الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتابُ الوَكالةِ
الوَكالة بفتح الواو وكسرها، يقال: الوَكالة والوِكالة هي لغة: التفويض.
ومنه قوله تعالى: {وَكَفَى بِاللهِ وَكِيلاً} [النساء/81] أي كفى به مفوَّضاً إليه.
ويقال: وكَلت الأمر إليه: أي فوضته إليه.
واصطلاحاً: تفويض جائز التصرف مثله فيما تدخله النيابة.
تفويض جائز التصرف: جائز التصرف هو الحر البالغ العاقل الرشيد.
فهذا الشخص الذي اتصف بهذه الصفات إذا فوَّض غيره في عمل ما يجوز التفويض فيه أن يعمله عنه سمي وكالة.
ويشترط في المفوَّض أن يكون جائز التصرف أيضاً؛ كالمفوِّض، يعني الذي يريد أن يعمل العمل بالنيابة عن غيره يشترط أن يكون أيضاً حراً بالغاً عاقلاً رشيداً.
ويُشترط في العمل أن يكون من الأعمال التي تجوز النيابة فيها، فمن الأعمال ما لا تجوز فيه الوكالة -التفويض- كالصلاة والوضوء لا يجوز أن تفوض أحداً - توكله - أن يصلي عنك أو يتوضأ عنك.
قال المؤلف رحمه الله: (يَجُوزُ لجائزِ التَّصرُّفِ أن يُوكِّلَ غيرَهُ في كُلِّ شيءٍ؛ ما لم يَمنع منه مانعٌ)
عرفنا جائز التصرف من هو، هذا يجوز له أن يوكل غيره، كأن يفوض غيره في قضاء دين عنه مثلاً، أو في نكاح يزوِّجه، أو بيع وشراء وما شابه.
يقول المؤلف: يوكله في كل شيء ما لم يمنع منه مانع، أي إلا إذا دل الدليل الشرعي على عدم جواز التوكيل في عملٍ ما.
والوكالة جائزة بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم وكَّل أُنيِّساً رضي الله عنه بإقامة الحد. متفق عليه.
قال له: «واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها» (1) وكله النبي صلى الله عليه وسلم بإقامة الحد.
ووكل عليّاً رضي الله عنه بنحر الهدي وتقسيم لحمومها وجلودها (2). أخرجه مسلم.
ووكل أبا هريرة رضي الله عنه بحفظ زكاة رمضان (3). أخرجه البخاري.
ووكل عقبة بن عامر رضي الله عنه بقسمة الضحايا على أصحابها (4). متفق عليه.
ووكل عروة بن الجعد البارقي رضي الله عنه بشراء أضحية له (5)، أخرجه البخاري. وسيأتي إن شاء الله.
واستدل العلماء أيضاً بقوله تعالى في توكيل أصحاب الكهف واحداً منهم: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ} [الكهف/19]، وقول يوسف:{اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ} [يوسف/55] أي وكيلاً عنك، وبقول موسى لهارون:{اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي} [الأعراف/142]، وبتوكيل سليمان الهدهد {اذْهَب بِّكِتَابِي هَذَا} [النمل/28]، وذكر البخاري عدة أحاديث على جواز الوكالة. ونقل بعضهم الاتفاق على مشروعيته.
قال المؤلف رحمه الله: (وإذا بَاعَ الوَكيلُ بزيادةٍ على ما رسَمهُ مُوكِّلهُ؛ كانتِ الزِّيادةُ للمُوكِّلِ)
يعني إذا وكَّلَ زيدٌ عمراً ببيع قطعة أرض مثلاً، على أن يبيعها بألف دينار، فباعها عمرو بألفين، باعها بزيادة على ما قاله له زيد، هذه الزيادة: الألف الزائدة؛ تكون مِنْ حق الموكِّل صاحب المال وهو في مثالنا زيد.
إذا باع عمرو بزيادة على ما رسمه -حدده- موكله الذي هو زيد، كانت الزيادة للموكِّل كانت الزيادة لزيد صاحب الأرض وليست للوكيل.
دليل ذلك حديث عروة بن الجعد البارقي في صحيح البخاري (6): أَعْطَاهُ النبي صلى الله عليه وسلم دِينَارًا يَشْتَرِي لَهُ بِهِ شَاةً، فَاشْتَرَى لَهُ بِهِ شَاتَيْنِ، فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ، وَجَاءَهُ بِدِينَارٍ وَشَاةٍ، فَدَعَا لَهُ
(1) أخرجه البخاري (2314)، ومسلم (1697).
(2)
أخرجه مسلم (1218).
(3)
أخرجه البخاري (2311).
(4)
أخرجه البخاري (5555)، ومسلم (1965).
(5)
أخرجه البخاري (3642).
(6)
أخرجه البخاري (3642).