الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السنة والسنتين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم .... فذكره (1).
ونقل ابن المنذر الإجماع على جوازه (2).
قال: (ولا يَأخذُ إلا ما سمّاهُ أو رأسَ مالِه)
يعني لا يأخذ المشتري من البائع إلا ما اتفقا عليه من السلعة يوم التقابض، فإذا لم يقدر البائع على تسليم نفس البضاعة المتفق عليها يُرجع للمشتري رأس ماله.
دليل ما ذكره حديث: «من أسلف سلفا فلا يشترط على صاحبه غير قضائه» (3). أخرجه الدارقطني مرفوعا وهو منكر، وبناء على ضعفه فيجوز أن يعطيه غير البضاعة المتفق عليها عوضا عنها، بشرط أن لا يربح فيها، بل يكون بقدر قيمة ما دفع في البضاعة المتفق عليها.
قال: (ولا يَتصرَّفُ فيه قبلَ قبضِه)
يقول المؤلف: ليس للمشتري أن يتصرف بالبضاعة ببيعٍ حتى يقبضها، دليله: قوله صلى الله عليه وسلم: «من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره» (4). أخرجه أبو داود، وهو ضعيف
والمعنى أنه لا يحل جعل المسلَّم فيه ثمناً لشيء قبل قبضه، ولا يجوز بيعه قبل قبضه.
قال مالك: لا يشترى منه بذلك الثمن شيئا حتى يقبضه منه، وذلك أنه إذا أخذ غير الثمن الذي دفع إليه، أو صرفه في سلعة غير الطعام الذي ابتاع منه؛ فهو بيع الطعام قبل أن يستوفى.
باب القَرْض
(1) أخرجه البخاري (2240)، ومسلم (1604).
(2)
الإجماع (ص 98).
(3)
أخرجه الدارقطني (2979) مرفوعا، وفي سنده عطية بن بقية ولوذان بن سليمان لا يحتج بهما، ورواه مالك في الموطأ (2/ 682) عن نافع، عن ابن عمر موقوفا، وهو الصحيح، قال البيهقي (5/ 574): وقد رفعه بعض الضعفاء عن نافع، وليس بشيء.
(4)
أخرجه أبو داود (3468)، وابن ماجه (2283)، وأعله البيهقي وغيره بعطية العوفي.
القرض لغة: هو القطع. وسمي المال المدفوع للمقترِض قرضاً؛ لأنه قِطْعة من مال المُقرِض. ويسمى أيضاً السَّلَف، والناس يعرفونه اليوم بالدَّين، وبعضهم يقول له سلف.
واصطلاحاً: إعطاء شخصٍ مالاً لآخر في نظير عوض يثبت له في ذمته، مماثل للمال المأخوذ، بقصد نفع المعطَى له فقط.
زيد يعطي مالاً لعمرو، إعطاء شخص مالاً لآخر.
في نظير عِوَضٍ يثبت له في ذمته، أي مقابل عِوَض، عمرو يعوِّض زيداً مثل المال الذي أخذه بنفس القيمة في وقت آخر.
زيد يعطي عمرا مالاً في مقابل أن عمرا يعطيه مثل هذا المال فيما بعد، مماثلٌ للمال المأخوذ.
بقصد نفع المعطى له فقط، المقصود من الدّيْن أن ينتفع الآخذ فقط لا المعطي.
وهو جائز شرعاً؛ لما فيه هو الرفق بالناس، والرحمة بهم، وتيسير أمرهم، وتفريج كرباتهم. والعلماء مجمعون على جوازه.
دل عليه فعل النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم استلف من رجلٍ بَكْراً- والبكر الفتيّ من الإبل - فقدِمَت عليه إبلُ الصدقة، فأمر أبا رافع أن يقضيَ الرجل بَكْره، فرجع إليه أبو رافع، فقال: لم أجد فيها إلا خِياراً رَبَاعِيّا. فقال: «أعطه إياه، إن خِيارَ الناسِ أحسنُهم قضاءً» (1). متفق عليه.
بعد أن أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بكراً من رجل قرضا، جاءته إبل من إبل الصدقة، فأراد أن يرد للرجل بَكْرَه يعني جملا بنفس السِن، فأبو رافع - القائم على هذا الأمر الذي كلَّفه النبي صلى الله عليه وسلم بالقضاء عنه- قال له: لم أجد في إبل الصدقة بَكراً، أي مثل الجمل الذي اقترضه النبي صلى الله عليه وسلم من الرجل، ولكن وجد أفضل منه: خياراً رباعياً، خِياراً يعني خَيِّر، رباعياً: ما استكمل ست سنوات ودخل في السنة السابعة، فهو أجود من البَكر، فهذا الحديث يدل على جواز القرض.
(1) أخرجه البخاري (2392)، ومسلم (1601) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وأخرجه مسلم (1600) من حديث أبي رافع رضي الله عنه.
قال المؤلف رحمه الله: (يجبُ إرجاعُ مِثلِه)
إذا اقترضت قرضا من شخص، وجب عليك عند السداد أن ترجع مثل ما اقترضته تماما، ويجوز للمقترض أن يرجع عين المقترَض أو مثله، اقترضت جملاً بكراً ثم جاء موعد السداد فأردت أن تسد أرجعت نفس البكر الذي اقترضته من غير نقص فيه، جاز ذلك.
إن حصل فيه نقص أرجعت مثله أي ليس هو نفسه بل غيره ولكنه في نفس السن وبنفس الصفات.
قال: (ويجوزُ أن يكونً أفضلً أو أكثرَ، إذا لم يكن مشروطاً)
أفضل أي من حيث الصفات، أو أكثر عددا.
الأصل في القرض الذي يجر منفعة على المُقرِض أنه ربا.
قاعدة أجمع عليها العلماء: كل قرضٍ جرَّ منفعةً فهو ربا؛ لكن نقيِّدها بقيد، فنقول: كل قرض جر منفعة مشروطة فهو ربا، أي شرطها صاحب المال على المقترض.
وأما إذا لم تكن المنفعة مشروطة، بل كانت شكرا من المقترض، فعلها باختياره، أراد أن يكون من خيار الناس فرد الشيء وزاد عليه، هنا وصلت منفعة للمقرِض؛ لكنه لم يشترطها على المقترض؛ فهي جائزة، والدليل الحديث المتقدم، رد النبي صلى الله عليه وسلم الأفضل صفة فصفات الجمل الذي رده النبي صلى الله عليه وسلم أفضل مما أخذ، وقال:«أعطه إياه، إن خِيارَ الناسِ أحسنُهم قضاءً» .
ويجوز أن يرد اثنين بدل الواحد مثلا كما جاز رد الأفضل صفة.
وفي الصحيحين عن جابر رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وكان لي عليه دين، فقضاني وزادني (1).
قال ابن عبد البر: في حديث أبي رافع هذا ما يدل على أن المقرِض إن أعطاه المستقرض أفضل مما أقرضه جنسا أو كيلا أو وزنا؛ أن ذلك معروف، وأنه يطيب له أخذه منه؛ لأنه أثنى فيه على من أحسن القضاء، وأطلق ذلك ولم يقيده بصفة.
(1) أخرجه البخاري (2394)، ومسلم (715).