروط الحج:

- ‌(فصل: ولا يَلْبَسُ المُحْرِمُ القميصَ، ولا العمامة، ولا البُرْنُسَ، ولا السراويل، ولا ثوباً مَسّه وَرْس، ولا زعفران، ولا الخُفَّين إلا أنْ لا يجد نعلين، فليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين)

- ‌(فصلٌ: وعند قدوم الحاجّ مكة، يطوف للقدوم سبعة أشواط، يَرمُلُ في الثلاثة الأولى، ويمشي فيما بقي، ويُقَبِّل الحجر الأسود أو يستلمه بِمِحْجَنٍ ويُقَبِّل المحجن ونحوه، ويستلم الركن اليماني)

- ‌(فصل: ويسْعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط داعياً بالمأثور)

- ‌(فصل: ثم يأتي عرفة صُبح يوم عرفة مُلبياً مُكبراً ويَجمع العصرين فيها، ويخطُب، ثم يُفيض من عرفة بعد الغروب)

- ‌(باب العمرة المفردة)

- ‌كِتابُ النِّكاحِ

- ‌حكم النكاح:

- ‌مسألة:

- ‌بابُ المُحرَّماتِ في النِّكاحِ

- ‌(بابُ العُيُوبِ وَأَنْكِحَةِ الكُفَّارِ)

- ‌بابُ المَهرِ والعِشرَةِ

- ‌كتابُ الطَّلاقِ

- ‌باب الخلع

- ‌باب الإيلاء

- ‌باب الظهار

- ‌بابُ اللِّعَانِ

- ‌بابُ العِدَّةِ والإحدِادِ

- ‌باب استِبْرَاءِ الإِمَاءِ

- ‌بابُ النَّفقةِ

- ‌بابُ الرَّضَاعِ

- ‌بابُ الحَضَانَةِ

- ‌كتابُ البيوعِ

- ‌ باب الربا

- ‌(باب الخِيارَات)

- ‌باب السَّلَم

- ‌باب القَرْض

- ‌باب الشُّفْعة

- ‌باب الإِجارة

- ‌بابُ الإحيَاءِ والإِقْطَاعِ

- ‌بابُ الشَّرِكة

- ‌بابُ الرَّهْنِ

- ‌بابُ الوَدِيْعَةِ والعَارِيَّة

- ‌بابُ الغَصْبِ

- ‌بابُ العِتْقِ

- ‌بابُ الوقْفِ

- ‌بابُ الهَدَايا

- ‌بابُ الهِبات

- ‌كتاب الأَيمَان

- ‌كتابُ النَّذرِ

- ‌كتاب الأطعِمَة

- ‌بابُ الصَّيدِ

- ‌بابُ الذَّبحِ

- ‌بابُ الضِّيافَةِ

- ‌بابُ آدابِ الأكلِ

- ‌كتابُ الأشرِبةِ

- ‌كتابُ اللِّباسِ

- ‌كتابُ الأُضحِيةِ

- ‌بابُ الوَلِيمةِ

- ‌فصلٌ

- ‌كتابُ الطِّبِّ

- ‌كتابُ الوَكالةِ

- ‌كتابُ الضَّمَانَةِ

- ‌كِتابُ الصُّلحِ

- ‌كتابُ الحَوَالةِ

- ‌كتابُ المُفلسِ

- ‌كتابُ اللُّقطةِ

- ‌كتابُ القَضاءِ

- ‌كِتابُ الخُصُومُةِ

- ‌كِتابُ الحُدُودِ

- ‌بَابُ حَدِّ الزَّانِي

- ‌بابُ حَدِّ السَّرقةِ

- ‌بابُ حَدِّ القَذفِ

- ‌بَابُ حَدِّ الشُّرْبِ

- ‌فَصلٌ

- ‌بَابُ حَدِّ المُحَاربِ

- ‌بابُ مَنْ يَستحقُّ القَتلَ حَدّاً

- ‌كِتابُ القِصاصِ

- ‌كتابُ الدِّياتِ

- ‌بَابُ القَسَامَةِ

- ‌كتابُ الوَصِيَّةِ

- ‌كِتابُ المَوَاريثِ

- ‌كتابُ الجِهادِ والسِّيَرِ

- ‌فَصلٌ

- ‌فصلٌ

- ‌فَصلٌ

- ‌فَصلٌ

الفصل: ‌ ‌كتابُ الدِّياتِ الديات جمع دية، وهي: المال الواجب بجنايةٍ في نفسٍ

‌كتابُ الدِّياتِ

الديات جمع دية، وهي: المال الواجب بجنايةٍ في نفسٍ أو فيما دونها.

يعني إذا كانت الجناية بقتل نفس أو بقطع عضو، فالمال الذي يجب فيها يسمى دية.

قال المؤلف رحمه الله: (دِيَةُ الرجلِ المسلمِ: مِائةٌ مِنَ الإبلِ، أو مِائتَا بَقَرةٍ، أو أَلفَا شَاةٍ، أو أَلفُ دِينارٍ، أو اثنا عَشَرَ ألفَ دِرهَمٍ، أو مِائتا حُلَّةٍ، وتُغَلَّظُ دِيَةُ العَمْدِ وشِبهِهِ؛ بأنْ يكونَ المائةُ مِنَ الإبلِ في بُطونِ أربعينَ مِنها أولادُها)

المقصود بالدينار هنا الدينار من الذهب الذي يساوي أربعة غرامات وربع، والمقصود بالدرهم الدرهم من الفضة، والمقصود بالحلة هنا ثياب، رداء من الأعلى وإزار من الأسفل.

اعتمد المؤلف في ذكر هذه الأنواع من الأموال في الدية على حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم فرض في الدية على أهل الإبل مائة من الإبل، وعلى أهل البقر مائتي بقرة، وعلى أهل الشاء ألفي شاة، وعلى أهل الحلل مائتي حلة» (1) أخرجه أبو داود ولكنه حديث ضعيف لا يصح.

الأصل في الدية الإبل، فَدِية المسلم الحر مائة من الإبل، لحديث عبد الله بن عمرو المتقدم قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم:«ألا إن قتيل الخطأ شبه العمد قتل السوط أو العصا فيه مائة من الإبل منها أربعون في بطونها أولادها» .

وتُقَوَّم بالمال للتسهيل على الناس.

يصح تقويمها بالمال أي تقدّر كم تساوي المائة من الإبل بالمال وتُخرَج مالاً، هذا جائز؛ لأنه جاء في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«مَنْ قُتِلَ خَطَأً فَدِيَتُهُ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ ثَلَاثُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَثَلَاثُونَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَثَلَاثُونَ حِقَّةً، وَعَشَرَةُ بَنِي لَبُونٍ ذُكُورٍ» قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُقَوِّمُهَا عَلَى أَهْلِ الْقُرَى أَرْبَعَ مِائَةِ دِينَارٍ أَوْ عِدْلَهَا مِنَ الْوَرِقِ، وَيُقَوِّمُهَا عَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ، إِذَا غَلَتْ رَفَعَ فِي قِيمَتِهَا، وَإِذَا هَانَتْ نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا عَلَى

(1) أخرجه أبو داود (4544 و 4543)، روي مرسلاً ومتصلاً، انظر علته في إرواء الغليل (2244).

ص: 622

نَحْوِ الزَّمَانِ، مَا كَانَ فَبَلَغَ قِيمَتُهَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، مَا بَيْنَ الْأَرْبَعِ مِائَةِ دِينَارٍ إِلَى ثَمَانِ مِائَةِ دِينَارٍ أَوْ عِدْلِهَا مِنَ الْوَرِقِ، قَالَ: وَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ مَنْ كَانَ عَقْلُهُ فِي الْبَقَرِ عَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ مِائَتَيْ بَقَرَةٍ، وَمَنْ كَانَ عَقْلُهُ فِي الشَّاةِ أَلْفَيْ شَاةٍ» (1) أخرجه أبو داود.

فَدِية المسلم الحر مائة من الإبل مقسمة على ما جاء في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده هذا.

بنت المخاض هي التي أكملت السنة.

وبنت اللبون هي التي أكملت سنتين.

والحقة التي أكملت ثلاث سنوات.

والجذعة التي أكملت أربع سنوات.

هذه الدية المخففة.

وأما الدية المغلظة فعلى ما جاء في حديث عبد الله بن عمرو الذي تقدم: ألا إن دية الخطأ شبه العمد ما كان بالسوط والعصا؛ مائة من الإبل منها أربعون في بطونها أولادها. أخرجه أبو داود.

وصح عن عثمان وزيد بن ثابت في المغلظة أنها: أربعون جذعة خَلِفة - يعني: في بطونها أولادها- وثلاثون حقة، وثلاثون بنات لبون.

هذه الدية المغلظة.

القسمة هذه التي ذكرناها هي الراجحة من أقوال أهل العلم، وهي التي وردت فيها الأحاديث الصحيحة، ووردت أحاديث أخرى بقسمة ثانية ضعيفة لا تصح اعتمدها الإمام الشافعي رحمه الله.

قال المؤلف رحمه الله: (ودِيَةُ الذِّمِيِّ نِصفُ دِيَةِ المُسلمِ)

هذه الدية التي تقدمت هي دية المسلم. أما الذمي، وهو من يدفع الجزية من الكفار للمسلمين.

(1) أخرجه أحمد (7033)، وأبو داود (4541)، والنسائي (4801)، وابن ماجه (2630).

ص: 623

تقدم في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه قال: ودية أهل الكتاب يومئذ النصف من دية المسلمين. أخرجه ابو داود.

وفي رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «دية عقل الكافر نصف دية عقل المؤمن» (1)

فالذمي والمعاهد ديته نصف دية المسلم.

قال المؤلف رحمه الله: (ودِيةُ المَرأةِ نِصفُ دِيةِ الرَّجلِ)

احتج المؤلف على ذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «دية المرأة نصف دية الرجل» (2) وهو أيضاً حديث ضعيف لا يصح فلا يثبت في هذا شيء، وردت فيه آثار عن الصحابة.

ونقل جمع من العلماء الإجماع على أن دية المرأة نصف دية الرجل، وبهذا نقول.

قال المؤلف رحمه الله: (والأَطرافُ وغيرُهَا كذلكَ في الزائدِ على الثُّلثِ)

جاء في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال النبي صلى الله عليه وسلم: «عَقْل المرأة-أي ديتها- مثل عقل الرجل حتى يبلغ الثلث من ديتها» (3) أخرجه النسائي وغيره، وهو حديث ضعيف، قال النسائي في السنن الكبرى: إسماعيل بن عياش ضعيف كثير الخطأ. انتهى، قلت: يرويه عن ابن جريج وهو حجازي مدلس وقد عنعنه، ورواية إسماعيل عن غير الشاميين ضعيفة.

يعني المراد أن المرأة تساوي الرجل في الدية فيما كان إلى ثلث دية الرجل هكذا قال أهل العلم، فإذا تجاوزت الثلث وبلغ العقل نصف الدية؛ صارت دية المرأة على النصف من دية الرجل.

أي أن دية المرأة في أعضائها إذا كانت أقل من ثلث ديته فهي والرجل سواء، بمعنى أنه إذا قُطع إصبع من أصابع المرأة، الإصبع في الشرع فيه عشرة من الإبل، فإذا قطع إصبع واحد من المرأة فديته عشرة من الإبل، كالرجل تماماً؛ إذا قطع منه إصبع ففيه عشرة من الإبل، وإذا قطع إصبعين فيه عشرون، إذا قطع ثلاثة فيه ثلاثون من الإبل.

(1) أخرجه الترمذي (1413)، والنسائي (4807).

(2)

أخرجه البيهقي (8/ 166)، وضعف إسناده، انظر الإرواء (2250).

(3)

أخرجه النسائي (4805)، انظر الإرواء (2254).

ص: 624

الثلاثون في دية الرجل أقل من الثلث؛ لأن دية الرجل مائة من الإبل، فثلاثون أقل من الثلث بقليل فلم تبلغ الثلث بعد، فتبقى كدية الرجل، فإذا قطعت ثلاثة أصابع من الرجل فيها ثلاثون من الإبل، وكذلك إذا قطعت ثلاثة أصابع من المرأة فيها ثلاثون من الإبل.

لكن إذا قطعت أربعة أصابع من الرجل ففيها أربعون رأساً من الإبل، وإذا قطعت أربعة أصابع من المرأة ففيها عشرون؛ لأنها تجاوزت الثلث، أربعون من الإبل قد تجاوزت الثلث من دية الرجل، فإذا تجاوزت الثلث نبدأ فيها بالتنصيف، ننصِّفها، أربعون نصفها عشرون، فتصير عشرين من الإبل.

هذا كلام المؤلف وهو ما يقتضيه الحديث الذي ذكرناه، وهو حديث ضعيف.

ورد في هذا أثر عن سعيد بن المسيب، وهو أثر جيد في الرد على الذين يعارضون السنن بعقولهم:

أخرج مالك في الموطأ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ: كَمْ فِي إِصْبَعِ الْمَرْأَةِ؟ قَالَ: عَشْرٌ مِنَ الإِبِلِ ، فَقُلْتُ: كَمْ فِي إِصْبَعَيْنِ؟ قَالَ: عِشْرُونَ مِنَ الإِبِلِ، قُلْتُ: كَمْ فِي ثَلَاثةٍ أصابع؟ قَالَ: ثَلَاثُونَ مِنَ الإِبِلِ ، فَقُلْتُ: كَمْ فِي أَرْبَعٍ أصابع؟ قَالَ: عِشْرُونَ مِنَ الإِبِلِ ، قُلْتُ: حِينَ عَظُمَ جُرْحُهَا، وَاشْتَدَّتْ مُصِيبَتُهَا، نَقَصَ عَقْلُهَا؟ فَقَالَ سَعِيدٌ: أَعِرَاقِيٌّ أَنْتَ؟ فَقُلْتُ: بَلْ عَالِمٌ مُتَثَبِّتٌ، أَوْ جَاهِلٌ مُتَعَلِّمٌ، فَقَالَ سَعِيدٌ: هِيَ السُّنَّةُ يَا ابْنَ أَخِي.

سعيد بن المسيب أحد الفقهاء السبعة فقهاء المدينة إمام عظيم، سأله أحدهم قال له: إذا قُطع إصبع المرأة كم فيه؟ إذا قُطع إصبعان؟ إذا قطع ثلاثة؟ إذا قطع أربعة؟ فقال له: إذا قطع ثلاثة ففيها ثلاثون، وإذا قطع أربعة ففيها عشرون.

فقال له: لمّا عَظُمت مصيبتها جعلتموه عشرين؟ ! قال له: أعراقي أنت؟ إخواننا من أهل العراق، ليس المقصود ذم أهل العراق طبعاً لا، ولكن في زمنهم عُرف المذهب الحنفي في العراق وهو مذهب يقوم على الرأي: العقل.

فكان بعضهم يرُد الدليل الشرعي بالعقل، فلذلك قال له هذه الكلمة.

قال الرجل: لا ولكنني متعلم جاهل، جاهل وأريد أن أتعلم. أو عالمٌ أريد أن أتثبت فلستُ من أولئك القوم.

ص: 625

لكن الشاهد في كل الأمر أن السلف رضي الله عنهم كانوا حريصين جداً على تعظيم الدليل تعظيم البينة الحجة، قال الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا جاء الدليل والأثر عن السلف عندهم فلا ترده بعقلك.

هذا ما كان عليه السلف قاطبة وكانوا ينكرون جداً على الذي يقدِّم رأيه، عقله على شرع الله تبارك وتعالى.

فهذا الشاهد من الكلام، هذا الذي ذكره سعيد وإن كان الحديث فيه ضعيفاً إلا أن الصحابة عليه، وهو قول مالك وأحمد، فنذهب إليه لقول الصحابة.

والشافعي وأبو حنيفة يقولان: دية المرأة نصف دية الرجل مطلقاً في النفس والأعضاء كلها قلّت أم كثرت. والله أعلم.

قال ابن قدامة في المغني: (وتساوي جراح المرأة جراح الرجل إلى ثلث الدية، فإن جاوز الثلث، فعلى النصف) وروي هذا عن عمر، وابن عمر، وزيد بن ثابت. وبه قال سعيد بن المسيب، وعمر بن عبد العزيز، وعروة بن الزبير، والزهري، وقتادة، والأعرج، وربيعة، ومالك. قال ابن عبد البر: وهو قول فقهاء المدينة السبعة، وجمهور أهل المدينة. وحكي عن الشافعي في القديم.

وقال الحسن: يستويان إلى النصف. وروي عن علي رضي الله عنه أنها على النصف فيما قل وكثر، وروي ذلك عن ابن سيرين، وبه قال الثوري، والليث، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة وأبو حنيفة وأصحابه، وأبو ثور، والشافعي في ظاهر مذهبه. واختاره ابن المنذر

انتهى

قال المؤلف رحمه الله: (وتَجبُ الدِّيَة كاملةً في: العَينينِ، والشَّفتينِ، واليَدينِ، والرِّجلينِ، والبَيضَتينِ، وفي الواحدةِ منها نِصفُها، وكذلكَ تَجبُ كامِلةً في: الأنفِ، واللسانِ، والذَّكَرِ، والصُّلبِ)

الدية كاملة واجبة في العينين: يعني إذا أذهب أحد الناس لشخصٍ عينيه، قلع عينيه، فهنا تجب الدية كاملة، أو الشفتين إذا قطع شفتيه العلوية والسفلية، أو إذا قطع يديه أو رجليه أو بيضتيه أي خصيتيه؛ في هذه كلها التي هي الأعضاء التي عند الإنسان منها اثنان، كلها إذا قُطع العضوان ففيها الدية كاملة، وإذا قطع عضو منها ففيها نصف الدية.

ص: 626

قال: وفي الواحدة منها نصفها، يعني في العين نصف الدية، في الشفة الواحدة نصف الدية، وفي اليد الواحدة نصف الدية، وفي الرجل الواحدة نصف الدية، وفي الخصية الواحدة نصف الدية.

ثم قال: وكذلك تجب كاملة في الأنف، هذا عضو واحد، لا يوجد منه إلا واحد عند الإنسان، الأنف واللسان والذكر والصلب؛ فيها الدية كاملة، في كل عضو من هذه الأعضاء الدية كاملة، والمقصود بالصلب هنا الظهر، أي إذا كُسر الظهر ففيه الدية كاملة.

هذا معنى ما قاله المؤلف، وما ذكره هنا أكثره مجمع عليه، مثلاً العينان فيها إجماع.

كذلك أجمعوا على أن اليد الواحدة فيها نصف الدية، وأجمعوا كذلك على أن الأنف إذا قُطع بالكامل ففيه الدية كاملة، وإذا قطعت الأرنبة منه فقط-الأرنبة هي رأس الأنف من الأمام- ففيها نصف الدية.

والذكر كذلك أجمعوا عليه، والصلب كذلك فيه إجماع، واللسان فيه إجماع كذلك. هذه كلها قد أجمعوا عليها، نقل الإجماع ابن المنذر في كتابه الإجماع.

وورد ذكر هذه الأشياء كلها في حديث عمرو بن حزم عند النسائي، وبعضها مذكور في حديث عمرو بن شعيب عند أبي داود، لكن في الجملة كلها أحكام صحيحة على ما ذكره المؤلف رحمه الله.

قال المؤلف رحمه الله: (وأَرْشُ المَأمُومةِ والجَائِفةِ؛ ثُلُثُ دِيةِ المَجنِيِّ عَليهِ، وفي المُنَقِّلَةِ عُشْرُ الدِّيَةِ ونِصفُ عُشرِهَا، وفي الهاشِمَة عُشرُهَا، وفي كُلِّ سِنٍّ نِصفُ عُشرِهَا، وكَذَا في المُوضِحَةِ، وما عَدا هذه المُسمَّاة فيكون أَرشُهُ بِمقدَارِ نِسبتِهِ إلى أَحدِهِا تَقرِيباً)

المَأمُومَة: هي الجناية البالغة أم الدماغ، الجناية يُضرب شخص بحجر كبير فتصل إلى أصل الدماغ من الداخل.

الجَائِفَة: هي الطعنة التي تبلغ الجوف.

المُنَقِّلة: هي التي تنقل العظم أو تكسره.

الهَاشِمَة: هي الشجة التي تُهشِّم العظم.

المُوضِحَة: الشجة التي توضح العظم، أي تظهره وتكون في الوجه أو في الرأس.

وهذه الأشياء التي ذكرها المؤلف كلها مذكورة في كتاب عمرو بن حزم

ص: 627

قال المؤلف: وأَرش المأمومة: يعني القيمة التي تجب في المأمومة والجائفة؛ ثلث دية المجني عليه.

دية المجني عليه إذا كان رجلاً مائة من الإبل، ثلثها.

والذمي والمرأة ديتهما خمسون من الإبل، فثلث الخمسين.

وفي المُنَقِّلة عشر الدية ونصف عشرها، عشر دية الرجل المسلم عشرة من الإبل، ونصف عشرها خمس، ففيها خمسة عشر رأساً من الإبل.

وفي الهاشمة عشرها: يعني عشرة من الإبل في الرجل المسلم.

وفي كل سن نصف عشرها. نصف عشر الدية، خمس من الإبل، نقل الإجماع على ذلك في كل سن خمس من الإبل.

وكذا في الموضحة: أي كذلك الموضحة فيها نصف عشرها.

وما عدا هذه المسماة يعني غير الذي ذكرناه لكم فيكون أَرشه يعني القيمة والقدر الذي يقدر فيه بمقدار نسبته إلى أحدهما تقريباً، نقرِّب بعد ذلك الجنايات الأخرى نقربها إلى أقرب ضربة من الضربات التي ذكرناها، ونساويها بها؛ لأنه لا يوجد نص عندنا شرعي فيها فنجتهد، نقيسها بغيرها ونعطيها القدر التي تستحقه من ذلك.

قال الإمام مالك في الموطأ: «الأمر عندنا أن المأمومة والمنقلة والموضحة لا تكون إلا في الوجه والرأس، فما كان في الجسد من ذلك فليس فيه إلا الاجتهاد» .

قال المؤلف رحمه الله: (وفي الجَنِينِ - إذا خَرجَ مَيتاً- الغُرَّةُ، وفي العَبدِ قِيمتُهُ، وَأَرشُهُ بِحَسَبِها)

في الجنين إذا خرج ميتاً الغرة؛ لحديث في الصحيحين: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في جنين امرأة من بني لحيان سقط ميتاً بغرة عبد أو أمة (1). وغرة العبد أو الأمة تقدر بعشر دية الأم، عشر دية الأم إذا كانت مسلمة حرة على الصحيح خمس من الإبل.

أصل الغرة بياض في وجه الفرس، يكون في مقدمة وجه الفرس، هذه أصل الغرة، والمقصود بها هنا: العبد أو الأمة.

وأما إذا خرج الجنين حياً ثم مات من الجناية؛ ففيه الدية أو القَوَدْ، يعني إما الدية أو القتل

(1) أخرجه البخاري (6904)، ومسلم (1681).

ص: 628