الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
انصرافه صلى الله عليه وسلم، ومن لم يدرك جزءاً من النهار، ولا جاء عرفة حتى غابت الشمس فوقف ليلاً فلا شيء عليه، وحجه تام، قال الإمام ابن قدامة رحمه الله:((لا نعلم فيه مخالفاً)) (1)؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف إلى الغروب والفعل إذا خرج منه مخرج الامتثال والتفسير كان حكمه حكم الأمر.
الواجب الثالث: المبيت بمزدلفة
؛ لأنه صلى الله عليه وسلم بات بها، لقول اللَّه تعالى:
{فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّين} (2)؛ ولحديث جابر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لتأخذ أمتي نُسُكَها فإني لا أدري لعلي لا ألقاهم بعد عامي هذا)) (3)؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أذن للضعفة بعد منتصف الليل فدل ذلك على أن المبيت بمزدلفة لازم، وقد أمر اللَّه بذكره عند المشعر الحرام، فلو لم يكن المبيت بمزدلفة واجباً لم يُحتج فيه إلى ترخيص (4).
الواجب الرابع: المبيت بمنى ليالي أيَّام التشريق الثلاثة للمتأخرين
، وليلتين للمتعجلين، لقول اللَّه تعالى: {وَاذْكُرُواْ اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن
تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} (5). لأن
(1) المغني لابن قدامة، 5/ 274.
(2)
سورة البقرة، الآية:198.
(3)
مسلم، برقم 1297،واللفظ لابن ماجه، برقم 3023،وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه، 3/ 47.
(4)
لما ثبت في صحيح البخاري، برقم 1676، ورقم 1677، ومسلم، برقم 293، ورقم 1295، وسيأتي تخريجها إن شاءاللَّه تعالى في المبيت في مزدلفة.
(5)
سورة البقرة، الآية:203.
النبي صلى الله عليه وسلم بات بها ليالي أيام التشريق الثلاث، ولأنه أَذِنَ للعباس أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته، فعن عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما:((أن العباس رضي الله عنه استأذن النبي صلى الله عليه وسلم؛ ليبيت بمكة ليالي منى، من أجل سقايته فأَذِنَ له)) (1).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم على راحلته وخلفه أسامة فاستقى فأتيناه بإناء من نبيذ، فشرب وسقى فضله أُسامة، وقال:((أحسنتم وأجملتم كذا فاصنعوا)) فلا نريد تغيير ما أمر به رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (2).
ورخص النبي صلى الله عليه وسلم لرعاة الإبل في البيتوتة عن منى؛ لحديث عاصم بن عدي رضي الله عنه: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للرعاء في البيتوتة يرمون يوم النحر، واليومين اللذين بعدهما يجمعونهما في أحدهما)) (3)، فدلت هذه الرخصة
والإذن على أن المبيت بمنى هذه الليالي واجب على غير السقاة والرعاة ومن في حكمهم (4).
(1) متفق عليه: البخاري، كتاب الحج، باب هل يبيت أصحاب السقاية أو غيرهم بمكة ليالي منى، برقم 1743 - 1745، وفي باب سقاية الحاج، برقم 1634، ومسلم، كتاب الحج، باب وجوب المبيت بمنى ليالي أيام التشريق والترخيص في تركه لأهل السقاية، برقم 1315.
(2)
مسلم، كتاب الحج، باب وجوب المبيت بمنى ليالي أيام التشريق والترخيص في تركه لأهل السقاية، برقم 1316.
(3)
النسائي، كتاب مناسك الحج، باب رمي الرعاء، برقم 3071، والترمذي، كتاب الحج، باب ما جاء في الرخصة للرعاء أن يرموا يوماً، ويدعوا يوماً، برقم 954، 955، وابن ماجه، كتاب المناسك، باب تأخير رمي الجمار عن عذر، برقم 3037، وأبو داود، كتاب المناسك، باب في رمي الجمار، برقم 1975،وأحمد، 5/ 450،وصححه الألباني في إرواء الغليل، 4/ 280، برقم 1080.
(4)
انظر: واجبات الحج مع الأدلة والتعليل في شرح العمدة، لابن تيمية، 2/ 602 - 648.