الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث التاسع والثلاثون: الأضاحي
أولاً: مفهومها:
هي اسم لما يُذبح أو يُنحر بسبب العيد: من الإبل، والبقر، والغنم: يوم النحر، وأيام التشريق الثلاثة، تقرُّباً إلى اللَّه تعالى، وسُمِّيت بذلك واللَّه أعلم؛ لأن أفضل زمن لذبحها ضحى يوم العيد (1).
ثانياً: حكمها:
الأضحية مشروعة بالكتاب، والسنة، وإجماع الأمة.
فأما الكتاب
؛ فلقول اللَّه تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (2).
وأما السنة
؛ فلحديث أنس رضي الله عنه قال: ((ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين، أملحين (3) أقرنين، ذبحهما بيده، وسَمَّى وكَبَّر، ووضع رجله على صفاحهما)). وفي لفظ لمسلم: ويقول: ((باسم اللَّه واللَّه أكبر)). وفي لفظ للبخاري: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم يضحي بكبشين، وأنا أضحي بكبشين)) (4).
وأما الإجماع:
فأجمع المسلمون على مشروعية الأضحية (5)، والأضحية سنة
مؤكدة جداً لا ينبغي تركها لمن يقدر عليها، وعلى هذا أكثر أهل العلم (6).
(1) انظر: أحكام الأضاحي، للعلامة محمد بن صالح بن عثيمين، ص5، ومجالس عشر ذي الحجة، للشيخ عبد اللَّه بن صالح الفوزان، ص69.
(2)
سورة الكوثر، الآية:2.
(3)
الأملح: يقال: كبش أملح: إذا كان بياضه أكثر من سواده، وقيل: هو النقي البياض. جامع الأصول لابن الأثير،3/ 325،وانظر: المغني لابن قدامة،13/ 360.
(4)
متفق عليه: البخاري، كتاب الأضاحي، باب أضحية النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أقرنين، ويذكر سمينين، برقم 5553، ومسلم، كتاب الأضاحي باب استحباب استحسان الأضحية وذبحها مباشرة بلا توكيل، والتسمية والتكبير، برقم 1966.
(5)
المغني لابن قدامة، 13/ 360.
(6)
اختلف العلماء رحمهم الله في حكم الأضحية، فقال قوم: بأنها سنة، وقال آخرون: بالوجوب. قال الإمام ابن قدامة: ((أكثر أهل العلم يرون الأضحية سنة مؤكدة غير واجبة، روي ذلك عن أبي بكر، وعمر، وأبي مسعود البدري رضي الله عنهم، وبه قال سويد بن عقبة، وسعيد بن المسيب، وعلقمة، والأسود، وعطاء، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، وابن المنذر. وقال ربيعة، ومالك، والثوري، والأوزاعي، والليث، وأبو حنيفة: هي واجبة؛ لما روى أبو هريرة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: ((من كان له سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا)) [أحمد، 2/ 321،وابن ماجه، برقم 3123،وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه،3/ 82]،وعن مخنف بن سليم قال: كنا وقوفاً عند النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة فقال: ((يا أيها الناس إن على كل أهل بيت في كل عام أضحية
…
)) [أحمد، 4/ 215، وأبو داود برقم 2788،والنسائي، برقم 4235،وابن ماجه، برقم 3125، والترمذي، وحسنه برقم 1518،وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه، 3/ 82]، المغني لابن قدامة، 13/ 360 - 361، ومن قال: بأن الأضحية سنة احتجوا بحديث ابن عباس يرفعه: ((ثلاث هن عليّ فرائض وهن لكم تطوع: الوتر، والنحر، وصلاة الضحى)) وفي لفظ الدارقطني: ((وركعتا الفجر)) بدل ((وصلاة الضحى)) رواه أحمد، برقم 2050، والدارقطني، 2/ 21، ونقل أحمد شاكر تضعيف هذا الحديث باللفظين]. واستدل الجمهور أيضاً بحديث أم سلمة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا دخلت العشر، وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشره شيئاً))، وفي لفظ:((إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يُضحِّي فليمسك عن شعره وأظفاره))، وفي لفظ: ((
…
فلا يأخذن من شعره ولا من أظفاره شيئاً حتى يضحي)) [مسلم، برقم 1977] فقالوا: علَّقه على الإرادة، والواجب لا يُعلَّق على الإرادة؛ ولأنها ذبيحة لم يجب تفريق لحمها فلم تكن واجبة كالعقيقة، وردوا على أهل الوجوب بأن حديثهم قد ضُعِّف، وقالوا:((ثم نحمله على تأكيد الاستحباب كما قال صلى الله عليه وسلم: ((غسل الجمعة واجب على كل محتلم)) [تقدم تخريجه] المغني لابن قدامة، 13/ 261. ولكن من قال بالوجوب استدلوا أيضاً بحديث في الصحيحين عن جندب بن سفيان البجلي قال: شهدت النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر قال: ((من ذبح قبل أن يصلي فليعد مكانها أخرى، ومن لم يذبح فليذبح [على اسم اللَّه])) [البخاري، برقم 5562، ومسلم، برقم 1960، وما بين المعقوفين له]، وسمعت شيخنا ابن باز يقول أثناء تقريره على هذا الحديث:((من ذبح قبل الصلاة فالسنة أن يضحي بأخرى، وإذا صلى الإنسان دخل وقت ضحيته)).