الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- رضي الله عنه فقصر وهو يرى البيوت، فلما رجع قيل له: هذه الكوفة؟ قال: لا، حتى ندخلها (1).
وإذا سافر بعد دخول وقت الصلاة فله قصرها؛ لأنه سافر قبل خروج وقتها، قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن له قصرها، وهذا قول مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأصحاب الرأي، وهو إحدى الروايتين في مذهب الحنابلة (2) واللَّه أعلم (3).
5 - إقامة المسافر التي يقصر فيها الصلاة
، قال ابن المنذر رحمه الله:((وأجمع أهل العلم لا اختلاف بينهم على أن لمن سافر سفرًا يقصر في مثله الصلاة وكان سفره في حج أو عمرة، أو غزو أن له أن يقصر مادام مسافرًا)) (4).
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ((خرجنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة فكان يصلي ركعتين ركعتين، قلت: كم أقام بمكة (5)؟ قال: عشرًا)) (6).
قال ابن قدامة رحمه الله: ((وجملة ذلك أن من لم يُجمع إقامة مدة تزيد
(1) البخاري، كتاب التقصير، بابٌ: يقصر إذا خرج من موضعه، قبل الحديث رقم 1089.
(2)
المغني لابن قدامة، 3/ 143، وانظر: الإنصاف للمرداوي المطبوع مع المقنع، والشرح الكبير، 5/ 53، والرواية الثانية عند الحنابلة وهي الرواية الصحيحة من مذهبهم أنه يتمها. انظر: الإنصاف المطبوع مع المقنع والشرح الكبير، 5/ 53، المغني لابن قدامة، 3/ 143.
(3)
واختار العلامة ابن عثيمين القصر فقال: ((لو دخل وقت وهو في بلده ثم سافر فإنه يقصر، ولو دخل وقت الصلاة وهو السفر ثم دخل بلده فإنه يتم، اعتبارًا بحال فعل الصلاة)) الشرح الممتع، 4/ 523.
(4)
الإجماع لابن المنذر، ص47.
(5)
السائل هو الراوي عن أنس: يحيى بن أبي إسحاق.
(6)
متفق عليه: البخاري، كتاب تقصير الصلاة، باب ما جاء في التقصير وكم يقيم حتى يقصر، برقم 1081، ومسلم كتاب صلاة المسافرين، باب صلاة المسافرين وقصرها، برقم 693.
على إحدى وعشرين صلاة فله القصر ولو أقام سنين)) (1).
أما إذا نوى الإقامة في بلد أكثر من أربعة أيام؛ فإنه يتم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قدم مكة في حجة الوداع يوم الأحد من ذي الحجة، وأقام فيها الأحد، والإثنين، والثلاثاء، والأربعاء، ثم خرج إلى منى يوم الخميس، فقد قدم لصبح رابعة، فأقام اليوم الرابع، والخامس، والسادس، والسابع، وصلى الفجر بالأبطح يوم الثامن، فكان يقصر الصلاة في هذه الأيام، وقد أجمع على إقامتها، فإذا أجمع المسافر أن يقيم كما أقام النبي صلى الله عليه وسلم قصر، وإذا أجمع على أكثر من ذلك أتمَّ (2)، قال ابن عباس رضي الله عنهما:((قدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لصبح رابعة يلبُّون بالحج فأمرهم أن يجعلوها عمرة إلا من معه الهدي)) (3).
قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله: ((إذا نوى أن يقيم بالبلد أربعة
أيام فما دونها قصر الصلاة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة، فإنه أقام بها أربعة أيام يقصر الصلاة، وإن كان أكثر ففيه نزاع، والأحوط أن يتم الصلاة، وأما إن قال غدًا أسافر، أو بعد غد أسافر، ولم ينوِ المقام فإنه يقصر؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم أقام بمكة بضعة عشر يومًا، يقصر الصلاة، وأقام بتبوك عشرين ليلة يقصر الصلاة. واللَّه أعلم)) (4).
(1) المغني لابن قدامة، 3/ 153.
(2)
انظر: المغني لابن قدامة،3/ 147 - 148،والشرح الكبير المطبوع مع المقنع، 5/ 68، والإنصاف المطبوع مع الشرح الكبير، 5/ 168، وحاشية ابن قاسم على الروض المربع، 2/ 390.
(3)
متفق عليه: البخاري، كتاب التقصير، باب كم أقام النبي صلى الله عليه وسلم في حجته، برقم 1085.
(4)
مجموع الفتاوى لابن تيمية، 24/ 17، وسئل رحمه الله عن رجل يعلم أنه يقيم شهرين فهل يجوز له القصر؟ فأجاب:((الحمد لله هذه مسألة فيها نزاع بين العلماء منهم من يوجب الإتمام، ومنهم من يوجب القصر، والصحيح أن كليهما سائغ فمن قصر فلا ينكر عليه، ومن أتم لا ينكر عليه، وكذلك تنازعوا في الأفضل، فمن كان عنده شك في جواز القصر فأراد الاحتياط فالإتمام أفضل، وأما من تبينت له السنة، وعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشرع للمسافر أن يصلي إلا ركعتين، ولم يحد السفر بزمان أو بمكان، ولا حد الإقامة أيضًا بزمن محدود، لا ثلاثة، ولا أربعة، ولا اثنا عشر، ولا خمسة عشر، فإنه يقصر كما كان غير واحد من السلف يفعل، حتى كان مسروق قد ولَّوه ولاية لم يكن يختارها، فأقام سنين يقصر الصلاة، وقد أقام المسلمون بنهاوند ستة أشهر يقصرون الصلاة، وكانوا يقصرون الصلاة مع علمهم أن حاجتهم لا تنقضي في أربعة أيام ولا أكثر كما أقام النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بعد فتح مكة قريبًا من عشرين يومًا يقصرون الصلاة، وأقاموا بمكة أكثر من عشرة أيام يفطرون في رمضان، وكان النبي صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة يعلم أنه يحتاج أن يقيم بها أكثر من أربعة أيام، وإذا كان التحديد لا أصل له فمادام المسافر مسافرًا يقصر الصلاة ولو أقام في مكان شهورًا واللَّه أعلم)). مجموع الفتاوى، 24/ 17 - 18، وانظر: مواضع أخرى في الفتاوى، 24/ 140، و24/ 137، وانظر: الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية، ص110، والشرح الممتع لابن عثيمين،4/ 529 - 539، والاختيارات الجلية للسعدي، ص66.
وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد اللَّه ابن باز رحمه الله يقول عن إقامة النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح بمكة تسعة عشر يومًا يقصر الصلاة (1): ((وقد أقام صلى الله عليه وسلم في مصالح الإسلام والمسلمين، وهذه الإقامة لم يكن مجمعاً
عليها؛ لهذه الأغراض، فلما حصل المقصود ارتحل إلى المدينة، ومن المعلوم أن المهاجر لا يقيم في بلده أكثر من ثلاثة أيام، ولكنه أقام لهذه المصالح، فإذا أقام المسافر إقامة لم يُجمعها قصر)) (2). وسمعته يقول عن إقامة النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك عشرين يومًا يقصر الصلاة (3): ((وإقامته صلى الله عليه وسلم
(1) البخاري، كتاب التقصير، باب ما جاء في التقصير ولم يقيم حتى يقصر، برقم 1080، وفي كتاب المغازي، برقم 4298، 4299.
(2)
سمعته أثناء تقريره على بلوغ المرام، الحديث رقم 459، وانظر: فتح الباري لابن حجر، 2/ 562.
(3)
أبو داود، كتاب الصلاة، باب إذا أقام بأرض العدو يقصر، برقم 1235، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، 1/ 336.