الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (1).
قال شيخنا ابن باز رحمه الله: ((وكل ما يفعله الحاج: من طاعة اللَّه ونفع لعباده، مما ذكر ومما لم يُذكر، كله داخل في المنافع، وهذا من
حكمة (2) اللَّه في إبهامها حتى يدخل فيها كل ما يفعله المؤمن والمؤمنة، من طاعة لله، ومن نفع لعباده، فالصدقة على الفقير منفعة، وتعليم الجاهل منفعة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر منفعة، وفي الدعوة إلى اللَّه منافع عظيمة، والصلاة في المسجد الحرام منفعة،
…
وكل ما تفعله مما ينفع الناس من قولٍ، أو فعلٍ، أو صدقةٍ، أو غيرها مما شرعه اللَّه أيضاً داخل في المنافع، فينبغي للحاج أن يستغل هذه الفرصة العظيمة
…
)) (3).
السابع عشر: أعظم المنافع تحقيق التوحيد ونبذ الشرك
؛ لحديث جابر بن عبد اللَّه رضي الله عنه في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم: حجة الوداع، وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان معه جمع غفير عند إحرامه من ذي الحليفة، قال جابر
رضي الله عنه، فنظرت إلى مدِّ بصري بين يديه من راكب وماشٍ، وعن يمينه مثل ذلك، وعن يساره مثل ذلك، ومن خلفه مثل ذلك، ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بين
(1) سورة النحل: الآية: 125.
(2)
في الأصل: ((من حكم اللَّه في إبهامها)) قلت: ولعله خطأ مطبعي، وأن الصواب:((من حكمة اللَّه في إبهامها)).
(3)
مجموع فتاوى ابن باز، 16/ 170، وانظر: جملة من منافع الحج ومقاصده، وفوائده، وحكمه وأهدافه: مجموع فتاوى ابن باز رحمه الله، 2/ 234، و 5/ 130، 141، 194، و 16/ 159، 170، 171، 177، 185، 193، 196، 214، 241، و 17/ 161، 163، وأضواء البيان للشنقيطي، 5/ 489، وتفسير ابن كثير، 10/ 144، والبغوي، 3/ 184، والطبري:
18/ 603، 610.
أظهرنا وعليه ينزل القرآن، وهو يعرف تأويله، وما عمل به من شيء عملنا به، فأهلَّ بالتوحيد:((لبَّيْك اللَّهمّ لبَّيْك، لبَّيْك لا شريك لك لبَّيْك، إنَّ الحمدَ، والنِّعْمَةَ لك والمُلْكَ، لا شريك لك)) (1).
وقد جاءت هذه التلبية بلفظها من حديث عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما: أن تلبية رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ((لبّيك اللَّهمّ لبَّيك، لبيك لا شريك لك لبَّيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك)) (2)، وفي لفظ للبخاري ومسلم قال ابن عمر:((لا يزيد على هؤلاء الكلمات)) (3)، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يزيد فيها:((لبَّيك، لبَّيك، وسعديك، والخير بيديك، لبَّيك والرغباء إليك والعمل)) (4)، ولفظ ابن ماجه وأبي داود: وكان ابن عمر يزيد في تلبيته: لبيك، لبيك، وسعديك، والخير بيديك، والرغباء إليك والعمل (5).
وعن عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما قال: كان عمر بن الخطاب يهلُّ بإهلال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من هؤلاء الكلمات (6)، ويقول: لبَّيك اللَّهم لبَّيك، لبَّيك، لبَّيك، وسَعْدَيْكَ، والخيرُ في يديك، لبَّيك والرغباءُ إليك والعمل (7).
(1) مسلم، كتاب الحج، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 1218.
(2)
متفق عليه: البخاري، كتاب الحج، باب التلبية، برقم 1549، وكتاب اللباس، باب التلبية، برقم 5915، ومسلم، كتاب الحج، باب التلبية وصفتها ووقتها، برقم 1184.
(3)
البخاري، برقم: 5915، ومسلم، برقم 1184.
(4)
مسلم، برقم 1184، وتقدم تخريجه قبل حديث واحد.
(5)
أبو داود، كتاب المناسك، باب كيف التلبية، برقم 1812، وابن ماجه، كتاب المناسك، باب التلبية، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، 1/ 509، وفي صحيح ابن ماجه، 3/ 15.
(6)
أي تلبية النبي صلى الله عليه وسلم.
(7)
مسلم، برقم 1184، وتقدم تخريج أصله في الحديث الذي قبله عن ابن عمر رضي الله عنهما.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: إني لأعلم كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يلبِّي: ((لبَّيك اللَّهم لبَّيك، لبَّيك لا شريك لك لبَّيك، إن الحمد والنعمة لك)) (1).
وجاء لفظ حديث عائشة رضي الله عنها عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كان من تلبية النبي صلى الله عليه وسلم: ((لبَّيك اللَّهمّ لبيك، لبيك لا شريك لك لبَّيك، إن الحمد والنعمة لك)) (2).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان المشركون يقولون: لبيك لا شريك لك، قال: فيقول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ((ويلكم: قد قد (3)))،فيقولون: إلا شريكاً هو لك، تملكه وما ملك. يقولون هذا وهم يطوفون بالبيت (4).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: كان من تلبية النبي صلى الله عليه وسلم: ((لبَّيْك إلهَ الحقّ))، ولفظ ابن ماجه: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال في تلبيته: ((لبَّيْك إله الحق لبيك)) (5)،وقد اشتملت تلبية النبي صلى الله عليه وسلم على إثبات التوحيد، والبراءة من الشرك.
فمن حج أو اعتمر فقد شرعت له هذه التلبية، وهذا من أعظم تحقيق التوحيد والبراءة من الشرك، وهذا كله من أعظم المنافع. وقوله صلى الله عليه وسلم:
((لبَّيك اللَّهمّ لبَّيك)) من التلبية، وهي إجابة المنادي: أي إجابتي لك
(1) البخاري، كتاب الحج، باب التلبية، برقم 1550.
(2)
النسائي، كتاب مناسك الحج، باب كيفية التلبية، برقم 2750، وصححه الألباني في صحيح النسائي، 2/ 274.
(3)
قد قد: أي: اقتصروا على هذا الكلام الذي هو توحيد، ولا تضيفوا إليه الشرك.
(4)
مسلم، كتاب الحج، باب التلبية وصفتها ووقتها، برقم 1185.
(5)
النسائي، كتاب مناسك الحج، باب كيفية التلبية، برقم 2751،وابن ماجه، كتاب المناسك، باب التلبية، برقم 2920، وصححه الألباني في صحيح النسائي، 2/ 274، وفي صحيح ابن ماجه، 3/ 16.