الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلا بد أن يحول عليها الحول، أي تمضي عليها سنة هجرية كاملة.
والسنة المقصودة هنا هي الهجرية لا الميلادية، لأن الميلادية في شرع الله غير معتبرة، فإذا تكلمت مع أحد أهل العلم فلا بد من نسيان التاريخ الميلادي، فهذا التاريخ ليس لنا، ولا بد من الرجوع إلى التاريخ الهجري الذي عيّنه عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وهذا التاريخ الميلادي كان موجودا في عهد الصحابة، فلماذا أعرضوا عنه وأتوا بالتاريخ الهجري؟ لو كان مشروعاً لأخذوا به، ولكن هذا من شعائر الكفار وليس من شعائر المسلمين، فكل أعمالنا لا بد أن تكون بناء على التاريخ الهجري، وكل ما تريد أن تسأل عنه وكل فتوى شرعية سمعتها لابد أن يذهب ذهنك فيها إلى التاريخ الهجري لا الميلادي.
الشرط الثالث أن تكون سائمة، ونعني به أنها ترعى من العشب المباح أكثر العام وليس عشباً مزروعاً من عملك وكدك، فإن علفها صاحبها نصف الحول أو أكثره فليست بسائمة.
أما المعلوفة، وهي ما اشتريت لها العلف أنت وأطعمتها منه، فهذه لا زكاة فيها.
فإذا توفّرت هذه الشروط الثلاثة، وجبت الزكاة في الإبل.
وكل من هذه الشروط له دليل سيأتي ذكره إن شاء الله.
ثانياً: كم المقدار الذي يجب أن يخرج إذا بلغت الإبل النصاب
.
قال (إذا بلغت الإبل خمساً، ففيها شاة) أي إذا بلغت الإبل خمسة رؤوس وحال عليها الحول وكانت سائمة وجب أن يخرج شاة زكاة عن هذه الإبل.
ثم قال: (ثم في كل خمس شاة) فإذ ملكت خمساً فتخرج عليها شاة، وإذا ملكت ستاً تخرج شاة وكذا سبعاً وثمانية وهكذا حتى تصل إلى العشرة، وتسمى هذه الأرقام مابين الخمسة إلى العشرة:(أوقاصاً) وسيأتي تفسيره، وهذه لا شيء فيها، إنما الواجب فيما عيّن، في الخمس شاة ثم في العشر شاتان، والخمس عشرة ثلاث شياه، والعشرون أربع شياه، إلى أربع وعشرين ففيها أربع.
ثم قال: (فإذا بلغت خمساً وعشرين، ففيها ابنة مخاض، أو ابن لبون) أي إذا صار عندك خمس وعشرون من الإبل ترعى من العشب الذي خلقه الله تعالى وليس لك فيه عمل، وهو العشب المباح، ومضى عليها عام، فكم يُخرج عليها؟
قال (ففيها ابنة مخاض)، هي الأنثى من الإبل التي أكملت سنة.
أو (ابن لبون)، وهو الذكر الذي أكمل سنتين.
فأنت مخيَّر بين ابنة المخاض أو ابن اللبون إن ملكت الاثنين.
ثم يبقى مقدار الزكاة كما هو حتى يبلغ ستّاً وثلاثين وتسمى هذه الأوقاص فلا شيء فيها.
قال: (وفي ست وثلاثين ابنة لبون) أي إذا بلغت الإبل ستاً وثلاثين فيخرج ابنة لبون، وهي أنثى أكملت سنتين، ثم يبقى يخرج هذه الأنثى التي أكملت سنتين إلى خمس وأربعين.
ثم قال: (وفي ستٍّ وأربعين حِقّة) أي إذا بلغت إبله ستاً وأربعين فيجب عليه أن يخرج حِقّة، وهي الأنثى التي أكملت ثلاث سنوات.
وسُمِّيت حِقّة لأنها صارت في سن تستحق أن يطرقها الجمل، بمعنى يجامعها.
ثم مابين ست وأربعين وإحدى وستين أوقاص.
قال: (وفي إحدى وستين جَذَعَة) إلى خمس وسبعين.
والجذعة هي الأنثى التي أكملت أربع سنين.
ثم قال: (وفي ست وسبعين بنتا لبون) إلى التسعين فإنه يخرج بنتا لبون، أي اثنتين قد أكملت كل واحدة عامين.
قال: (وفي إحدى وتسعين حِقَّتانِ إلى مائة وعشرين) أي إذا زاد العدد عن مائة وعشرين، فإنه يقسم إبله إلى خمسين وأربعين، ويخرج عن كل أربعين ابنة لبون وعن كل خمسين حِقة.
فسيكون الأمر هكذا:
5 رؤوس من الإبل إلى 24 = في كل خمس شاة ثم:
25 -
35 = بنت مخاض أو ابن لبون.
36 -
45 = بنت لبون.
46 -
60 = حِقّة.
61 -
75 = جَذَعة.
76 -
90 = ابنتا لبون.
91 -
120 = حِقَّتان.
121 -
فأكثر من ذلك، في كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حِقّة.
فلنقل إنَّ عنده مائتي رأس من الإبل، فكم يكون عليه؟
الجواب: أننا نستطيع أن نقسم كيف نشاء إما أربعينات أو خمسينات، فإما أن نخرج خمس بنات لبون، أو أربع حقاق.
وهذا كله جاء مفصلاً في حديث أنس بن مالك في «صحيح البخاري» على هذه الصورة (1).
قال المؤلف رحمه الله: (ويجبُ في ثلاثينَ من البقرِ تَبِيِعٌ أو تَبِيِعَةٌ، وفي أربعين مُسِنَّةٌ، ثم كذلك)
فنِصاب البقر ثلاثون، وأقل من ذلك لا شيء فيه، ودليله حديث معاذ، قال:«أمره رسول صلى الله عليه وسلم أن يأخذ من كل ثلاثين بقرة تبيعاً أو تبيعة، ومن كل أربعين مسنة» (2).
والتبيع: ولد البقرة الذي يتبع أمه من يوم ميلاده إلى أن يكمل سنة ثم يكون جذعاً، فما دام دون السنة فهو تبيع، فإذا بلغ السنة صار جذعاً والذكر والأنثى سواء لا فرق.
قال (وفي أربعين مسنة) وما بعد الثلاثين من إحدى وثلاثين إلى تسع وثلاثين، كلها أوقاص لا شيء فيها، فإذا بلغت أربعين ففيها مسنة.
والمسِنَّة: مالها سنتان وطلع سنها، وهي الأنثى.
فَبَيِّنَ صلى الله عليه وسلم القَدْرَ الذي يؤخذ في زكاة البقر من كل ثلاثين تبيع أو تبيعة، ومن كل أربعين مسنّة.
(1) أخرجه البخاري (1454) عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كتب له هذا الكتاب لما وجَّهّه إلى البحرين.
(2)
أخرجه أحمد في «مسنده» (22013)، وأبو داود (1576)، والترمذي (623)، والنسائي (2450)، وابن ماجه (1803) عن معاذ رضي الله عنه في قصة الرسالة إلى اليمن.
فالستون فيها تبيعان أو تبيعتان، والسبعون فيها تبيع أو تبيعة ومسنة، والثمانون فيها مسنّتان، وهكذا.
وأما الجواميس فحكمها حكم البقر بالإجماع، نقله ابن المنذر (1)، فتعد البقرة والجاموس شيئاً واحداً، كما أن الجمل العربي والجمل ذو السنامين الأفريقي يُعَدُّ شيئاً واحداً.
قال: (ويجبُ في أربعينَ من الغَنَمِ شاةٌ إلى مائة وإحدى وعشرين، وفيها شاتان إلى مئتين وواحدةٍ، وفيها ثلاث شياهٍ إلى ثلاث مئةٍ وواحدةٍ، وفيها أربعٌ، ثم في كلِّ مائةٍ شاةٌ)
يبين المؤلف الآن نصاب الغنم، وهي أربعون شاة، وتكون زكاتها شاة واحدة، وتبقى شاة إلى المئة وعشرين، فإذا بلغت مائة وإحدى وعشرين،
قال: (وفيها شاتان إلى مائتين وواحدة) فمن المائة وإحدى وعشرين إلى المائتين فيها شاتان.
قال (وفيها ثلاث شياه إلى ثلاث مائة وواحدة، وفيها أربع - إذا زادت عن ثلاث مائة -، ثم في كل مائة شاة).
ففي 40 - 120 = شاة.
ثم:
121 -
200 = شاتان.
ثم:
201 -
300 = ثلاث شياه.
ثم في كل مائة شاة.
وهذا التفصيل هو المذكور في «صحيح البخاري» (2)، في كتاب أبي بكر لأنس.
وكثير من هذه المسائل مُجْمَعٌ عليها.
(1)«الإجماع» (ص 45).
(2)
أخرجه البخاري (1454).