الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بك ما أرى، أو ما كنت أرى الجَهْدَ بلغ بك ما أرى؟ تجد شاة؟)) فقلت: لا، قال:((فصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع)). وفي لفظ للبخاري: ((أيؤذيك هوامُّ رأسك)) قلت: نعم، قال:((فاحلق، وصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، أو انسك نسيكة)). وفي لفظ للبخاري: ((
…
أما تجد شاة؟)) قلت: لا، قال:((صم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من طعام)). وفي رواية للبخاري: ((فدعا الحلاق فحلقه ثم أمرني بالفداء)) (1).
وهذا نص في الحلق، أما بقية هذه المحظورات فقاسها أهل العلم على حلق الرأس فجعلوا فيها هذه الفدية؛ لأن ذلك يحرم في حال الإحرام فأشبه حلق الرأس، واللَّه أعلم (2).
2 - الوطء الذي يوجب الغسل:
فمن جامع في الفرج (3) قبل التحلل
الأول فسد حجه. قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن الحج لا يفسد بإتيان شيء في حال الإحرام إلا بالجماع (4). ويجب عليه أن يتمه، ويقضيه بعد
(1) متفق عليه: البخاري، كتاب المحصر، باب قول اللَّه تعالى:{فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} . [البقرة: 196].برقم 1814،وزيادات الروايات من أطراف الحديث في البخاري، برقم 4190 و4517، 5665،وأخرجه مسلم، كتاب الحج، باب جواز حلق الرأس للمحرم إذا كان به أذى ووجوب الفدية لحلقه، وبيان قدرها، برقم 1201.
(2)
انظر شرح العمدة لابن تيمية، 2/ 274 - 279، والمغني، 5/ 381 - 389، وانظر فتاوى ابن تيمية، 26/ 118، والفتاوى الإسلامية، 2/ 232، والشرح الممتع لابن عثيمين، 7/ 195.
(3)
قال الشنقيطي في أضواء البيان، 5/ 386:((والأظهر أن الإتيان في الدُّبر كالجماع في إفساد الحج، وكذلك الزنا أعاذنا اللَّه وإخواننا المسلمين من فعل كل ما لا يرضي اللَّه تعالى)).
(4)
الإجماع لابن المنذر، ص 63.
ذلك؛ لأن عبد اللَّه بن عمر، وعبد اللَّه بن عمرو، وعبد اللَّه بن عباس رضي الله عنهم أفتوا بذلك (1)، وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم جميعاً (2).
وعليه بدنة يفرق لحمها على الفقراء بمكة حرسها اللَّه تعالى (3)(4).
فعن عمرو بن شعيب، عن أبيه أن رجلاً أتى عبد اللَّه بن عمرو يسأله عن محرم وقع بامرأته، فأشار إلى عبد اللَّه بن عمر، فقال: اذهب إلى ذلك فسله، قال شعيب فلم يعرفه الرجل فذهبت معه، فسأل ابن عمر فقال: بطل حجك، فقال الرجل: فما أصنع؟ قال: اخرج مع الناس واصنع ما
يصنعون، فإذا أدركت قابلاً فحج واهدِ، فرجع إلى عبد اللَّه بن عمرو وأنا معه، فأخبره فقال: اذهب إلى ابن عباس فسله، قال شعيب فذهبت معه إلى ابن عباس فسأله، فقال له كما قال ابن عمر، فرجع إلى عبد اللَّه بن عمرو، وأنا معه، فأخبره بما قال ابن عباس، ثم قال: ما تقول أنت؟
(1) البيهقي، 5/ 167، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي، 2/ 65، وصححه الألباني في إرواء الغليل، 4/ 234.
(2)
انظر: المجموع للنووي، 7/ 384.
(3)
انظر: شرح العمدة، 2/ 227، والمغني، 5/ 166، والاستذكار لابن عبد البر، 12/ 288.
(4)
الجماع في الحج للمحرم قبل التحلل الأول يترتب عليه خمسة أمور على النحو الآتي:
الأمر الأول: الإثم، فعليه التوبة إلى اللَّه تعالى، والاستغفار من هذا العمل المحرم؛ لأنه عصى اللَّه لقوله:(فلا رَفَثَ)[البقرة، الآية: 197].
الأمر الثاني: فساد الحج فلا يعتبر هذا الحج صحيحاً؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم قضوا وأفتوا بذلك.
الأمر الثالث: وجوب المضي فيه، وإكماله فاسداً، لقوله تعالى:{وأتِمُّوا الحَجَّ والعُمْرَةَ لله} [البقرة:196].
الأمر الرابع: وجوب القضاء من العام القادم بدون تأخير؛ لأنه ثبت الأمر بذلك في فتوى بعض الصحابة.
الأمر الخامس: عليه الفدية، وهي بدنة تنحر في القضاء؛ لثبوت ذلك عن بعض الصحابة رضي الله عنهم. [الشرح الممتع، لابن عثيمين، 7/ 180 - 183، 7/ 214]. ورجَّح العلامة الشنقيطي رحمه الله في أضواء البيان، 5/ 381: أن القضاء يجب على الفور في السنة الآتية.
فقال: قَوْلي مثل ما قالا)) (1). واللَّه تعالى أعلم (2)(3).
قال الإمام النووي رحمه الله: ((إذا وطئ القارن فسد حجُّه وعمرته، ولزمه المضي في فاسدهما، وتلزمه بدنة للوطء، وشاة بسبب القران، فإذا قضى لزمته شاة أخرى، سواء قضى قارناً أو مفرداً؛ لأنه توجَّه عليه القضاء قارناً، فإذا قضى مفرداً لا يسقط عنه دم القران، قال العبدري:
(1) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، كتاب الحج، باب ما يفسد الحج، 5/ 167 - 168، وقال: ((هذا إسناد صحيح، وفيه دليل على صحة سماع شعيب بن محمد بن عبد اللَّه من جده عبد اللَّه بن عمرو. ومن هذا الوجه أخرجه الحاكم، 2/ 65، وقال: ((هذا حديث ثقات رواته حفاظ، وهو كالآخذ باليد في صحة سماع شعيب بن محمد عن جده عبد اللَّه بن عمرو، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في إرواء الغليل، 4/ 233، 234، برقم 1043.
(2)
ويكون الإحرام بالحج من العام القادم من الميقات الذي أحرم منه بالحج الذي أفسده؛ لأن ذلك جاء عن بعض الصحابة رضي الله عنهم: منهم عمر بن الخطاب، وأبو هريرة، وعلي بن أبي طالب، وابن عمر، وابن عباس رضي الله عنهم. [السنن الكبرى، للبيهقي، 5/ 167]، ورجَّحه الشنقيطي في أضواء البيان، 5/ 283.
وجاء عن بعض الصحابة رضي الله عنهم: أنهما إذا أحرما بالحج من العام القادم يتفرقان حتى يقضيا حجهما، روي ذلك عن علي بن أبي طالب، وعمر بن الخطاب، وابن عباس رضي الله عنهم[سنن البيهقي، 5/ 167]، ورجَّحه الشنقيطي في أضواء البيان، 5/ 381.
وأفتى شيخنا ابن باز رحمه الله: أن من جامع قبل التحلل الأول عليه بدنة، تجزئ في الضحية، وعلى زوجته مثل ذلك إن كانت مطاوعة، تذبحان في الحرم لفقراء مكة، فإن عجزا فعلى كل واحد صيام عشرة أيام، وعليهما الحج من قابل بدل الحجة التي أفسداها بالوطء، يحرمان من المحل الذي أحرما منه بالحج الأول، وعليهما التوبة الصادقة، والاستغفار من هذا الذنب العظيم، مع الإكثار من الاستغفار والعمل الصالح. [مجموع فتاوى ابن باز في أركان الإسلام: إعداد عبد اللَّه الطيار وأحمد بن باز، فتاوى الحج والعمرة، 6/ 98]. نشر دار الوطن، وانظر: أضواء البيان، 5/ 381، 383.
(3)
قال شيخنا ابن باز رحمه الله: ((من جامع زوجته قبل التحلل الأول: بطل حجه وحجها، ووجب على كل واحد منهما بدنة، مع إتمام مناسك الحج، فمن عجز منهما عنها [أي عن البدنة] صام عشرة أيام، وعليهما الحج من قابل مع الاستطاعة والاستغفار والتوبة)). [مجموع فتاوى ابن باز، 16/ 132].
وبهذا كلِّه قال مالك وأحمد)) (1).
أما من حصل له الجماع بعد التحلل الأول؛ فإنه لا يبطل حجه وعليه ذبح شاة يفرق لحمها على مساكين الحرم، والمرأة مثل الرجل في الفدية إذا كانت مطاوعة (2).
وقيل عليه مع ذلك - إذا كان الباقي من أعمال التحلل الثاني هو طواف الإفاضة - أن يخرج إلى أدنى الحل خارج الحرم ويحرم منه ويطوف طواف الإفاضة ويسعى بعده وهو محرم (3) والأصل في ذلك ما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: ((الذي يصيب أهله قبل أن يفيض يعتمر ويهدي)) (4)(5)، ورجح هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (6).
(1) استظهره الشنقيطي في أضواء البيان، 5/ 388، ونقله عن شرح المهذب للنووي.
(2)
انظر: شرح العمدة لابن تيمية، 2/ 238، 367، والاستذكار لابن عبد البر، 12/ 304، وأضواء البيان، 5/ 378.
(3)
المغني، 5/ 375، وشرح العمدة لابن تيمية، 2/ 236، و2/ 238، وفتاوى ابن إبراهيم،
5/ 228، واللقاء الشهري لابن عثيمين، 10/ 67، والاستذكار لابن عبد البر، 12/ 304.
(4)
البيهقي،5/ 171،والإمام مالك في الموطأ،1/ 384،قال الألباني في إرواء الغليل:((إسناده صحيح))، 4/ 235.
(5)
أفتى شيخنا عبد العزيز بن عبد اللَّه ابن باز رحمه الله: أن من جامع زوجته قبل طواف الإفاضة بعد التحلل الأول، فعليه التوبة إلى اللَّه تعالى، وعليه دم يذبحه في مكة ويوزعه على الفقراء، ولا يلزمه بذلك الذهاب إلى الحل، وإنما عليه التوبة إلى اللَّه، والفدية، والطواف والسعي إن كان قارناً أو مفرداً ولم يسع مع طواف القدوم، أما إن كان متمتعاً فعليه السعي بعد طواف الإفاضة؛ لأن السعي الأول لعمرته. [انظر: مجموع فتاوى ابن باز، 17/ 133، 180]. وأفتى رحمه الله أن من عجز عن ذبح شاة أو سبع بقرة أو سبع بدنة فلم يستطع ذلك في الفدية لهذا العمل، فعليه أن يصوم عشرة أيام، وزوجته مثله في ذلك كله إن كانت مطاوعة. [مجموع الفتاوى لابن باز، 16/ 132 - 133].
(6)
ذكر رحمه اللَّه تعالى: أن ابن عمر رضي الله عنهما أوجب على من وطيء بعد التحلل الأول وقبل طواف الإفاضة، أن يحج عاماً قابلاً، وأن ابن عباس رضي الله عنهما أوجب عليه أن يعتمر، فإذا اختلف الصحابة على قولين: أحدهما إيجاب حج كامل، والثاني: إيجاب عمرة لم يجز الخروج عنهما
…
ولا يعرف في الصحابة من قال بخلاف هذين القولين وقد تقدم أنه لا يفسد جميع الحج فبقي قول ابن عباس رضي الله عنهما. شرح العمدة، 2/ 239 - 240.