الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا كلفة عليهم فيها، فكأنه أطعمهم بالفعل، واللَّه تعالى أعلم (1).
*
الأمر التاسع: آخر وقت نحر الهدي غروب شمس اليوم الثالث عشر من أيام التشريق:
الصواب من أقوال أهل العلم: أن الذبح والنحر: أربعة أيام: يوم
النحر، وأيام التشريق الثلاثة، وهو قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهو مذهب إمام أهل البصرة: الحسن، وإمام أهل مكة: عطاء بن أبي رباح، وإمام أهل الشام: الأوزاعي، وإمام فقهاء أهل الحديث: الشافعي (2).
قال شيخنا الإمام ابن باز رحمه الله: ((يجوز ذبح الهدي يوم النحر وفي الأيام الثلاثة بعده؛ لأن أيام التشريق كلها أيام أكل وشرب، وذبح، ولكن ذبحه يوم النحر أفضل إن تيسر ذلك، ولا حرج في ذبحه في منى، أو في مكة، والسنة في توزيعه [أعني هدي التمتع والقران] أن يأكل منه،
(1) ومن الأدلة على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أيام التشريق أيام أكل وشرب)) [مسلم، برقم 1141]. ومن حديث أوس بن الحدثان: ((أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن، وأيام منى أيام أكل وشرب)) [مسلم، برقم 1142].
وعن جبير بن مطعم يرفعه: ((كل عرفات موقف، وارفعوا عن بطن عرنة، وكل مزدلفة موقف، وارفعوا عن محسِّر، وكلُّ فجاج منى منحر، وكل أيام التشريق ذبح)) [أحمد، برقم 16751، 16752، وقال محققو المسند، 27/ 316: ((حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف))]، وذكروا له شواهد. وقال ابن القيم في زاد المعاد، 2/ 318:((الحديث منقطع لا يثبت وصله))، وقال الأرناؤوط في تحقيقه على زاد المعاد، 2/ 318: ((حديث صحيح
…
))، فقال شيخنا ابن باز رحمه الله معلقاً على هذا الكلام في زاد المعاد، 2/ 318:((هذا غريب من المُحشِّي، يقول: حديث صحيح، ثم يأتي بغير حجة، والصحيح أنه منقطع)).
(2)
انظر: المغني، لابن قدامة، 13/ 386، وزاد المعاد، لابن القيم، 2/ 319 - 320، وأضواء البيان للشنقيطي، 5/ 495 - 502. وانظر تفصيل الأقوال كذلك في المبحث الثامن والثلاثين: الأضاحي ((سادساً: وقت ذبح الأضاحي))، فقد فصلت الأقوال هناك.
ويتصدق، ويهدي إلى من شاء من أصحابه وإخوانه)) (1)(2).
(1) مجموع فتاوى ابن باز، 16/ 154، و18/ 30.
(2)
اختلف العلماء رحمهم اللَّه تعالى في آخر وقت ذبح الهدايا على حسب تفسيرهم للأيام المعلومات التي ذكر اللَّه عز وجل أنه يذبح فيها؛ فإن للعلماء فيها أقوالاً كثيرة، وقد قال الشنقيطي رحمه الله في أضواء البيان، 5/ 495: ((والتحقيق إن شاء اللَّه تعالى أن غير اثنين من تلك الأقوال الكثيرة باطل لا يعوّل عليه، وإن المعوَّل عليه منها اثنان؛ لأن القرآن دل على أن الأيام المعلومات هي: أيام النحر، بدليل قوله عز وجل:{وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّه فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} [سورة الحج، الآية: 28]، وذِكْرِهِم عليها يعني التسمية عند تذكيتها، فاتضح أنها أيام النحر، والقولان المعوَّل عليهما دون سائر الأقوال الأخرى:
أحدهما: أنها يوم النحر، ويومان بعده، وعليه فلا يذبح الهدي ولا الأضحية في اليوم الأخير من أيام منى، الذي هو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة
…
))، وقال ابن قدامة في المغني، 5/ 386:((وهذا قول عمر، وعلي، وابن عمر، وابن عباس، وأبي هريرة، وأنس، قال أحمد: أيام النحر ثلاثة عن غير واحد من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وفي رواية: قول خمسة من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ولم يذكر أنساً، وهو قول مالك، والثوري، وأبي حنيفة)).
والقول الثاني: قول الشافعي، ومن وافقه: إنها أربعة أيام: يوم النحر، وثلاثة أيام بعده، قال الشنقيطي في أضواء البيان، 5/ 496: ((وبه قال الأوزاعي، وروي ذلك عن علي رضي الله عنه، وابن عباس، وابن عمر رضي الله عنهم
…
))، ثم قال الشنقيطي بعد أن ذكر الأقوال، 5/ 496:((ولا يصح عندي في هذه إلا قولان))، ثم ذكر هذين القولين السابقين.
ثم قال الشنقيطي، 5/ 497 نقلاً عن الإمام النووي في شرح المهذب: ((اتفق العلماء على أن الأيام المعدودات هي أيام التشريق، وهي ثلاثة بعد يوم النحر
…
)) ثم ذكر كلام الإمام النووي وأن الأيام المعلومات أنها العشر الأول من ذي الحجة إلى آخر يوم النحر. ثم ذكر قول ابن عباس الذي رواه البخاري بصيغة الجزم: أن الأيام المعلومات أيام العشر [البخاري، قبل الحديث رقم 969]، ثم قال الشنقيطي رحمه الله، 5/ 498: ((تفسير الآيات المعلومات في آية الحج هذه: بأنها العشر الأول من ذي الحجة إلى آخر يوم لا شك في عدم صحته، وإن قال به من أجلاء العلماء، وبعض أجلاء الصحابة ممن ذكرنا، والدليل الواضح على بطلانه: أن اللَّه بيّن أنها أيام النحر، بقوله:{وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّه فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} ، وهو ذكره بالتسمية عليها عند ذبحها تقرباً إليه كما لا يخفى، والقول بأنها العشر المذكورة يقتضي أن تكون العشر كلها أيام نحر، وأنه لا نحر بعدها، وكلا الأمرين باطل
…
؛ لأن النحر في التسعة التي قبل يوم النحر لا يجوز، والنحر في اليومين بعدها جائز
…
)) 5/ 498.
ثم ذكر رحمه الله كلاماً طويلاً نفيساً، فليراجعه من شاء في أضواء البيان، 5/ 495 - 502.