الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عشرين يومًا في تبوك ينظر فيما يتعلق بحرب الروم، هل يتقدم أم يرجع، ثم أذن اللَّه له أن يرجع، واحتج بهذه القصة وقصة الفتح على أنه لا بأس بالقصر مدة الإقامة العارضة، ولو طالت، حتى قال أهل العلم: لو مكث سنين مادام لم يجمع إقامة؛ فإنه في سفر، وله أحكام السفر، وهذا هو الصواب، أما إذا أجمع إقامة فاختلف العلماء في مقدارها هل تقدر بعشرين يومًا، أو بتسعة عشر يومًا، أو بثلاثة أيام، أو أربعة أيام على أقوال: وأحسن ما قيل في ذلك: أربعة أيام؛ لأنها إقامة النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، فإذا أجمع الإقامة أكثر من أربعة أيام أتمَّ، وإن كانت أربعة فأقلّ قصر؛ لأنها إقامة معزوم عليها، وعليه الشافعي، وأحمد، ومالك، وبقول الشافعي وأحمد ومالك، تنتظم الأدلة، ويكون ذلك صيانة من تلاعب الناس، وهذا هو الأحوط، كما قال الجمهور: أربعة أيام؛ لأن ما زاد عنها غير مجمع عليه، وما نقص من هذا مجمع عليه: أي داخل في المجمع عليه)) (1). وبهذا يخرج المسلم من الخلاف ويترك ما يريبه إلى ما لا يريبه،
واللَّه عز وجل أعلم (2).
6 - قصر الصلاة بمنى لأهل مكة وغيرهم من الحجاج
؛ لحديث عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما، قال:((صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين، وأبي بكر، وعمر، ومع عثمان صدرًا من إمارته، ثم أتمها أربعًا)) (3).
(1) سمعته أثناء تقريره على بلوغ المرام، الحديث رقم 461.
(2)
انظر: مجموع فتاوى الإمام ابن باز، 12/ 276، وفتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 8/ 99.
(3)
متفق عليه: البخاري، كتاب التقصير، باب الصلاة بمنى، برقم 1082، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب قصر الصلاة بمنى، برقم 694.
وعن عبد الرحمن بن يزيد قال: ((صلى بنا عثمان بن عفان رضي الله عنه بمنى أربع ركعات، فقيل ذلك لعبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه فاسترجع، قال: صليت مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين، وصليت مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه بمنى ركعتين، وصليت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ركعتين، فليت حظي من أربع ركعات ركعتان متقبلتان)) (1).
وعن يحيى بن أبي إسحاق عن أنس رضي الله عنه قال: ((خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة فكان يصلي ركعتين ركعتين حتى رجعنا إلى المدينة، قلت: أقمت بمكة شيئًا؟ قال: أقمنا بها عشرًا))، وفي لفظ مسلم:((كم أقام بمكة؟ قال: عشرًا)). وفي لفظ لمسلم: ((خرجنا من المدينة إلى الحج
…
)) (2).
وحديث أنس هذا لا يعارض حديث ابن عباس: ((أقام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
تسعة عشر يقصر فنحن إذا سافرنا تسعة عشر قصرنا وإن زدنا أتممنا)) (3)؛ لأن حديث ابن عباس كان في فتح مكة وحديث أنس في حجة الوداع، وقد قدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لصبح رابعة من ذي الحجة، ولا شك أنه صلى الله عليه وسلم خرج من مكة صبح الرابع عشر فتكون مدة الإقامة بمكة وضواحيها في حجة الوداع عشرة أيام بلياليها كما قال أنس رضي الله عنه (4).
وعن حارثة بن وهب الخزاعي رضي الله عنه قال: ((صليت خلف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
(1) متفق عليه: البخاري، برقم 1084، ومسلم، برقم 695، وتقدم تخريجه.
(2)
متفق عليه: البخاري، كتاب تقصير الصلاة، باب ما جاء في التقصير وكم يقيم حتى يقصر؟ برقم 1081، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب صلاة المسافرين وقصرها، برقم 15 - (693).
(3)
البخاري، كتاب تقصير الصلاة، باب ما جاء في التقصير، وكم يقيم حتى يقصر؟ برقم 1080.
(4)
انظر: فتح الباري بشرح صحيح البخاري، لابن حجر، 2/ 562 - 563، وشرح النووي على صحيح مسلم، 5/ 210.