الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد طاف صلى الله عليه وسلم بين الصفا والمروة سبعاً فيلزمنا أن نأخذ عنه ذلك من مناسكنا، ولو تركناه لكنا مخالفين أمره بأخذه عنه، واللَّه تعالى يقول:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم} (1).
وطواف النبي صلى الله عليه وسلم بين الصفا والمروة ثابت بالروايات الصحيحة الكثيرة المعروفة، ومنها حديث ابن عمر المتفق على صحته (2).
3 - حديث عائشة رضي الله عنها
، قال عروة: سألت عائشة رضي الله عنها فقلت لها: أرأيت قول اللَّه تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا} ، فواللَّه ما على أحد جناح
أن لا يطوف بالصفا والمروة، قالت: بئس ما قلت يا ابن أختي، إن هذه لو كانت كما أوَّلتها عليه كانت لا جُناح عليه أن لا يتطوَّف بهما، ولكنها أنزلت في الأنصار، كانوا قبل أن يسلموا يهلون لمناة الطاغية التي كانوا يعبدونها عند المشلَّل (3)، فكان من أهلَّ يتحرَّج أن يطوف بالصفا والمروة، فلما أسلموا سألوا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن ذلك، قالوا: يا رسول اللَّه إنَّا كنَّا نتحرج أن نطوف بين الصفا والمروة، فأنزل اللَّه تعالى:{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللَّهِ} الآية. قالت عائشة رضي الله عنها: وقد سنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الطواف بينهما، فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما، ثم أخبرتُ أبا بكر بن عبد الرحمن فقال: إن هذا لَعِلمٌ ما كنتُ سمعته، ولقد سمعت
(1) سورة النور، الآية:63.
(2)
أضواء البيان، 5/ 232.
(3)
قالت عائشة في صحيح البخاري، آخر الحديث رقم 4861:((ومناة: صنم بين مكة والمدينة).
رجالاً من أهل العلم يذكرون أن الناس - إلا من ذكرت عائشة ممن كان يهلُّ بمناة - كانوا يطوفون كلهم بالصفا والمروة، فلما ذكر اللَّه تعالى الطواف بالبيت ولم يذكر الصفا والمروة في القرآن، قالوا: يا رسول اللَّه، كنَّا نطوف بالصفا والمروة، وإن اللَّه أنزل الطواف بالبيت فلم يذكر الصفا، فهل علينا من حرج أن نطوَّف بالصفا والمروة؟ فأنزل اللَّه تعالى:{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللَّهِ} الآية. قال أبو بكر، فأسْمَع هذه الآية نزلت في الفريقين كليهما: في الذين كانوا يتحرَّجون أن يطوفوا في الجاهلية بالصفا والمروة، والذين يطوفون ثم تحرَّجوا أن يطوفوا بهما في الإسلام من أجل أن اللَّه تعالى أمر بالطواف بالبيت، ولم يذكر الصفا،
حتى ذكر ذلك بعدما ذكر الطواف بالبيت)) (1). وفي لفظ للبخاري: أن عائشة رضي الله عنها قالت: ((ما أتم اللَّه حج امرئ ولا عمرته لم يطف بين الصفا والمروة)) (2). وفي رواية مسلم: عن عروة عن عائشة، قال: قلت لها: إني لا أظنّ رجلاً لو لم يطف بين الصفا والمروة ما ضره؟ قالت: لِمَ؟ قلت: لأن اللَّه يقول: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللَّهِ} إلى آخره، فقالت: ما أتمَّ اللَّه حج امرئ ولا عمرته لم يطف بين الصفا والمروة، ولو كان كما تقول لكان: ((فلا جناح عليه أن لا يطوَّف بهما
…
)) الحديث (3)(4).
(1) البخاري، برقم 1643.
(2)
البخاري، برقم 1790.
(3)
مسلم، برقم 1277.
(4)
مسلم، برقم 263 - (1277).